الشيخ حميد الأحمر: على الرئيس أن يخرج من المؤتمر الشعبي العام
بقلم/ علي الجرادي
نشر منذ: 16 سنة و 7 أشهر و 7 أيام
الإثنين 19 مايو 2008 07:59 م

في الصف الأول للمعارضة السياسية ويؤكد التزامه بخط التجمع اليمني للإصلاح، في الصف الأول للقبيلة ويدعو القبائل إلى الحياة العصرية، في الصف الأول لرجال المال والأعمال ويتحدث هنا عن اللغط الذي دار حول مناقصة «سيمنس».. يجمع بين أطراف المعادلة المتباعدة إلى حد أنها تبدو في الواقع اليمني متناقضة، ويرى بعضها مسانداً للبعض الآخر.. الشيخ حميد الأحمر من جديد، وبذات الموقف القديم.

 يرى أن الرئيس هو الأقدر على السير باليمن نحو بر الأمان في حال التزم المنهج الصحيح، ويؤكد أن إسناد الرئاسة في الدورة القادمة لشخصية جنوبية قد يحل كثيراً من الأزمة الراهنة، ويجدد تحذيراته من «الثورة الشعبية» في حال استمرار السلطة بذات السياسات الخاطئة.. ويثير شكوكاً حول ما وراء أزمة الديزل، ويتحدث عن مخاطبته للرئيس بشأن باعوم والقرني والمعتقلين السياسيين، ولا يرى فرقاً بين تعيين المحافظين مباشرة أو انتخابهم بالطريقة التي جرت مؤخراً، وهناك جملة من القضايا والتفاصيل تضمنها هذا الحوار..

*يتساءل الناس أين ذهب الصوت السياسي للشيخ حميد الأحمر صاحب مسألة التحذير من الثورة الشعبية بسبب الأوضاع المتردية والسياسات الخاطئة؟

- الصوت لا زال موجوداً والقناعة ثابتة وقد أكدتها في أكثر من لقاء ومقابلة, فأنا في الصفوف الأولى للمعارضة، ونحن على قناعاتنا السابقة, كما أن الأداء السياسي ليس أداء فردياً، ولكنني عضو في التجمع اليمني للإصلاح الذي يعد أحد أحزاب تكتل اللقاء المشترك وأداؤنا السياسي مستمر بنفس الخط وهو نتاج قرارات كل قياداته وأعضائه ونحن مؤمنون بكل هذه القرارات.

* خفت ظهوركم في الفترة الأخيرة، وذهبت بعض الآراء والتحليلات لإرجاع السبب إلى هدنة عقدت مع النظام، ربما بسبب وفاة الوالد -رحمه الله..

- فقداننا للوالد -رحمه الله- لم يكن سهلاً، لكن لا أعتقد أن له انعكاساً على مواقفنا السياسية، وكوني لا أكثر من المقابلات والمحاورات الصحفية أو انشغلت بعض الشيء لفترة من الفترات فالانشغال لا يعني الغياب..

* لكن البعض يستدل بموقع الشيخ حمير في مجلس النواب، وموقع الشيخ حاشد في وزارة الشباب، ودعم الرئيس شخصياً لأن يكون الشيخ صادق شيخ مشايخ حاشد، وأمور أخرى، هذه المواقع هل تعتقد أنه كان الممكن أن يحصلوا عليها ما لم يكن هناك نوع من الرضا السياسي والاتفاقات؟

- بالنسبة للشيخ صادق توليه موقع والده كشيخ لمشايخ حاشد أمر ليس وراءه أي جهد رسمي للدولة، وهو أمر خاص بقبائل اليمن، وهي المكانة التي حظي بها نظراً لاحترام قبائل حاشد للشيخ عبد الله -رحمه الله-وقناعتهم بشخصية الأخ الشيخ صادق وهو يستحق هذا التقدير لما يتمتع به من الجدارة والقدرة، وأسأل الله أن يعينه وأن يستخلفه لهذا المكان لمرضاته سبحانه.

* لكن مواقع الشيخ حمير والشيخ حاشد ليس لها صلة بالقبائل..

-الشيخ حمير عضو في مجلس النواب وعضو في الكتلة النيابية للمؤتمر الشعبي صاحب الأغلبية.

* أنتم أيضاً في المعارضة منحتموه أصواتكم..

- مثلما كان المؤتمر يصوت للشيخ عبدالله وهو في المعارضة، نحن في المعارضة صوتنا للشيخ حمير وهو في الحزب الحاكم قناعة بنفس المبادئ، وتؤمل المعارضة أن يكون على نهج أبيه الشيخ عبدالله -رحمه الله- وحمير رشح أولاً قبل أن نرشحه نحن أو نصوت له في المعارضة، زكته كتلة المؤتمر وحصل على أغلبية فيها، والشيخ عبد الله كان يرتبط بعلاقات خاصة مع معظم أعضاء مجلس النواب من المؤتمر أو الإصلاح أو الاشتراكي أو غيرهم, وينظر إليهم بنظرة أبوية، ولا شك أنهم عبروا من خلال هذا عن احترامهم للفقيد الشيخ عبد الله، كما أن الشيخ حمير يمتلك قدرات ظهرت خلال هذه الفترة، وإن شاء الله مع الوقت تظهر أكثر.

*هل نحن هنا تقديراً لدور أسرة آل الأحمر، لا يوجد تمايز بين السلطة والمعارضة فقط لوجود الشيخ حميد في المعارضة فإنه دفع المعارضة لانتخاب أخيه لسدة المجلس، آلا يوجد تأصيل لمبدأ الفصل بين السلطة والمعارضة؟

- من قال هذا الكلام؟ نحن نافسنا على منصب النائب، لم نتخل عن المنافسة على منصب النائب حتى يقال إننا تخلينا عن مبدأ تنظيمي حزبي، نافسنا على هذا المبدأ وهناك كان المفترض ثلاثة نواب وكل عضو من أعضاء المجلس يستطيع أن يصوت للثلاثة، نافسنا على موقع رئيس المجلس، ثم نافسنا على موقع من المواقع الثلاثة لأحد النواب، وكان من الطبيعي أن نصوت لشخص أو شخصين آخرين.

