آخر الاخبار
القصة الحقيقية لما جرى على أسطول الحرية 6
بقلم/ محمد بن ناصر الحزمي
نشر منذ: 14 سنة و 3 أشهر و 17 يوماً
الأحد 18 يوليو-تموز 2010 04:43 م

التحقيق الثاني

تم استدعائي إلى غرفة للتحقيق وكانت هذه المرة المحققة امرأة والمترجم شخص يعمل داخل السجن في الحدادة حيث كان يقوم بوضع حاجز حديدي في نفس السجن ، جيء به وعرفني بنفسه قائلا أنا فلسطيني مسلم ، فإذا بالضابط تعرف بنفسها بأنها باحثة اجتماعية فسألت عن اسمي فقلت لها : محمد الحزمي فقالت كم معك أولاد ؟ فقلت للمترجم : وما دخلها بأولادي

فقال: علشان يساعدوك

فقلت: له لا أريد مساعدتهم

فقالت المحققة كيف حالتك النفسية ؟

فقلت لها أنا حالتي النفسية والمعنوية مرتفعة جيد جدا انتهى التحقيق وتم إرجاعي إلى السجن جاء ضابط أخر يجيد اللغة العربية وعرفنا بنفسه انه مسؤول القسم.

وسألنا هل تحممت؟

فقلت: لا

قال: سنعطيكم الصابون والمنشفة ولباس

فقلت :له لا نريد شيء نريد أن ننام فقط

ذهب وأحضر لنا ملابس داخلية وصابون و(ترنك) فلم نأخذ شيء من ذلك

التحقيق الثالث

تم استدعائي الى غرفة التحقيق وهذه المرة كانت المحقق كما يبدو من الأسئلة من الموساد والمترجم هو مسؤول القسم الذي نحن فيه عرفتني باسمها قائلة: أنا اسمي ياسمين ، هزيت رأسي هل أنت من حماس أم من الجهاد ؟ قالت لها: أنا من اليمن قالت : أنا أعرف ما علاقتك بحماس ؟ قلت : مثل علاقة اليهودي المغربي باليهودي اليمني باليهودي الروسي ..... ونحن مسلمون هكذا الإسلام يربطنا ويجمعنا

قالت: أنت عنصري تدعو إلى قتل اليهود وتحرض على ذلك تدعم حماس ولدينا ما يدينك

قلت: لها لا أعلم ما تقولين

قالت: لكن نحن نعلم ما تقوم به

قلت :لها لن أتكلم إلا بوجود محامي مسلم أثق به

قالت: هل تعلم أن غزة مسكرة قبل أن تأتي إليها

قلت: نعم ولهذا جئنا لكسر هذا الحصار ولن أتكلم إلا بوجود محامي ورفضت الكلام تم إرجاعي إلى السجن ووعدوني بالسماح للمحامي بالحضور – هذا لم يحدث فقد وعدنا بالمحامي منذ وطأنا أرض فلسطين المحتلة ولم يحدث- تم السماح لنا بالخروج إلى الشماسية – مكان مفتوح للشمس- فالتقينا بالإخوة المجاورين لنا وهم الأخ عبد الحكيم القطيبي والأخ/ عبد الكريم من الجزائر ، وأخ ماليزي لا أذكر اسمه ، تبادلنا الحديث والعناوين ثم تم إعادتنا إلى زنازيننا ، القطيبي بلا إقامة ولا عودة وللأخ عبد الحكيم القطيبي قصة فيها من الألطاف الربانية ما يدل على إخلاص هذا الأخ الحبيب ،ولابد أن أرويها للعظة والعبرة .

فقد كان الأخ عبد الحكيم حفظه الله في نيته أن يذهب إلى غزة ولا يعود، وقال سأجلس هناك حتى أخدمهم ولو أنظف لهم الشوارع وفعلا حزم حقائبه وجمع فيها أدواته ولما وصلنا إلى الميناء .وبينما يريد أن يأخذ تأشيرة الخروج إذ بالضابط يقول له أنت لك 11سنة مقيم بدون إقامة

فقال: نعم فأدخل اسمه إلى قائمة الجرائم فلم يجد عليه أي مشكلة صفحته بيضاء ، وهذا هو شأن من يخاف الله .

