ما لا يعرفه العرب عن فوائد زيت الزيتون وعجائبه في جسم الإنسان الضالع: وفاة شابة ووالدتها غرقاً في حاجز مائي غلاء عالمي لأسعار الغذاء إلى أعلى مستوى ست مواجهات شرسة ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز إستعدادات كأس الخليج.. لجنة الحكام باتحاد كأس الخليج العربي تجتمع على هامش قرعة خليجي 26 أول رد من المجلس الرئاسي لوزارة الدفاع السعودية بخصوص مقتل وإصابة جنود سعوديين بحضرموت تقرير: مليون يمني ألحقت بهم أمطار هذا العام أضراراً متفاوتة وضاعفت مخاطر الإصابة بالكوليرا ضبط عشرات الجرائم في تعز والضالع خلال أكتوبر حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها المسلمون في أميركا صوتوا لمرشح ثالث عقاباً لهاريس وترامب
انقلاب الرئيس التونسي قيس سعيد على الوضع السياسي الحالي في البلاد هو أشبه بالشجرة التي تحجب الغابة كما يقول المثل الفرنسي. بعبارة أخرى، يجب عدم الاكتفاء بالنظر إلى ما يحدث في تونس على أنه مجرد صراع بين الرئيس والجيش من جهة وتيارات الثورة والإسلام السياسي من جهة أخرى، بل هو أكبر من ذلك بكثير، ولا يمكن أن يحدث مطلقاً من دون ضوء أخضر ومباركة خارجية من الكبار وأدواتهم العربية والإقليمية في المنطقة.
ما أسخف الذين يهاجمون هذا الطرف العربي أو ذاك واتهامه بأنه يقف وراء الانقلاب في تونس. شيء مضحك فعلاً، وكأن العرب لديهم مشاريع وليسوا مجرد أدوات في مشاريع الآخرين سواء كان ذلك في تونس أو ليبيا أو سوريا أو اليمن أو لبنان أو أي مكان آخر في العالم العربي. لقد قلنا مرات ومرات: لا تلوموا كلب الصيد وتتركوا الصياد. لا تنتقدوا البردعة وتتركوا الحمار.
تعالوا أولاً نتفق على أن ما حدث في تونس ليس حدثاً داخلياً مطلقاً، لأن تونس كغيرها من الدول العربية وخاصة دول المغاربية ما زالت تدور في الفلك الغربي الاستعماري، ولم تحصل على استقلالها مطلقاً. وقد وضع الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي كتاباً مهماً بعنوان «الاستقلال الثاني» يؤكد فيه أن معظم الدول العربية وخاصة بلده تونس مازال مستعمرة تديرها أياد خارجيه، وأن استقلالها منقوص وهو استقلال مبدئي بانتظار تحقيق الاستقلال الثاني الذي لم يحصل بعد. وبناء على هذا الطرح المنطقي والصارخ، فعلينا ألا ننظر إلى الحدث التونسي على أنه حدث داخلي أو مجرد صراع بين تيارات تونسية محلية، بل هو أكبر، وإن الأطراف السياسية المتصارعة داخل تونس هي نفسها مجرد أدوات في اللعبة الكبرى والصراع الأكبر على تونس. وقد كان الأمر واضحاً للعيان منذ سنوات حيث تلاعبت قوى عدة بالوضع التونسي، وخاصة بالانتخابات. وعلى الرغم من أن الصراع على تونس لم يبدو فجاً كما هو في ليبيا مثلاً، إلا أنه كان موجوداً على الدوام، وقد كان البرلمان التونسي ليس منبراً لمناقشة أوضاع التونسيين بقدر ما كان ساحة صراع بين الأعضاء الذين يمثلون هذه الجهة الخارجية أو تلك. بعبارة أخرى فإن الثورة التونسية لم تفرز نظاماً سياسياً جديداً ومتماسكاً بل كرست صراعاً بين قوى الثورة والحرس القديم أو ما يسمى بالدولة العميقة، والطرفان كما كان واضحاً على الدوام كانا يمثلان مصالح وصراعات الخارج في تونس أكثر منه مصالح الشعب التونسي. وأكبر دليل على ذلك أن البلاد وصلت إلى أسوأ وضع معيشي في تاريخها، بينما كان أعضاء البرلمان التونسي يمارسون لعبة صراع الديوك والمناكفات نيابة عن مشغليهم في الخارج.
