التشويش الطائفي القادم من صعده
بقلم/ وليد البكس
نشر منذ: 12 سنة و 6 أشهر و 17 يوماً
الثلاثاء 01 مايو 2012 04:56 م

رحلة الحياة الى صعدة،وعبر مخيلة احد الرفاق مثيرة للغاية،تشبه زواج رجل عربي من امرأة أجنبية.مع الأخذ بالفارق بين العروسة المخطوفة التي تتمثل هنا بالمحافظة اليمنية الجميلة؛بنت البلد صعدة الأصيلة و المرأة الاجنبية.احدهم حاول تسويقها-أي صعدة-من الوهلة الاولى،حيث تشرع لك نوافذ الامل.و تحصل بفائق السرعة على جنسية و إقامة دائمة تحت الرعاية النوعية لك و لأطفالك.. حقوقك كاملة غير منقوصة.في التعليم كما في التأمين الصحي والمسكن.الى الراتب الجاري لبقائك وفق انتمائك لهذه البقعة من الارض.ما يعني ان تظل مواطناً بحقوق جاهزة كاملة.وبالطبع لا يتطلب الوصول الى هذا البلد-في حال الزواج طبعا من هذه المدينة-الى جواز سفر مدموغ بأنواع تأشيرات المطارات او عبور الحدود.

وهناك يقضي الناس من جميع الطوائف والأعراق حياة هانئة،يلعبون الجولف،يدخنون السيجار،ويتناولون المثلجات،ومن المآكل السريعة المتنوعة الذها.يحضرون فعاليات الأمسيات الشعرية،يزورون مع عائلاتهم السينما،ويتمتعون بمشاهدة المسرحيات المختلفة على منصات المسرح التي تضيف على مشهد الحياة؛ الطمأنينة والذوق الرفيع.

وإذا كانت صعدة-تعيش كذلك في ظل الدولة المدنية الحديثة في القرن الواحد والعشرين-كما صورها لنا احد الزوار مؤخراً،بدا مندهشا من كل ما يروج ضدها،وهو ما يعده صاحبنا المناضل صالحاً للحياة وصالحا للرعية. 

فلماذا كل هذه الولولة القادمة من كل الاتجاهات والمد ارب بحق هذه المحافظة؟وهل هناك ما يستدعي كل هذا التخبط جراء ما ارتكبه“النظام السابق”في ستة حروب وكسرت رؤوسنا“المعارضة”حينها طيلة تلك السنوات التي ترفض السقوط من ذاكرة اليمنيين.عن صعدة و ما جاورها؟.ثم ماذا نسمي الذي يجري الآن هناك من مواجهات بين القبائل و انصار الله.و تختطف الرصاص والألغام كل صباح ارواح الشباب والأطفال داخل مركز المحافظة و في اطرافها.

في حرف سفيان(شرق صعدة)القوات النظامية متأهبة،وحدود محافظة صعدة المتاخمة لمحافظة حجة(غرب جنوب صعدة) مشتعلة حد ان زرعت فرق من انصار الله خطوطاً من الالغام،كما يجري التوسع من اتجاه الشمال نحو محافظة الجوف وهذه الأخرى تشهد معارك ضارية في اوقات متفرقة بين القبائل وأتباع الحوثي.و حتى الغرب باتجاه مدينة الحديدة تقول المعلومات بأن عيون جماعة السيد تتجه صوب ميناء ميدي على الدوام.ايضا تتحدث عدة مصادر عن محاولة جماعات الحوثي الوصول اليها وبأي طريقة كانت.

وكلها تخبرنا بأن هذا الطموح المجنون يقوم به حكام محافظة صعدة القداما،الجدد،من انخرطوا في الثورة ودفعوا بأشياعهم الى ساحات الحرية والتغيير.لكنهم ظلوا متمسكين بأسلحتهم،ربما هذه وسيلتهم من خلال نظرتهم كأداة للتغيير الدموي المتخلف.التي جبلت عليها انفسهم؛و تمرسوا على الحروب كخيار وحيد.

