ثورة المشائخ
بقلم/ خليفة المفلحي
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 17 يوماً
الأربعاء 09 مايو 2012 04:22 م

كان علي صالح يقذف الثوار والمعارضة بأقذع التهم وهو كاذب ولم يعتذر، واليوم حينما تحدث باسندوه عن شراء صالح ذمم مشائخ القبائل بـ 13 مليار ريال سنوياً وهو صادق أصبح مطالب بالاعتذار.

بهررة ما بعدها بهررة، وحتى المشائخ أصبح لهم انتفاضتهم أيضاً يطالبون بحقوقهم المنهوبة التي منعها عنهم باسندوه ويبدو أن خطوتهم التالية بعد إصدار البيان ستكون نصب الخيام والاعتصام في حي القاع وتسمية الجمعة القادمة (جمعة اعتذار باسندوه) والجمعة التي تليها (جمعة إعادة المخصصات) حتى يتم الافراج عن 13 مليار فقط أو تدخل دول مجلس التعاون والسفير الأمريكي بمبادرة خليجية جديدة.

فاجأنا البيان الذي أصدره رموز التخلف والفساد بأن مثل هذا المبلغ يصرف سنوياً منذ عقود وتحديداً منذ عهد السلال إلى الآن، ولكن المفاجأة الأكبر هي أن جميع موظفي الجمهورية اليمنية يتقاضون رواتب مجموعها 20 مليار ريال وأن مخصصات الأحزاب السياسية مجتمعة والتي تمثل وجه النظام الديمقراطي تساوي 200 مليون فقط، أي أن هؤلاء النفر يتقاضون ما يساوي 75% من مجموع رواتب جميع موظفي الدولة.

أحد رموز الجهل والتخلف يقول: بأن هذه الأموال حق من حقوقهم لأنها تصرف مقابل قيامهم بحل مشاكل المواطنين، ولأن المشائخ ضحوا بأبنائهم من أجل الوطن ولولاهم لما وصلنا إلى ما نحن عليه الآن....!! (يقصد وصولنا للفضاء ربما)

أنا أشهد أنه صدق في الأخيرة، فبفضل الهمجية والتكتلات القبلية والولاءات الضيقة وشراكتهم مع الصنم الأكبر وصلت اليمن إلى ذيل قوائم التنمية في كل شيء، والعكس تتصدر المراكز الأولى في نسبة الجهل والفقر والمرض.

أما حل مشاكل المواطنين فهذه تستحق ابتسامة، ولكن ما يجعل الدم يغلي في العروق هو الحديث عن تضحيات المشائخ بأبنائهم من أجل اليمن .. فمن هم المشائخ الذين قدموا أبنائهم فداء للوطن وإن كان هناك من استشهد بالفعل فكم هم ومن هم نسبة إلى حجم هذا المبلغ الضخم إذا سلمنا بأن الأمر تحول إلى بيع وشراء ؟؟

ثم ماذا عن آباء شهداء الثورة الذين قدموا أبنائهم فعلياً فداءً للوطن سواء في ثورات سابقة أو الثورة الحالية ، هل يتقاضون نفس المبلغ ؟؟؟

وماذا عن الجرحى المهددة أطرافهم بالبتر نتيجة المماطلة وتقاعس الدولة عن علاجهم نتيجة انشغالها واهتمامها بالمشائخ والحوار الوطني.

إن مبلغ 31,000 ريال الذي أقر لكل شهيد يمثل قمة الإجحاف في حق الشهداء وبحاجة إلى إعادة نظر وإقرار مبلغ يليق بحجم التضحية وما يضمن لأسرته حياة كريمة.

وعلى كل حال فهنا المحك الحقيقي والتحدي الكبير لباسندوه ليثبت صدق كل ما كان يتحدث عنه حين تعهد بإيقاف صرف المبلغ وكررها مراراً، وللأمانة إن كلمته لشباب الثورة في تعز كان لها وقع وتأثير كبير على النفس وكانت قوية إلى درجة المفاجأة التي لم نكن نتوقعها نحن الذين رسمنا صورة سلبية لرئيس الوزراء بسبب مواقف سابقة خلقت نوع من الانطباع السلبي توحي إلى الأذهان بضعف هذا الرجل.

لذلك نجد أنفسنا مدينين له باعتذار وإشادة، وفي نفس الوقت ننتظر نتائج ذو قيمة على الواقع العملي فالكلام لا يكفي ولابد أن يوفي رئيس الوزراء بما تعهد به بالتعاون مع رئيس الجمهورية وشباب الثورة، ولا تتوقف العملية هنا بل يجب الاستمرار في السير نحو الدولة المدنية والمساواة وإلغاء الطبقية تماماً من النظام الجمهوري بحيث تبقى سلطة القانون لا سواها هي السائدة.. ينبغي أن تلغى كل الألقاب الرسمية التي تمنح دون مصوغ قانوني وتتبعها مزايا غير مستحقة (كالشيخ وعاقل الحارة وبقية الألقاب التي في حكمها) فبقائها تكريس للتراتبية الطبقية العنصرية التي تلغي مبدأ المساواة.

فهؤلاء المشائخ هم الذين جلبوا الرعاع من كل حدب وصوب إلى المدن لقطع الشوارع وقتل الثوار في عدة مجازر دموية مؤلمة لازلنا نشعر بوجعها للآن لكي يحموا عرش فرعون.

وهؤلاء هم ناهبي الأراضي والخارجون عن القانون الذين انتهكوا كرامة البسطاء في المحافظات المختلفة.

يجب ألا يكون لهم مكان في مؤسسات الدولة، وبعد كل ما فعلوه فمكانهم الطبيعي هو السجن ولكن من عجائب الزمان أنهم أصبحوا يديرون السجون ومعتقلي الثورة يقبعون داخلها إلى الآن.

للأستاذ باسندوه: نشكرك على جرأتك وتحديك لهؤلاء الإقطاعيين وإذا صدقت فشباب الثورة هم الذين سيضحون بأرواحهم من أجلك وليس العكس ،فلتكن قراراتك مصيرية ونحن نقدّر نزولك لتنظيف الشوارع ولكن لو تم صرف مستحقات عمال النظافة لتم تنظيف الشوارع أيضاً.

فاجعل تركيزك على ما هو أهم وعلى الحلول الجذرية بدلاً من الشكليات.

ولك كل الاحترام والتقدير من أبنائك أبناء الجمهورية اليمنية.