آخر الاخبار

إغتصاب الأطفال.. ثقافة انصار الله في اليمن  صحيفة فرنسية...جنود الاحتياط ينهارون و 170 ألف جندي إسرائيلي يغرقون .. تفاصيل الإنهيار من الداخل ثمانية مرشحين لجائزة هدف الشهر في الدوري الإنكليزي تكشف عنهم رابطة الدوري وزير الأوقاف يشدد على اللجنة العليا للإشراف على موسم الحج انتقاء أفضل الخدمات لحجاج اليمن في كل المحطات مسؤول سوداني رفيع يكشف حجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن التهريب 55 ألف تأشيرة متاحة للهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.. السفارة الأمريكية باليمن تمدد الموعد النهائي لتقديم طلبات الهجرة غارات امريكية في الحديدة احزاب تعز تقترح حلا لمواجهة الوضع الاقتصادي المتأزم وتطالب الرئاسة والحكومة بسرعة انقاذ العملة العليمي يبحث مع سفير واشنطن الدعم الإقتصادي المطلوب وموقف اليمن من انتهاكات إسرائيل في فلسطين مسئول كبير في الشرعية يكاشف الجميع حول قضايا وملفات مهمة: سبب التراجع عن قرارات البنك المركزي ومصير التوقيع على خارطة الطريق وخيار الحسم العسكري

لعنة العقد الثامن التي تهدد الوجود الإسرائيلي
بقلم/ إحسان الفقيه
نشر منذ: 11 شهراً و 26 يوماً
الأحد 05 نوفمبر-تشرين الثاني 2023 05:25 م
 

ربما يجهل كثير منا أن العلمانية اللادينية الشاملة كانت الصبغة الأيديولوجية لأساطين الصهيونية أمثال تيودور هرتزل وبن غوريون، إلا أن هذه الحركة السياسية قد ارتكزت على الفكرة الدينية في تأسيس وطن قومي لليهود، لعلمها بأهمية الدين كفكرة مركزية، وقامت بتجييش اليهود على تفسيرات تلمودية، لكي تتجاوز عقبة التصورات اليهودية الرافضة في الأصل لفكرة الدولة اليهودية، إيمانا منهم بأن الشتات عقوبة إلهية لا ينبغي التمرد عليها. وقد قال الدكتور عبد الوهاب المسيري: “الصهيونية حركة قامت باقتلاع مئات الألوف من اليهود من أوطانهم، ونقلتهم إلى أرض معادية داخل مجتمعات تُكن لهم البغض.

ولذا، لجأت الصهيونية للعقيدة اليهودية لتحل مشكلة المعنى للمادة البشرية المنقولة”.. وتأسيسا على ذلك، تلعب النبوءات التلمودية والتراث اليهودي دورا محوريا في حياة المجتمع الإسرائيلي. البيان الأخير الذي ألقاه أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، قد لعب على هذا الوتر جيدا، حيث ذكّر الإسرائيليين بـ “لعنة العقد الثامن” التي يؤمن بها كثير منهم على الصعيدين السلطوي والشعبي، وهو مصطلح يشير إلى زوال دولة الاحتلال في عقدها الثامن، الذي لم يتبق على تمامه سوى خمس سنوات، على أساس أن الممالك اليهودية القديمة زالت أو بدأت بالتفكك في عقدها الثامن.

رئيس الوزراء السابق إيهود باراك، عبّر في مقال له على صحيفة يديعوت أحرونوت العام الماضي، عن مخاوفه من زوال دولة إسرائيل في غضون ست سنوات، وهو ما يوافق بلوغها العقد الثامن، محذرا من الصراعات والانقسامات الداخلية والعنصرية وتنامي الكراهية، التي تفاقمت في الداخل الإسرائيلي، واعتبر أنها هي الأسباب التي تعجل بزوال دولته، لا التهديدات الخارجية. وقبل باراك، في عام 2017م، دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الاستعداد لمواجهة أخطار وجودية مقبلة، معربا عن مخاوفه من عدم وصول دولته إلى المئوية، وأطلق وعودا بأنه سيعمل جاهدا ليتجاوز بدولته هذه العقدة. الحديث عن نهاية دولة الاحتلال في عقدها الثامن، مشاعٌ في الأوساط السياسية والدينية، وفي الأوساط الشعبية خاصة عند اليهود الشرقيين، وحتى اليهود خارج فلسطين المحتلة منهم من يتبنى هذه النظرية ويوقن بأن زوال هذه الدولة بات وشيكا، منهم هنري كسينجر وزير الخارجية الأمريكية الأسبق، وهو يهودي من أصل ألماني، ينسب إليه في تصريح سابق توقعاته بألا تبقى دولة إسرائيل لما بعد عشر سنوات.