في كهوف الجبال قاطنين يترصدون العدو.ولا ندري ماهي أداتهم الحقيقية و نظرتهم للتغيير الذي ينادون اليه،ومن هو العدو المرتقب.مع سقوط النظام السابق؛حيث رددوا انه سامهم سوء العذاب.حينذاك صدقناهم ووقفنا الى جوارهم في النائبات.

ومع أنهم جربوا الحروب وسقط جراءها الأبرياء من كل الفئات هناك.ونددنا بها من أقصى البلاد الى أقصاها. إلا ان استخدام السلاح و اشهاره في كل شاردة وواردة؛بات منطقهم المحتوم.و هذا الآن ببساطة نستطيع تسميته الخطأ والتطبيق.الذي تستمر عبره هذه الجماعات بالإعلاء من شأن القوة والتلويح بالاحتراب،في الوقت الذي استطاع اليمنيون،كل اليمنيين ان يسيروا في طريق نيل الحرية والإقدام على التغيير بالسلمية. 

و يراها اليمنيون مناسبة-في ظل الربيع العربي المتاح-السلمية كأداة كفيلة بانتشال حالهم و حالتهم اللا انسانية الثأرية المفجعة،وتخليصهم من البؤس الاجتماعي والاقتصادي،السياسي والأخلاقي.

غير ان مايدور هناك اليوم في(صعدة)لا يجري ملاحظته على انه نداء لتصفية النفوس من الزمن الرديء حيث علق في اذهان الناس،في مقدمتهم ابناء هذه المحافظة المكبوتة المخنوقة.ويحاول جماعة السيد المضي في طريق إسناد البلد قبل غيره،ولو من باب التجربة لمدة كم سنة قادمة.فالواضح هو عكس هذا تماما.توارث السلاح ليس إلا.و ذلك في جوهره توريث للحروب،الصدامات والقتولات.يعززه محور اكثر غرابة وهو الركض في متاهات الاستقطاب الغريب.الذي من شأنه ان يؤسس لمراحل مجهولة،في ظل(بيع و شراء) الضمائر قبل غيرها،ومن يدفع اكثر من تدفق المال القذر.في محاولة إغداق المتهافتين من المقربين والبعاد،من اصحاب الشعارات اليسارية واليمينية على السوء.اغلب هؤلاء كانوا بالأمس يثابرون-كما يرددوا-انهم يجتهدون في تخليص الوطن من عبودية النظام السابق،معللين؛انهم ظلوا سنين طوال يحاولون نصب المصائد والفخاخ؛ لخنق أركانه و رموزه العابثين.واليوم أصبحوا يسبحون في فلكه بالمكابرة وذهبوا ابعد من ذلك عبر المزايدة الواضحة ليرتموا في احضان الاسوأ منه.باسم اختطاف الثورة،مرة،و أخرى كما يتظاهرون لعدم تحقيق أهدافها .وأشياء أخرى.تثير السخرية وتعزز المناكفات والاصطفاف مع طرف ضد طرف آخر.دون ان يكلفوا أنفسهم عناء التفكير ولو للحظة واحدة ماذا يريد جماعة السيد منهم،لطالما وسياط القهر والقوة مسلطة على أعناق أبناء صعدة من يخالفونهم الرأي.او يحاولون إبداء ارائهم.كما يطمحون الى الحرية والعيش بسلام.في ظل دولة القانون .فيجابهون بأنواع التصرفات القسرية،والاضطهاد؛لكأن عشرات الآلاف من البشر في صعدة يعيشون تحت الاقامة الجبرية.باقون في ظل عصور الانحطاط والرق والعبيد.

