أبو لحوم: التوريث والانفصال وجهان لعملة واحدة
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 14 سنة و 8 أشهر و 7 أيام
الثلاثاء 09 مارس - آذار 2010 04:55 م

أجرى الحوار لـ"الخليج" الإماراتية/ صادق ناشر

*كيف تصفون المشهد الذي يعيشه اليمن اليوم؟

لا أريد القول إنه وضع معقد، وأن اطرح تصوراً متشائماً، لكن هناك تحديات كبيرة تجب علينا مواجهتها واتخاذ خطوات عملية لمعالجتها، سواء في صعدة أو في المحافظات الجنوبية أو ما تشهده الساحة من حوارات بين مختلف القوى السياسية إضافة إلى المشاكل الدائمة، مثل البطالة والفقر والحالة المعيشية الصعبة وغيرها من التحديات وذلك لما فيه مصلحة البلد.

*هناك احتقان سياسي واضح في البلاد بين المعارضة والسلطة ؛ فهل يمكن أن يصل الطرفان إلى نقطة التقاء لاحتواء ما يدور بينهما اليوم؟

الكثير من الأزمات اليمنية الحاصلة الآن تخطت المعارضة والمؤتمر، نحن للأسف الشديد نعدو خطوات، لكن إلى الوراء، لنا أكثر من أربع سنوات ونحن نناقش قضية الحوار، هل نخوض في الحوار أو لا نخوض، هل المؤتمر موافق على حوار المشترك وهل المشترك موافق أم لا، المشكلة أن كل جانب يريد ان يضع اللوم على الجانب الآخر ولا يوجد هناك فعلا وضوح ورؤى مشتركة بين الطرفين، مع أن الحوار هو في مصلحة الجميع، فأنت عليك ان تتحاور مع خصمك وإلا ما فائدة الحوار.

هناك خلاف كبير في مفهوم الحوار، الإخوان في المشترك لديهم لجنة خاصة ويدورون في هذا الجانب، والطرف الآخر في المؤتمر لديه لجنة خاصة به، وكأن كل طرف يريد ان يثبت ان الطرف الآخر على خطأ وهو على صواب.

للخروج من هذه المشكلة أتمنى أن تشكل لجنة مصغرة تضم خمسة عشر عضوا من المؤتمر وحلفائه ومثلهم من المشترك وحلفائه على أن تحدد هذه اللجنة إطاراً للحوار، من دون ذلك سيكون الأمر أشبه بغرس الخلاف والفتنة داخل الساحة اليمنية.

*هل يمكن للحزب الحاكم أن يقدم تنازلأً من نوع ما للمعارضة للحوار؟

أتمنى من المؤتمر الشعبي العام والمشترك ان يقدما تنازلاً؛ لأن الذي يقدم تنازلاً هو الأقوى وليس الأضعف، في هذه المرحلة يجب علينا ان نتنازل لبضعنا بعضاً، فلا مجال لاستغناء طرف عن الطرف الآخر، فقد أثبتت التجارب الماضية في الساحة اليمنية انه لا يمكن لأي جانب أن ينهض بالساحة اليمنية من دون الطرف الآخر.

ويجب ألا ينحصر الحوار بين المؤتمر والمشترك، بل يجب أن يشمل الإخوة في صعدة وفي الحراك الجنوبي بمن فيهم الإخوة في الخارج، يجب ألا يستثنى أحد، من دون الحوار لا يمكن لأوضاع البلد أن تستقيم.

