مجلس القضاء الأعلى بعدن يصدر قرارات عقابية بحق إثنين من القضاة مقتل امرأة في قعطبة بالضالع برصاص الحوثيين صحيفة أمريكية: هجوم ايراني قريب على اسرائيل سيكون اكثر عدوانية من السابق توقعات المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر حول الأمطار ودرجات الحرارة في المحافظات الشمالية والجنوبية بسبب موقف ترامب وهاريس من غزة.. الناخب المسلم أمام خيارين ''كلاهما مُر'' ترامب أم هاربس؟ شارك في توقع من سيفوز برئاسة أميركا عاجل: بيان إشهار التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية في اليمن الانتخابات الأمريكية.. النتائج النهائية قد تستغرق أياماً للإعلان عنها وهذا ما يحتاجه المرشح من أصوات المجمع الإنتخابي ليصبح رئيساً جلسة لمجلس الأمن اليوم بشأن اليمن تناقش نظام العقوبات التي تنتهي منتصف هذا الشهر اسماء الأحزاب والمكونات السياسية في التكتل السياسي الجديد برئاسة بن دغر وموعد الإشهار
من عدن قال الرئيس علي عبد الله صالح وأمام عدد من العسكريين من خفر السواحل قبل أيام قليلة " لقد انتهى عهد الدجل والكذب " وأشاطره الرأي بأن عصر الضحك على الشعوب قد ولى ، وعهد صوت السلطة الواحد قد أفل أيضا ، ومحق الرئيس في عبارته هذه ، فالكذب والدجل لم يعد ينطلي على الشعب في ظل ثورة الاتصالات التي جعلت مواطن يمني في أقصى بقعة في المعمورة أن يضغط على زر جهاز الكمبيوتر ليتحدث وبوضوح مع صديق له في اليمن .. فالشعارات لا تؤكل الشعب خبزا وتوزيع التهم لا يعني أن من يطلقها بريء منها.. ومن يكذب على العالم بريادية ديمقراطية اليمن لا يصف معارضيه بالمتسولين والكذابين والدجالين ولا يزج بصحافييه السجون بسبب أرائهم . . ومن يريد أن يحلق بأجنحة حمامة السلام ويوهم الشعب أن اليمن لن تحترم الا عبر لعب هذا الدور ، ويتصرف بمليارات الدولة من أجل حل مشاكل الآخرين ، لا يعني أنه سيخفي الشرخ الاجتماعي بين الناس في اليمن ، او سيجعل الشعب يقبل أن يجوع من أجل أن يوصف رئيسه بأنه رجل سلام وباحث زعامة فقدها في بلده بسبب أزمات كثيرة من حروب داخلية إلى كوارث اقتصادية ومن فساد مستفحل كالسرطان إلى تثبيت وترسيخ دولة الصوت الأعلى فيها للعسكر .
هذا هو حال اليمن، ولا ادري متى ستتوب هذه السلطة من الضحك على الشعب وإيهامه بإمكانية التغيير.. ومتى ستنهي خداع الغلابة الصابرين على نظام لا يجيد مسئوليه إلا فنون الكذب والدجل .. ومتى سيعي إعلام الدولة أن التضليل لم يعد ينفع لان الحقائق والمعلومات لم تعد حكرا لهم.. ومتى ستتوقف الدولة من سياسة اللف والدوران التي لن تنتج إلا مزيدا من الأزمات .