ان الملفت وسط كل ذلك ليس سوى محاولة إعادة احياء النظام السابق،وحكم“الآل”بكل اشكال العبودية والتبعية المقيتة،وهو ما يجعلهم يحتفظون بآلات القتل،خوفا فقط من انتقال جغرافية الحكم الى اي رقعة أخرى خارج الهضبة.وهذا ما بات اليوم يحفظه ابسط الناس العاديين من اليمنيين داخل الوطن وخارجه وإذا لم يكن كذلك؟.

 لماذا كل هذا القفز على المرحلة الراهنة ومحاولة خلق مظاهر التشويش بكل أنواعها؟الشخصية (الحوثية،او المتحوثثة) وعبر صناعة الأجهزة الإعلامية،التي تعد من حق اي طرف امتلاكها،لكن لصالح الوطن وليس بغرض ما نشاهده اليوم من تضليل على الرأي العام.إعلاميا،و المواظبة للاستحواذ على قرى ومناطق يمنية في مختلف المحافظات المتاخمة لصعدة،والتسابق على مغازلة الاشخاص خاصة فئة الشباب،و من كل التيارات والقوى السياسية في الساحة الوطنية.بقصد تشكيل قاعدة لن تكون في المستقبل سوى خادمة لمشروع هاشمي ضال.

بعض هؤلاء المريدين،أزعجنا تضجيج نضالا تهم المفصلة ضد النظام السابق سنين،وهاهم يفضحون الآن ليصبحوا في عداد أنواع البضائع المغشوشة،عندما اختبروا في أول ساحة أول ثورة يمنية سلمية خالصة. 

 قيادي في الحزب الاشتراكي يقول للجمهورية“لو كان الإخوة في المشترك بعد جمعة الكرامة تركوا نظام صالح يرتكب مجزرة مجزرتين فإنه بالتأكيد ستنقلب الطاولة على رأسه وسيقف العالم بأكمله مع الشعب وسيقبض على صالح ومن وقف معه ومن قام بقتل الشباب وسيحاكمون”.

ثم يؤكد في الإجابة على أكثر من سؤال بأن الحوثيين شركاءنا في الساحة الوطنية وهم يؤمنون بالثورة السلمية و بالدولة المدنية.انا هنا لا أقصي الرجل او غيره من حرية توجهاته الوطنية او الحوثيه،لكن الحقيقة التي كان يجب ان يتحدث عنها لم تحضره،كالتخلي عن منطق القوة واستخدام السلاح مثلا او نصح شركائه من جماعات السيد لترك السلاح.والسير في طريق مكشوف،و أكثر سلامة.. كان صاحبنا في السابق(ماوياً)تارة و(تروتيسكياً)تارة أخرى،وفي النهاية ربما“حوثيآ”.كان عليه ان يذكر القارئ مع نهاية إجاباته،بأنه شيخا،سياسياً،و مفكراً نافداً(قومجياً)احياناً و(يسارياً)في أحايين.كما كان عليه ان يذكرنا “بسنيته”التي نسيها او تناساها(و ليس للطائفية حضور في هذه الكتابة)في نهاية المطاف.لكن لنصدق بأنه كان“معارضاً”و لم يوقع يوما في البرلمان ضمن كتلة حزب الحصان على قلع العداد ليستمر الرئيس السابق في الحكم كشخص مناسب لفترة انتقالية،حدث ذلك نهاية العام 2010،وصدرت وثيقة التعديلات مذيلة بتوقيعات كتلة المؤتمر مضافا اليها توقيع صاحبنا المناضل الجسور!،وهاهو مؤخراً يتحفنا بإجاباته بكل ديمقراطيه بأنه كما قال كان مع“التعديلات الدستورية”و تعليلات اخرى عن قصة زيارة ايران وبيروت،ثم فوقية تفوق فوقية النظام السابق بكله ومن تبقى منهم،الذي يدعي محاربته لذلك النظام و عصاباته،إنه يذكرنا بالنهاية بثوريته،في الساحات،حيث تركها وظل يركض بين طهران وبيروت،لشهور.وعاد مؤخراً يتحدث عن نهب الثورة وضرورة إنقاذها.انه يكرس تجميل الخوف،ويغذي فكرة التخويف لراكب لظهر الثورة اليمنية الشعبية على لسانه،كما ابتدعتها اجهزة النظام ألسابق بميكرفوناته(الجندي،الصوفي،البركاني،الشامي،وآخرين ما اتعسهم)و لا يزالوا يشنوا من خلال أبواق نظامه الحزبي المعادي للسلام،مرة عبر تلك الدمى وأخرى باسم الطائفيين الهاشميين الجديد من مراهقين السياسة كسلطان المعارضة الفشفشي.نشاطهم يبدأ من طهران إلى بيروت،على غرار البعض من يمرون بالرياض.وحتى صنعاء.الجميع من زبائن المملكة وإيران؛لا يقومون بشيء سوى تسليم اليمن للعابثين التاريخيين بنا.هذه الجماعات تعلن جهاراً نهارا وقوفها مع القاتل الاول بوجه الثورة الشعبية،الضحية.كما لا تعترف هذه المسوخ أصلاً بوجود ثورة حتى اللحظة،و تحاول إعاقة عملية التغيير،و هي لا ترى كيف تباغت كتائبهم الإجرامية على أية محاولات للحظة هجعة مجندين في اقصى محافظة ابين او قصف مدفعي ضد سكان قرية في جبل بني جرموز.كما يجري استباحة بعض مناطق حجه،والجوف.لا يحتاجون سوى للمال،وجدول الاعمال.ليباشرون مهامهم التدميرية.

