إرث الثورة
بقلم/ محمدالشلفي
نشر منذ: 13 سنة و شهرين و 16 يوماً
الثلاثاء 11 أكتوبر-تشرين الأول 2011 05:13 م
 

قامت الثورة في اليمن في وقت لم يكن أحد يتوقع ذلك، وحين نحن فيها، يشك الناس أنها سننتصر. كل هذا لأننا أمام ثورة لديها إرث من المشكلات العمقية لا تملكه ثورة أخرى.

لا قبيلة، ولا حراك ، ولا قاعدة، ولا فساد يحمر له وجه حامد كرزاي كما قالت "صحفية أمريكية" ذات زيارة، ولا تبعية كانت تعاني منها الثورات، ثرنا ضد مشكلات يبدو أنها ستثقل كاهلنا وستقودنا للفشل، لكن إرادة الناس تقول عكس ذلك فالثورة مستمرة وتحقق انتصاراتها.

فصالح ونظامه ليس بالقوة التي كان عليها قبل الثورة، كما إن ما يجعل سقوطه بطيئا هو مشاكله الكبيرة والعميقة التي صنعها طوال فترة حكمه، وفي كل مرة يكون على الثورة التعامل معها.

سيكون من الظلم أن نحمل الثورةمشاكل صالح التي تواجهها. فالنظام الذي خرجت ضده الثورة لم يترك لنا منجزا واحدا سوى مؤسسات هشة، مشاريع ناقصة، وإنسان يعيش بطريقة مفردة ويتحرك بذكاء وتطلع في هذا العالم ، فيما دولته تمعن في إهانته.

في اليمن تكفي المشاكل الداخلية لإثقال كاهل أي ثورة تقوم، لكن الوضع لا يتوقف عن ذلك فتسامح وتساهل علي عبد الله صالح في مصير البلاد قادها لتتحول إلى ساحة لأطماع أكثر من جهة.

فبرغم علاقتنا المصيرية بالمملكة العربية السعودية، ومحاولاتها اللامنقطعة للتدخل في اليمن طوال عقود، إلا أن الرئيس صالح لم يكن لديه مشروع ما لجعل هذه العلاقة مبنية على الشراكة لا التبعية، فسمح لأخطاء كثيرة أن ترتكب مقابل الحفاظ على بقائه في الكرسي. ومقابل جمود في تركيبة النظام السعودي، سيكون من الخطر عليها أي تغيير يحدث في اليمن قد يؤثر عليها وهي فكرة "تصدير الثورة" إضافة إلى رفض أي تغيير يحدث إلا ببطء.

ليس ذنب الثورة أن السعودية تتدخل بقوة لإجهاض ثورة اليمن أو إخراجها على الأقل بالطريقة التي تناسبها.. بل ذنب نظام سمح لأن نصل إلى هذا الحد من التبعية التي لا تسمح لنا أن نتخذ قرارنا بأنفسنا إلا وقد قدمنا تضحيات كبيرة. ماذا لو كان النظام حد ولو قليلا من النفوذ السعودي الذي لا يجهله أحد في اليمن.

لكن للثورة طرقها في حماية ذاتها، ففي الوقت الذي تحاول السعودية بكل ما أوتيت من قوة الضغط على الثورة اليمنية كانت الثورة تدافع عن نفسها بقوة في مواجهة وأدها، فمن كان يتوقع أن تخرج كل مكونات الثورة حتى تلك التي لها علاقات معروفة بالسعودية، في مسيرات ضد الوصاية والتصعيد الإعلامي ضد الثورة لثورة مع مشكلة سنرثها عن نظام صالح.

ليس هذا فقط، لقد تعامل نظام صالح مع كل ما يخطر وما لا يخطر على بال، فلم يحدث أن كتبت الصحافة الأمريكية على رئيس دولة يخرج من قصره أعضاء تنظيم القاعدة، وأمريكا تعرف ذلك جيدا، لكنها سعيدة ! لأن هذا سيحقق لها أهدافا استراتيجية في البقاء في المنطقة.

  كتب محرر الجارديان البريطانية سيمون تيسدال الأسبوع الماضي "بأن خوف الولايات المتحدة الأمريكية من خطر القاعدة في اليمن "قد يساعد في تفسير السبب وراء كون الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة أكثر فاعلية في تفجير الأزمة في اليمن أكثر من إصلاحها".

وأورد الكاتب مقتطفا من خطاب ألقاه في جامعة هارفارد الأسبوع الماضي, "أشار جون برينان, مستشار أوباما لمكافحة الإرهاب, إلى أن واشنطن ترى اليمن أولاً وأخيرًا معركة جديدة هامة أكثر من كونها معقلاً قادمًا للديمقراطية في المنطقة العربية, حيث قال: “إن الولايات المتحدة لا ترى أن سلطتنا في استخدام القوة العسكرية ضد تنظيم القاعدة لا يقتصر فحسب على المعارك” الساخنة “مثل أفغانستان”, مضيفًا: “نحن نحتفظ بحقنا في اتخاذ إجراءات من جانب واحد إذا لم تكن الحكومات الأخرى راغبة أو غير قادرة على اتخاذ الإجراءات اللازمة”, ويضيف الكاتب: "قد يكون برينان حافظ على مبدأ استخدام القوة للولايات المتحدة وقتما وأينما تشاء". انتهى الاقتباس.

ونستطيع أن نربط هذا بتصريح لرئيس المخابرات الباكستانية السابق بداية هذا الشهر، بأن أيمن الظواهري ربما يكون في اليمن، وثقل القاعدة انتقل إلى اليمن بانتقاله إلى هناك. (من الغريب أن يمر تصريح كهذا مرور الكرام فعلى الرجل أن يعتذر وهو يتحدث بربما عن موضوع خطير كهذا ، لأن تصريحا كهذا يحرض على اليمن دولا غربية).

باعتقادي مع كل هذا لم يكن خطاء فادحا أن شككت المعارضة يوما ما بالوجود المؤثر لتنظيم القاعدة في اليمن،في ظل بعض الحقائق التي تؤيد ذلك، و ما قاله برينان حول اليمن يعد خطيرا وينحو باتجاه تحويل اليمن إلى باكستان أخرى، فلا يمكن تصديق أن القاعدة انتقلت بهذه السهولة والبساطة إلى مكان آخر.

ومع مشكلات هي في الأساس مرتبطة بـ"حرب صعدة" والحراك في الجنوب، والقبيلة التي غذى صالح نفوذها على حساب الدولة، سيكون من الظلم أن نقول أن خلافا أحدثه أحد الأطراف داخل الثورة هو مشكلة الثورة.. ولن يكون عادلا أن نقول على الثورة تنظيف الفوضى التي تركها صالح بهذه السرعة والدقة.. لقد نجحت الثورة في الصمود أمام كل هذه المشكلات، وتتعامل معها بثبات.

بودي أن أشكر المشترك، لكن ليس بعد,, ففرصته على المحك... وعليه نعمل معه وأيدينا على قلوبنا ، وفي ذات الوقت، لن نصدق من يتفرج ويقول : لم تنظفوا سريعا، لم تنظفوا جيدا وهو جزء من الذين أثاروا الفوضى التي ننظفها.