رسائل دول الخليج من العاصمة دمشق لسوريا وللعرب وللمحور الإيراني المليشيا تجبر طلاب جامعة ذمار على إيقاف الدراسة للإلتحاق بدروات طائفية وعسكرية تشمل التدرب على الأسلحة المتوسطة والثقيلة تعرف على الأموال التي سيجنيها ريال مدريد في حال تتويجه بكأس العالم للأندية 2025؟ أول دولة أوروبية تعلن تقديمها الدعم المالي لسوريا توكل كرمان : الشرع يدير سوريا وفق الشرعية الثورية وتشكيل حكومة شاملة بُعَيْدَ سقوط نظام الأسد نكتة سخيفة خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية 1200 شخصية تتحضر للاجتماع في دمشق لصناعة مستقبل سوريا .. تفاصيل عاجل الإنذار الأخير ... واتساب سيتوقف عن العمل على هذه الهواتف نهائياً أجهزة الأمن بمحافظة عدن تلقي القبض على عصابة تورطت بإختطاف النساء ...تفاصيل صحيفة هآرتس: الاتفاق السعودي الحوثي معضلة أمام إسرائيل في حربها ضد الحوثيين ... قراءة تل ابيب لمشهد الحسم العسكري المتأرجح
مأرب برس – خاص
الإرهاب بمفهومة العام ظاهرة عالمية غربية النشأة لكنه اليوم غالباً ما يطلق على أعمال العنف التي تقوم بها جماعات إسلامية متطرفة ، وعادتاً ما يطلق عليه الغرب "الإرهاب الإسلامي" . نحن كمسلمين نرفض التسمية ولا نقبل ان تنسب الظاهرة إلى الإسلام باعتبار الإرهاب ظاهرة عالمية لا دين له ولا وطن. ولكن علينا ألا ننغمس في معركة المسميات للنصرف عن دراسة جوهر القضية.
واقع الحال يقول أننا قد بلينا بهذه الآفة القاتلة ، فلا يكاد يخلو وطن من أوطاننا إلا وتبرز لنا فيه اما قاعدة لما يسمى "تنظيم القاعدة" وإما جماعة شبيهه وكلاهما ترفعان نفس اليافطة، من طرد الصليبيين وقتل العملاء الكفرة إلى إقامة حكم الشريعة وبناء دولة إسلامية تمتد من الأندلس إلى اندونيسيا.
كلنا يصبوا لان تحكمنا الشريعة ونحلم ان نعيش تحت راية دولة إسلامية واحدة، لكننا نحلم على طريقتنا وليس على طريقتهم. فذلك الحلم لن يبنى على جثث الأبرياء من السياح الأجانب ولن تسقيه او تغذيه دماء وأشلاء أبناء المسلمين المتناثرة بفعل الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة، لكن ذلك سيأتي بالعلم والعمل وإصلاح النفوس أولاً.
وهنا علينا ان نقف قليلاً على دراسة الأسباب التي دفعت وتدفع هذه الجماعات لتبني منهج العنف كوسيلة لتحقيق أهدافها. فمع انطلاق الشرارات الأولى للإرهاب في العالم الإسلامي تأرجحت الأهداف بين استخدام العنف كوسيلة لإخراج الأجنبي(القوات الأجنبية)- كما حدث في السعودية من أعمال عنف تحت مبرر إخراج القوات الأجنبية من الجزيرة- واستخدام العنف في وجه الأنظمة السياسية الحاكمة بحجة المطالبة بالحريات وإقامة حكم الشريعة، كما حدث في مصر والجزائر . ومع ظهور "تنظيم القاعدة" واندلاع أحداث الحادي عشر من سبتمبر تفشت الظاهرة وتكاثرت الجماعات المتطرفة، ولكن من الملاحظ أن الشعارات التي تُرفع والأسباب التي تدعي هذه الجماعات بدفعها لاستخدام العنف تظل محدودة ومتشابهه. فكلهم يدعون بنضالهم ضد الأمريكان ويرفعون شعار القضية الفلسطينية وإقامة حكم الشريعة . تبدوا هذه الشعارات رنانة, فكلنا يرفض الوجود الأجنبي وكلنا يشكوا من الظلم الذي يتعرض له إخواننا في فلسطين والدعم الذي تقدمه أمريكا لإسرائيل، والكل ينادي بسيادة العدالة ورفع المظالم وإقامة حكم الله في أرضه. ولكن ما هي الوسيلة للوصول إلى ذلك؟ هل استخدام العنف وقتل الأبرياء هي انسب وسيلة؟!