*لكن هناك تقاطع في الرؤى بين الحزب الحاكم والمعارضة في قضية إشراك الحوثيين والحراك الجنوبي، كيف يمكن أن تحل؟

قبل شهرين أو ثلاثة أشهر كان هناك رأي يقول إنه لا يمكن الحوار مع الإخوة في صعدة مهما كان الأمر، لكن اليوم تغيرت الأمور وأصبح الحوار ممكناً، وتم وقف إطلاق النار بين الطرفين بناء على حوار، فإذا كانت قد سالت الدماء وحصل الذي حصل في صعدة ثم تم الاحتكام إلى الحوار فما بالك مع الآخرين، سواء الحراك أو ممن هم في الخارج، علينا ألا نستثنيهم وأن نفتح الأبواب معهم ونبدأ صفحة جديدة لما فيه خير البلد، أما إذا استمررنا في التشدد لبعض الآراء التي يروج لها بعض الإخوان المتشددين هنا أو هناك، فإننا سوف نظل في هذا النفق الذي لا يعود بالخير على البلد.

*لكن هل يمكن للحزب الحاكم أن يجلس مع المطالبين بالانفصال؟

من خلال معرفتي بكثير من الإخوة في الخارج فإن الانفصال ليس وارداً بمعنى كلمة الانفصال، هو نوع من تصعيد الخطاب السياسي، لكن في الأعماق فإن اليمنيين يحرصون على الوحدة، وبالذات في المحافظات الجنوبية، فهم من أتوا إلى الوحدة، وضحوا من أجلها أكثر من غيرهم، فلا داعي لأن نعطي مجالاً للتيار الذي ينادي بالانفصال، كلما ابتعدنا عن الحوار مع المجاميع العقلانية، أعطينا سلاحاً أقوى للقلة القليلة التي تنادي بالانفصال، أما عامة المواطنين في المحافظات الجنوبية فإنهم يعانون من أزمات حقيقية وعلينا أن ننظر في هذه الأزمات.

للأسف الشديد فإن الإخوة في هذه المحافظات لم يسمعوا منا خلال السنوات الخمس والعشر الأخيرة سوى وعود، ولم يتم تنفيذ أي شيء على أرض الواقع، لهذا إذا عدت إلى الوراء وتابعت ما يدور في المحافظات الجنوبية فإن خطاب الانفصال بدأ يتصاعد في السنوات الأخيرة الماضية نظرا لعدم مواجهة الأزمات أو القضايا الحقيقية التي تمس المواطن.

*هل تخشون من انزلاق الوضع في الجنوب إلى ما هو أسوأ مما هو عليه اليوم؟

ما نشاهده يوما بعد يوم يشير إلى أن هناك انزلاقاً للأسوأ، وأنا لا أريد أن أقول إن هناك عدم مبالاة، لكن لا ألاحظ اهتماماً كبيراً في التركيز على القضايا أو على ما يدور في المحافظات الجنوبية، يجب علينا ألا ننظر إلى هذه القضايا ونظن أنها ستحل نفسها بنفسها.

في تصوري أن الاستعانة بالرجال الخيرين الصالحين من كلا الطرفين هو المدخل السليم للمعالجة، للأسف الشديد عندما نتحدث عن معالجات في قضايا الأرض أو في قضايا المتقاعدين فإن هذه القضايا أصبحت في مرحلة متأخرة، لأن هناك الآن قضايا أهم تطرح، مثل قضية الفيدرالية، قضية الحكم المحلي واسع الصلاحيات أو كامل الصلاحيات، بمعنى أنه لا يمكن لك أن تطرح الشروط على الطرف الآخر وتفرضها عليه، وتعتقد أن هذه هي المعالجات، لهذا لا بد من حوار حقيقي وصادق مع الإخوة في الحراك ومع الإخوة في الخارج ونعرف ما هي القضايا وما هي الهموم لدى الجميع.

الحرب ضد الحوثيين

*هل أغلق ملف الحرب ضد الحوثيين بشكل نهائي؟

أتمنى ان يكون هذا الملف قد أغلق، وفي قناعتي أن قرار إيقاف الحرب كان قرارا شجاعا، وأنا أتفق مع هذا القرار، لكن للأسف الشديد هناك من يطرح انه من الخطأ إيقاف الحرب، لكن الدماء اليمنية هي التي تنزف وتسفك، ولا ندري ما هو السبب، وأنا أتساءل من المستفيد من وقف الحرب في صعدة؟ لا شك أن الشعب اليمني هو الذي استفاد، وكان هو الخاسر باستمرار النزيف فيها، وإذا كانت هناك تبعات على هذا الملف فيجب ان يتعاون الجميع في التغلب عليها لمصلحة البلد.

