بين يدي الأستاذ عبد الملك الشيباني..الآن ليس بعد
بقلم/ كاتب/مهدي الهجر
نشر منذ: 17 سنة و أسبوعين و يومين
الثلاثاء 11 ديسمبر-كانون الأول 2007 12:20 ص

بين يدي الأستاذ عبد الملك الشيباني..الآن ليس بعد

مأرب برس - خاص

الأستاذ عبد الملك الشيباني علم وقلم ، قل اليوم مثله لن نقدر قدره أو نعي دوره إلا بعد أن يمر كما مر غيره .

مؤرخ من الطراز الرفيع لا يساويه في المقام إلا الأستاذ عبد الرحمن بعكر رحمه الله الذي عاش منسيا ومات منسيا ولم يقف أحد ا حتى الآن على الكنوز الدفينة والمخبأة للرجل .

ليس هذا المقام مقام الإشادة والتعرض لمناقب الأعلام ، فما يعنينا هنا أنها أمنية وليس لها الآن إلا الشيباني عبد الملك .

أن يتفرغ قبل أن يمر- وقد مر كثيرون ولم يبق إلا العدد -لكتابة تاريخ أخصب مرحلة من تاريخ اليمن المعاصر والذي نحسب بدايتها من أربعينات القرن الماضي .

للحركة الوطنية في الشمال والجنوب سابقا وتلك المسيرة الممتدة من النضال وحتى الآن .

هناك من تعرض للرصد أو التوثيق في متفرقات عدة ولكنها لا تشفي الغليل أو تقترب من الحقيقة ، فإما أن تكون بتوجه وإملاء رسمي لفترة من الفترات تعتسف الحقيقة وتبقي على الرمزية والشعبوية للأشخاص ، وأي جهد رسمي في هذا السياق ليس بريئا أو به على الأقل دخن .

وأما أن تكون كتبت أو وثقت من مصدر تنقصه ثقافته المتكامله والمتراكمة ومن ثم كانت مجتزأة واقرب إلى التحليل السياسي ووجهة النظر .

وإما أن تكون كتبت بنفس أيدلوجي يلقي اللائمة من أول سطر على الآخرين ويحتجز لنفسه المساحة الوسط وذروة السنام.

وأما أن يكون جزء كبير منها جاء في سياق أدب المذكرات وهذا الأخير رغم أهميته إلا أن العاطفة بطبيعة الحال تملاه وحديث الذات والتجربة النفسية للأشخاص هي بيت القصيد ، ومن ثم فالقراءة من زاوية واحدة .

حتى الآن هناك متفرقات وشموع متباعدة آن لها أن تبلور في جهد متكامل تستقى منه الحقائق ويستفيد منه العابرون ويؤمن على التاريخ .

الحركة الوطنية اليمنية غنية بأحداثها وعظمة الشخوص والمواقف مليئة بسجلات حافلة ومهمة ، الواجب أن توثق اليوم بلسان حصيف وقلم متئد ومحايد وله مهنيته وتجرده وأن تستقى الأحداث من أفواه من تبقى من رجالها وصناعها المخلصين حتى لا تؤلف ذات يوم دراما من طفيلي لا يمت لها بصلة وتصاغ على غرار دراما سيف بن ذي يزن الذي ظهر بصيغة خرافية اقرب إلى الشعوذة والتهريج .

قد كان للأستاذ بعكر رحمه الله في كتابه عن الشيخ عبدا لله [الرجل الذي أحبه الحرم والهرم ] بعض الاضاءات وكذلك لعبد الملك الطيب في [ التاريخ يتكلم ]وأخرى رصدها الشيخان عبدا لله الأحمر وسنان أبو لحوم ..وغير ذلك كلها تساعد في إعادة الصياغة والبلورة لتناولة جامعة عميقة ومكتملة .

الحركة الإسلامية من جهتها تمثل تاريخ حافل وممتليء مثمر ومشرف ، آن له أن يكتب وحق عليها أن تأذن بصياغته حتى لا يكتب في وقت آخر يكون من أبنائها من كانوا شهودا عليه قد ولوا إلى رحمة الله ومن ثم فالتوثيق لن يكون بتلك الدقة بفعل الزيادة أو النقصان أو ما تعكسه الفلسفة التحليلية والتناقل الشفهي الذي يقود في النهاية إلى شيء غريب ومغاير للحقيقة ، خاصة إذا تعاطى الكاتب السياسي المحلل الآني لذلك وبقراءة تبعا للتركيبة الذهنية لمفردات التحليل .

والحركة القومية هي شاهدة بملفات وأحداث وشخوصا ولها بصماتها التي لا يختلف حولها احد ، آن لها هي الأخرى أن تأذن وتشارك بصياغة دورها وتراثها بعين خبير وتوصيف محايد ..

وتجربة الحزب الاشتراكي في أكثر من مجال وخصوصا ما يتعلق بالوحدة اليمنية ومسيرة النضال الممتدة تستحق بأكثر من الواجب أن توثق خصوصا في حياة الدكتور يسن سعيد نعمان وجيله المتئد ..

كل ما سبق مفاتيح أو إشارات للولوج إلى تجربة اعم تجمع كل تلك الأطياف بما لها أو عليها ، وهي في النهاية لوحة فنية للحركة الوطنية في الشطرين سابقا وفي اليمن الموحد اليوم .

ليس لها إلا أن ينفر ويشمر صاحب الراية والمؤرخ الشهير أبو اللأليء والعقد الفريد المؤرخ الفحل الأستاذ عبد الملك الشيباني .

فالتاريخ حق للأجيال وميراث امة وواجب لا مناص منه على فحوله الأمناء من حيث أمانة التوثيق والرصد وحمله إلى الواجهة .

فان كان الناس قبلوا مكرهين على أن يقصوا وينسوا من أرض المشهد المتحرك والساخن ، فجريمة ما بعدها جريمة أن يتم الإقصاء والتعسف بالإلغاء والمصادرة من مجتريء مزاحم ليس هنا محله ولم يكن ذك فعله من خلال صياغات مشوهة للتاريخ .

فحتى لا يغتصب التاريخ هو الآخر لا بد من أن يصاغ من السوي العدل وبمعية من كانوا ولا زال بعضهم شهود ه وصناعه .

أمنية ورجاء بين يدي الأستاذ عبد الملك الشيباني ومن كانوا مثله وعلى قامته

alhager@gawab.com