إذا كان هؤلاء المتطرفون هم صفوة الأمة كما يرددون , وهم من يرفضون الذل والخنوع وينتهجون الجهاد سبيلاً لنيل الحقوق –مع ان الجهاد بعيداً عن أعمالهم ما بعدت السماوات عن الأرض-فهم أصحاب مشروع لهذه الأمة, وعلى أصحاب هذا المشروع أن يصلوا إلى اللحظة التي يقيمون فيها المرحلة وعليهم ان يبحثوا عن إجابات لهذه الأسئلة: ما هو حال الأمة اليوم؟ ما هي المكاسب التي جنيناها كأصحاب مشروع؟ وما هي المكاسب التي تحققت للأمة التي نتحدث باسمها؟ ووفقاً لنتائج التقييم عليهم بمراجعة مشروعهم، إذا كان همهم الأمة كما يقولون...
الواقع يقول ان حال الأمة قد ساء ومعه تردى حال أبنائها وشوه دينها وأعطية الفرصة لأعدائها للنيل من رسولها وقرأنها. لم نسمع ولم نرى يومأً أن أحدا قد تجرأ أن يرسم صوراً تسئ لرسولنا الأمين(رسول المحبة والسلام)، ولكننا نسمعها ونراها اليوم. لقد شوهت صورة الإسلام حتى أصبح لدى الكثير من غير المسلمين سوى نسخة من تلك الصور التي تبثها وسائل الاعلام وتبرز فيها عمليات الذبح والسحل والقتل التي يتباها بها الإرهابيون. لقد تناما في الغرب ما يسمى(( Islamophobia أي الخوف من الإسلام ومعه تتناما مشاعر العداء للإسلام ونتيجة لذلك تزايدت حالات المضايقات التي يتعرض لها المسلمين في تلك البلدان.
لاننكر القول أن الحملة التي تستهدف الإسلام ليست وليدة اليوم بل هي حلقة في سلسلة بدأت بظهور الإسلام، ولكن ما يميزها اليوم هو أن من يسهم في أثرائها وتغذيتها هي الجماعات المتشددة التي تدعي بإعمالها انها تدافع عن الإسلام والأمة. فبدلاً من ادخار الطاقات وتوحيد الجهود لمواجهة المشاريع المستهدفة للامة ولإظهار الوجه الحقيقي للإسلام (إسلام المحبة والسلام والرحمة) ، جاء الإرهابيون بمشروعهم ليلبسوا هذا الدين الواسع البريء من العنف والتطرف رداءً تصنع خيوطه الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة.
واليوم ما أكثر المصائب التي حلت بالمسلمين نتيجة العمليات الإرهابية. لعل أهمها محاربة وإغلاق الكثير من المؤسسات المالية الإسلامية تحت ما يسمى تجفيف المنابع المالية للإرهابيين والذي يأتي كأحد محاور الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب, رغم أن هذه المؤسسات والجمعيات الخيرية لا صلة لها بتمويل الارهاب بل تعد مصدراُ لدعم الملايين من فقراء المسلمين في العالم.
فضلاً عن ذلك، يقبع في السجون الغربية والأمريكية -العلنية منها والسرية- الآلاف من أبناء المسلمين لمجرد الاشتباه بالارتباط أو التعاون مع تلك الجماعات او الأفراد، وبهذا أصبح كل فرد فينا عرضة للابتزاز او الاعتقال أو الاستجواب او المراقبة لاسيما أولئك الذين يهاجرون ويسافرون إلى أصقاع الأرض بغرض العمل أو الدراسة وما إلى ذلك...
من العواقب الأخرى التي جلبها الإرهاب على الأمة هو إهداء الفرصة للغرب بقيادة الولايات المتحدة لخلط مفهوم الجهاد والمقاومة المشروعة بمفهوم الارهاب , وبهذا اصبح كل من يقاوم احتلالاُ إرهابياً.