*موقع الشيخ حاشد ألا يأتي في هذا الإطار؟

-الشيخ حاشد يحمل مؤهلاً جامعياً، ولديه قدرات إدارية طيبة، وتولى العمل في نفس المجال الذي عين به قبل فترة بجهود فردية وشخصية، فهو كان رئيس الاتحاد العام للفروسية، وهو من أنشأ هذا الاتحاد ومن أكثر اليمنيين خبرة في هذا المجال كهواية، ومعرفته بالفروسية وإدارتها وآلية عملها، وتعيينه في الشباب والرياضة ليس مستنكراً، فهو يمتلك قدرات مثلما يمتلك الكثير, وكون ذلك يأتي أيضا كنوع من التقدير للشيخ عبدالله فهذا أمر محمود، وأعتقد أن تعيين أحد أبناء الشيخ عبد الله -رحمه الله- في منصب مثل منصب نائب وزير هو أقل ما يمكن أن يقدر به، لكني أؤكد لك أن الشيخ حاشد مستحق لهذا الأمر نظراً لما قد قطعه من شوط في هذا المجال، وهذا ليس الأمر الذي ييبرر القول بأن هناك صفقة عقدت بين أبناء الشيخ عبد الله وبين الدولة من أجل أن يضع أحدهم نائب وزير.

* لا يستحق هذا الأمر أن تعقد من أجله صفقة..

- كل المناصب لا تستحق أن يتم المساومة بها على المبادئ أياً كانت هذه المناصب.. بإذن الله -وأنا على ثقة بإخواني- لن تجدونا مساومين على مبادئنا من أجل المناصب، ولست بصدد إثبات جدارة أبناء الشيخ عبدالله -رحمه الله- بهذه المواقع، ولكن فقط أجيب على تساؤلك.

* ثمة أخبار تداولتها الصحافة اليمنية عن نوع من الاسترضاء السياسي لحميد الأحمر بتمكينه من المرحلة الثانية عبر شركة سيمنس في محطة الكهرباء بمأرب..

- آلمني كثيراً ما تداولته بعض الصحف من أن الموقف السياسي لحميد الأحمر يمكن أن يتغير من أجل أنه حرم من مناقصة، أو أعطيت له مناقصة، وأنا لم أشأ في كل الفترات السابقة أن أشكو مما تعرضت له أعمالي من محاربة كبيرة لا تخفى ولا تنكرها حتى السلطة، وما هي هذه المناقصة التي يمكن أن تكون العوض. كم عساها تكون أرباح حميد الأحمر من خلال هذه المناقصة وغيرها؟ أؤكد لك أن الأمر غير صحيح..

الذي استغربته أن بعض الصحفيين الذين تهجموا لم يتسائلوا لماذا أوقفت المناقصة في الأساس؟ لماذا لم ترس محطة الكهرباء على شركة سيمنس التي أمثلها عندما أعلنت المناقصة في البداية؟ ومن باب الإيضاح شركة سيمنس إحدى الشركات العالمية الكبيرة في مجال تصنيع معدات توليد الطاقة الكهربائية، اشتركت -ونحن ممثلون لها- في المناقصة الدولية التي أعلنتها الدولة للمرحلة الأولى لتوليد الطاقة الكهربائية بالغاز، الغاز الذي تمتلكه الدولة مجاناً وهذا سيوفر على الدولة الكثير من الإنفاق الذي يتم من خلاله توليد الطاقة بالديزل والمازوت، وهذا أمر قد تأخر كثيراً فقدمت وكالة شركة سيمنس أفضل العروض، وبعد أخذ وعطاء وبعد عجزهم عن إيجاد أي ثلمة في هذا العرض تم التوقيع مع شركة سيمنس لتنفيذ المرحلة الأولى، وكان عرضها هو الأرخص من بقية العروض والأرفع -في ذات الوقت- من حيث المستوى الدولي.

*حين زار اليمن المستشار السابق شرودر؟

- وقعها في اليمن الوزيران بحضور المستشار شرودر والأخ الرئيس على أساس سيمنس تأخذ التوسعة للمرحلة الثانية، أعطيت لها بشكل رسمي إلا أن الدولة طلبت أن توفر شركة سيمنس جزء من التمويل كقرض مع أنه لا يفترض أن يكون شرطاً لأن المصنع لا يجب أن يكون ممولاً، ومع هذا سعت سيمنس مع الحكومة الألمانية لتوفير جزء من هذا القرض، وقدمت العروض ووقتها كنا قد بدأنا بحملة الانتخابات الرئاسية، فصدر أمر للوزارة بإلغاء التوقيع السابق مع سيمنس لتوسيع المحطة وعمل مناقصة جديدة اشتركت فيها نفس الشركات التي اشتركت في المناقصة الأولى المؤهلة، وقدمت الشركات عروضها -بناء على هذه الدعوة الجديدة- بما فيها سيمنس ومنها التمويل, وحصلت سيمنس مرة أخرى على المرتبة الأولى بينها، إلا أن ذلك التحليل لم يتم إلا بعد الانتخابات الرئاسية، وقد صدرت الأوامر مباشرة بالحظر على أعمال حميد الأحمر، وبدأ التلكؤ، فذهبت بعد الانتخابات لوزير الكهرباء وكان حينها د. مجور وذهبت لباجمال وللأرحبي أحذرهم من أن التأخير بالبت في مناقصة المرحلة الثانية فيه خسارة كبيرة على اليمن، وأن العرض الذي لديهم من سيمنس لا يمكن أن يعوض ولا يمكن أن يحصلوا على أفضل منه، وأن اليمن تتكبد خسارة بسبب التأخير خمسة وعشرين مليون دولار شهرياً على الأقل.