ولتأكيد ما قاله الرئيس في عدن بأن " عهد الدجل والكذب قد انتهى " فأنني أسوق لفخامته فضيحة لا يمكن أن تقوم بها إلا أيادي لها مصلحة في تلميع وجه السلطة.. فقبل عدة أيام قرعت طبول إعلام التضليل للتهليل حول ما أسمته تارة بالمؤتمر الاقتصادي الأمريكي اليمني لرجال الأعمال وتارة أخرى بالمنتدى الاقتصادي لبحث فرص الاستثمار الأمريكي في اليمن.. جاءونا بمركز خاص للعلاقات الإستراتيجية والبسوه ثوبا أكبر من ثوبه ليوهموا الشعب أن وعود الرئيس التي أطلقها في حملته الانتخابية بدأت تتحقق ، وان الوفود الأجنبية ستتزاحم في المطارات وستمتلئ الفنادق برجال الأعمال والتجار وممثلي الشركات الأجنبية ، فعقدوا في صنعاء ما أسموه بـ "مؤتمر" ، وفي عدن بـ "منتدى" أمريكي لبحث فرص الاستثمار .. جاؤوا بمحافظ أمريكي سابق وهو " السيد ديفيد بيزلي" ترك وظيفته قبل سبع سنوات في ولاية كارولينا الأمريكية وأسس مركزا للعلاقات الإستراتيجية .
فاليمن لا تحتاج أن يؤكد محافظ سابق أنها أرض واعدة وغنية بفرص الاستثمار .. كما أن عدن ليست بحاجة من أن يأتيها رجلا أمريكيا ليقول لرجال الأعمال في المدينة: " معكم ميناء عدن ميناء عظيم وأمامه فرصة طيبة لأن يكون بوابة اليمن مع العالم الخارجي»، ففي المدينة كوادر قالت وتقول ذلك ولكن لا حياة لمن تنادي.. ربما احتاجت ذلك الصوت الأمريكي قيادة المحافظة التي يربطها بعدن قرار سياسي لإدارتها لا الانتماء إلى المدينة ومينائها العظيم، وإلا لما أهملت خيرة كوادر المحافظة في بيوتهم وبقي الوضع في المدينة أسميا فقط بأنها منطقة حرة " مجمدة " منذ 16 عاما ، ويؤكد محافظها أحمد الكحلاني أن الميناء سيسلم لدبي في نهاية المطاف ضاربا عرض الحائط كل المحاذير التي أثبتناها من أن هذه الصفقة مشبوهة ومضرة لعدن وللاقتصاد بشكل عام ، ولكن تصريح الكحلاني الأخير يؤكد أن وقف الصفقة كان مؤقتا لتمرير الانتخابات والضحك على الدول المشاركة في مؤتمر لندن للمانحين للحصول على معونات ومن تم العودة إلى مسلسل " بيع التيس " .. إنها سلطة غير مسئولة ولا تريد أن تتحمل مسئولية الحفاظ على المؤسسات السيادية ، دولة تبيع كل شيء ولمن يدفع أكثر للمتنفذين بعد أن انتشر الفساد في كل هياكلها كالسرطان .
في بلادنا تعمل الدولة وباستمرار على تأصيل سياسة الكذب عوضا عن الشفافية ، ولان الكذب حباله قصيرة فقد تكشفت خديعة التضليل الإعلامي لا على الخارج الذي يعرف أكاذيب السلطة ، بل على الداخل الذي يعيش أسير لإعلام بليد يكرس ثقافة التجهيل والتضليل .. إعلام لا يستطيع أن يتفاعل مع متغيرات ثورة الاتصالات العالمية الحديثة ولا مع حقيقة أن المعلومة لم تعد حكرا على أحد.
بالأمس قامت وسائل اعلام السلطة بالتهليل للوفد الأمريكي " الاقتصادي " الذي يترأسه السيد ديفيد بيزلي محافظ ولاية كارولينا الجنوبية السابق ، وفتحت أمامه كل الأبواب من صالة التشريفات في مطار صنعاء الدولي إلى باب مكتب الرئيس في القصر الجمهوري ليستقبله رئيس الجمهورية شخصيا .. هذا التضخيم إعلاميا للحدث وأطلقت عليه مؤتمر "اليمن والاقتصاد العالمي : استراتيجيات النمو" وراؤه إعلام " بليد " ومسئولين وتجار احترفوا الكذب على رئيس الدولة الذي ربما لا يقدم له مستشاروه كثير من حقائق الأحداث ، وعلى الشعب الذي يعلمون أنه لن يكذب ولن يناقش ما تطرحه عليه ماكينة الكذب والدجل والتجهيل الإعلامي الرسمي في اليمن ، والذي يقوده مجموعة من العسكر والمخبرين او الممتهنين فن التلميع ، والمهووسة بتضخيم الأحداث لاستنزاف الأموال وجعلها مبررا للإنفاق غير الضروري من أموال الشعب .
