الخطاب الإعلامي الحوثي !!
بقلم/ مأرب برس - سلمان العماري
نشر منذ: 12 سنة و 4 أشهر و 5 أيام
الإثنين 09 يوليو-تموز 2012 08:25 م
 
 

لم يكن للحركة الحوثية ثمة حضور مشهود أو تأثير فعلي في واقع الحياة السياسية اليمنية فضلاً عن مجريات الأحداث الدائرة فيها سوى قبل بضع سنوات معدودة مذ تناقلت وسائل الإعلام عن حدوث مواجهات بين القوات الحكومية وأنصار حسين بدر الدين الحوثي في عام 2004م ،ودخول الطرفين في حروب ست متقطعة توقفت نهاية 2009م بعد دخول وساطة دولة قطر حيز التنفيذ ،وكان الإعلام حاضراً فيها بشكل ملحوظ وكبير لدرجة أن الوسائل الإعلامية المرئية والمقرؤة أخذت في مساحتها حيزاً طغى على ماسواها من القضايا .

ولم يعرف للحركة الحوثية كذلك أي نشاط سياسي وإعلامي في مراحل الظهور الأولى ،وبحدوث المواجهات وخوضها الحروب مع الدولة صار لها مؤخراً قنواتها ووسائلها الإعلامية،وأنشطتها المختلفة التي تطورت إلى العمل المسلح ؛وكان لها الدور المؤثر والبارز في تنامي وتعاظم الظاهرة الحوثية مذ البدايات الأولى لاسيما والمشكلة صارت ذات أبعاد سياسية ومذهبية وطائفية خطرة،وبرزت في ظروف معقدة وشائكة تعدت الإطار المحلي منه إلى الإقليمي إلى الدولي .

توصيف وتعريف

تُعد الحركة الحوثية من الجماعات الدينية،وهي تنظيم عقائدي سياسي متطرف أفكاره ورؤاه مستقاة من مدارس وفرق التشيع المغالي (الإثتى عشرية - الجار ودية – الصالحية )،وتعتبر تيار مستحدث ودخيل على الساحة اليمنية انشق في الأساس عن المذهب الزيدي ،ويرجع أصل نسبة " الحوثية " إلى زعيمها ومؤسسها الراحل حسين بن بدر الدين الحوثي،وهو الشخصية المحورية والمرجعية الأول لها.

وبشكل تقريبي وتوضيحي وفق منظور مؤسسها السيد حسين بن بدر الدين الحوثي نقلاً عنه كما يذكر أحد رفاقه الأوائل المؤسسين لـ " منتدى الشباب المؤمن " في أنها "جماعة تأثرت بفكر مجموع آراء وأطروحات حسين الحوثي القائمة على أساس ضرورة تكوين جماعة مؤتمرة بأمر شخص معين تدين له بشكل مطلق وترى فيه القدوة،والقائد الذي يجب إتباعه وطاعته،والأمر والنهي له في كل شيء من أمور الدين والدنيا،باعتباره مؤيد من عند الله كنوع من التوفيق والتسديد لكونه من سلالة أهل البيت الذين لهم الأحقية في الولاية والحكم .

البدايات والتحولات

بحسب كثير من الباحثين والدارسين فإن جذور الحركة الحوثية تعود إلي ثمانينيات القرن الماضي إذ بدا أول تحرك تنظيمي مدروس لهذا التيار في عام 1982م على يد الشيخ صلاح أحمد فليته،والذي أنشأ في عام 1986م بدعم إيراني اتحاد الشباب،وكان مما يُدرس لأعضاء هذا الاتحاد مادة عن الثورة الإيرانية،وكان يقوم بتدريسها الأخ الأكبر لـ حسين بدر الدين الحوثي الذي هو ( محمد بدر الدين) .

وفي عام 1988م تجدد نشاط هذا التيار الشيعي الهوى الزيدي المذهب،وذلك بعودة بعض الرموز الملكية التي نزحت إلى المملكة العربية السعودية عقب قيام الثورة اليمنية في 26 سبتمبر 1962م ضد نظام الأئمة من بيت حميد الدين،وكان من أبرز العائدين حينها العلامة الزيدي مجد الدين المؤيدي والعلامة بدر الدين الحوثي،الذي يُعدّ الزعيم المؤسس للحركة الحوثية والأب الروحي لها،وولده حسين أو غيره من الرموز ليسوا سوى قيادات تنفيذية للحركة.