* لماذا تخسر اليمن هذا المبلغ؟

-الخمسة والعشرون مليون دولار هي فارق قيمة الديزل إلى الغاز، الغاز المجاني إلى الديزل المستورد أن يعجلوا هو الأفضل، ومع هذا أصروا وقالوا لا، لابد أن نعيد المناقصة للمرة الثانية وبدون سبب وجيه متجاهلين تلك التحذيرات مع أن التقرير الذي صدر من الاستشاري يقول لهم بأن إعادة المناقصة ستعني أسعاراً أكثر ارتفاعاً، بعدها ذهبت إلى وزير الكهرباء الحالي بعد التعيين الجديد وأبلغته أنني أشعر أن هذه المناقصة ستعاد لأن حميد الأحمر وكيل لسينمس، وأنا مواطن يمني قبل أن أكون رجل أعمال، وعرضت عليه أن أتنازل رسمياً وقانونياً عن عمولتي في هذه المناقصة للخزينة العامة للدولة ولكن لا توقفوا هذه المناقصة، طالباً أن لا يعيدوا المناقصة لأن الإعادة ستخسر اليمن حوالي سنة انتظار وتأخير، وكل شهر فيه خمسة وعشرين مليون دولار، يعني ثلاثمائة مليون دولار والعرض كان بمائتين مليون دولار، مع هذا فالأخ الوزير لم يقم بما عليه، كما لم يقم باجمال -شفاه الله- ولا الأستاذ مجور ولا الأرحبي بما عليهم، وهم يفهمون أفضلية عرض سيمنس وخسارة التأخير على اليمن، وأعادوا المناقصة وأنا حذرتهم أن سيمنس لن تشترك في هذه المناقصة، وأتت العروض كما كان متوقعاً وأقل عرض فيها كان أكثر من عرض سيمنس بمائة مليون دولار، ولا يصل إلى مستواها الفني.

*وهل بتوا فيها؟

- لم يبتوا فيها حتى اليوم، والأخ الرئيس اتصل بي قبل وفاة الوالد -رحمه الله- ويقول أنا أريدك أن تبذل جهدك من أجل إقناع سيمنس أن تقدم عرضاً وكرر الاتصال بي أكثر من مرة وطلبني أكثر من مرة , ولم يحصل أن اتصلت مرة بالأخ الرئيس من أجل هذا الأمر بل هو من اتصل بي، ولبيت طلبه حرصاً على تحقيق مصلحة عامة للبلد، وسيمنس كانت رافضة تقديم عرض في المناقصة الجديد من الأساس، والمسألة ليست ما الذي سيكسبه حميد الأحمر، بل كانت ما الذي ستكسبه الدولة؟ فاليوم أطالب من خلالكم التحقيق في من تسبب بأن تخسر اليمن أكثر من أربعمائة مليون دولار لسبب سياسي وليس لسبب حقيقي، واليمن هي الخاسرة من هذا التأخير، أما سيمنس ليست مكسباً لحميد الأحمر، الكاسب الأول هو البلد.

* الآن ما هو الحاصل في هذا الموضوع؟ أين وصل حتى الآن؟

-مترددون حتى الآن.

*الحديث عن الأرقام والاستثمار يدفعني للحديث عن الاقتصاد بشكل عام.. الغلاء العالمي كان مبرر رفع الأسعار بصورة كبيرة جداً، لكن الانخفاض العالمي بنسبة 40% لم يحضر كمبرر يستدعي التخفيض.. كيف تنظر للأمر؟

- الغلاء طاحن ومقلق ومؤلم ونسبة الفقر في اليمن تزداد اتساعاً وهذا أمر كارثي سيؤدي إلى ضغط كبير على مناحي الجوانب المختلفة للعملية التنموية، هناك غلاء عالمي فعلاً إنما هناك تقصير محلي كبير جداً، لأننا دولة زراعية، هذه السنين الطوال التي مرت لم تكن هناك أي خطة جادة من قبل الحكومات المتعاقبة على أن نصل في اليمن إلى مرحلة الاكتفاء الغذائي الذاتي.. جيراننا استصلحوا الصحارى ونحن البلد المهيأ بأراضيه الزراعية نكتفي باستيراد القمح من كندا وغيرها دون أن ندرك أن من لا يملك غذاءه لا يملك قراره.. أيضاً الجوانب الأخرى التصنيعية، مثل الصناعات التي توفر الاحتياجات من المواد الغذائية الأخرى، لم نبن أسس اقتصاد قادر على أن يخفف من وطأة الأزمة.

* هل لديكم تفسير يوضح أسباب أزمة الديزل واستمرارها بهذا الشكل؟

- أستغرب مما حصل مؤخرا من أزمة الديزل, مع أن حجم الاحتياج المحلي للديزل معروف, ولم تحدث أي زيادة مفاجئة في الاستهلاك المحلي, وجزء كبير من موازنة الدولة مرصودة لدعم المشتقات النفطية, فما مبرر هذه الأزمة؟

أنظر إلى ذلك بكثير من الريبة خاصةً في ظل انعدام الشفافية حول أرقام الموازنة الخاصة باستهلاك ودعم المشتقات النفطية, ووجود شكوك كبيرة تقول إن الأرقام المعلنة مبالغ فيها, وقد تكون الأزمة الحاصلة مؤخرا مفتعلة لتبرير سحب مبالغ إضافية من موازنة الدولة تحت حجة الدعم, خصوصا وأن المؤتمر يعد نفسه للانتخابات النيابية والتي يراهن على المال العام والوظيفة العامة للفوز بها كما هو دأبه, وهذا ما يبرر تهربه من إصلاح الآلية الانتخابية والإصلاح السياسي في البلد.

* هل هناك استدراك لهذه السياسات الفاشلة في هذه المجالات الاقتصادية؟

- أريد أن أكمل جانب الغلاء العالمي الذي تعاني منه كثير من الدول، من أسبابه الأساسية ارتفاع قيمة النفط والذي استفادت منها الحكومة اليمنية على شكل زيادة في إيرادات الحكومية، وهي التي فشلت في أن تهيئ الاقتصاد اليمني لمواجهة التقلبات الدولية، ومن وجهة نظري ليس من حق الحكومة اليمنية أن تتصرف في فوائض أسعار النفط قبل أن توجه هذه الفوائض نحو معادلة أثر ارتفاع الأسعار العالمية على الشعب اليمني وخاصة الفئات الفقيرة، وهذا الأمر يعني إما إعادة دعم المواد الغذائية الأساسية أو صرف الإعانات المالية المباشرة للشرائح الفقيرة بشكل نظيف وبشكل نزيه فهذه المليارات التي رفدت بها الخزينة العامة هي في الأساس من حق الشعب مقابل الضرر الذي حصل عليه في الغذاء.. بصورة عامة لا زال السير في تخبط، النظام السياسي عندما يكون فيه اختلال واحتقان وفيه تأزم لا يستطيع أن يعالج جزئيات إدارات الدولة بكفاءة..