كان الأخ عبد الحكيم في قلق شديد مخافة إرجاعه فقلت له أكثر الاستغفار ونحن سندعو لك ( أنا وعبد الخالق والشيخ هزاع) فكان كذلك فناداه الضابط قائلا :عليك غرامة قال سأسددها ، فتم حساب الغرامة فوصلت إلى 2500$ أمريكي فأخرجها ليسدد فقال له الضابط : لا يوجد سندات وعليك أن تذهب إلى المطار وتسدد وتأتي بالسند وسنأشر لك فقال له : ولكن السفينة ستمشي ، فأخذ الضابط يبحث عن حلول فقال له الأخ عبد الحكيم خذ هذه الفلوس -2500$- وسددها أنت فرفض الضابط وذهب وعاد ثم قال له سأؤشر لك وعند عودتك من غزة تسدد ما عليك بشرط أن لا تعود الا من دولة فيها سفارة تركية حتى تعطى تأشيرة والا لن يسمح لك بدخول تركيا فقال عبد الحكيم : تمام –لانه ينوي عدم العودة - ففرحنا جميعا وحمدنا الله على تسخيره ولم يكن بالحسبان أننا سنعود إلى تركيا ولكن أراد الله أن نعود فكيف سيفعل عبد الحكيم ؟ عند العودة كان برفقتي وعند وصول الطائرة صعد إليها نائب رئيس الوزراء فصافحنا فردا فردا فقام الأخ عبد الحكيم يعرف نائب رئيس الوزراء بي قائلا هذا النائب محمد الحزمي من البرلمان اليمني فعرفني باني صاحب الجنبية فرحب بي كثيرا ثم قال لي لا تغادر نريدك أن تحظر المؤتمر الصحفي فقلت له ان شاء الله ، فقال لمرافقه وكان يجيد العربية : خذ جوازه وأشره فقلت له وجواز المترجم حقي فأخذا الجوازين وأشرهما دون أن يدفع غرامة أو يمنع لأنه لا يملك تأشيرة وهكذا وفقه الله على قدر نيته.

عراك الوداع

نعود إلى السجن الإسرائيلي، في اليوم التالي بعد العصر جاء الحراس ليخبرونا ان نستعد للخروج ، وبعد ربع ساعة ، جاء مسؤول السجن وقال خروج فقمت مع الأخ إبراهيم وإذا بالضابط يشير إلي أن امكث ، وتم اخراج الاخ ابراهيم وحده فشعرت اني لن أكون مع الخارجين ، وأن اليهود لن يخرجوني فجلست أستغفر ، وبعد ربع ساعة تقريبا عاد الاخ ابراهيم ، فقلت له لماذا عدت ؟ قال : يريدون أن أوقع هذه الورقة فرفضت قلت : أحسنت وبعد خمس دقائق جاء السجان وأمرنا بالخروج فخرجنا إلى سيارة السجن والتقيت بالأخ عبد الحكيم على السيارة وبقية المساجين ، تم أخذنا إلى المطار ، فإذا بناء نشاهد الجنود اليهود يحملون احد النشطاء الغربيين وهو يصيح فلما سمعه الإخوة الأتراك صاحوا وحدث عراك شديد بالكراسي وبكل شيء بينهم وبين اليهود سميته عراك الوداع، انتهت المعركة ، بإخراجنا إلى الطائرة ،كان ممن ضربوا ناشط غربي غطي وجهه بالدم حاول اليهود أن يغسل الدم فرفض وصعد الطائرة ودمه على وجهه، ليكون شاهدا على إجرام يهود،

وبكيت على الطائرة

كان الإخوة الذين سبقونا إلى الطائرة ،في انتظارنا متشوقين لمجيء بقية الركاب ،ولما صعدت الى الطائرة ودخلت بابها وإذا بأحد الركاب يصيح تكبير فهتف كل من في الطائرة (الله أكبر ولله الحمد )ورأيت أخواتنا النساء من الأتراك يبكين من شدة الفرح ، فأبكاني هذا المنظر ، ثم ذهبت لأجلس في المقعد إذا بهم يرفضون ،لا اجلس حتى أنشد (صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم ) فأنشدتها وردد الجميع معي حتى غير المسلمين، ( صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم) أخذت التلفون لأتصل بأهلي قالوا لا يتصل الا ببطاقة- فيزا كرت – فكان بجواري الأخ / عبد الله أنس جزائري متجنس بريطاني، استأذنته باستخدام بطاقته فقال بكل سرور حاول عدة مرات حتى مسك معه الخط أعطاني أكلم أهلي كان على الهاتف ولدي عز الدين لم يعرفني أول الأمر فلما قلت له أنا أبوك يا عز الدين صاح بصوت قوي هذا أبي يا أمي ، أخذت أم عز الدين الهاتف من ابنها لم أستطع أن أقول لها شيء من شدة بكائها وصراخها ، قلت لها بصعوبة جدا وقد أوقف الكلام في فمي وحبس في صدري أنا الآن في الطائرة ذاهب إلى تركيا بلغي البقية، ثم أغلقت الهاتف والدموع تنهمر تباعا، لقد كان موقفا مؤثرا ، لأني في نظر أهلي كنت في عداد الشهداء، أو الأسرى الذين لن يطلق سراحهم ، جلست بجوار الأخ /أكرم كساب وهو الذي أخبرني بان الشيخ هزاع كان معه في زنزانة واحدة وأنه تم ترحيله إلى الأردن ،تم صعود جميع الركاب إلى الطائرات الثلاث أقلعنا المسافة من فلسطين الى اسطنبول 90دقيقة وللحديث بقية.