فيما يستمر الاخوة من طلاب السيد في نشاطهم في صف اول حوثثة،بالاجتهاد واثبات حسن نية التبعية لمناهج أنصار الله.دون ان يتمعنوا عما يحدث حولهم.الناس يرفضون العبودية والرق،وتلاميذ اخواننا من اليساريين قديما؛يتصدرون الدفاع عن فكر عنصري تعفن واندثر منذ القدم.لم يفعلوا شيئا سوى انهم يحاولون احياءه الآن.وجعله الصدر الحنون لباقة من مثقفي التدجين.يحنون الى احراش السادة والعبيد.وتلك الثقافة التي تخون تضحيات ودماء الثوار والشهداء.

 ان هذه الصيغ وجها آخر للاستبداد بغطاء شرعي عصري،تجري عبر من سلموا مفاتيح الساحة للملالى الجدد، لكنها اشد شراسة وعنفا.بقذاراته،بل هي الاخطر والاخبث،لأن الاستبداد الاسري باسم الدين اقبح وأقذر من الاستبداد السياسي لقدسية الاول لدى الإنسان.وسوءة الثاني،و ليس لهذا اي صلة بالتنوع في المجتمع؛حيث يشير العديد من الفلاسفة والمفكرين بأنه يتصدر شروط تطورها الحضاري.الوثيقة المذهبية الطائفية التي نشرت مؤخرا تكشف كل هذا الركض لاستعادة دور السادة والعبيد.ومنها مثلا “أن الله اصطفى أهل بيت الحوثي على المسلمين،كما اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين،وجعلهم هداة الأمة وورثة الكتاب”.

