خيارات اليمنيين: الحسم الثوري أو الحكم العائلي
بقلم/ ريما الشامي
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و 8 أيام
الإثنين 11 يوليو-تموز 2011 12:34 ص

ما تبقى من محطات ومراحل ثورة الشعب اليمني التي شارفت على اكمال شهرها الخامس هو جزءا هام وكبير جدا لم يتحقق بعد وهو انجاز هدفها الجوهري والرئيسي المتمثل باسقاط الحكم العائلي الأسري الذي لا تزال بقاياه تتشبث بالسلطة رغما عن ارادة الشعب ودستور البلاد ونظامها الجمهوري مستقوية بما تبقى لديها من مليشيات عسكرية وموارد اقتصادية ودعم اقليمي فنجل علي صالح واخوته وأبناء عمه هم الذين يحكمون اليمن اليوم ويمسكون بزمام السلطة بدون أية صفة شرعية أو دستورية ويرفضون تسليمها عبر الأطر الدستورية والقانونية ويصرون على أن يفرضوا الملكية والحكم العائلي على الشعب اليمني بالقوة و يشنون حربا عسكرية بما تبقى لديهم من معسكرات الحرس الجمهوري والأمن المركزي في أرحب ونهم وتعز وأبين والحيمة وغيرها كما يراهنون على تركيع الشعب اليمني و هزيمة ثورته وكسر ارادته بأساليب التجويع والحصاروالأزمات والعقوبات الجماعية التي يفرضونها على الغالبيةالعظمى من المواطنين وقد أدت هذه السياسات التي يستخدمونها في قهر الشعب وانهاكه الى تدهور الحياة الاقتصادية وتردي الحالة المعيشية لمجموع السكان ومعها تتزايد مؤشرات الجوع والفقر والمجاعة وتحذيرات المنظمات الانسانية من نفاذ المخزون الغذائي خلال الشهرين القادمين و توقعات حصول كارثة انسانية غذائية في اليمن.

ان بقايا أسرة علي صالح تفرض اليوم على الشعب اليمني حربا شاملة في كافة المجالات الاقتصادية والمعيشية والخدمية المتعلقة بحياته ولقمة عيشه وهي تعتقد بأن هذه الحرب الغير اخلاقية قادرة على افشال الثورة وكسر ارادة الشعب ورده عن مطالبه وحقوقه في الحرية والعدالة والحياة الكريمة التي خرج يطلبها في ثورة شعبية منذ 5 أشهر والى جانب هذا فقد أتضح أيضا لكافة فئات الشعب اليمني التواطؤ الاقليمي والمواقف العدائية التي تقفها بعض الدول المجاورة والأجنبية ضد ثورته وحريته وحقوقه ومطالبه فلقد سعت الأطراف الاقليمية وصبت جهودها خلال الفترة المنصرمة والى الان في اتجاه افشال الثورة والوصاية على الشعب اليمني وابقائه ضعيفا جائعا هزيلا ومتخلفا تحت سلطة الحكم العائلي وقدمت كل دعمها ومبادراتها من أجل الحفاظ على أسرة علي صالح ونظامه الفاسد في السلطة و حتما سينتهي مصير الثورة اليمنية الى الفشل و سيظل الشعب اليمني قابعا تحت نير الحكم العائلي الفاسد كما يريد له الأخرون هذا المصير الذي يرسمونه له مالم يبادر أبناء اليمن الى الانتصار لأنفسهم ولثورتهم ويختارون لأنفسهم و بأنفسهم الوجهة والمصير الذي يريدونه ويقررون بمنتهى اراداتهم الحرة الخيارات التي يريدونها وينفذوها انجازا لثورتهم التي ابتدأوها منذ أشهر دون انتظارلمبادرات او حلول او وصايات استهدفت و تستهدف أصلا افراغ الثورة و ضربها وقد أوصلتها الى ما هي عليه اليوم من مراوحة وجمود وعبث واستفراد أسرة علي صالح وعبثها بالبلد بعد رحيله وكأن اليمن مزرعة للعائلة الحاكمة يتوارثونها الأبناء عن الأباء.

