آخر الاخبار

الكشف عن القيادي الحوثي المسؤول عن تهريب الأسلحة الإيرانية التحركات واللقاءات العسكرية العليا.. هل قررت الشرعية خوض معركة الحسم مع مليشيا الحوثي؟.. تقرير رفقة محمد بن زايد.. شاهد ثاني ظهور لطارق صالح عقب إصابته بحادث مروري في الساحل الغربي حزب الإصلاح يعلق على إشهار التكتل الوطني للمكونات السياسية تونس تحقق نجاحاً كبيراً في تصدير الذهب الأخضر إسرائيل تدك أكثر من 40 ألف وحدة سكنية في جنوب لبنان وتجعلها ركاما وانقاضا عاجل: أمريكا تحبس أنفاسها وتتحصن مع تفاقم التوترات وترامب يعلن واثق من الفوز وايلون ماسك يحذر من هزيمة المرشح الجمهوري واخر انتخابات في تاريخ أمريكا لأول مرة في تاريخها… التعديلات الدستورية الجديدة في قطر وتجربتها الديمقراطية عثمان مجلي يصارح الخارجية البريطانية: الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة بحضور دبلوماسي ومباركة رئاسية .. عدن تشهد ميلاد أكبر تكتل وطني للمكونات السياسية يضع في طليعة أهدافه استعادة الدولة وإقتلاع الإنقلاب وحل القضية الجنوبية

الإصلاحيون.. بين تطلّعات الأمس وتحدّيات اليوم..1
بقلم/ أ. د/أ.د.أحمد محمد الدغشي
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 30 يوماً
الثلاثاء 06 مارس - آذار 2012 05:54 م

مقاربة تربوية في ضوء الثورة

الإصلاح: النشأة والتكوين وعوامل التأثير

يعدّ إنجاز الانتخابات الرئاسية يوم 21 فبراير 2012م على ذلك النحو المدهش بمثابة أسّ الأهداف الثورية ومنطلقها الفعلي الأول لمتابعة بقية الإنجازات التي لن تنتهي سوى بإقامة دولة العدالة المنشودة، بكل مقوّماتها وأركانها وبناها الكلية والجزئية. وقد شاركت في الوصول إلى تحقيق ذلك الهدف أطراف كثيرة حزبية وغير حزبية، شبابية وغير شبابية، وكل الفئات والأطر المجتمعية الفاعلة بلا استثناء، وإن تفاوت حجم إسهامها وفعلها، تبعاً لحجم حضورها وتأثيرها، غير أن أبرزها – وفقاً لرؤى كثير من المتابعين والمهتمين- هو التجمّع اليمني للإصلاح، وهو ما فرض وسيفرض عليه في المرحلة القادمة تقويماً تكوينياً مرحلياً لمساره، كقوة حيّة فاعلة، غدت ملك المجتمع، قبل أن تكون ملك التنظيم وأفراده العضويين، وهذا – فيما يبدو لكاتب هذه السطور على الأقل- يعدّ ظرفاً موائماً لإجراء جانب من تلك العملية التقويمية، شريطة الحرص على التسلّح بمبدأ الموضوعية – ما أمكن- إلى جانب التمكّن من إجراء مهارة النقد البنّاء من جانب صاحب التقويم، فرداً كان أم مؤسسة- وهو تحدّ كبير وشائك- والتحلّي من الطرف المستهدَف بذلك التقويم والنقد بروح الشجاعة في تقبّل التقويم العلمي والنقد الموضوعي، واستيعاب كل الرؤى والأطاريح الهادفة إلى تعزيز نقاط القوّة، وتلافي نقاط الضعف- وهو تحدٍّ أكبر لحركة إسلامية في مجتمع عربي كاليمن- ولكن هكذا صنعت وتصنع الحركات الإصلاحية الكبرى، ليس في العالم العربي أو الإسلامي فحسب بل بوصف ذلك ظاهرة كونية، وسنّة اجتماعية وإنسانية وتربوية وحضارية عامّة، فبلغت أهدافها الغائية في بأقصر مدى وأقلّ كلفة.