* أنت من دعاة الإصلاح السياسي كمدخل للإصلاحات الاقتصادية..

- لا يمكن الفصل بين الاثنين.. عوامل الجذب تكون للدولة، وعوامل تنفير الاقتصاد تكون للدولة، والدولة محكومة بالسياسة العامة، والسياسة العامة هي التي تهيئ المناخات السلمية للتنمية الاقتصادية والمجتمعية في جميع المناحي، وهي التي تكون عاملاً طارداً، وهي التي تساهم في حل الأزمات أو إيجادها، نحن نعيش أزمة سياسية خانقة، هذه الأزمة تضيع جهود اليمنيين بدلاً من أن يكونوا صفاً واحداً لمواجهة الصعاب الداخلية والخارجية، وإذاً فالعجلة تتوقف عند الجانب السياسي الذي بيد السلطة أن تصلحه، وهذا الإصلاح ليس منها منحة وليس مكرمة وإنما امتثال لأسس قيام الدولة.

* كمشترك وصلتم إلى ما يشبه الطريق المسدود في كل الحوارات والمفاوضات التي أجريتموها والاتفاقات الموقعة بينكم، في هذه النقطة تحديداً هذا الانسداد السياسي بين السلطة والمعارضة إلى أين سيقود البلاد؟

-يتحدث الإخوة في المؤتمر عن الحوار وأن المشترك يرفض الحوار، ما هو الرفض الذي يصدر من المشترك تجاه الحوار؟ نحن وقعنا معهم اتفاقيات بعضها تمت برعاية دولية بشأن إصلاح الأوضاع السياسية والانتخابية التي قد تكون مساهمة بشكل كبير في إزالة الاحتقانات وتعيد الأمور إلى نصابها، ما الذي سنتحاور عليه إذا لم تنفذوا ما عليكم؟ حذرت في السابق أن إغلاق الأبواب أمام التغيير السليم والإيجابي والسلمي قد يدفع إلى ثورة شعبية، ولا أعتقد أن أحداً يختلف معي أن ما يحدث اليوم في بعض المناطق اليمنية والمحافظات إنما هو بوادر جادة وقوية للثورة الشعبية هذه، مع أنني تعرضت للهجوم عندما قلت هذا.. اليوم أنا أؤكد أن بقاء التأزم السياسي وتجاهل الحقوق السياسية للشعب اليمني واستمرار تأزيم الأوضاع من الجوانب المختلفة، والمجازفة بإلغاء حقوق الشراكة في صنع قرار البلد كأبناء ومواطنين وتنظيمات ومكونات لهذا المجتمع ستؤدي حتماً إلى ثورة شعبية.

* هل ما يجري في صعدة يمكن إدراجه في خانة «الثورة الشعبية»؟

- ما يجري في صعدة جرح مؤلم، ونتاج أخطاء تراكمية، وأيضاً نتيجة من نتائج عدم وجود الشفافية الكاملة وعدم سيادة دولة الدستور والقانون، وإتاحة الفرصة للاجتهادات التي قد لا تكون صائبة سواء من قبل السلطة أو من بعض الجهات والأفراد، أمر مؤلم ومخيف بالنسبة لليمنيين وأنا قبل عدة سنوات في مقابلة مع صحيفة الوسط طلب مني رأي حول موضوع الحوثي في فترة الحرب الأولى وموضوع القاعدة طرحت من وجهة نظري مع خطورة كل القضايا تلك أن ما أشعر به من قلق هو قضية صعدة، هي التي تشعرني بالقلق والخوف أكثر من غيرها من القضايا، نحن اليوم أمام بوادر حرب خامسة لا سمح الله وقد أزهقت آلاف الأرواح من أبناء اليمن، وحصل تغيير وشرخ في نفسيات اليمنيين بشكل ما كنا نتمناه.

*إذاً أنت تقصد بالثورة الشعبية ما يحصل من حراك سلمي في المحافظات الجنوبية وأيضاً بعض فعاليات المشترك.. هل هذا مقصودك؟

- هذا جزء منه، والحراك ليس فقط في المحافظات الجنوبية، أيضاً في المحافظات الشمالية، قد لا يسلط الإعلام الأضواء على ما يكون من حراك هنا وهناك، لكن يبدو أنه في المحافظات الجنوبية أكثر من غيرها في اليمن بسبب الاعتبارات الوحدوية، بسبب ما قد يكون أصاب جسم الوحدة اليمنية من شروخ نفسية تحتاج إلى ترميم ومعالجة صحيحة وصادقة وجادة وسريعة. 
 

*هذا الحراك ارتبط ببعض الشوائب مثل الدعوات للانفصال وتقرير المصير، هل هذا يندرج ضمن المطالبة بنوع من تأهيل النظام السياسي أم ماذا برأيك؟

-من المحزن أن يصل الوضع في اليمن إلى أن نسمع ببعض الآراء والدعوات إلى الانفصال، واليمن قد توحد وهي نتاج للشعور بعدم الرضا، بالظلم، بالغبن، بعدم وضوح أمور الواقع والمستقبل، خيبة أمل، أقول لا أشك أن كل اليمنيين وحدويون حتى من تصدر منه بعض الدعوات الانفصالية من وجهة نظري يمكن أن أضرب مثلاً لمن يدعو للانفصال، إذا قصدتك إلى بيتك وعرضت عليك أن تأتي معي لنذهب ونعيش في بيت أوسع وأكبر وأجمل, فيه كل ما نحتاجه، محمي، يسعنا جميعاً، وسنعيش برغد بدلاً من أن يكون كل منا في بيت صغير، فتأتي معي وأنا أقود سيارة الذهاب للوصول إلى هذا البيت، أتوقف بك وسط الطريق أو أظل أسير معك من مكان لآخر دون أن أوصلك إلى هذا البيت الذي وعدتك به, وذلك كي أظل أنا أقود هذه المركبة التي ستوصلنا إلى البيت الذي يسعنا جميعاً، لا أستبعد أن تقول يا أخي لم أعد بحاجة لهذا البيت الجديد ردني إلى البيت الأول.. خيبة أمل، ولأنه ليس من الصحيح أن يفقد الإنسان ما معه ولا يصل إلى ما يريد فعلى الأقل ردني إلى حيث ما كنت، فأقول لن نرجع إلى حيث ما كنا, بل يجب أن تصل هذه المركبة إلى هذا البيت الجديد الذي يسعنا جميعاً الذي يحمينا من شرور الزمن الذي نكون منه في منعة، وفي رفاه بإذن الله، والأخطاء التي لم توصلنا يجب أن نوقفها.