تابعت أخبار الوفد الأمريكي الزائر ، وتابعت المبالغة الإعلامية في وصف الحدث .. وتوقفت عند أطروحات رئيسه وهو حاكم سابق لولاية أمريكية صغيرة انتهى عمله الرسمي منذ أكثر من سبع سنوات ، وجدت ما يطرحه الرجل لم يخرج عن أطروحات قدمتها كثير من الكفاءات اليمنية سواء الاقتصادية أو الصحافية أو حتى الراجحين في السياسة .. ولكن تظل عقدة الخواجة هي الغطاء الذي من وراؤه ينهب الناهبون ما يريدون من أموال مستفيدين من فساد حكم وكذب إعلامي .
فقد أعطى الإعلام اليمني الذي يهلل لكل خواجة تطأ أقدامه أرض الوطن مثل السيد ديفيد بيزلي ، بأنه الفاتح أو أنه المنقذ لوضعنا الاقتصادي المنهار ، ويجير ذلك إعلاميا للأسف الشديد بأنها ضمن " السياسة الحكيمة لرئيس الجمهورية " ، وليس هذا تقليلا لمكانة السيد بيزلي ، الذي أحدث نقلة في الولاية أثناء حكمه الذي أستمر أربع سنوات فقط من 1995 إلى 1999 ، والذي يرأس حاليا " مركز الاستراتيجيات العالمي " ، وهو مركز خاص يقوم بتقريب وجهات النظر بين الدول والمؤسسات والشركات الأمريكية من منظور أن العالم يتصل بالسوق العالمية من خلال العلاقات الشخصية والثقة والاختلاف في الثقافات ، وليس عبر المؤسسات ، وقد برزت هذه الرؤية عندما تضررت كثير من الشركات الأمريكية من سياسة رؤساءها ولاسيما بعد أحداث سبتمبر 2001 .
وخرج من سوق فكرة هذا المؤتمر ليقول بأن الرئيس اليمني رحب بالاستثمارات الأميركية وتعهد بمنحها التسهيلات والرعاية والاهتمام والضمانات اللازمة انسجاما مع قانون الاستثمار وبما يحقق المصالح المشتركة ، ونسوا أنهم يقولون نفس الكلام منذ زمن بعيد ولم يتحقق شيء.
وقال رئيس الوفد الأميركي الحاكم السابق لولاية كارولينا الجنوبية ديفد بيزلي إن حكومة اليمن تقوم بالإصلاحات المطلوبة ولكن أمامها الكثير لإصلاح الاقتصاد المتعثر ، وما قاله الأمريكي قلناه نقوله كيمنيين يهمنا مستقبل بلدنا، وقاله أيضا خبراء الاقتصاد اليمنيين الذين يعيشون في الظل.
ولعل من رافق الوفد يعلم يقينا بأنه لم يأتي للاستثمار في اليمن لأنه ببساطة عبارة عن شركات استشارية مهمتها دراسة البيئة الاستثمارية وطرح التوصيات لتفعيل النشاط التجاري – يعني أنهم ليسو بمستثمرين – بل على النقيض قام اليمنيين باستثمار أموالهم لتغطية نفقات حضور هذا الفريق الاستشاري.. لكن ما أثار دهشتي هو أن الوفد قام بتوقيع اتفاقية توأمة قيل أنها توأمة بين ميناء عدن وميناء شارلستون الأمريكي ، ومن قام بتوقيعها رئيس المركز الأمريكي الذي لا يحمل أي صفة قانونية تخوله بذلك ، والفضيحة أن التوقيع تم بدون وجود مسئولين من ميناء عدن ولا ممثلين عن ميناء شارلستون ، كما أن الوفد لم يضم أي مسئول من ولاية كارولينا او من إدارة الولاية الحالية ، فمن فوض المحافظ السابق بيزلي للقيام بذلك الدور ؟ ثم أن قيام رئيس مركز بالتوقيع مع اليمن مثل هذه الاتفاقية التي لم يذكر أحد ما هي مكوناتها ولا الالتزامات التي سيتطلب تنفيذها من قبل الطرفين تثير الشكوك حول مجمل أهداف الزيارة والدور الذي يلعبه المركز .