نشأة الإصلاح وتكوينه:جذور التاريخ وريادة الكبار

على الرغم من أن جذور الحركة الإسلامية (الإصلاحية) في اليمن تعود - على أقل التقديرات- إلى أكثر من نصف قرن قبل الإعلان الرسمي العلني عنها في 13/9/ 1990م؛ إلا أن ذلك لم يتم على ذلك النحو إلا بعد أن توافرت جملة من الشروط الموضوعية لذلك الإعلان، لعلّ أبرزها كان قيام الوحدة اليمنية بين شطري البلاد شمالاً وجنوباً في 22/5/1990م، أي قبل أشهر قليلة من الإعلان الرسمي، وقد نص دستور دولة الوحدة على الحق الفردي والجماعي في التنظيم والتأطير، فانعكس ذلك على قائمة المؤسسين الستين بالنسبة للتجمع اليمني للإصلاح، حيث شمل أسماء من مختلف تلك المكوّنات من شمال البلاد وجنوبها.

يتشكّل حزب الإصلاح من مجموعة مكوّنات أبرزها جماعة (الإخوان المسلمين)، وما عداه لا يزيد عن روافد ثانوية، وتتمثل في مجموعة من الشخصيات الاجتماعية والمثقفين، والرموز القبلية، وبعض رجالات الأعمال، مع الإشارة هنا إلى أن بعض تلك الرموز وفي مقدّمتها الشيخ الراحل عبد الله بن حسين الأحمر عُرِفت بعلاقة ودّ ومناصرة لحركة (الإصلاح) الإسلامية طيلة فترتها التي بدأت أولى معالمها مع ثورة 1948م (الدستورية)، حيث كان للإخوان المسلمين في مصر بتوجيه مباشر من قِبل مؤسس الحركة الإمام حسن البنا دور محوري فيها، ولا سيما عبر (مندوبه) رجل الحركة الجزائري الأصل السيّد (الفضيل الورتلاني)، حيث قدم إلى اليمن بصفة رجل أعمال، ثم ما تبع ذلك من تعزيز لهذا المسار عبر التنسيق مع بعض الطلبة اليمنيين الدارسين في مصر في النصف الثاني من القرن العشرين المنصرم، ويذكر في هذا السياق ريادة أبي الأحرار القاضي محمّد محمود الزبيري أكبر الرموز الفكرية والثقافية للثورة اليمنية في ثورتي 1948 و 1962م، والأستاذ عبده محمّد المخلافي أول مراقب عام لحركة الإخوان المسلمين في اليمن، والشيخ عبد المجيد الزنداني، أحد أبرز مؤسسي الحركة الإسلامية وطلائعها الأوائل إلى جانب آخرين.

وتضمّ الحركة اليوم جمهرة واسعة من الأنصار من المثقفين المدنيين والعسكريين والأفراد من مختلف الفئات الاجتماعية، ولأن هؤلاء الأنصار لايشكّلون عضوية تنظيمية بل حشداً جماهيرياً في الظروف التي تتطلب ذلك؛ فإنه يلحظ غيابهم عن الفعل المؤثّر على مسار الحزب، ولا يظهر صوتهم الداعم لمواقف الحزب إلا في المواسم الساخنة، كالانتخابات النيابية أو الرئاسية أو المحليّة – على سبيل المثال- وعند الأزمات الكبرى، وأكبرها بإطلاق الثورة الشبابية الشعبية التي اندلعت في منتصف شهر فبراير من العام 2011م وتجاوزت العام اليوم .