*لك لقاءات مع كثير من القيادات الجنوبية المتواجدين في عدد من الدول الخليجية والعربية، هل لمست أن هناك توجهاً جاداً للانفصال والتراجع عن الوحدة؟

- لي علاقة ببعض القيادات المتواجدة خارج اليمن وعلى رأسها الأخ الرئيس علي ناصر محمد والمهندس حيدر أبو بكر العطاس، تجمعنا بعض اللقاءات من وقت لآخر، وهؤلاء ممن ساهموا إسهاماً كبيراً في صنع الوحدة اليمنية، كيف يمكن أن يتخلوا عنها؟ وما وجدناهم إلا حريصين عليها، وأعتقد أن علينا أن نحسن الظن بالجميع وأن نزيل موانع أن يشترك أبناء اليمن في مناقشة وحل أوضاعهم بشكل سليم وصحيح.

*اقترحت في حوارات سابقة أن يكون الرئيس جنوبياً لإزالة الاحتقان وتم تعيين عدد كبير من هؤلاء القيادات في مواقع شتى، هل هذا الرأي لا يزال قائماً لديك أم استجدت بعض الرؤى؟

- الوحدة اليمنية ثابتة من الثوابت، وحقيقة من الحقائق، لا يجوز المساس بها، ومن غير الممكن أن يعود اليمنيون للتعادي والتباعد، إنما علينا أن نواجه ونعالج القضايا التي تمس قضايا الوحدة الوطنية بشكل صادق وجاد، والتي تؤثر على النسيج الوحدوي اليمني والنسيج الاجتماعي وعلى السلطة العبء الأكبر بحكم أنها ارتضت لنفسها أن تكون في موقع السلطة، والحل في أن نحترم أسس ومبادئ قيام الدولة اليمنية دولة الوحدة وأن نصلح الأخطاء السابقة التي وقعنا فيها، ونعترف بحقوق من له الحق، وأن نبني دولة المؤسسات دولة النظام والقانون الدولة المدنية التي يسود فيها العدل والمساواة والإخاء..

* ماذا عن قضية الرئيس الجنوبي؟

- عندما سئلت في حوارات سابقة لو كنت في موقع رئيس الجمهورية، سألني الصحفي هل أنا مع أن يتنازل الرئيس لرئيس جنوبي؟ فرديت بقناعتي ولا زلت على نفس القناعة، الوحدة الوطنية قد لحق بها بعض الخدوش، ومن المهم وضع المعالجات الجادة والصادقة ومن هذه المعالجات أدعو أن يكون الرئيس القادم لليمن بعد انقضاء ما تبقى من سنوات ولاية الأخ الرئيس التي تعتبر الولاية الأخيرة رئيساً جنوبياً، أما قضية أن يتنازل الآن لرئيس جنوبي أو غيره فهذا شأنه وهو أمر لا بد في الأخير أن يمر بشكل انتخابي وسليم.
 

* ألا ترى أن هذا نوع من المحاصصة الجغرافية التي يجب أن يكون فيها اليمن تحت مظلة مؤسسات وتعطي كل صاحب حق بالتساوي بين أبناء اليمن، لماذا تكون المحاصصة الجغرافية هي أحد الحلول؟

- لأن الوحدة اليوم متهمة بأنها السبب فيما نحن فيه، إنما ليست هي الوحدة، هي الممارسات الخاطئة والمحاصصة التي تتحدث عنها وما أشرت إليها أنت إلى التعيين من بعض أبناء وأقارب القيادات الجنوبية وهذا اعتراف حقيقي بأن هناك خطأ، الأخطاء موجودة.

الوضع السليم أنه بعد 18 سنة من الوحدة اليمنية ما كان ينبغي أن تكون مثل هذه القضايا موجودة على الساحة، لكن الحقيقة أنها موجودة ولا زالت قائمة وهناك مشاعر سلبية نتجت عن الشعور بعدم الرضى وبالظلم وبالممارسات الخاطئة لا بد لها من علاج، وأعتقد أن جزء من أدوات العلاج أن نؤمن حقيقة إذا كانت القضية لتثبيت أو لإزالة بعض هذه المشاعر السلبية بأن يكون الرئيس القادم رئيساً جنوبياً وهذا أمر طبيعي.

* هناك أيضاً من أبناء الشمال من يقول على الرئيس أن يتخلى عن موقعه الحزبي بحيث يكون رئيس لأبناء اليمن كيف يستقيم هذا المعنى؟ ما هو الحل السياسي من وجهة نظرك لمشاكل اليمن التي لا تخلو منها محافظة أو موقع جغرافي؟

- واضح أن المؤتمر أصبح عبئاً على الدولة وعلى الحكومة وعلى الأخ الرئيس, لا يحتاج هذا إلى استدلال، ما طرحتَه فيه حكمة كبيرة، أنا شخصياً ومن خلالكم أدعو الأخ الرئيس وأرى أن من حلول الوضع السياسي المتأزم القائم أن يتخلى عن حزبيته وأن يخرج من المؤتمر الشعبي وأن يتفرغ فيما تبقى من سنوات ولايته الدستورية القائمة لبناء اليمن الحديث.