من ينظر الى صعدة وحالها المزري اليوم،لا يمكن له ان يذهب بعيدا عن مشروع تدجين المجتمع الواسع هناك، وتركيع الناس للإيمان بالجماعة وأفكارها التضليلية.لكنه لن يكون ابعد من برنامج تخدير لأبناء صعدة وغيرهم، و-لاشك-سيستيقظون يوما ما ليذودوا عن حقهم،ويحصلون عليه.كلما اشتدت معاناتهم وضاق بهم الحال.و العسف الصبياني الحوثي.حتى لو تأكدنا بأنه في الزمن الثوري خاصة الربيع العربي الذي صار نموذجاً عالمياً الآن،ثمة جبناء كثر وضعفاء نفوس قادهم ذلهم وحاجتهم الى الارتزاق اكثر،لا حاجة للتعريف بهم طالما هم مكشوفون لليمنيين،استفادوا من مناخ ثورة التغيير،وأصبحت الصحافة الثورية لا تشطب لهم حتى ما لا يحلو لها لصفراويته،و أن يظهر.فذلك من صناعة الثورة الشبابية الشعبية الخالدة،اتاحت لهم المساحات المضيئة،نعرف ان هذا من حقهم،حتى وان ظهروا متنكرين للثورة،كفار بمن سقطوا شهداء وجرحى لأجلهم.بعض هؤلاء الضحايا يعانون من اعاقة مستدامة.والبعض الآخر طارت رؤوسهم بالرصاص و توزعت اجسادهم في الشوارع اشلاء.كل ذلك،و لا خجل ان يذهب احد الزملاء والأصدقاء(ما زلنا نحبه)يذهب الى وصف الثورة “علكة لبان اسمها..الثورة يُلصقها الرعاع بمؤخرات العابرات وتمضغها أنتن الأشداق”وهذا غاية في النيل من حق اسر واقرباء من ضحوا بأنفسهم لأجلكم.وبكل اسفاف يوصفون على انهم مجرد علكة. 

ما الفرق بين عزيزة عثمان اول شهيدة في الثورة قتلها قناصة النظام السابق غيلة،او مازن البذيجي الذي احتضن القنبلة وانفجرت به وتطاير لحمه في الهواء،لإنقاذ اصدقائه.و كاتبنا المثقف،الشاعر،المعارض(بتاع كله)الذي يصف الثورة-غير مرة-بأقذع الالفاظ،ويسافر ليشرب الشاي مع زعيم الحوثيين تحت سقف الكهف في جبال مران(الوطن الصغير)ويمطر السيد امسية شعرية وسيل من الغزل المصنع الذميم،ثم يغادر دون أي مساءلة،وبين لجنة حقوقية(حوصراً اثنين منهم في فندق اكثر من اسبوع)و انتزعت كتائب السيد كاميرات الصحافيين وهددتهم بالتصفية الجسدية.لاحظوا أقول صحافيون،وحقوقيون زاروا صعدة وتعقدت عودتهم منها. حتى ردد البعض في اكثر من مكالمة تلفونية“قد لا نعود”لا داعي لأن نورد القرائن والدلائل بأن هذه الحادثة وقعت،وحفاظاً على اسماء اثنين من شباب الساحات،ساحة(تعز،البيضاء)كانوا ضمن لجنة الوساطة الى الحوثيين لفك الحصار على صعدة،حوصروا في فندق وسط مدينة صعدة،وتلقي مجموعة من اصدقائهم (انا كنت واحدا منهم)تحدثت الى احدهم.هل ننشر اخبارا عن حالتكم الآن؟إن لم يضر مثل هذا بوضعكم.ولن يعرض حياتكم للخطر.فطلبوا منا التريث.وفعلاً بعد مكالمات مع بعض من لهم صلة بالجماعة في صنعاء تم الإفراج عنهم وعادوا الى صنعاء.