ومع قيام الجمهورية اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م تحولت أنشطة هذا التيار إلى مشروع سياسي تساوقاً مع المناخ السياسي الجديد الذي أقرّ التعددية السياسية والحرية الإعلامية،فظهر على مسرح الحياة السياسية اليمنية ما يربو على (60) حزباً سياسياً من مختلف التوجهات اليسارية والقومية والإسلامية والمذهبية،كحزبي الحق وإتحاد القوى الشعبية.

وفي تلك الأثناء كان السيد حسين بن بدر الدين الحوثي قد قرر خوض غمار العمل السياسي من خلال انضمامه لحزب الحق الذي تأسس من قبل مجموعة من الشخصيات الزيدية،والذي شارك في أول انتخابات برلمانية تُقام في اليمن بعد الوحدة،وفاز بمقعدين برلمانيين،كان أحدهما من نصيب حسين بدر الدين الحوثي نفسه الذي لم يستمر طويلاً في هذا الحزب،وقدم استقالته مع زميله عبد الله عيضة الرزامي،وهما العضوان الوحيدان الممثلان لحزب الحق في البرلمان.

وكان تقديم الاستقالة من قبلهما على خلفية رفض مجموعة من المقترحات التي تقدما بها لرئاسة الحزب من أجل تطوير وتفعيل عمل الحزب،وخاصة وقد تولدت لديهم قناعة راسخة أنهم لن يستطيعوا من خلال العمل السياسي أن يخدموا مشروعهما المكلفين به إطلاقاً،وذلك من خلال قراءة متأنية لنتائج الأصوات التي حصل عليها الحزب في الانتخابات البرلمانية التي لم تتجاوز 8 و0 من نسبة المصوتين في هذه الانتخابات،وهي نسبة ضعيفة جداً،ولا ترقى إلى مستوى ما يخططان له.

وبمجرد تقديم الاستقالة غادرا الحياة السياسية متجهين إلى الدعوة والإرشاد من خلال تأسيس منتدى الشباب المؤمن وذلك في عام 1997م،وهو المنتدى الذي كان قد سبق إلى تأسيسه الباحث والمفكر الزيدي محمد يحيي عزان في عام 1992م .

وقد استقطب المنتدى عدداً من مثقفي المذهب الزيدي،الذين سرعان ما اختلفوا مع حسين الحوثي في كثير من القضايا المتعلقة بعمل المنتدى وأفكاره التي كانت أكثر قرباً من الاثني عشرية منها إلى الزيدية ،وتطور هذا الخلاف إلى انشقاق في التيار الذي تزعم فيه حسين الحوثي الجناح المدعوم إيرانياً فكرياً ومالياً،والذي غدا يعمل تحت مسمى سياسي،وهو تنظيم الشباب المؤمن.

وبدأ حسين الحوثي توسيع نشاطه خارج منطقة صعده،ليؤسس مراكز مماثلة لمركزه في عدة محافظات،وبدأت تتجلى ظاهرة حسين الحوثي فيما يطرحه من المسائل والآراء،فظهر تطاوله وتهجمه على علماء الزيدية،وآراء المذهب وكتبه,معتبراً نفسه مصلحاً ومجدداً لعلوم المذهب وتعاليمه،وتجاوز الأمر إلى حد السخرية من كتب الحديث والأصول والصحابة،وهو ما دفع علماء الزيدية لإصدار بيان نشرته صحيفة "الأمة " الناطقة باسم حزب الحق حذّر من ضلالات حسين الحوثي وأتباعه،منكراً أن تمتّ أقواله وأفعاله إلى أهل البيت وإلى المذهب الزيدي بصلة،ومحرّماً الإصغاء إلى تلك البدع والضلالات والتأييد لها أو الرضا بها.

واستمرت أنشطة الحوثي ومنتدى الشباب المؤمن على إقامة المراكز العلمية "المسماة بالحوزات "، والمخيمات الصيفية،والندوات والمحاضرات والدروس؛ونشر العديد من الملازم والكتب التي تروج لفكره،بل تجاوزها إلى تحريض أتباعه على اقتناء الأسلحة والذخيرة؛تحسباً لمواجهة الأعداء من "الأمريكيين واليهود"،واقتطاع نسبة من الزكاة لصالح المدافعين عن شرف الإسلام والمذهب عامدًا إلى الدفع بشبابه الذين تتراوح أعمارهم ما بين (15-25 ) عاماً لإظهار ثقله الديني والسياسي بالتظاهر في معظم المساجد،وعقب صلوات الجمعة،وترديد شعاراتهم ضد إسرائيل وأمريكا (الموت لأمريكا،الموت لإسرائيل،اللعنة على اليهود,النصر للإسلام)،وقد بلغ الأمر في إحدى المظاهرات بسقوط قتلى أثناء مسيرة نظمها التنظيم باتجاه السفارة الأمريكية إبان الحرب على العراق في 2003م.