عوامل التأثير: خطاب للجميع وحضور في كل المراحل

أمّا عن عوامل ذلك التأثير في الفئات المختلفة فلعلّه يعزى – ضمن عوامل عديدة أخرى- إلى كونه استمداداً للفكر (الإخواني) الذي يسعى ليخاطب الجميع، ويحرص على الانخراط ضمن كل الفعاليات والأطر الاجتماعية، أمّا في اليمن فيحظى بخصوصية الحضور المتفاوت في كل المؤسسات الرسمية والخاصة، المدنية والعسكرية، كما أن له تأثيره النسبي طيلة العقود الماضية في المشاركة في صناعة القرار السياسي، وأعني بذلك بعض القضايا الكبرى في البلاد، ولاسيما في العشرين سنة الأولى من حكم علي عبد الله صالح، أي مايزيد على الثلثين من تاريخ حكمه( من 1978م-2001م)، حيث كان قد أبرم مع الإخوان تحالفاً غير معلن طيلة تلك الحقبة، لم يُعلن عن وفاته إلا في 2001م على لسان الأمين العام الأسبق للتجمع اليمني للإصلاح رئيس الهيئة العليا للإصلاح حالياً السيّد محمّد عبد الله اليدومي، من على شاشة الجزيرة (القطرية) عبر برنامج ( بلا حدود )، وذلك عقب النزاع الحاد حول مجريات انتخابات المجالس المحلية في 2001م، حيث اتهم حزب الإصلاح حزب المؤتمر بالتزوير الفاضح لنتائجها في بعض الدوائر، أمّا طيلة المرحلة قبل ذلك فقد ظل التحالف بين الإصلاح والسلطة التي صارت تُعرف من بعد 1990م باسم المؤتمر الشعبي العام قائماً، نظراً لقيام جملة من التهديدات الداخلية والخارجية التقت على مواجهتها إرادتا السلطة والحركة الإسلامية ممثلة بما صار يُعرف بـ(الإصلاح)، دون أن يعني ذلك أنّ العلاقة بينهما لم تتعرض لهزات وعواصف، كادت أن تودي بها في أكثر من محطة، ولا سيما قبيل إعلان الوحدة اليمنية في 1990م، حيث كان للحركة موقف رافض لمشروع دستور دولة الوحدة رغم ترحيبها بالوحدة ذاتها، وقد بلغ الحال إلى حد وصف الإسلاميين لذلك المشروع بـ(العلماني)، ولا سيما مع المقارنة بالدستور الدائم لـ (لجمهورية العربية اليمنية) في الشمال، الذي كان إسلامي الطابع والإخراج. ومع أن حزب الإصلاح كان الأسبق إلى ترشيح صالح في الانتخابات الرئاسية عام 1999م من حزب الرئيس نفسه (المؤتمر الشعبي العام)؛ حتى قال قائلهم:” صالح مرشّح الإصلاح فليبحث المؤتمر عن مرشّح له”، وكان حجم الدعاية الانتخابية التي قدّمها الإصلاح لمرشحه (صالح) لم تقل - إن لم تزد من بعض وجوه التأثير- عن حزب صالح؛ إلا أن ذلك انقلب كلّه رأساً على عقب في الانتخابات الرئاسية التي تمت في العام 2006م، حيث تحوّل الإصلاح ومعه كل أحزاب المعارضة الرئيسة (أحزاب اللقاء المشترك ) إلى مواجهة صالح بمرشّح مستقل من خارج الإصلاح وبقية أحزاب اللقاء المشترك وهو المهندس فيصل بن شملان (توفي أواخر عام 2009م) الذي عُرف بالاستقامة، وحسن المسلك، وكانت المفارقة أن الأمين العام الأسبق للتجمع اليمني للإصلاح ورئيس هيئته العليا حالياً السيّد محمّد عبد الله اليدومي كان قد قاد الحملة الانتخابية للرئيس صالح في انتخابات 1999م، وهو ذاته أول من أطلق الكلمة الشهيرة في تدشين انتخابات 2006م ضدّ صالح:«خرجنا لننتخب رئيساً من أجل اليمن، لا يمناً من أجل الرئيس»! فيما كان الرئيس صالح قد أعلن كذلك على شاشة الجزيرة وعبر برنامج (بلا حدود) أن تحالفه السابق مع الإخوان المسلمين كان مجرّد (كارد) استخدم حتى احترق وانتهت صلاحيته!

* أستاذ أصول التربية وفلسفتها– كلية التربية – جامعة صنعاء (باحث في شئون الجماعات الإسلامية )

addaghashi@yemen.netye

*عن الجمهورية