وما الفرق بين هؤلاء من جاءوا من خارج صعدة ومن يقيمون فيها.من يمارس في حقهم ابشع التصرفات التي لن توصف خارج الجريمة الممنهجة المنظمة،يرتكبها اتباع السيد،كما حصل مع عضو اللجنة المركزية في الحزب الاشتراكي محسن عسكر منتصف العام 2009.اطلقوا النار ضده بدم بارد وهو يحتضن طفله.وسقط الاثنان مضرجين بدمائهم،ليفارقوا الحياة معا.هذا ليس اجتراراً للماضي.لكن الذي يجري هناك اليوم مدعاة للقلق الحقيقي بكل اشكاله. وعلى سبيل المثال الجماعة التي تنادي بالتغيير هنا،في اليمن،ودفعت بداية الثورة بعض شبابها الى ساحة التغيير صنعاء.هاهي تتخذ طريقا آخر من التغيير المستمر في الوطن.وما تعتقد ان حدوثه يغدو غير منطقي الآن في اليمن او سوريا.فهي ترى ان يكون مشروعاً ويجب تحقيقه في البحرين لكن على هؤلاء الاوغاد ان يصمتوا ويتركوا أبناء البحرين وسوريا وغيرهم يحصلون على حريتهم.كما يجب.عليهم ان يتركوا الشعوب تقرر مصيرها.لا ان تفصل لها لبوس الطائفية والمذهبية.وهي بذلك لا تقوم سوى بمساندة الجلادين وزعماء العصابات.في الظاهر تنتقد وفي الباطن تنال من المنادين بالحقوق و الحريات وتذود عن بقاء الدكتاتوريين في القصور.مشاريعها لم تعد تنطلي على احد.مع كل هذا الزخم الثوري المسافر فوق الحدود،داخل العواصم،وخلف اسوار القصور والفلل الفارهة. 

هل الثورة في البحرين جائزة؟وفي دمشق ساقطة!لماذا تكون حكراً هناك؟وحراما هنا او في مكان آخر!.الولولة على شهداء البحرين و التباكي مثلا في شاشة قناة(العالم) على معتقل حقوقي(عبد الهادي الخواجة)الذي من حقه ان يكون حراً خارج المعتقل،هل هو أصعب من محاولة التفكير ولو للحظة واحدة والفهم الاجباري لفك رموز اعتقال المئات واستشهاد نظرائهم في سوريا؟الا يستحقه شباب الثورة السورية وشيوخها من المتابعات والاهتمام عبر قنوات اخبارية تحاول كشف ما يجري لهم.وتندد بالمجازر الوحشية لنظام الاسد.انهم يستحقون ان نحزن عليهم بكل عظمة وتبجيل.على ما يلحق بهم؟. اعرف كغيري ان تحرير دمشق من العائلة العلوية هناك،يشبه بل ويطابق تخليص صنعاء واليمن-بالنسبة لكم-من العائلة هنا.ولو صمتم لكان خيراً لكم،اهون من كل هذه الفضائح التي ستلاحقكم حتى آخر العالم بعد ان تفيض بها صفحات التأريخ.من يصفقون لكم اليوم-مقابل ما تدفعون لهم-كمهمة يقومون بها،وثمناً لصمتهم وهم يبررون و يساندوا بكل ما ترتكبوه في صعدة وغيرها.سيدقون مساميرهم في نعوشكم وبذات الطريقة التي تلهثون انتم القيام بها في صفوف الثورة الآن.استقطبوا من شئتم.وغازلوا من ترغبون.لن يقوموا سوى باستنساخ البرامج نفسها في حال وصل من يدفع اكثر.وستتجرعون نفس الكأس.التي تحاولون ارغامنا على شربها داخل صعدة او خارجها.

