كيف تغير العالم بسقوط الأندلس؟!
بقلم/ ماجد عبده الشعيبي
نشر منذ: 5 أشهر و 12 يوماً
الثلاثاء 16 يوليو-تموز 2024 07:49 م
  

باعتقادي الشخصي ان سقوط الاندلس العام 1492 للميلاد كان حدثا مفصليا ومحوريا في اعادة تشكيل العالم سياسيا واقتصاديا وعسكريا وحضاريا وعلى كل المستويات بدون استثناء وعلى الصورة التي نعيشها اليوم

 

توالت بعد هذا التاريخ الكثير من الاحداث الكبيرة والهامة التي غيرت مجرى البشرية الى الأبد 

 

ولعل اهم حدث بعد سقوط الاندلس هو ما يعرف بحركة الكشوفات الجغرافية ابتداء بالحملات البرتغالية والتي وصلت السواحل اليمنية في العام 1505 للميلاد.وتعرضت اليمن والمنطقة عموما الى ما يعرف تاريخيا بالغزو البرتغالي (وصلت القوات البرتغالية حتى شرق آسيا)

 

لقد كانت حركة الكشوفات هذه محطة فاصلة وعلامة فارقة على حدوث التغير الاكثر دراماتيكية في التاريخ البشري عموما

 

لقد كانت هذه الحركة هي الموجه الاستعمارية الثانية بعد (الحروب الصليبية) والتي كانت بمثابة الموجه الاستعمارية الاوربية الاولى للشرق .

 

التغير المفاجيء في هذه الموجة الثانية هي انها كانت مدججة ومجهزة اساسا و اعتمادا كبيراواساسياً على المعارف الاسلامية والثروة المعرفية الضخمة التي تركها المسلمون وخلفوها ورائهم اثناء موجة نزوحهم الكبير قافلين الى افريقيا خصوصا ساحلها الشمالي.

 

في ذلكم التاريخ نستطيع ان نؤرخ لبدايات النهضة الغربية (الاوربية) الكبرى والتي وصلت اوجها يومنا هذا بعد اكثر من (500)عام واكثر من سقوط الاندلس (فردوسنا المفقود)

 

لا شك ان اهم احداث موجة الاستكشافات الغربية (والتي اعتمدت بالاساس على علوم المسلمين ومعارفهم كما اسلفنا) هو اكتشاف ما يعرف بالعالم الجديد (الامريكتين واستراليا والقطبين الشمالي والجنوبي)

 

لم يكن (كولومبس) اول انسان بشري يصل الى سواحل امريكيا (الحالية) وانما كان اول رجل ابيض(اوربي) يصل اليها.

 

وهناك ادلة كثيرة جدا على ان الرحلات لم تتوقف بين افريقيا واسيا والامريكتين واستراليا والدليل الاكبر هو قيام حضارات عريقة جدا على تلك القارات المستكشفة حديثا (كما زعم الرجل الابيض الاوربي) مثل حضارة المايا والانكا وغيرهما من الحضارات القديمة في الامريكتين والتي كانت تضاهي الحضارات الفرعونية والسبئية والصينية والهندية وغيرها من حضارات العالم القديم بما فيها الرومانية والفارسية. وهي حضارات اقدم بالاف السنين من قبل كولومبوس واوربا باكملها.

 

من (كولومبس) ابتدأت فرضيات وسرديات الرجل الابيض تهيمن وتفرض سيطرتها الكبيرة على كل مجريات العالم (الحديث) سياسة واقتصاد وعسكرة وحضارة وثقافة كما اسماها الاوربيون حتى لحظة قراءتك لهذه السطور .

 

لقد ابتدأ عصر النهضة الاوربية حين وطأت اقدام (كريستوفر كولومبوس) تراب الامريكتين والتي كان من نتائجها ابادة امم وشعوب وحضارات يقدر عددها بملايين البشر.

 

انها حضارة تأسست على الدم و على استغلال علوم المسلمين و اعادة استكشاف الارث العلمي الكبير جدا لعلماء المسلمين (ابن سينا و ابن رشد والفارابي والمجريطي وابن النفيس والخوارزمي وغيرهم الكثير والكثير) من رموز حضارتنا الاسلامية العظيمة.

 

الشيء المحير والذي يدعوا للتساؤل لماذا بقيت نظريات الخوارزمي مثلا (عاصر هارون الرشيد القرن الثالث الهجري) لماذا بقيت ابداعات ذلك الرجل المسلم حبيسة الادراج لزمن طويل جدا جدا حتى جاء الرجل الابيض ( حفيد كولومبس) واعاد استكشافها وصنع منها عجائب ما نرى ونشاهد ايامنا هذه !!! حتى تقنية هذه السطور وطريقة وصولها إليك معتمدة اساسا على (اكتاف الخوارزمي ) رحمه الله تعالى.

 

اننا كعرب وكمسلمين سقطنا سقوطا مدويا حين سقط الاندلس وما جاء بعده الا الاستبداد والقهر والظلم والانهيار المريع في كل مناحي الحياة .

 

حتى (العثمانيون) كانوا قوما اجلافا اعتمدوا على القوة العسكرية المفرطة التي ثبتت سلطتهم الظلامية طوال 5 قرون على دول الشرق الاسلامي 

 

بينما كان الاوربيون كل يوم يراكمون علومهم ويبنون حضارتهم كان الشرق يغرق رويدا رويدا في الظلمات وفي الجهل والتخلف والتقهقر نحو الضياع الذي طال زمنا طويلا .

 

حتى ان السلطان العثماني الشهير (محمد الفاتح) حين فتح (القسطنطينية) (إستنبول حاليا) احتاج الى عالم اوربي (مسيحي ليصنع له مدافع عسكريةً مكنته من السيطرة على تلكم المدينة لاحقا .

 

وهذا الفعل على رمزيته دليل كبيرا على افلاس الدولة العثمانية علميا وحضاريا فبينما كانت تسيطر على اراض شاسعة جدا من شعوب العالم القديم لم يكن من ضمن رعاياها والذين يعدون بالملايين من يستطيع صناعة المدافع حتى لجئت الى تهريب احد الاوربيين ليفعل لها ذلك!

 

ان تهميش اللغة العربية واحلال التركية محلها كان فعلا عبثيا تماما فقد كانت اللغة العربية هي لغة العلوم في تلك الفترة ولما هجرتها الدولة العثمانية ولم تقم بترجمة علوم المسلمين من اللغة العربية الى لغة الدولة الرسمية(التركية) ادى الى جفاف فضيع وتصحر خطير في الجانب العلمي في الدولة العثمانية عموما.

 

بينما نشطت حركة الترجمة بشكل كبير من اللغة العربية (لغة العلوم حينها) الى كل لغات اوربا بدون استثناء .

 

حيث تمت ترجمة الاف النسخ من الكتب العربية الى تلك اللغات ليس في الجانب العلمي فقط وإنما في كل مجالات العلوم الادبية والانسانية بدون استثناء .

 

وفي المقابل اعتمد العثمانيون بجهالة على التصوف والدروشة بدلا من احياء العلوم العربية والاسلامية واهملوها بشكل يدعوا الى الاسى والاشفاق .

 

وهذا غيض من فيض اتوقف عنده لعلي اواصل الكتابة عنه لاحقا