هذه المخاوف التي تلاحق الكيان الصهيوني، تعزَّز وجودها لديهم بما يكتظ به الداخل الإسرائيلي من شقاق وتناحر بين الطوائف الدينية والكيانات السياسية والنخب الثقافية، ونذر الحرب الأهلية التي تطل برأسها كل حين، وتفاقم العنصرية وصعود اليمين المتطرف، الذي لا يؤمن بالسلام ولا بأية حلول سلمية مع الفلسطينيين.

الكاتبة “ياعيل موشي ديان”، ابنة وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشي ديان، تقول في كتابها “وجه المرآة” في معرض الحديث عن الوجه القبيح للمجتمع الإسرائيلي والعوامل التي تنذر بتفككه: “ما بين التصدع القومي والتصدع الديني والطائفي والطبقي، تتشكل عوامل انهيار دولة إسرائيل في المستقبل، أو على أقل تقدير دخولها في دوامات الصراع الداخلي”.

كما يعزز من هذه المخاوف لديهم الخطر الديموغرافي، إذ يتزايد عدد الفلسطينيين مقابل تناقص في الشعب اليهودي بسبب الهجرة العكسية والإحجام عن الإنجاب.

 ويعزز منها كذلك، أن الجيل الحالي من الإسرائيليين، جيل لا يعبأ بالقيم التي أرساها المؤسسون، وعملوا من أجلها كثيرا، بل همهم الأكبر مُنصب على رغد العيش والرفاهية، وبناء على ذلك، فإن الهجرة العكسية بسبب التوترات والحروب داخل فلسطين المحتلة، شبح يثير الرعب بين حكومة الاحتلال. الدكتور عبد الوهاب المسيري، عندما توقع زوال دولة الاحتلال في خلال

عقود قليلة، استند إلى كونها دولة وظيفية أنشأها الاستعمار، ومن ثم فإنها تتآكل بصمود واستمرار المقاومة، على اعتبار أن حروب التحرير ترتكز على إضعاف وإنهاك العدو، على غرار ما حدث في فيتنام، إذ لم تُهزم القوات الأمريكية هزيمة مباشرة، وإنما أنهكتها المقاومة وألجأتها إلى الانسحاب.

وبما أن الإسرائيليين يعيشون في قلب بيئة عربية إسلامية، فمن الطبيعي أن يكون لهم احتكاك بجانب النبوءات لدى المسلمين، ولا يخفى عليهم ما تضمنته النصوص الإسلامية القرآنية والنبوية عن زوال ملكهم. ولا شك أن الذهنية الإسرائيلية قد اختزنت فحوى حديث الشيخ أحمد ياسين رحمه الله، خلال الحوار الذي أجراه معه قبل استشهاده الإعلامي أحمد منصور على قناة الجزيرة، والذي توقع فيه زوال دولة الاحتلال عام 2027م، استشفافا من القرآن باعتبار أن الأجيال تتبدل كل أربعين عاما، فالأربعون الأولى مثلت جيل النكبة، والثانية مثلت جيل المقاومة، ويُنتظر أن تأتي الثالثة بجيل النصر؛ وهذا الكلام يتفق مع لعنة العقد الثامن التي تلاحق الصهاينة، حيث يمثل هذا التوقيت نهاية العقود الثمانية على إنشاء الدولة اليهودية. دولة الاحتلال دولة منتهية لا شك، والحديث هو عن التوقيت “متى تنتهي دولة الاحتلال”، لكن عملية طوفان الأقصى سرعت من وتيرة الحديث عن نهاية الكيان الغاصب، إذ كسرت هيبة الاحتلال وتبددت أسطورة “الجيش الذي لا يقهر”،ٍ وفُضح جهاز الاستخبارات الذي تلاعبت به المقاومة في غزة؛ ويُضاف إلى ذلك أن الرأي العام الإسرائيلي ثائر على حكومة نتنياهو وسياساته، خاصة في ملف الأسرى، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.