كتاب كانوا معارضين،و صحفيون كانوا معارضين،و فنانون كانوا معارضين،ومشايخ كانوا معارضين.جميعهم باتوا في حظيرة السيد.و صفاتكم جميعا(الآن)يراد لها كما اراد النظام الصالحي،او هذه نهاية مخططاته.تريدون إفهامنا البديهي بأننا نعاني من(التصحر السياسي)او اننا لا نرى ولم نفهم ما الذي يدور؟مع كل هذه الخضات والإهتزازات الثورية الشعبية التي تتساقط بفعلها اقنعة وقلاع الأنظمة العسكرية القمعية الشمولية،الفاشية، و رحلًت باقة من الانظمة المافوية الانتهازية القذرة بكل تحالفاتها العابرة للطوائف والايدولوجيا.فما الجديد في ألأمر إذا! هل يصنع اللحظة معارضة مثلا؟بل من هي هذه المعارضة التي يروج لها اجهزة النظام السابق هنا وهناك،على لسان شيخ سلطان الغباء السياسي السامعي؟او المتوكل هو المعارضة التي كانت؟و ما تزال؟هههههه.يبدو هذا الرقم ملفتاً عندما نتذكر الدكتور المتوكل في واحدة من عملياته الجراحية وهو يتسلم (400.000$)مبلغ زهيد من الرئيس السابق قبل سنوات مقابل إنقاذ كبده،وفعلا نجحت العملية.وعاد الينا الدكتور حفظه الله معافى مرة بالتغلب على حالة الكبد،و اخرى من انقاذه من”الموتر السياسي”الذي الحق به الاوجاع والجروح.كما وصفه البعض.لكن عليه ان يعيرنا صمته؛لأن من طلبوا التغيير،دفعوا حياتهم ثمناً رخيصاً لأجله،رافضين كل المغريات والمنح.

الشك يحفز العقل.وشخصيا أجد من المحرمات السياسية،الثقافية،و حتى الاقتصادية التي أسرت معها العقول كالثقافة التي تخون تضحيات ودماء الشهداء والأبرياء و(قلتها سابقا).لا جدال على أن المثقف يمكن أن يخون الثقافة الجماهيرية،والأمر محقق ومثبت لدى كثيرين بمن فيهم المفكر الراحل إدوارد سعيد،عن دور هؤلاء في اللحظة الحاسمة التي تنهار فيها القيم وتتلعثم معها اللغة،تتشظى الأوراق وتتبدل المواقف كمساحيق التجميل،ولن تغدو سوى محاولة عجوز شمطاء تقوم بعملية جراحية لشد الوجه المتهالك تخيلوا كم تحتاج من الجهد الطبي حتى يتحقق لها ما تريد.غير ان العمر ذهب.و الذي تبقى يكفي ربما لتحسين الخاتمة لا للانحدار بها الى الابد، في الدنيا والآخرة.ان حالة هؤلاء تثير الضحك والسخرية؛الآن تشبه صمت فلاح صعيدي قبل أن ينطق بأي كلمة يسبقها ب(هو الملك فاروق بخير)!

تظهر هذه القوى على هذه الحالة المقززة،بعد توقيع الرئيس السابق على المبادرة الخليجية،ورحيله عن القصر نهائيا.ان الرجل يكاد يصدق ما حصل..لكن هؤلاء الجماعات(انصار الشريعة،انصار الله،انصار الشرعية)من صعدة الى ابين وغيرها،تحاول ان تظهر كقوة،يعتمد عليها في إحداث شيء يذكر.هي فعلاً كذلك لكنها قوة بدائية تحاول جاهدة عبر إشعال الحرائق و صناعة فبركات إعلامية رخيصة منفرة،تفكر ان تنال من الثورة،وحالة التغيير المتسارعة؛كما لن تستطيع بعد أن غرقت في دماء الناس وركام المدن.ان تحدث شيئاً،و لم تلتقط هذه الجماعات معنى التضحية ولم تستوعب أن المواجهة الشرسة مع نظام وصل في فاشيته حداً لم يعد مقبولاً حتى للمبتدئ بالسياسة من يطمح للعيش بمواطنة متساوية،تستدعي إلى جانب ما تستدعيه الارتقاء إلى تضحيات قوى التغيير الشبابية الشعبية الماثلة للعالم“هي الشعب”فإنه بالتأكيد يمنح هذا النظام البائد ما يمنحه من يسمي نفسه(معارضا)تحت سقف النظام الراحل(الوطن).ويستخدمهم كيدٍ يقتل بها فقط،يقتل بها لمجرد القتل.