*البيض يقول ان إغلاق ملف الحرب في صعدة كان هدفه التفرغ لقمع الاحتجاجات في الجنوب، هل هذا سيناريو موجود لدى صنعاء؟

هناك من يريد ان يروج لهذا الطرح، لكنني استبعد الأمر، ولا اعتقد ان القيادة السياسية تفكر في هذا الشيء، وأتمنى ألا تعطي الفرصة لمن يفكر فيه، فالقمع العسكري لا يوصلنا إلى أية نتيجة، يجب أن نستفيد من تجربة صعدة، فقد ثبت أن الحل العسكري لم يكن ناجحاً .

*ما رأيكم بما يتردد من أن الحروب الست التي شهدتها صعدة كانت من أجل التوريث؟

استغرب مثل هذا الطرح، فالشعب اليمني ضحى من أجل قيام الجمهورية منذ ثورة سبتمبر 1962 وثورة أكتوبر ،1963 مرورا بعام 1990 إلى يومنا هذا، مثل هذا الطرح فيه نوع من المزايدة، وأنا أقول انه بالنسبة لنا في اليمن لا مكان فيه للتوريث، لأنه عندما تتحدث عن التوريث؛ فماذا ستقول لأسر الشهداء الذين ضحوا من أجل قيام الجمهورية على مر السنوات دفاعاً عن الثورة والجمهورية وعن الديمقراطية والتعددية، بل إنني أذهب إلى ابعد من ذلك وأقول إن من يروج للتوريث كمن يروج للانفصال، وفي قناعتي ان التوريث والانفصال هما وجهان لعملة واحدة ولا مكان لهما في يمن المستقبل إطلاقا، وارجو ألا يظل هذا الموضوع مطروحاً للسجال فالشعب اليمني يختلف عن الشعوب الأخرى، ولا اعتقد انه سيقبل بالتوريث لا من قريب ولا من بعيد.

ومن خلال معرفتي بالرئيس علي عبدالله صالح فإنني لم اسمعه يوما يتحدث عن التوريث أو دافع عنه أو أنه في أجندته.

*لصنعاء علاقات ممتازة مع الغرب، لكن علاقتها بواشنطن لها خصوصية، كيف يمكن ان نفهم هذه العلاقات وتحت أي إطار؟

الأمريكيون ينظرون إلى اليمن نظرة خاصة، باعتبارها دولة حضارات ولها تاريخ ودولة يمكن مد الجسور معها في كثير من القضايا، وفي تصوري مادام الأمريكيون لديهم هذه النظرة وتوجد الآن إدارة جيدة في واشنطن فإن علينا ان نستفيد من هذه اللحظة، اليمن ليس في منطقة ساخنة مثل مصر أو سوريا، أي أنها ليست دولة قريبة من “إسرائيل”، لهذا فإن الأمريكيين ينظرون إلى اليمن كدولة مسلمة قابلة للتعايش ويمكن تحقيق نوع من النجاح من دون المساس بالثوابت اليمنية أو ما يتعارض مع قيم الشعب اليمني وأخلاقه وعاداته.

في تصوري ان الاستفادة والتعامل مع الولايات المتحدة بما لا يتعارض مع ما يمس مصلحة الوطن هو في مصلحتنا والتعامل مع الغرب أيضا في مصلحة اليمن، نحن بحاجة إلى التنمية في كافة المجالات، وهذا هو الوقت المناسب للاستفادة من علاقتنا مع الولايات المتحدة والغرب عموماً، وعلينا ان ننهض بالبلد، كفى اليمن تعباً وتمزقاً وصراعات.