* هل تريدون كإصلاح أن يكون أقرب إليكم؟

- الإصلاح والمشترك أصدق لمصلحة الوطن من كثير من القيادات المؤتمرية، وهذه أصبحت قناعة متزايدة عند أعداد كبيرة من جماهير البلاد بعد أن جربوا المؤتمر الذي يحكم طيلة هذه السنوات كحزب حاكم، والأخ الرئيس ارتبط به كثير من الأحداث الكبيرة والعظيمة في تاريخ اليمن الحديث طيلة 30 سنة وعليه أن يرسخها، عليه استكمال المشوار, إكمال بناء دولة النظام والقانون، دولة المؤسسات, وكما تعلم فقد كان إكمال المشوار أحد المبررات التي ساقها المتظاهرون أمام الأخ الرئيس لثنيه عن عدم الترشح في الانتخابات الأخيرة، بغض النظر هل كان وجودهم عفوياً أم مدفوعاً لإكمال المشوار.. ما هو إكمال المشوار؟ إكمال بناء الدولة اليمنية السليمة الصحيحة المطمئنة المستقرة التي يسودها نظام وقانون، وهذا في ظل عبء التحزب وأعباء المؤتمر الشعبي لا يمكن أن يستقيم، وأنا أعتقد أن الرئيس لن يستطيع أن يجمع خلال السنوات القليلة المتبقية عبء بناء الدولة وعبء الانحياز للمؤتمر وحماية المؤتمر وتسمين المؤتمر.

* عند كل منعطف للمطالبة بالحقوق هناك خطاب سياسي يذكرنا بالصومال والعراق، وهذا واضح في الخطاب الرسمي في الوقت الذي كان هناك نضال سلمي قد يدخل السجون والمعتقلات كما هو شأن القرني أو غيره من القيادات الجنوبية الموجودة في السجون؟

- اليمن ليست العراق وليست الصومال، والبعض يقول إن هذه الإشارات تهديدية، فإن كان مثل هذا هو الواقع فهو أمر مشين وليس مقبولاً، لا يمكن أن يتكرر سيناريو العراق في اليمن لأن اليمن مغلقة بأبنائها الأقوياء على أي غزو، لا خوف أن يأتي هؤلاء لاحتلال اليمن، إن شاء الله أبناء اليمن يحمونها.
 

* التهديد من جهة إذا حكمت المعارضة؟

- أكمل أولاً هذه النقطة.. بالنسبة للصوملة، اليمن فيها مؤسسات قوية لا تحكمها الطائفية ولا العشائرية، ليست القبيلة هذه ضد القبيلة تلك، اليوم نحن نجتمع في المشترك ليس من المناطق المختلفة لليمن فقط لكن من المشارب الفكرية المختلفة، نجتمع من أجل اليمن، فمن الذي يمكن أن يقاتل من؟ أي عشيرة يمكن أن تتقاتل مع العشيرة الأخرى حتى تكون صاحبة الغلبة، اليمنيون قد تعدوها، اليمن بلد حضاري على مر العصور والذي يراجع تاريخه يجد أنه كان قادراً على أن يقف ويصمد أمام كثير من المنعطفات، تغيير حكم أو خروج حزب من مكان لا يعني سقوط الدولة أبداً.

كما أن لدينا مخرجاً وهو إصلاح النظام السياسي والآلية الانتخابية وإعادة الأمل للناس والاعتبار للبلد ولمؤسساته وليختار الناس من يريدونه، لكن أن لا يكون هناك أمل بالمستقبل وأن لا يكون هناك ثقة بالعملية السياسية برمتها وأن تتحول الديمقراطية إلى أمر شكلي، هذا واحد من مكامن الخطر الكبير الذي يجب أن نتجاوزه، أنا أؤكد أن الأخ الرئيس في الفترة القادمة الأقدر إذا ما سار في الطريق الصحيح أن يعجل بالوصول إلى بر الأمان، كما أن عدم سيره في الاتجاه السليم سيجعل عملية الإنقاذ في اليمن أكثر صعوبة، وهو مدعو بأن يقوم بواجبه التاريخي والدستوري في هذه المرحلة الهامة.

* أنتم تعلقون الأمل والفشل على السلطة، في المقابل أين دور الآخر؟

- الأحزاب التي تتحدث عنها تقوم بما عليها مع أنه ضُيّق عليها، ومُنعت من ممارسة كثير من حقوقها، حصل تمايز وتمييز ضدها لمصلحة الحزب الحاكم الذي جعل الدولة هي الحزب الحاكم والحزب الحاكم هو الدولة وهذا يتنافى مع مبدأ التعددية الحزبية، مورس ضد هذه الأحزاب بعض الإجراءات السياسية التي ليست معتادة في الأداء السياسي الديمقراطي التي تهدف إلى إنهاء الآخر وليس كسب تأييد الشارع في جولة انتخابية، وهذا أمر أدى للتأزيم وإلى اللجوء إلى صاحب الحق وهو الشعب والذي للأسف يمارس ضده عندما يمارس بعض حقوقه الديمقراطية انتهاكات للحريات وقد أشرت إلى الاعتقالات والقمع، وهذا أمر في غاية الخطورة ولا يخدم البلد ولا يخدم حتى السلطة، يجب أن يحترم حق التعبير, يجب أن يحترم الحق السياسي لكل مواطن وتنظيم وناشط شريطة أن يكون مقيداً بالقانون، القانون بمعناه الحقيقي الذي يلبي احتياجات بناء الدولة وهنا أحذر الإخوة في كتلة المؤتمر صاحبة الأغلبية: إن امتلاكها للأغلبية داخل المجلس لا يعني ولا يعطيها الحق أن تشرع وفقاً لمصلحة التنظيم بل أن تشرع وفقاً لما يحتاجه البلد، لها الحق أن تغلب رؤيتها في إطار النهج الفكري، أما أن تكون التشريعات بما يحقق مصلحة التنظيم فهذا نسف للعقد الاجتماعي، نسف لأساس هام وهو المرجعية القانونية والدستورية، يجب أن لا أن ننقض عرى الدولة اليمنية بهذا الشكل.

* المؤتمر سياسياً تمخض عن حلول يعتبرها جذرية للاحتقانات وهي انتخابات المحافظين من الهيئة الناخبة ذات الأغلبية المؤتمرية، أنتم قاطعتموها كمشترك، هناك من يطلق عليها التعيين بالانتخاب؟ كيف ترى كمبدأ انتقال صلاحيات اختيار المحافظ من رئيس الجمهورية إلى الهيئة الناخبة ألا تعد خطوة طيبة في الحكم المحلي؟

- هذا ما طالب به المشترك وقطاعات واسعة من أبناء الشعب ومؤسساته وهو تحقيق لمبدأ اللامركزية وتعزيز الحكم المحلي والمبدأ من حيث هو مبدأ مطلوب ومرغوب، إنما بالطريقة التي خرجت الآن لا يلبي الطموح لأنه تم بشكل متعجل لم يلتفت لحق الناخب الفعلي في انتخاب من يمثله كمحافظ، لم يتم تغيير صلاحيات المحافظ المنتخب عما كان عليه أثناء التعيين.
 