وكان نشاط الجماعة الحوثية في بدايات النشأة والتأسيس ثقافي وفكري أيدلوجي بحت قبل أن يتحول إلى نشاط مسلح عندما خاضت مع الحكومة اليمنية في محافظة صعده مواجهات متقطعة،وستة حروب منذ العام 2004م الذي قتل فيه زعيمها المؤسس حسين بن بدر الحوثي وحتى 2009م بعد توقف المواجهات مع الدولة،ومع اندلاع الثورة الشعبية في مطلع 2011م قامت الحركة الحوثية بنقل رحى المعركة مع القبائل والإصلاح والسلفيين وذلك في محافظة الجوف وحجة،وفي جبهة كتاف ودماج صعده،وتولى قيادة الحركة السيد عبد الملك الحوثي الذي لازال يقود الجماعة حتى كتابة هذه السطور .

الخطاب الإعلامي

تأريخياً لم يكن ثمة أداء إعلامي أوكوادر تمارس مهنة الإعلام لدى الحركة الحوثية في بداية النشأة والتكوين ،وعند العودة لاستقصاء ماكانت عليه الحالة الحوثية نجد أن الجانب الإعلامي لم يكن حاضراً،وقد ظل مغيباً إلى حين؛ومن يستقرئ تاريخ الحركة وتحولاتها يلمس ذلك ويصل إلى هذه النتيجة،وتحكي لنا تفاصيل تلك المرحلة أن الخطاب العام بكل جوانبه للحركة اتسم في بدايته بالطريقة التقليدية المعهودة في إلقاء الخطب والدروس والحلقات في المساجد والمراكز .

ولم تكن تتناقل وسائل الإعلام من ذلك شيء؛بل لم يصل إلى الجمهور والرأي العام سوى بضع أشرطة مسجلة،وبعض الملازم التي كانت تصدر باسم المؤسس السيد حسين بن بدر الدين الحوثي ويتم توزيعها أوبيعها للعامة في التسجيلات والمكتبات عدا ذلك فلم يكن للحركة من وسائل إعلامية ومصادر يمارس من خلالها أتباع الحركة وقيادتها العمل الإعلامي .

وتذكر بعض الدراسات والمصادر أن أول ظهور إعلامي سجل للحركة الحوثية في العام 2003م حين خرج أتباع السيد حسين بن بدر الدين الحوثي يكبرون في الشوارع والمساجد بالشعار الذي تم طباعته وتوزيعه ووضعه في معظم الأماكن العامة،وجرى تعليقه ولصقه في كل بقعة تواجد لهم وشمل ذلك القيام بوضعه وطباعته في الملابس وكل المقتنيات،ويعتبر الشعار هو الأنموذج الأبرز في بداية نشاطاتها من الناحية الإعلامية إذ لم يكن لديهم مصادر ووسائل إعلامية يظهرون من خلالها مطلقاً سوى بعض القنوات الموالية التي كان ينفذ منها يحي بن بدر الدين الحوثي الذي كان يعتبر الناطق الرسمي والمعبر عن الحركة الحوثية أثناء الحروب الست مع الدولة ،بالإضافة إلى بعض وسائل الإعلام المحلية والكتّاب التي لأنصارهم وأتباعهم تواجد فيها .

ومع تطور التكنولوجيا الرقمية والفنية المذهلة في وسائل الإعلام والمعرفة صار للحركة الحركة الحوثية ميداناً ومجالاً خصباً تعمل من خلاله خصوصاً في الشبكة المعلوماتية العنكبوتية المعروفة بشبكة الإنترنت،وقد سجلوا حضوراً لافتاً وصار لهم في الآونة الأخيرة الكثير من المصادر المعبرة والناطقة باسم الحركة،وتمثلها كمواقع إخبارية وصحف إلكترونية ومطبوعة بالإضافة إلى المدونات واليوتيب،ومواقع الصفحة الاجتماعية " الفيس بوك " والتويتر كما لوحظ أن لديهم العديد من الجهات والمكاتب والشخصيات والقيادات الإعلامية الممثلة للحركة والمتحدثة باسمها والمعبرة عنها في كل الأحوال،ومؤخراً صارت لهم قناة فضائية تسمى بـ " المسار"وهي قناة تقليدية تحاكي القنوات الشيعية الموجودة في المنطقة كـ ( المنار،والعالم ،والكوثر )،وغيرها من خلال الخطاب الإعلامي الذي تتبناه .