انها اليوم لحظة حاسمة ومصيرية أمام جميع فئات الشعب اليمني الذي صار أمام خيارين لا ثالث لهما اما القبول بالحكم الأسري العائلي ورموزه الذين يحكمون بلدنا اليوم بالقوة والقمع والحروب والتجويع وافتعال الأزمات و فرض العقوبات الجماعية على مجموع الشعب وهذا الخيار أدواته و وسائله معروفة وخبرناها وجربناها خلال الفترة الماضية المنصرمة من عمر الثورة وجزءا هاما منها هو الركون الى الخارج ومبادراته وحساباته واشتراطاته التي أفضت بنا وبثورتنا الى هذا الحال الذي استفرت به أسرة علي صالح والمصالح الغير مشروعة لأطراف اقليمية لاتعترف أصلا بثورة الشعب اليمني ومطالبه ، أو هو الخيار الأخر وهو ان ينتصر اليمنيون لثورتهم وينجزوا أهدافها و يحققوا مطالبهم وينفذوا ارادتهم بالحسم الثوري وهذا الخيار هو الذي سينهي الحكم العائلي الفاسد وسياساته و رموزه الذين أوصلوا وطننا الى هذا التردي والانهيار والجوع والفقر والفساد والحروب والانقسامات وفي حالة الأخذ بهذا الخيار فانه لن يعد هناك مجال للمخططات الأقليمية و الارادات المتصارعة على وطننا و التي ترى مصالحها بالابقاء على الشعب اليمني رهنا تحت نير استبداد الحكم العائلي و رموزه.

سنذكر مرة ثانية وثالثة ورابعة ونقول أن الثورة اليوم تعيش مرحلتها المصيرية الحاسمة نحو الانتصار لارادة الشعب اليمني وخياراته وحقوقه أو الانهزام أمام فلول نظام علي صالح وأسرته والمؤامرات الاقليمية والدولية التي تعمل من أجل أبقاء رموز الأٍسرة والنظام في السيناريو الذي ترسمه لليمن بدلا عن اليمنيين خلال الفترة المقبلة ونؤكد مرة أخرى أن أسرة علي صالح التي تمسك بزمام السلطة اليوم بدون أية صفة دستورية او شرعية تراهن على عامل الوقت في هزيمة الشعب وانهاكه وتركيعه بواسطة سياسات التجويع والأزمات والفوضى والتخريب و الحرمان من الخدمات وشل حركة الاقتصاد و العقوبات الجماعية التي تفرضها على كافة فئات الشعب في المدن والقرى وعليه فان أي تأخير في الحسم الثوري سيكون من نتائجه المباشرة استمرار حالة الاحباط وافراغ الثورة من أهدافها واستقواء بقية رموز الحكم العائلي واعطاء التدخلات الخارجية فرصا وامكانيات لفرض شروطها والمساومة على ابقاء رموز نظام علي صالح في مراكز حساسة وجوهرية في الحكم تؤهلهم ثانية للانقضاض على السلطة والاستفراد بها في اطار الأسرة.

ليس هناك من خيار ثالث امام اليمنيين وقد رأينا خلال الفترة المنصرمة من عمر الثورة حتى اليوم كيف تتكالب الأطراف الأقليمية والدولية من اجل افشال الثورة وافراغها ورأينا كيف كان هذا التواطؤ الخارجي الداعم لعلي صالح ونظام حكمه الفاسد الذي يمعن حاليا في اذلال الشعب وتجويعه وقهره وقمعه وشن حروبه العسكرية عليه، فالمرحلة الان هي مرحلة الشعب الذي يحدد مصير ثورته ويقرر خياراته ولن يكون بمقدور أحدا أيا كان بعد اليوم أن يقف في وجه هذا الشعب وارادته وتجربتي الشعب المصري والشعب التونسي ماثلة امامنا.