لقد قام من رتب هذه المسرحية لتضليل الشعب اليمني بوجود اهتمام من الإدارة الأمريكية لجعل اليمن واجهة جديدة للشركات الأمريكية وتشجيعها على ذلك ، وجاء بهذا المركز ورئيسه ونائب الرئيس وأستضيف بالكامل على نفقة من دعاه لتمرير هذه المسرحية حسب مصادر مؤكده .. بل و الأغرب من ذلك أن يصل الاستخفاف بعقل الشعب لتخويل بعض المسئولين بالتوقيع على مذكرة قيل أنها " مذكرة تفاهم بين اليمن والحكومة الأمريكية ترمي لتطوير التبادل التجار ي بين البلدين واستكشاف فرص استثمارية على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي لرجال المال والأعمال اليمنيين والأمريكيين " . وقع المذكرة عن الوفد الأمريكي السيد ديفد بيزلي وهو رئيس مركز خاص لا يحمل أي صفة قانونية تخوله القيام بذلك ، كما أنه ليس مسئولا حكوميا يمكنه التوقيع نيابة عن حكومة بلاده .
نحن نعلم أن الإدارة الأمريكية إذا كانت جادة ومهتمة بجلب الشركات الأمريكية إلى اليمن ، أو أنها تنوي التمهيد لمستقبل اقتصادي واسع مع شريك لا يزال " ينفذ" تعليمات عسكرية ويقدم معلومات إستخباراتية في إطار ملف مكافحة الإرهاب ، لكانت أوفدت وزير التجارة الأمريكي كارلوس جيتيريز او على الأقل مسئولين من لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس الأمريكي ، وهي الجهات التي لها صلاحيات اتخاذ القرار الأمريكي لراسمي سياسة الولايات المتحدة الأمريكية مع الخارج .. ولكن للأسف الشديد ما تزال سلطتنا تمارس الكذب وإستغباء هذا الشعب .. ومن يريد أن يتأكد عليه أن يفتح هذا الرابط ( http://www.centerforglobalstrategies.org/ ) وسيجد محدودية دور المركز في إعطاء استشارة لخلق بيئة استثمارية سليمة ، مقارنة بالهالة والزيطة الإعلامية الكاذبة التي صبغها الإعلام الرسمي على هذا الوفد ، وسيجد أنه لا يحمل أية صفة حكومية أو يستند على قوة قانونية حكومية أمريكية تجعله مخولا بالحديث نيابة عنها أو يوقع باسمها ، فكيف ضللنا الإعلام الرسمي بتضخيم الزيارة ؟ ومن المستفيد من ترتيب هذه الزيارة التي تمت وسط هذا الزخم الإعلامي على الرغم من أن نائب مدير المركز قد زار اليمن مرتين ولم يتحدث عنه الإعلام بالطريقة التي تمت ألان ؟ وهل هناك من التجار والمسئولين من تحمل تكاليف هذه الزيارة بما فيها تسديد فواتير الإقامة في الفنادق التي نزل بها وفد المركز الامريكي في عدن وصنعاء ، من قام بهذه العملية نيابة عن الدولة لتلميع صورتها وإعطاء للمواطن انطباع بان الرئيس بدأ ينفذ وعوده الانتخابية ، وان الشركات ستتسابق من ألان على اليمن بعد فوز فخامته .
إنها مهزلة أن تتورط دولة وشلة تجار في عمل كهذا لا يمكن القبول به، ولا يهدف إلا إلى تضليل شعب من اجل إرضاء فرد .. ولكنهم جميعا نسوا أن "عهد الدجل والكذب " قد ولى وبدون رجعة.
صحافي وكاتب بريطاني – يمني مقيم في لندن