بإلاظافة إلى ذلك , هناك أثار اقتصادية للإرهاب على الدول الإسلامية منها تشتيت الجهود ألموجهه للبناء والتنمية بسبب انشغال تلك الدول بعمليات مكافحة الإرهاب. فالكثير من الدول الإسلامية تعيش اليوم حالة من ألا سلم وألا حرب بل وفي حالة طوارئ دائمة، وبالتالي أصبحت تلك الدول غير مستقرة وغير أمنة وطاردة للاستثمارات الأجنبية التي تعتبر إحدى الدعائم الأساسية لبناء اقتصاديات الدول. من جانب أخر، المعركة ضد الإرهاب بطبيعتها مختلفة, فالعدو الذي ينبغي مواجهته مجهول ولا يمكن التنبؤ بمكان وزمان عمليتة المتوقعة. ولذلك فالإجراءات والاحتياطات لتي تتخذها الدول لابد ان تكون مكلفة ، بل وعلى حساب أجندتها التنموية.
من المؤكد أن أجندة الإرهابيين تحمل في جوهرها خلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار واستهداف المصالح الغربية اينما كانت. وبذلك قد يضنون ان حالة عدم الاستقرار التي يعيشها العالم الإسلامي تدخل في إطار مكاسبهم الإستراتيجية باعتبار ذلك سيلحق الضرر بالمصالح الغربية في تلك الدول. إذا كانت تلك حساباتهم فعليهم أن يدركوا أن ساحة المعركة هي بلداننا وليست لندن او نيويورك، وان الضحايا هم أبناؤنا وإخواننا وأن المتضرر الأكبر مما يسمى باستهداف المصالح الغربية في البلدان الإسلامية هم نحن ( من لا يزرع ولا يصنع) من شغلنا صراع بعضنا وتكفير بعضنا لنبقى خارج القطار ولن يكون المتضرر من شغله العلم والعمل ليقود القطار.
لعل من المكاسب التي قد يفتخر بها الإرهابيون هو إزهاق أرواح الآلاف من أبناء المسلمين. فالتاريخ لم يشهد كما يشهد اليوم من رخص لدماء المسلمين. إذا توفرت الإحصاءات فقد نرى أن من يسقطون من أبناءنا بفعل الأعمال الإرهابية قد يفوقون أولئك الذين يقتلون على أيدي المحتل الأجنبي.
على ضوء هذه الحقائق، هل من المنطق أن يواصل المتطرفون مشروعهم؟! لو أن فيما يقولونه – من حبهم للإسلام ودفاعهم عن الأمة – شيء من الواقع لعدلوا عما يقومون به من أعمال. عليهم أن يعيدوا قراءة تلك النصوص القراء نية ونصوص السنة التي يسيؤن تفسيرها ويستندون عليها لتبرير بعض أفعالهم. عليهم أن يدركوا أن مفهوم الجهاد لا يمكن اختزاله بكلمة واحدة هي حمل السلاح في وجه من يرونه عدو للأمة مع أنهم يحملون السلاح ضد الأبرياء من أبناء الأمة . أبواب الجهاد متعددة ومفتوحة , فبذل المال في سبيل رخاء الامة هو جهاد , وقول كلمة الحق في وجه الظلم من أعظم الجهاد وبذل الجهد والنفس فيما يرضي الله ويعود بالنفع على الأمة هو الجهاد , وحمل السلاح في وجه المعتدي والمغتصب هو جهاد. فلنتخيل كيف كان سيكون حال الأمة لو استخدمت الأموال التي يملكها أسامة بن لادن وهو احد أثريا العالم في محاربة الفقر وبناء الجامعات في العالم الاسلامي بدلاً من ان تسخر لشراء السيارات والمفخخات والقنابل والسلاح الذي يستخدم معظمه في قتل أبناء المسلمين! كيف كان سيصبح حالنا إذا جند الآلاف من أبناء المسلمين في أعمال طوعية تخدم الامة بدلاً من تجنيدهم وتفخيخ رؤوسهم بأفكار هدامة لم نرى منها سوى الرعب والويل وسفك الدماء! إذا كان هؤلاء يبتغون الجنة كما يقولون , فهل الوصول إليها سيأتي عن طريق البارود الذي يستهدف من يسموهم بالأعداء فلا يحصد سوى الأبناء، أم عن طريق يد مساعده تمتد لأولئك الأبناء؟!
قد يبرر المتطرفون أعمال العنف التي يتبنوها بالقول أن الأدوات السلمية التي ينتهجها غيرهم والتي تنتقد الأنظمة الحاكمة وتدعوا لخروج الأجنبي وإقامة حكم الشريعة في الدول الإسلامية لا تسمن ولا تغني من جوع بل عرضت وتعرض أصحابها اما للقتل أو الرمي في غيا هيب السجون. وبالتالي فلا سبيل لتحقيق أهدافهم سوى استخدام العنف.