وما يمكن الإشارة إليه وتم تسجيله من المواقع والوسائل الإعلامية التابعة للحركة الحوثية البارزة والمعبرة عنها موقع المنبر الذي تم تأسيسه في العام 2007م ،وصحيفة الحقيقة الإلكترونية التي يعود تأسيسها إلى البدايات مذ تسنم السيد حسين بن بدر الدين الحوثي القيادة لها قبل ذلك بالإضافة إلى موقع أنصار الله الذي يعتبر الموقع الرسمي والنشط إعلامياً في تغطيته المستمرة لكل فعاليات وبرامج وأنشطة الحركة،وصفحة متابعات سياسية،ومن المواقع كذلك والصفحات والمدونات الاجتماعية الصفحة الخاصة بالسيد عبد الملك الحوثي،وأخرى تحت مسمى بيانات المكتب الإعلامي للسيد عبد الملك الحوثي،وكذلك صفحة باسم الناطق باسم السيد عبد الملك الحوثي فضلاً عن نشاطهم المكثف في اليوتيب الذي يتم فيه تحميل آلاف المقاطع الصوتية والخطابات المسجلة والمحاضرات والدروس والفعاليات،والمناسبات الدينية،والبيانات،والتصريحات الصادرة عن المكتب الإعلامي والسيد عبد الملك الحوثي ،وقبل ذلك نشر جميع خطابات ودروس السيد حسين بن بدر الدين الحوثي الذي لقي مصرعه في العام 2004م .

وقد مّرت الحركة في نشاطها الإعلامي بمراحل متعددة بدءاً من الطريقة البدائية والتقليدية المعروفة التي كانت في بداية النشأة والتكوين للحركة ،والتي يمكن وصفها بالمنشورات الفكرية لكونها كانت غالبة وكانت كلها جهود فكرية تبشيرية بحتة قام بها السيد حسين بن بدر الدين الحوثي في مجمل محاضراته وملازمه ،ويصعب هنا نسبتها إلى الإعلام والصحافة ؛ومع ذلك فقد كانت هذه المنشورات محل تناول وتعاطي الصحافة ووسائل الإعلام المحلية والخارجية لها ثم تلاها المرحلة التي تم فيها تدشين الخروج إلى العلن بالشعار الذي أعلن عنه في العام 2003م أومايعرف بالصرخة،وهي البداية الفعلية للنشاط الإعلامي والحركي للجماعة الحوثية .

وقد أسهم الشعار الذي اتخذته الحركة والتعبئة الأيدلوجية والقتالية في عملية التسريع بتأجج الصراع واندلاع ست حروب واحتدامها مع الدولة وقوات الحكومة اليمنية ،وقد دفعها ذلك إلى تعزيز حضورها في وسائل الإعلام واهتمامها به،ويعتبر الإعلام هو المساحة المثلى التي تحاول الحركة التبشير بمعتقداتها وأيدلوجيتها وأفكارها،ومخاطبة الرأي العام والنفاذ إلى الجمهور من خلاله ،وقد كان للصراع السياسي والإعلامي بين الحزب الحاكم والمعارضة أثناء الحروب الست في صعده الدور المباشر والتغذية الراجعة في تضخم الحركة الحوثية واستفادتها منه .

وتعد مرحلة الصراع السياسي المحتدمة بين طرفي السلطة والمعارضة في البلاد أثناء حروب صعده الست المتكررة العامل الرئيس في دورة الإخصاب فعلياً في إمداد الحركة الحوثية ونموها،وكان للنشر الإعلامي المطبوع والإلكتروني لكل مايتصل بالحركة من بيانات وتصريحات في وسائل الإعلام المعارضة وممارستها للنكاية والمكايدة ضد الحزب الحاكم والدولة الأثر المباشر في دعم ومساندة الحركة ورفع معنويات قادتها الذين تما هوا في رفع مطالبهم من الدولة وصولاً إلى التجييش الداخلي ضدها،والتدويل الخارجي الذي يرجع سببه إلى الاستهلاك الإعلامي الداخلي وتقوية حضورهم من خلاله . 