والسؤال الذي يقفز إلى الذهن على ضوء الانقلاب التونسي: هل يتجرأ الرئيس أو حتى الجيش التونسي على هكذا خطوة من دون ضوء أخضر أو مباركة خارجية إقليمية ودولية؟ مستحيل. إن الصراع في تونس يعكس ببساطة وبوضوح الصراع الأكبر بين المتصارعين على تونس؟ واضح هنا أن داعمي محور الرئيس والجيش والأحزاب الممولة من الخارج قد أقدم على خطوة متقدمة ضد المحور الآخر، وهذا المحور ليس حركة النهضة والإسلاميين بشكل عام كما يدعي البعض، فالمحور الإسلامي المعارض في تونس أصلاً مهيض الجناح منذ البداية وهو ليس أكثر من ديكور في اللعبة التونسية، رغم أن النهضة وأخواتها تنازلت عن كل شيء كي يقبلوا بها، لا بل خلعت ثوبها الإسلامي على مذبح «الديمخراطية» التونسية وقبلت أن تلعب دور الكومبارس والديكور الديموخراطي، مع ذلك لا محل لها من الإعراب. والمضحك أنهم شيطنوا النهضة على مدى سنوات وحملوها كل مصائب البلاد المعيشية والاقتصادية والسياسية، مع أنها صفر على الشمال في لعبة القرار الداخلي.
ويؤكد الدكتور محمد هنيد في تغريدة على أن «محاولة انقلاب تونس ليست ضد الإخوان فهم لا يحكمون ولم يحكموا يوما ولا يصلحون للحكم أصلا. الانقلاب يستهدف التجربة الديمقراطية في بلد عربي ممنوع عليه أن يجرب الديمقراطية بكل تعثراتها لأن الخوف كل الخوف هو أن يستقر المسار الديمقراطي وتتعود الشعوب الحريةَ والمواطنة»
باختصار، فإن التغيير ممنوع في تونس وغيرها ولا يمر إلا المخطط الاستعماري المرسوم، لهذا حوّلوا حياة الشعب التونسي إلى جحيم كي يعود إلى بيت الطاعة. بعبارة أخرى فقد صنعوا الأزمات وعلبوها لإنهاك التونسيين للوصول إلى هدف الانقلاب العسكري الديكتاتوري وبالواجهة رئيس منتخب. عشر سنوات ونصف والحرب الدولية الشاملة المفتوحة من قبل النظام الدولي ومن كل نوع على شعب تونس، كما يقول أحد المغردين التونسيين. وقد نجح المخطط. ويقول مغرد آخر: «ما يحدث في تونس ضربة معلم. خطة جهنمية بتخطيط خارجي وتنفيذ أيد داخلية. تعطيل البرلمان ومصالح الشعب وخلق الفتنة والبلبلة وصراعات مصالح داخله وإيصال الشعب إلى حد الكفر بالبرلمان. بعد ذلك استغلال الأزمة كتبرير للسطو على البلاد وإيهام الشعب الكاره سلفاً لما يحدث بأن الحل في التغيير». إنها لعبة إنهاك وإهلاك وإتعاب وفوضى منظمة على النفس البطيء، وقد بدأت تؤتي أوكلها. إنه انقلاب صارخ على الثورة مع عودة الديكتاتورية التسلطية الدولية على شعب تونس وإعادته إلى حظيرة لطاعة الدولية بأوامر النظام الدولي الحاكم.
باختصار ومن الآخر لا يمكن أن تجري أي انقلابات عسكرية سياسية والإطاحة بالبرلمان وحكومته في العالم إلا برعاية قوة أو قوى عالمية، يضيف آخر. ولا شك أن الراعية والمتعهد الأكبر للانقلابات معروفة للجميع، لهذا لم تطلق أمريكا على ما فعله قيس سعيد وصف «انقلاب» طبعاً لأنه يجري برضاها ومشيئتها. دعكم من قيس سعيد. هذا مجرد واجهة لما يريده ضباع العالم في البلاد.
كنا نظن أن تونس التي دشنت أول حراك ثوري في العالم العربي نجت من الشراك التي نصبها ضباع العالم للثورات العربية، لكننا كنا مخطئين، فها هو مهد الثورات العربية يتحول إلى لحدها. بدأ الربيع العربي في تونس ويريد ضباع العالم أن يدفنوه فيها.