صواريخ تضرب تل أبيب في مدارس الحوثيين.. التعليم يتحول إلى أداة لترسيخ الولاء بالقوة الأمم المتحدة تتحدث عن توقف وصول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة فيتو روسي صادم في الأمم المتحدة يشعل غضب الغرب الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين المحكمة الجزائية في عدن تصدر حكمها النهائي في المتهمين بتفجارات القائد جواس شهادات مروعة لمعتقلين أفرجت عنهم المليشيات أخيراً وزارة الرياضة التابعة للحوثيين تهدد الأندية.. واتهامات بالتنسيق لتجميد الكرة اليمنية أحمد عايض: ناطقا رسميا باسم مؤتمر مأرب الجامع
يقول الرئيس علي عبدالله صالح أنه تعرف على الأستاذ محمد سالم باسندوة عام ١٩٧٠، أي قبل ثمان سنوات من تولي صالح الرئاسة في شمال اليمن. هذه طبعا رواية الرئيس حسب آخر مؤتمر صحفي له عقده في دار الرئاسة. أما رواية الأستاذ باسندوة فربما تكون مختلفة، ولم نسمعها منه بعد. ولكن على الأرجح أن ما يتذكره صالح غير ما يتذكره الأستاذ باسندوة ولهذا فإن المقابلة الأولى بينهما سوف تختلف وفقا لاختلاف ما علق بالذاكرة. وعلى سبيل المثال ومن تجربتي الشخصية الخاصة فقد قابلت الأستاذ باسندوة في أوائل الثمانينات ومازلت أذكر الكثير من تفاصيل اللقاء، لأن باسندوة كان من أهم الشخصيات اليمنية وقت اللقاء، لكني كنت شابا صغيرا عديم الأهمية ومن الطبيعي ألا يتذكر الأستاذ لقاءه بي لأنه يقابل العشرات أمثالي كل يوم، ولا يوجد لدينا ما نتركه في ذهنه من انطباع مميز. وما ينطبق علي من المؤكد أنه ينطبق على الشاب علي عبدالله صالح الذي كان برتبة ملازم أول فخري أو نقيب فخري على الأكثر في بداية السبعينات.
وأذكر أني في أوائل الثمانينات دعيت إلى مأدبة غداء مختصرة في صنعاء بمنزل الوالد جبر بن جبر حسن أحد رجال ثورة سبتمبر المعروفين، أقامها على شرف الأستاذ محمد سالم باسندوة، معالي رئيس الوزراء الحالي، أو كما كان يحب أن نسميه منذ تلك الأيام ومازال "العم محمد". لم أكن أعرف العم محمد حينها إلا من التلفزيون، ولم أتحمس لحضور الغداء بسبب وجود العم محمد وإنما لأني توقعت حضور الوالد المرحوم المشير عبدالله السلال الذي كانت تربطه صداقة حميمة وتاريخية مع صاحب الدعوة، حيث كان كثيرا ما يتردد على منزل الوالد جبر بن جبر منذ أن عاد من القاهرة للاستقرار في الوطن، وكنت متشوق لتوجيه بعض الأسئلة التاريخية والسياسية له، ولكن لم أعد أذكر ما الذي منعه من حضور تلك المأدبة. لم أكن وقتها قد قررت دراسة الصحافة ولكن كان لدي ميول للتعرف على الكبار وتوجيه الأسئلة والاستفسارات عن تجاربهم السياسية. وقبل الغداء كنت قد جهزت في دماغي مجموعة من الأسئلة للمشير السلال كانت تدور بخلدي في ذلك الوقت المبكر من مرحلة الشباب، لكني قررت أن أحول بعضها للعم محمد. وعلى ما أذكر أني اكتفيت بسؤال واحد أو سؤالين، ولم أزد عنهما أي شئ لأن حديث العم باسندوة كان غزيرا وثريا أعفاني عن توجيه أسئلة لأن حديثه كان يتدفق تلقائيا بما ينم عن أنه شخصية مثقفة ذات اطلاع واسع. وفوق هذا وذاك كان يجيد قواعد اللغة العربية التي يفتقد إليها معظم السياسين اليمنيين عندما يتحدثون مع خلق الله، ودائما ما يذكر مستمعيه بأنه مارس مهنة الصحافة فترة من حياته ويقدر مهنة الصحفي. تساءلت في نفسي وأنا استمع إليه، لماذا لا يكون هذا الجنوبي هو رئيسنا في الشمال، ألم يسمح الجنوبيون لعبدالفتاح اسماعيل وهو شمالي بالوصول إلى أعلى منصب في الشطر الجنوبي، فلماذا لا نكون مثلهم؟!