وفي أثناء الحروب الست كان للإعلام الحربي المساحة الأكبر من خلال التعبئة العقدية القتالية ،وطغيانه على سواه من صنوف الإعلام الأخرى ،وكان لانتقال القيادة إلى السيد عبدا لملك الحوثي بعد مقتل شقيقة حسين الحوثي في 2004م وإعادة تشكيل وهيكلة البنية التنظيمية للحركة الإضافة النوعية والمهمة في جسم الحركة من الناحية الإعلامية،وقد برزت لنا أسماء وشخصيات عديدة تم تدريبها وتسليمها قيادة دفة الحركة إعلامياً،وفي الآونة الأخيرة تداولت وسائل الإعلام الناطق باسم الحركة محمد عبد السلام،والمتحدث والناطق باسم المكتب الإعلامي ضيف الله الشامي،وعن المكتب السياسي صالح هبره وأبو مالك يوسف الفيشي،بالإضافة إلى الناطق الإعلامي الأول باسم الحركة أثناء الحروب الست يحي بن بدر الحوثي شقيق حسين وعبدالملك الحوثي،وكذلك كل من يوسف المداني وأبو علي الحاكم وغيرهم كثير ممن برزوا بشكل علني مع بداية الحرب الثالثة عام 2006م وتوقف المواجهات مع القوات الحكومية في 2009م .

ومع انطلاق الثورة في اليمن مطلع العام 2011م كثفت الحركة الحوثية من نشاطها الإعلامي بصورة غير مسبوقة،وتجاوزت في خطابها المؤدلج قضية صعده ومشكلتها مع الدولة إلى الخطاب العام الجمعي والأممي والوطني؛ولكن من منظور عصبوي وفئوي سادي بعد ركوب موجة الثورة على النظام الحاكم،ولذلك كثيراً ماكان يطالعنا بين الفينة والأخرى مكتب السيد عبد الملك الحوثي بالبيانات والتصريحات المتوالية في كل شاردة وواردة ،وأصبح لكل مايصدر عن الجماعة والحركة الحوثية وسائل إعلامية للنشر إلكترونياً أو ورقياً،وتم إخراجه في صحف ومجلات ومنشورات يتم إنزالها بصورة سيارة وفاعلة وعاجلة إلى الأكشاك والمكتبات وفي الأسواق والساحات والتجمعات .

ومن هذه المطبوعات صحيفة " الأولى "والتي تصدر من صنعاء ويرأس تحريرها نائف حسان ويديرها بشكل مباشر محمد عائش وآخرين،وفي الجملة فإن الأولى تعتبر من الصحف الموالية لهم مثل غيرها كصحيفة الشارع والوسط وحديث المدينة ؛ولكن كان دور صحيفة " الأولى " بارزاً في تبنى خطاب الحركة الحوثية ونشر كل مايتصل بها من مواقف وبيانات وتصريحات فضلاً عن قيامها بمواجهة خصوم الحركة المفترضين سياسياً ومذهبياً ،ومن المطبوعات كذلك " صحيفة البلاغ " وهذه الصحيفة التي يرأسها إبراهيم الوزير مع صحيفتي " الشورى والأمة " كذلك كان لها الدور الفعلي والمباشر في دعم ومساندة الحركة الحوثية إعلامياً مذ البدايات،وفي ظل الثورة الشعبية السلمية .

كما قامت الحركة الحوثية في ظل الثورة باستصدار مطبوعات ومنشورات أخرى في الساحات التي نزلوا فيها في صعده وصنعاء تحديداً أبرزها صحيفة " المسار " الورقية التي يرأسها أسامة ساري،وتصدر من صعده ويجري طباعتها في صنعاء بالإضافة إلى صحيفة الهوية التي يرأسها محمد العماد،وصحيفة التوعية الثورية التي تصدر عن شباب الصمود في ساحة التغيير بصنعاء وتم توزيعها في كافة ساحات ومدن الجمهورية اليمنية هذا بالإضافة لإنشائها العديد من المواقع الإلكترونية والصفحات الاجتماعية على الفيس بوك فضلاً عن المواقع والمنتديات والصفحات الموالية لها.

