مهزلة الكهرباء في اليمن
بقلم/ جبر صبر
نشر منذ: 15 سنة و 5 أشهر و 3 أيام
الإثنين 15 يونيو-حزيران 2009 12:59 ص
  
 

(ربما عقدوا صفقة مع مصنع الشمع..أو مع أصحاب "المواطير"(عبارات يرددها المواطنون لتندرهم وسخريتهم من الوضع الذي وصلت إليه الكهرباء في اليمن,,فهي تعيش أسوأ مراحلها،ويعيش الشعب في ظلام دامس لانقطاعات متكررة ومتزايدة من يوم لآخر ،في ظل عدم وجود حلول وإحساس بمعاناة المواطنين والنظر إلى حالهم بعين الرحمة لاسيما أصحاب المناطق الحارة،الذين يعيشون الأمرين أثناء انقطاعات الكهرباء عنهم.

إستطلاع وتصوير / جـبر صـبر

jaber_saber2000@yahoo.com

وفي الوقت الذي تتوالى الوعود والأحلام على المواطنين بتوليد الكهرباء بالنووي تارةً وبالرياح تارةً أخرى وبالغاز آخرها، يعيش المواطن اليمني في معاناة دائمة لمشكلة قائمة عجزت الدولة عن حلها ،عدا قدرتهم على حلها بمنازلهم بتوفير مولدات ،مع عدم مراعاة عذاب ومعاناة المواطن المغلوب على أمره..

طالبوا بتعويضهم عن الخسائر الذي تسببه الإنطفاءات:

مواطنون عبروا عن استنكارهم من ذلك وترحموا على أيام مجور

سخط المواطنين واستيائهم للانطفاءات المتكررة والطويلة للكهرباء أصبح السائد في عموم مناطق اليمن،وربما أصبحت الكهرباء والقائمون عليها أكثر الجهات التي تنال نصيباً وافراً من سب وشتم المواطنين،فضلاً عن دعاء كبار السن والمحتاجين والطلاب في أيام امتحاناتهم.كما أن سخط المواطنين لم يقف عند ذلك وحسب ،بل تعداه لأن يطالب بعضهم وزارة الكهرباء بتعويضهم عن ما ألحقته الانطفاءات المفاجئة من خسائر مادية ومعنوية في منازلهم.. فهذا مهيوب الهمداني – يسكن شارع الستين الجنوبي بأمانة العاصمة يشتكي من الانقطاعات المتكررة والتي أدت إلى إتلاف " حرق" السخان الكهربائي لديه. مطالباً بذات الوقت وزارة الكهرباء تعويضه عن إتلاف السخان والذي ليس ملكه وإنما مستأجراً للمنزل, حيث يبلغ قيمته أكثر من 10 آلاف ريال " حسب قوله.

ويقول الهمداني" أصبحت في المنزل بحالة استنفار دائمة ترقباً لانطفاء الكهرباء لأقوم بفصل التيار عن الأدوات الكهربائية الأخرى خوفاً من تلفها".

أما هادي الصايدي – يسكن بحزيز جنوب العاص مة فيؤكد" على أن الانقطاعات الكهربائية تسببت بإتلاف " ثلاجته " بالمنزل .. مع العلم أنه يسكن حسب قوله" جوار محطة كهرباء "حزيز" إلا أنه لم يستفد منها إلا استنشاق الهواء السام المنبعث منها فقط".

ويشكو الصايدي من زيادة انطفاء الكهرباء في منطقتهم حيث يصل مت وسط انقطاعها باليوم من ثلاث الى خمس مرات بمعدل 7 ساعات".

ويشير الى ان انطفاءات الكهرباء تتسبب بإتلاف "الأطعمة" في الثلاجات المحفوظة.ويطالب " بتعويضهم عن الإتلافات التي تسببها الانطفاءات في الأدوات الكهربائية".

أحد المواطنين فضل عدم ذكر اسمه كان استياءه أعظم وأشد من ذلك السيناريو المتكرر، مترحماً على اليمني القديم.

العم علي حنظل الذي يقوم بفصل التيار عن مناطق الأمانة:

نقدر ظروف الناس ومعاناتهم للإنطفاءات وما نقوم به تنفيذ أوامر

علي محمد حنظل – موظف في طوارئ كهرباء أمانة العاصمة وضواحيها- والذي يعمل في الكهرباء منذ 27 عاماً وفي مجال الضغط العالي منذ 7 سنوات وهو الشخص المختص والذي يقوم بفصل التيار الكهربائي عن مختلف المناطق وحسب الأوامر التي يتلقاها ويعمل في طوارئ ال كهرباء من الصباح حتى المساء، وأحياناً يكون عمله لمدة 24 ساعة" حسب قوله.