هذا التبرير لا يؤيده المنطق ولا الدين.. فالمنطق لا يقبل ان تزهق أرواح لأناس ابريا في سبيل الوصول إلى هدف مهما كانت درجة سمو ذلك الهدف.أما الدين الاسلامي فقد أمر بالجهاد ضد المعتدي والدفاع عن النفس والمال والعرض غير انه شبه من يقتل نفس بريئة بمن يقتل الناس جميعاً وذلك دليلاً قاطعاً على المكانة التي أعطاها الإسلام للإنسان وعلى شدة جرم قتل الأبرياء.
اما قولهم بأن النضال السلمي لا يغير في الأمر شيئاً ويعرض أصحابه للهلاك فذلك يتناقض مع ما يرفعونه من شعار الجهاد لان التضحية هي جوهر الجهاد. إذا كانت الوسائل السلمية قد تعرضهم لما يقولون فذلك هو الجهاد بعينه. أيهما سيكتب مجاهداً من يموت سجيناً في سبيل كلمة الحق ام من يموت مفخخاً مخلفاً ضحايا معظمهم ممن يشهدون أن لا إله إلا الله وان محمداُ رسول الله؟ّ!
بعيداً عن ذلك, يحق لنا ان نتساءل: إذا كان هذا هو مشروع الإرهاب كما نسمع ونرى, فأين المشروع المضاد للإرهاب والتطرف؟! لمواجهة هذا المشروع القائم على أفكار متطرفة ومغلوطة، هل تكفي ما تسمى بالإجراءات الأمنية؟ هل يكتفى بخطاب مضاد هجومي ملتهب؟! بالطبع لا.. فالفكر لا يواجهه إلا فكر أخر يستهدفه ويخاطب دعائمه ويسعى لتصحيح مفاهيمه. والمهم هنا من سيقوم بهذه المهمة. هل يُترك الدور لزعماء السياسة , فيعتلوا المنابر ويرتدوا العمائم ليتحولوا بين عشية وضحاها إلى وعاض وخطباء ورجال دين؟! أم سيتولى المهمة من أسماهم زعيم تنظيم القاعدة - مع تحفظنا على ذلك- "علماء السلاطين"؟! لن يكون ذلك الأمر مجدياً بل سيزيد الوضع نفوراً، لانه ينبغي على من سيلعب هذا الدور أن يتمتع بدرجة من الحيادية وألا يكون محسوباً على الأنظمة السياسية الحاكمة وذلك حتى يكون لخطابه وقعا ً عند الطرف المستهدف .
فكم في العالم الإسلامي من علماء دين تشهد لهم الدنيا بالعلم والصدق والإنصاف ولكن قلما نسمع منهم من يخوض في موضوع الإرهاب. وكم من خطب نسمعها لكنها عادتاً ما تبدوا لنا وكأنها تكرارا لتلك الخطب التي تصم أذاننا منذ سنوات والتي تتجاهل التعرض لقضايا الإرهاب، فلا موضوع لها سوى حكايات تنزل على أذان مستمعيها فتراهم في نعاس يسبحون ، وكأنهم أطفال يستمعون إلى حكايات ما قبل النوم.
في الحقيقة , هناك مسئولية كبرى تقع على عاتق علماء الأمة . فهم من يتحملون مسؤولية مواجهة تلك الأفكار المتطرفة, وهم وحدهم القادرون على طرقها ومخاطبتها وتصحيحها .وكم نتمنى أن نسمع عن مؤتمر عالمي لعلماء الأمة الإسلامية يتركز حول قضية الإرهاب وسبل مواجهة ذلك الفكر، بحيث تنبع تلك المبادرة من منطلق الغيرة والخوف على مستقبل المسلمين، ومن ثم الخروج بتوصيات تتمحور حول العمل على مواجهة ذلك الفكر كلٍ من موقعه. ويا ليت ذلك يكلل بإنشاء قناة فضائية أسلامية خاصة بمحاربة الإرهاب والتطرف يكون على رأسها أولئك العلماء الأجلاء المشهود لهم بالصدق وقوة الإقناع. ويا ليت...
sharabi44@yahoo.com