وفي عملية رصد بشكل تقريبي وتقديري للوسائل الإعلامية التي تمثل الحركة والجماعة الحوثية فإنها تحتل المرتبة الأولى في نشاطها الإعلامي الدؤوب من بين كافة مكونات المجتمع وأطياف الشعب اليمني،وفيما لوتم مقارنة مالدى طوائف ومكونات وكافة تشكيلات المجتمع اليمني لما تملكه الحركة فإن النسبة تبدو متقاربة إن لم تكن موازية إذا ما استثنينا بعض الوسائل الإعلامية كالقنوات الفضائية التي تسعى الحركة لامتلاكها كما صرحت في بيان لها مؤخراً .

وفي عملية رصد أخرى لمعرفة وإدراك منسوب النشر الإلكتروني والحراك والنشاط الإعلامي في الشبكة العنكبوتية الصادر عن الحركة والتابع للجماعة الحوثية فإن المتابع يجد المنشور عنها،والناقد لها والمختلف معها نسبته متدنية ؛وتبدو المقارنة عبثية لأن واقع ماتبثه وتنشره الحركة يبدو في جملته ينبئ عن اهتمام غير طبيعي وجاهزية ومقدرة عالية في الحضور والمشاركة،وذلك لكونه يتكئ خلف مشروع توسعي وطائفي عرقي ومذهبي تسعى له الحركة وتعمل على إنفاذه من خلال الوسائل المتاحة لها،والتي منها الإعلام بكل مجالاته ووسائله .

وتقدر نسبة المنشورات من الناحية الإعلامية في الشبكة العنكبوتية من كافة صنوف ومجالات الصادر عن الحركة الحوثية في إطار ( محاضرات – بيانات – تصريحات – خطابات – تصريحات – مقالات – كتابات – ردود – صوتيات – قصائد – فيديو – أفلام – وغيرها ) تصل جملة بعضها المئات بل الآلاف في البعض الآخر منها كمحاضرات السيد حسين الحوثي والخطابات التي يلقيها السيد عبد الملك الحوثي والبيانات الصادرة عنه مؤخراً سواء من قبل مكتبه أوناطق الحركة الرسمي أو الممثل السياسي؛ولكن الشيء الملفت للنظر هو السرعة والكثافة للنشر لكل هذه الأعمال الإعلامية وسريانها بسرعة الضوء في كل منافذ ومتاحات الشبكة،وأغلب المواقع الإلكترونية والصفحات الاجتماعية والمنتديات واليوتيب ،وغيره . 

السمات العامة للخطاب الإعلامي

ويتسم خطاب الحركة والجماعة الحوثية بالحدة والغلظة والشدة ومجابهة الآخر،والانتصار للذات كما أنه يرتكز على موجهات عدائية وشحن طائفي ومذهبي عنصري من خلال بعث الإحساس والشعور بالمظلومية من قبل الآخر،ويستوي ذلك مجملاً في كل مفردات وفلسفة الخطاب العام للحركة تجاه أي مكون ديني أوسياسي أو اجتماعي محلي أو إقليمي أو دولي .

وقد تركزت كل خطابات ومحاضرات وتصريحات وملازم السيد المؤسس حسين بدر الدين الحوثي الذي لقي مصرعه في العام 2004 م وخلفه من بعده شقيقه السيد عبدا لملك بدر الدين الحوثي القائد الحالي بالتحريض على الكراهية للآخر والعدوانية،وبث الشعور بالمظلومية بين الأتباع والأنصار وتتميز بالشحن العاطفي والطائفي البغيض والمقيت التي تعمل وتؤجج الفتن والصراعات،و تدفع إلى حدوث المواجهات والقتل بدافع عقدي وعنصري يستحل به دم ومال الآخر المخالف لهم ،وتستعدي في أدبياتها وفلسفتها الخلافات والصراعات التاريخية والمذهبية التي ترتكز وتستند إلى الاعتقاد الجازم بالأحقية لها دون غيرها في الحكم والولاية والسلطان على البشر.

ومن يقرأ في ملازم حسين بن بدر الدين الحوثي ،ويستمع إلى دروسه ومحاضراته ،أويتابع عن كثب شقيقه عبد الملك الحوثي في مجمل خطاباته وسجل بياناته وتصريحاته يجد من هذا الشيء الكثير والغريب في مشكل الأيدلوجية العدائية الذي تغترف منه وتستند عليه الحركة،ولذلك فقد اصطدمت بها الدولة وخاضت معها حروب عدة في صعده،ومع اندلاع الثورة وسقوط النظام والدولة اصطدم القبائل بها في محافظة الجوف وفي حجة وبقية مكونات المجتمع من مختلف مناطق اليمن .