أجبت على تساؤلي بنفسي وأنا صامت حتى لا يسمع همهمتي أحد بقولي لنفسي إننا في الشمال أكثر وحدوية من الجنوبيين، والدليل على ذلك أننا لم نسمح للأستاذ المناوئ للشيوعية حينها عبالله الأصنج أن يحكمنا بل حاكمناه وأهناه وخوناه وهو وزير خارجيتنا ، رغم أنه والاستاذ باسندوة كانا أهم كادرين مدنيين مؤهلين لدينا بين وفرة زائدة عن الحاجة من المشائخ والعسكر. وبما أن الرئيس العسكري حينها لم يكن يجيد فن الإلقاء والخطابة والأحاديث العامة، ولم يكن يثير اعجابي كشاب متحمس لإظهار بلاده في أحسن صورة، فقد قارنت بينه وبين العم محمد الذي أذهلني بغزارة معلوماته وقدرته على ترتيب أفكاره، وشعرت وقتها أنه الأجدر على تمثيلي كمواطن يمني في المحافل العربية والدولية لأنه يتحدث بطريقة تجعلني أفتخر به ولا أخجل من كلامه . كان العم محمد يحمل في رأسه مزيجا من الخبرة والحكمة والمعرفة والإطلاع، لكنه لم يكن يحمل مسدسا على خصره ولا نجمات على كتفيه، ولا تياسة في دماغه، وبالتالي فقد افتقد لمؤهلات الرئاسة الحقيقية. وقد تأكدت لي قدرات الأستاذ باسندوة عندما تولى وزارة الخارجية عام ١٩٩٣ ونشرنا له عدة مقابلات في صحيفة الوحدة التي كنت أعمل بها، ومازلت أحتفظ بأهم تلك المقابلات التي كان عنوانها الرئيسي باسندوة: لم ولن أكون عميلا لغير اليمن.
مرت الأيام والسنون وإذا بالصديق العزيز عبدالله سلام الحكيمي يحدثني من القاهرة أن الأستاذ باسندوة يتابع مقالاتي ويقرأها بعناية، ويود التعرف علي فتواصلت مع العم محمد وبقيت على اتصال متقطع معه، إلى أن جمعنا القدر في هم واحد ومجلس واحد هو رئيسي وأنا عضو في مجلسه. اتصلت به مرارا في انتظار أن اتلقى تعليمات أو توجيهات حسبما جرت العادة فإذا به يوجه نصائح ويعطي رأيا أبويا ويرفض الاستعلاء السلطوي. وأثناء وجوده في جولة خليجية مع الأستاذ عبدالوهاب الآنسي والدكتور ياسين سعيد نعمان، تحدثت إليهم الثلاثة كما تحدثت معهم الأخت العزيزة توكل كرمان أثناء وجودها في واشنطن بغرض الاستنارة بتوجيهاتهم، فكانت الإجابة موحدة، اعملوا ما ترونه مناسبا لصالح الشباب وما تمليه عليكم ضمائركم. لم يكن هناك مركزية ولا تسلط ولا توجيهات، بل احترام وتقدير من الأبناء للآباء يقابلها محبة واعتزاز من الآباء للأبناء. وعند اختيار العم محمد لمنصب رئيس الوزراء هاتفني أحد السفراء قائلا: " ألم تكن توقعاتي صادقة يا ماوري، أن صاحبك منذ زمن يطمح أن يكون رئيسا للوزراء…" فاجبته وما المانع من ذلك كلنا نطمح أن نكون رؤساء حكومة، ما هو العيب في هذا الطموح؟! العيب هو أن تسرق أو تقتل كي تصبح رئيسا للوزراء أما أن تطمح لخدمة بلدك في مثل هذا الموقع فلا مانع. ألم يكن باجمال رئيسا للوزراء؟ ألم يكن مجور رئيسا للوزراء؟ فمن هو الأكثر تأهيلا لمثل هذا المنصب ؟ الرجل المخضرم والمحنك محمد سالم باسندوة؟ أم صاحب شعار الفساد ملح التنمية عبدالقادر باجمال؟ أم الدكتور مجور الذي فشل في وزارة الكهرباء وفي وزارة الأسماك فتمت ترقيته إلى رئيس وزراء. وهاتفني سفير آخر قائلا: شوف الآن بدأو يختلفون على السيارات فرد عليه العم باسندوة بعد أيام بقرار منع توزيع أي سيارات جديدة على الوزراء الجدد وبدأ بنفسه يتنقل بسيارته الخاصة بأقل عدد من الحراسة.
هذا ما يتعلق برئيس الحكومة أما الحكومة نفسها فأجمل ما فيها أني لست واحدا من أعضائها وأسوأ ما فيها أنني لست واحدا من أعضائها. رشحتني المواقع الأخبارية لمواقع مختلفة في الحكومة وتلقيت تهاني من كثير من الزملاء الذين كانوا يحلفون أيمانا بأني داخل التشكيلة وأني أخفي ذلك عنهم. فكانت أجابتي أن العضوية شرف لا أدعيه وتهمة لا أنكرها. من الصعب علي نفسيا أن أجلس في حكومة واحدة مع حمود عباد أو حتى مع أبو بكر القربي، ولكن في ذات الوقت فإن العضوية لم تعرض علي كي افكر فيها أو أتخذ قرارا بشأنها. وهناك شخصيات عديدة تزعم أنها رفضت العضوية أو اعتذرت، وربما يكون البعض صادقا في زعمه ولكن هناك من يحاول مداواة جراحه عن طريق الاعتذار المزعوم، أما أنا فلم أعتذر ولم أرفض، لسبب بسيط هو أن أحدا لم يعرض علي أي منصب وزاري ولم أطلب ترشيحي لأي منصب. ولكن التشكيلة ذاتها اسعدتني إلى حد ما لأن ٥٠٪ من أعضاء الحكومة هم من أصدقائي، أما الخمسين في المئة الآخرين فإنهم أقل سوءا مما كنت أتوقع، وفي حلقة الغد سوف اسجل بعض الانطباعات الأولية عنمن عرفهم من أعضاء الحكومة.