حمل السلاح في مأرب
بقلم/ دواس العقيلي
نشر منذ: 16 سنة و 7 أشهر و 22 يوماً
الخميس 13 مارس - آذار 2008 02:36 م

مأرب برس خالص

  حمل السلاح الناري يعتبر مشهدا مألوفا في كثير من المناطق اليمنية ، حتى غدا في بعضها عادة وتقليدا يحرص الكثير على حمله (تجنده) ، وان كان هذا التقليد تتفاوت مشاهدته من محافظة لأخرى فان محافظة مأرب تعد من المحافظات الت ي يتميز مجتمعها بحمل السلاح الناري والتمنطق به بصورة لا تخطئها العين شاملا كافة الأعمار والشرائح والطبقات من أبنا المجتمع، حتى غدا ينظر للذي لا يحمله نظرة قاصرة في مجتمع لا تزال العادات والأسلاف القبلية تحافظ على مكانتها في نفوس أبناءه المجبولة على العزة والأنفة وإباء الضيم والتي يرون في السلاح الأداة المثلي للحفاظ على تلك القيم والدفاع عن المكتسبات وخلق الردع لدى الآخرين..

في مثل هذا المجتمع الذي ينشي الأطفال على هذا التقليد ، يحدث ذلك غالبا بصورة تلقائية في نفوسهم عندما يرون المجتمع يحرص على حمل السلاح ، فتجد همة متى يأتي اليوم الذي يقتنيه أو يتمكن من حمله والزهو به أمام أقرانه وأمام المجتمع .. بل أن اقتناء السلاح يعتبر من المطالب المبكرة للأبناء ولا يضاهيه في المطالب موخرا سوى الهاتف المحمول المنافس المرحلي له في خلد الصغار..

ظاهرة حمل السلاح والتفاخر به في المجتمع تعدت مبكرا امتلاك الأسلحة الخفيفة والآلية التي أضحت بحوزة الجميع ، بل تعادها إلى تملك الأسلحة المتوسطة والثقيلة التي تتناسب بشكل طردي مع مكانة القبيلة وحجم تأثيرها في محيطها وكم نزاعها مع الفرقاء ومدى تناسبها مع أهدافها.. بل أن رجال القبيلة الحقيقيون يعدون بحمل السلاح واقتنائه حيث يعتبرونه المعيار الأمثل لكسب الرهان في مجتمع تسوده ثقافة القوة وسكرة الظهور وإحداث الفارق..

الأمر الذي يدفع أفراد المجتمع للحرص على حمل السلاح حتى إن الرجل ليخجل من الخروج من بيته أو التنقل بدون حمله.. مرجعهم في ذلك المقولة السائدة "المرء لا يحتاج سلاحه في حياته إلا مرة "..بمعنى انه قد يصادف الرجل طارئا يجلب له العار إن لم يجد السلاح لدفعه..

على الرغم من أن حمل السلاح بتلك الصورة المكثفة يسهم في حصول النزاعات ومشاكل الثار المسلحة ويساعد على عدم تقارب وجهات النظر في نطاقات واسعة لهذا المجتمع..

إلا أن الكثير من المعايشين لواقع المجتمع يلحظون تقنينا لاستخدامه السلبي كالتعدي به على الآخرين بدون سبب أو الإفراط في استخدامه مقارنة مع حجم انتشار الظاهرة في ظل مجتمع تحكمه كثير من الأعراف والأسلاف الرادعة لإشهار السلاح والتعدي به على الغير دون سبب منطقي..

ارتفاع أسعار السلاح بكافة أشكاله إلى الضعف منذ ما يزيد عن العام شكل أمر مثيرا لاهتمام المجتمع الذي يشكل السلاح فيه إحدى السلع الرائجة والمتداولة، وكثرت الأقاويل حول أسباب تلك القفزة الكبيرة في أسعاره، وتباينت وجهات النظر حول تلك القفزة المفاجئة ،لكن الكثيرين عزو ذلك للحملة التي تبنتها الدولة وتستهدف سحب السلاح وشرائه من المواطنين ،وراح البعض إلى إن وقف استيراد السلاح أو التقليل من ذلك كان سببا في ارتفاع أسعاره،

ومهما تكن الأسباب فان ذلك الارتفاع لم يحد من ظاهرة حمل السلاح لقدرة الكثير من شرائح المجتمع على شراءه، ومن عجز عاد لحمل أسلحة قديمة ساهم الزمن والموديل وتطور التقنيات باحتجابها ..

علي صالح استحدث محلا "لتأمين السلاح" وهو أحد سبعة محال مستحدثة عند مدخل المحافظة من جهة الشرق!(رقم قياسي يدل على كثافة ظاهرة حمل السلاح) يقول انه يرد إليه يوميا مابين (مائة)100الى (مائة وثلاثون) 130قطعة سلاح تؤمن لحين خروج أصحابها من منطقة المجمع مركز المحافظة"

يأتي ذلك بعد الحملة التي استهدفت موخرا منع السلاح وإدخاله لعواصم المحافظات ، والتي تجاوب معها المجتمع في محافظة مأرب بصورة ملفته وامتثلوا لذلك ولعل الزائر لعاصمة المحافظة يرى ذلك جليا ويجد كثيرا من الأماكن المستحدثة لتامين السلاح عند مداخل عاصمة المحافظة..

ويضيف صاحب المحل أن" هناك من لا يولي ذلك القانون اهتماما خصوصا من ذوي النزاعات وقضايا الثأر"

حول هذه النقطة يحرص البعض للتحايل على قوانين منع السلاح ،وإدخال الأسلحة للمدن ويبررون ذلك بما يعانونه من مشاكل النزاعات والثار ، ويرون أن قانون منع السلاح وحيازته في المدن كالعربة التي وضعت أمام الحصان إذ يطالبون بحل قضايا الثأر وتسوية النزاعات وذلك كفيل بتركه طواعية في ظل عدم الارتكان على المؤسسة الأمنية "التي يرى أحد مشائخ المحافظة ضرورة تحملها واجباتها في حماية المواطن بموازاة تجريده من سلاحه"..