* ستصدر الحكومة مجموعة قرارات إدارية ومالية لمنح المحافظين الصلاحيات المطلوبة..

- الحكومة ليست صاحبة الحق، إذا كنا نتكلم عن تشريع فالتشريعات هي التي ستعطي الحق وتحدد العلائق، هذا المحافظ اليوم آلية أو إجراءات انتخابه يشوبها كثير من الثلمات والأخطاء وقد تتعرض للمزاجية، والهيئة الناخبة محدودة وهناك على سبيل المثال من الأخطاء لم يكن أبناء المحافظات يهتمون بأبعاد تكوين المديريات، قد تأتي منطقة صغيرة وتطلب أن تكون مديرية، وهناك مديريات يسكنها خمسة آلاف شخص، وهناك مديريات يسكنها مائة وخمسون ألف شخص، التي يسكنها خمسة آلاف لها 18 عضواً، والتي يسكنها مائة وخمسون ألف لها 26 عضواً، إذاً الخمسة آلاف صوتاً وفقاً لهذه الآلية الانتخابية يساوي صوت المائة والخمسين ألفاً، فهل هذا نظام صحيح؟ هل يمكن أن يتم القبول به ونعتبر أن الأمر شأن المؤتمر؟ بدلاً من أنه كان يعينهم تعييناً مباشراً أصبح يشرك بعض قواعده الحزبية في التعيين، أما أنه لبى المطلب الشعبي بانتخاب المحافظين انتخاباً حراً فهذا ليس تغييراً، اليوم قلت إنك ستنتخب المحافظ والأمين العام منتخب وعندك هيئة إدارية منتخبة، المفترض أنهم قادرون أن يسيروا شؤون دولة وليس محافظة، ومع هذا تجد في بعض المحافظات عشرة إلى عشرين وكيلاً ووكيلاً مساعداً، فلتكن واحدة من حسنات الآلية الانتخابية المجتزئة أن نعيد الاعتبار للوظيفة العامة داخل المحافظة، أن نقلص أو ننهي شيئاً اسمه وكيل محافظة، ما فائدة وجود وكلاء محافظة وهناك رؤساء اللجان في الهيئة الإدارية، لا حاجة للوكلاء أبداً وبهذا الشكل الكبير.

* هو جزء من امتصاص التذمر السياسي وتوفير مواقع ومرتبات للأشخاص لإسناد النظام سياسياً؟

- لا يجوز أن تطلب السند السياسي بالمال العام ولا بالوظيفة العامة ولا بالإرباك ولا بتفتيت المسئولية وضياعها, ولا بإهدار المال العام، سيارات وإيجارات، مع كل احترامنا لكل الوكلاء والمدراء وبعضهم يستحق أن يكونوا محافظين ووكلاء وزارات ومدراء عموم, ومن كان مستحقاً شيئاً فعلى الدولة أن تنصفه وتعطيه حقه, أنا لو كنت وكيل لمحافظة وهناك خمسة عشر وكيلاً آخر سأشعر بالإهانة، ما هو عملي وأنا واحد من هذا الجيش!؟

* يعني أن اليمن لا زالت في النفق المظلم الذي تحدث عنه الشيخ الوالد؟

- الشيخ -رحمه الله- عاش من أجل اليمن طيلة حياته، ولله الحمد عبر اليمنيون عن تقديرهم له ولما قدمه من أجل اليمن وكان ناصحاً عندما حذر من الدخول في النفق المظلم، وشنت عليه تلك الحملة التي لم يكن يتوقعها أحد لمكانته وعلاقته مع النظام، أما اليوم فنحن في وسط النفق المظلم, وعلينا أن نكون صادقين كي نتلمس الطريق للخروج منه.

* هناك تكهنات حول علاقة أبناء الشيخ عبدالله بالمملكة السعودية بعد وفاة الوالد كيف ترى هذه العلاقة؟ هل لا زالت بثقة كبيرة؟

- سبق وأشرت في مقابلات سابقة أننا معتزون بالعلاقة التي ربطت الشيخ عبد الله رحمه الله بالمملكة وهي العلاقة التي لم تستخدم إلا لخير اليمن وللملكة، ونعتز بما نشعر به من مودة ورعاية لدى الأسرة الحاكمة الكريمة في المملكة تجاه أخيهم الشيخ عبد الله -رحمه الله- وأبنائه وسنعمل جاهدين للحفاظ على هذه المودة واستخدامها لصالح اليمن وخير اليمن ما استطعنا، وقد وجدنا خلال هذه الأشهر الماضية كل الرعاية والمودة من إخواننا وأشقائنا في المملكة وكل الوفاء وهو أمر غير مستغرب وإن شاء الله يكون الشيخ صادق وإخوانه قادرين على أن يخدموا دينهم ووطنهم ومنطقتهم مقتنعين بالشرع وهدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- والنهج الذي سار عليه والدهم -رحمه الله- وأن يصلوا من كان يوده، ويبروا بمن كان يبره، وهذا ما أؤمله، فلله الحمد هذه المودة التي ربطت الشيخ مع المملكة محفوظة من الجانبين.