يقول في حديثه لـ"الناس": نحن فقط نتلقى الأوامر بفصل الكهرباء عن مختلف المناطق في أمانة العاصمة وضواحيها لفترة من الزمن، ونقوم بذلك على جميع المناطق والأماكن بما فيها رئاسة الجمهورية".

وعندما سألته عن شعوره وهو يقوم بفصل الكهرباء عن منطقة معينة ولاسيما في الليل وهناك طلاب يذاكرون وهناك كبار السن وقد يدعون عليه؟ قال: أنا أقدر لهم ذلك وأشعر بالألم لكن ما أقوم به أني أتلقى أوامر عليّ تنفيذها،إلا أنه عاد وقال:"بعد أن أقوم بفصل الكهرباء عن منطقة ما أرحم المواطنين وأتصل بالتحكم "لنولع" لهم بأعذار مختلفة، مقدراً لهم وضعهم ومستشعراً معاناتهم جراء انطفاء الكهرباء".

ويرى حنظل " إن انقطاع الكهرباء المتكرر في الآونة الأخيرة نتيجة ضعف في الكهرباء والسبب كما يقول" الربط العشوائي للكهرباء من قبل المواطنين وكذا زيادة استخدامها في الورش والمصانع وغيرها، حتى أنها تضعف تدريجياً وتنطفئ في بعض المناطق وخاصة أطراف صنعاء تلقائياً دون أن نطفئها نحن".

أَضرار الإنطفاءات النفسية على الأطفال وكبار السن:

د. الخامري أستاذ علم النفس يؤكد خطورة الانطفاء المفاجئ للكهرباء

لاشك أن انطفاءات الكهرباء المتكررة وخاصة في الليل لها آثارها وانعكاساتها النفسية والصحية لدى الأطفال وكبار السن، فالانطفاءات المفاجئة والغير متوقعة يكون لها مخاطرها على نفسية الطفل وكذا تأثيرها على كبار السن ينتج عنها إيلامات في العينين.

فيؤكد الدكتور/ عبد الحافظ الخامري – أستاذ علم النفس الإكلينيكي والعلاج النفسي بجامعة صنعاء" أن انطفاء الكهرباء المفاجئ خطير في بعض الأحيان إذ يؤدي إلى فقدان الأمل لدى الطفل لاسيما وان هناك أطفال يخافون من الظلام، والذين لايخافون من الظلام إذا كان هناك انقطاع متكرر لاسيما إذا كان يتوقع خطرا معينا فإنها تنشأ عند الطفل اضطرابات الخوف من الظلام أوفوبيا الظلام".

وأوضح "أن كثرة انطفاء الكهرباء قد يؤدي إلى زيادة الاضطراب لدى الأطفال لاسيما عندما يكون الانطفاء غير مبرمج وغير متوقع، فأحياناً يكون الطفل بالحمام وأحياناً ي كون بمفرده وأحيانا مع والدته، وأحياناً يشكل له ظلال معين في الجدران فيتهيأ له أن هناك وحوش وخاصةً مع البرمجة الخاطئة من بعض الأمهات لأطفالهن من خلال سرد القصص عليهم التي تكون فيها أشباح ووحوش وغيرها ، وبطبيعة الإنسان يخاف من المجهول والظلام بالنسبة للطفل مجهول ".

وأكد الخامري" أن الانطفاء المتكرر يؤدي إلى الاضطراب لدى الطفل أو إيجاده وزيادته،وخاصة لدى الأطفال الذين برمجوا على الخوف".

ولأن للانطفاء المفاجئ للكهرباء أثره على كبار السن فيقول د. الخامري" لاشك أن انقطاع الكهرباء والتحول في ذلك يعمل على إيلام العينين لدى كبار السن،ولست بصدد تشخيص ألم العينين أو دقة الرؤية وغيرها فهذا من اختصاص طبيب العيون وهو أمهر مني بهذا التشخيص، ولكني بصدد إلى ما سيؤدي هذا الألم جراء الانطفاء حيث سيؤدي إلى ألم نفسي وانزعاج وقلق".

ويضيف" كما أن ذلك يؤدي إلى قلق وترقب، وكثير من الأشخاص أحيانا لايريد فصل الشاحن لأي جهاز معين لأنه يخاف لو انطفئت الكهرباء فلن يكون هناك شحن في الجهاز ،وعلى سبيل المثال كثير من الزملاء يشكون أن بطاريات أجهزة "الكمبيوتر المحمول" لهم أتلفت بسبب ذلك مما نتج التقليل من الأعمال التي يؤدونها وقل الإنجاز فيها".

دعا المواطنين للتعاون بالترشيد:

العمري: يعزو زيادة الانطفاء لعجز في الطاقة ويستبشر بالمحطة الغازية

ولمعرفة الأسباب التي أدت إلى الزيادة المفرطة والسيئة بنفس الوقت من انطفاءات الكهرباء كان علينا زيارة إدارة الكهرباء بأمانة العاصمة .

