حول الحسم الثوري
بقلم/ علي نعمان المقطري
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و 17 يوماً
الأحد 07 أغسطس-آب 2011 03:54 ص

يتكرر هذا الشعار كثيراً ولكن السؤال المطروح هو كيف سيكون هذا الحسم الثوري؟ هل بتواصل الفعل السلمي (التظاهرات)؟ أم بأفعال ثورية أخرى مطلوبة؟ وهل سيتم هذا الفعل في منطقة واحدة أم في مناطق متناثرة بدون تنسيق أو تناغم؟ ما هي الأدوات الضرورية في هذا الحسم الثوري؟

مفهوم الحسم الثوري يعني القيام بإنجاز فعل قاطع حازم ينتزع السلطة من النظام القائم انتزاعًا وبدون مساومات, وهو يتضمن الأفعال السلمية والحربية الشعبية والشبابية والعسكرية الظاهرة والمستترة معًا, ويتضمن شبكة من الأفعال والخطوات والإجراءات تؤدي إلى غاية واحدة هي إنزال الهزيمة بالعدو وهو فعل يستبعد المساومات وأفكار اقتسام الحكم مع بقايا النظام القديم حيث يرمي إلى إقامة الحكم الثوري.

هذا هو الفعل الثوري أو فعل الحسم الثوري؟ فكيف يمكن للثوار أن ينجزونه وبأي شكل؟

هناك ثلاثة مسارات ثورية تقود إلى الحسم الثوري؛ أي إلى هزيمة النظام هزيمة حاسمة وانتزاع السلطة من بقايا النظام:

1) المسار الثوري الجماهيري الشعبي, ويتحقق هذا المنحى عبر مواصلة تنظيم المظاهرات والإضرابات والاعتصامات وشل الحركة الاقتصادية للدولة، وتصعيد هذه المظاهرات حتى مستوى الإضراب السياسي العام الشامل, وتحويلها إلى انتفاضة وطنية شعبية عارمة لا تتوقف, متضمنة العصيان المدني الشامل.

2) تصعيد مستوى المواجهات العسكرية بين ألوية الثورة (الألوية المنظمة للثورة) وبين بقايا أجهزة وقوات الحرس الجمهوري في جميع المحافظات في وقت واحد, والانتقال إلى مرحلة تحرير المناطق والسيطرة عليها وإعلان مجالس حكم ثورية وطنية تجسد سلطة الشعب الثوري.

3) تصعيد وتنظيم حركة المقاومة الوطنية الشعبية المسلحة في أرحب، نهم، الحيمة، تعز، ردفان، الضالع، يافع، شبوة وجميع المناطق التي انتفضت دفاعًا عن كرامتها, وهي مناطق وبؤر سبق أن اشتعلت فيها المقاومة المسلحة الشعبية مما يؤدي إلى توسيع جبهة المقاومة على الصعيد الوطني الشعبي، فلا يجوز أن تدفع أرحب لوحدها ضريبة حرية الوطن كله, فالمعركة ضد أرحب هي في الواقع حرب ضد الوطن والثورة كلها, ويجب أن يُنظر إليها من هذا المنظور.

4) المسار السياسي السيكولوجي المصاحب للمسارات الثلاثة السابقة والداعم لها عبر انتفاضة إعلامية سياسية وتنظيمية هائلة توجه إلى الجنود مباشرة عبر الاحتكاك بهم في المظاهرات والمواقف وزيارتهم إلى معسكراتهم ومطالبتهم بتأييد الثورة وشرح أهدافها وإغراقهم بالمنشورات والكتيبات الثورية وتنظيم حركة الدعاة والمحرضين القادرين على التأثير بالجماهير العسكرية والتواصل مع الشعب في كل مكان يتواجد فيه في المدن والمديريات والأرياف عبر تنظيم الاجتماعات الواسعة في كل مكان بهدف رفع مستوى الوعي والالتحام الجماهيري.

5) مسار التنظيم الموحد للثورة وهو مسار هام جدًا, بل هو أهم المسارات جميعاً في الوقت الحاضر حيث يتداخل مع جميع المسارات؛ والمقصود هنا هو تزويد الثورة بجهاز سياسي موحد يستوعب جميع القوى والألوان الحزبية والاجتماعية والجماهيرية في تنظيمات موحدة قادرة على صهر جميع الطاقات الثورية وتوطيدها في بوتقة وطنية واحدة تعمل لهدف ولغاية واحدة.

قد يُقال هناك «المشترك» وهناك «ائتلافات الشباب» وهناك «المجتمع المدني»، أجل, ولكن هذا لا يحقق الهدف. كل هذه طلائع ونخب ولا يمكن أن تكون بديلة عن تنظيم الشعب تنظيمًا أكثر شعبية وجماهيرية وبساطة لاستيعاب حركة الملايين.

فكرة المجالس الوطنية للثورة هي فكرة مناسبة جدًا عند الاستفادة منها, وهي تشمل الأحزاب والشباب والمنظمات المدنية والأهلية والتنظيمات والتجمعات الشعبية الميدانية المباشرة التي تنظم الجمهور الواسع عبر التنظيم في أحزاب ومنظمات جماهيرية.

المجالس الوطنية تضم في قوامها أعدادًا كبيرة تتجاوز الحلقات الضيقة وتمكن الشرائح الاجتماعية من المشاركة في إدارة شؤونها الآن وفي المستقبل.