* طلبت من الأخ الرئيس الإفراج عن فهد القرني بضمانتك الشخصية، هل دائماً كقيادة إصلاح ومعارضة تفضلون الحلول الودية الشخصية مع الرئيس في القضايا العامة وهي قضايا حريات؟

- ليست حلولاً فردية ولا ودية، وجدت أنني قادر أن أتواصل مع الرئيس في هذه الفترة ويهمني الحراك السياسي وموضوع الحريات العامة، وتربطني علاقة مودة بالأخ فهد وعلاقة نضال مشترك مع كل المعتقلين وقد نصحت الأخ الرئيس أن من الأصوب أن يعمل القانون في هذه القضية وغيرها، وإذا كان يريد محاكمة القرني وغيره فليكن وفقاً للأسس الدستورية والقانونية والتي لا تستوجب حبس أي شخص قبل أن تتم محاكمته، ومع أنني اتفقت معه على إطلاق فهد بضمانتي وقدمت هذه الضمانة إلا أن هذا الأمر لم ينفذ والأخ فهد اليوم تمنع عنه حتى الزيارة، وهذا شيء مخالف لكل الأعراف ونحن ندعو لعدم تكميم الأفواه ولاحترام حقوق الغير والتعبير عن آرائهم والتعجيل بالإفراج عن كل المعتقلين على ذمة القضايا السياسية بما فيهم فهد والأخ حسن باعوم -شفاه الله- والذي يعاني من بعض المشاكل الصحية ولا يجوز أن يحبس وهو بهذه الظروف الصحية، وكذا الأخ محمد المقالح والذي قيدت حريته على أمر سخيف، أنه ضحك في المحكمة يحبس طيلة هذه الفترة، كما أدعو لسرعة الكشف عن الملابسات التي أدت إلى سقوط ضحايا من المواطنين أثناء مواجهة الحراك السلمي بالقوة وأن ينال المتسببون جزاءهم الرادع وتعطى حقوق الشهداء والجرحى وأسرهم ويعاد الاعتبار إليهم، ويخرج من السجن من هم على ذمة هذه القضايا ويتم التوقف تماماً عن مواجهة الحراك الشعبي السلمي بقوة الجيش والأمن، مالم فلتستعد السلطة وتوقد نيران مطابخها لاستقبال الآلاف من الجائعين الذين يبحثون عن لقمة العيش، وأؤكد أنه لن يوقفهم التخويف بالسجون لكنه سيزيد من الإصرار وهذا لا يعني أننا ندعو للفوضى أو أننا ندعو لأن يكون الحراك خارج إطار الدستور والقانون.

* هذه المحاكمات ذات طبيعة سياسية؟

- كلها سياسية، حتى وإن كان في بعضها حق أو خطأ قام بها شخص إلا أن الدوافع في حد ذاتها سياسية، ليست الدوافع احترام الدستور والقانون، وإلا لماذا تنتهك حريات وحرمات وأعراض قطاعات واسعة وقيادات سياسية وعلمية من قبل بعض ممن هم مرتبطون بالسلطة ولم يعاقب واحد منهم، وهم يستحقون المحاكمة وقد حولوا بعض المنابر التي ينفق عليها من المال العام إلى منابر للانتقاص من الغير والتجريح فيه والتطاول عليه ولم يمس أي منهم، بينما من يمارسون حق النقد ضد من هو في السلطة ينكل بهم؟ للغير الحق في أن يتحدث عنه طالما وأن هذا الحق هو مكفول في الدستور والقانون، ولا أعتقد أن هناك تطاولاً ممن هم معتقلون في السجون بمقدار ما حصل من التطاولات ضد قيادات وأفراد المعارضة بهذا الشكل، إنما هذا الأمر سيزيد المعارضة قوة وإصرار ومتانة وأرى اليوم المشترك كل يوم يمر وهو أقرب إلى الجماهير، أكثر قدرة على التعبير عنهم، أكثر قدرة على الاندماج معهم، أكثر متانة في تكويناته، أعضائه أكثر قرباً من بعضهم ومن المواطن، القضية الوطنية تتضح ملامحها، الإصرار على المضي في الطريق يزداد صلابة ، فقد اكتسب المشترك احترام الغير بالثبات على المبادئ ، أسقط ما كان يقال إن هناك مطالب شخصية ، أسقط الرهان حول الاختلال والاختلاف، وأثبت أن القضية الوطنية اليوم أسمى لديه من كل الاعتبارات الأخرى، وهو أمل بإذن الله الشعب اليمني ولذلك أنا أدعو الرئيس وأجدد الدعوة أن اليمن يحتاج منه أن يتخذ قراراً هاماً في هذا المنعطف، وهو أن يختار اليمن وليس المؤتمر، وقد يكون إخوانه في المشترك معينين له في هذه الفترة، وهذا لا يعني أنهم يطلبون منه منصباً.. لا نريد أي منصب والمناصب التي تمنح لسنا بحاجتها من أي كان، إن كان هناك استحقاق دستوري وقانوني لأي كان فرداً أو جماعة وفقاً لآلية سياسية وانتخابية فليأخذ كل حقه ويتولى المسئولية التي أنيطت به، نحن اليوم نتحدث عن الوطن والحفاظ عليه لا كيف نتقاسم المناصب، بل كيف نحافظ على البلد وإن شاء الله يكون المشترك بما فيه من اصطفاف كبير وبما له من أهداف صادقة مع الله ومع الوطن هو الأمل لتغيير واقع اليمن إلى الأفضل والحفاظ على البلاد والإسهام الفاعل في بناء مستقبله الزاهر، والرئيس مدعو لأن ينحاز إليهم وإلى كل جهد طيب ووطني وصادق.

* في موضوع القبيلة.. لماذا ينصب الشيخ حميد نفسه محاميا عن القبيلة , في الوقت الذي أكد فيه أكثر من مرة أنه من دعاة المجتمع المدني؟

- أعتز أنني من أبناء مؤسسة القبيلة وأؤكد أن القبيلة مصدر خير في هذا البلد وليست مصدر شر أبداً، والدفاع عنها من باب الوقوف مع الحق وليس للحصول على أكثر من الحق، ولا أعتقد أن المقام في هذه المقابلة مناسب للحديث عن القبيلة بشكل مطول، ولكنني أدعو من خلالكم أبناء القبائل اليمنية كما كانوا -دوما- جنوداً مع الدولة أن يكونوا مع الوطن لبناء دولة المؤسسات دولة النظام والقانون الدولة المدنية التي يسودها المساواة والإخاء ويأخذ فيها كل حقه، وأن يكون منهم المهندس والطيار والمدرس والمعلم والأستاذة ورجل الأعمال وأن يعدوا أنفسهم ليمن عصري يحفظ الحقوق ويتخاطب مع العالم ويضع ويحجز المكانة التي يستحقها بين الأمم بإذن الله.