فقد أكد مدير كهرباء الأمانة المهندس / حارث العمري " إن سبب ذلك لوجود عجز في الطاقة،حيث أن طلب الأمانة في ساعة الذروة 335 ميجا فيما الموجود فقط 270 ميجا ليصبح العجز 60 ميجا" حسب قوله.

كما يقول "انه زاد الطلب في الصيف، فيتم مراعاة المناطق الحارة فيما يكون الوضع في الشتاء أفضل".

وفي حين قال إن حاجة اليمن من الطاقة 940 ميجا لتغطية كاملة أكد أن الطاقة المتوفرة فقط 760 ميجا، بعجز 180 ميجا".

 وحول المعايير التي يتم فيها زيادة فترة الانطفاء بمختلف المناطق يقول العمري" بعض المناطق يكون فيها مشاكل أمنية وسرقات وأسواق ومحلات تجارية فنضطر أن يكون الانطفاء عنها لوقت قصير".

وبنفس الوقت انتقد مدير الكهرباء استخدام المواطنين للأعمال الصناعية والتجارية في الليل ،الأمر الذي يأخذ من طاقة التيار الكهربائي، مؤكداً" لو يتم توقيف الأعمال الصناعية والمحلات التجارية من العمل في الليل كسائر بقية البلدان العربية ستقل الانطفاءات ولتم التوفير في الطاقة الكهربائية".

ودعا المهندس حارث العمري" المواطنين الى التعاون في ترشيد الاستهلاك المنزلي واستخدام "لمبات" اقتصادية ليتم التوفير في طاقة الكهرباء.. كما طالبهم بقوله" نحن في الأزمة ونأمل من المواطنين التعاون معنا في ترشيد الاستخدام وعدم استخدام السخانات وغيرها , مضيفاً" لو كانوا يطفئون السخانات فإنها ستوفر 100 ميجا حسب تقرير البنك الدولي".كما طالب أصحاب الأعمال الصناعية بالتعاون في عدم العمل ليلاً".

كما لفت مدير كهرباء الأمانة" الى ان كافة الأدوات الكهربائية التي تدخل اليمن غير مطابقة للمواصفات الأمر الذي يؤدي الى استخدام زائد للكهرباء، وينصح بذات الوقت المواطنين بشراء أدوات بمواصفات جيدة يكون استخدامها للكهرباء قليلا".كما نصح باستخدام "سخان شمسي" ومن خلاله تكون تكلفة الفواتير قليلة".

ورأى العمري أن الحل لمشاكل الانقطاعات سيكون مع دخول المحطة الغازية التي ستقدم 340 ميجا في مرحلتها الأولى وستكون لأمانة العاصمة بداية عملها والذي سيكون حسب تصريحات المختصين في شهر يوليو القادم".

تهديدات مستمرة لشركة بريطانية بقطع الكهرباء:

من حين لآخر تظهر شركة أجريكو البريطانية التي تقوم بتزويد وتغطية أجزاء كبيرة من محافظات عدن، الحديدة، حضرموت، عمران، تعز، سيئون في حضرموت، بالطاقة الكهربائية وفق العقد المبرم بين الشركة البريطانية ومؤسسة الكهرباء اليمنية الحكومية منذ نحو أكثر من عام. لتقوم بتهديد وزارة الكهرباء اليمنية بقطع امداد الطاقة عن الست المدن في حال عدم تسديد مستحقاتها.

وانتقد مسؤولون حكوميون اتجاه وزارة الكهرباء إلى الاستعانة بشركة بريطانية لإمداد الطاقة الكهربائية لست مدن يمنية في الوقت الذي يمكن إنشاء محطتين كهربائيتين بإجمالي المبلغ الذي تدفعه مؤسسة الكهرباء للشركة البريطانية الذي يصل خلال عام واحد إلى مبلغ يقدر بنحو 60 مليون دولار بدلاً من أن يتم الاتفاق بعقد مجحف يستنزف مقدرات البلاد.

يذكر أن الكهرباء اليمنية كانت قد وقعت في منتصف عام 2006 مع الشركة البريطانية عقداً لإقامة محطات لتوليد الطاقة في المدن الست المذكورة ومنها تبيع الشركة الطاقة لوزارة الكهرباء بملايين الدولارات لمدة ثلاث سنوات.

ويعيش اليمنيون وسط وعود واهية تبدد ظلام انطفاءات الكهرباء المتكررة، فمرة بتشغيل الكهرباء بالطاقة النووية، ومرة بالرياح، ومرة بالغاز، وهكذا يعيشوا حياتهم في وعود لا طائل لها.

* صحيفة الناس