إن المسار الوطني هام جدًا؛ لأنه يعالج أهم مسائل في مستقبل الثورة وتحقيق الشرعية الثورية القائمة على قوة الشعب وسيطرته على الأرض والشروع في إقامة حكومات محلية ثورية على طريق الحكومة الثورية الوطنية والمجلس الوطني الثوري الانتقالي.

6- إسقاط المجلس العسكري الصالحي هي مهمة الثورة الآن. ظهور صالح مجدداً وعدم نقل السلطة إلى هادي، قضية لا تعني الثورة الآن بعد أن حاولت الثورة مد يدها لهم محاولة تجنيب الوطن المزيد من الدماء والآلام, وهو شخص ديكوري لا يملك سلطة ولا يمكن محاورته بعد الآن, كما لا يمكن للثورة القبول بفكرة الاقتسام مع بقايا نظام صالح تحت أي اسم أو مبادرة.

فـ«صالح» لم يعد أمامه قبل السقوط الشامل سوى أن يلوح بالاستقالة وينقل السلطة إلى نائبه بهدف إنقاذ ما بقى من نظامه القديم, وعلى الثورة أن لا تمكنه من هذه المؤامرة التي يجري طبخها الآن في الرياض وواشنطن وصنعاء، وهي مهمة تتطلب بلورة موقف شعبي ثوري وطني عام، وطن يطالب باسم الشعب القوات المسلحة التي أعلنت انضمامها إلى صفوف الشعب مثل الفرقة مدرع والمناطق العسكرية وغيرها, بالانقضاض المسلح المباشر على مواقع الحرس ومحاصرتها في جميع المناطق والمحاور وإنذارها بالاستسلام أو الإبادة، هنا يتحقق الحسم الثوري.

كما تتطلب التزام هذه القوات بتسليح جماهير الشعب وتجنيدها للمشاركة في الزحف نحو مواقع الاستعداد والمشاركة في تحمل الانضمامات المطلوبة لقاء حريتها, فلا يجوز بقاء الثورة مرهونة بالموقف وبالقرار الخارجي والأجنبي الذي يتربص بالثورة ويكيد لها المؤامرات.

7) سد أفواه المغفلين والمراهقين وعدم السماح لتلك الأصوات والأفكار بالسيطرة على مقاليد الثورة بما يملكون من أموال ووجاهات ومقدرة على شراء ضمائر الناس البسطاء. وبما أنه يجري ترويج الأفكار التافهة والضارة بالثورة للنيل منها مثل إثارة الخوف من اللجوء للخيار المسلح العسكري والشعبي والخوف من ضياع سلمية الثورة, يمكن التذكير بحزم الحقيقة أنه لا ثورة في العالم انتصرت بدون انتفاضة مسلحة.

وبعد محرقة ساحة الحرية في تعز ومجزرة جمعة الكرامة في صنعاء لم يعد هناك من سلام مع الوحش الفاشي الكاسر، ولم يعد من سلام مع الذئاب, فالأسلوب الوحيد الذي يفهمه هذا النظام الذئبي هو منطق العنف الثوري الصارم ورد الكيل بالكيل والصاع بالصاع، وهذا هو المنطق الذي ثبت سلامته في الواقع فقد انتهى عهد الزهور.

كما يعبر هذا الاتجاه إلى التحذير من القطاعات المسلحة المؤيدة للثورة, فالقول إن هؤلاء القادة سوف يكون لهم شأن في المستقبل لقاء دورهم الحالي, فهذا ضار بالثورة, وهو منطق مقلوب وسام, فهل المطلوب أن ترفض الثورة الشعبية كل دعم من أي قائد عسكري وطني بحجة الخوف من دوره في المستقبل؟ المهم الآن هو انتصار الثورة أولًا.

لا يمكن تحقيق الحسم الثوري بالأقوال وترديد الشعارات والمظاهرات السلمية بعد أن أعلن النظام الحروب البشعة على الشعب وقواه في كل مكان, ولم يعد هناك سوى خيار واحد وحيد لتحقيق الحسم الثوري يتمثل في إلزام قوات الثورة في تنظيم الهجوم المسلح الشامل في كل المناطق والمديريات والمحافظات في وقت واحد متناسق وفق خطة هجوم وساعة صفر واحدة يشارك في هذا الهجوم جميع قوى الشعب المسلحة, فلا يعود الشعب حتى يسقط مواقع الطغيان وتسقط مقدرات السلطة ومواقعها في كل مكان.

إن إظهار إرادة الحرب الثورية الشعبية العارمة هي وحدها التي سوف تصدع قوات الطغيان, فإن قسمًا كبيرًا منها لن يواصل الدفاع عن النظام بعد كل هذا, وأما الأقسام الأخرى فإنها الآن تعاني أسوأ مشاعر الهزيمة والانكسار والسقوط المعنوي, بينما قوى الثورة في أعلى حالاتها المعنوية الثورية, وقوام قوى الثورة أكبر وأوسع بما لا يقاس ولم يعد, وهناك ما يوجب التأجيل والتأخير, وقد كشفت مواجهات الحصبة وأرحب وتعز وأبين أن قوات بقايا النظام العائلي لم تعد تمتلك العزيمة ولا الإرادة لمواصلة الدفاع عن بقايا نظام متهالك متآكل.

إن الآمال كلها تتدفق لتؤكد انتصار الثورة وحتمية انتصارها.. عاشت الثورة.