ما الذي يجب أن يحدث لوقف العنف في الشرق الأوسط؟
بقلم/ توكل كرمان
نشر منذ: 3 أسابيع و 3 أيام و 3 ساعات
الجمعة 25 أكتوبر-تشرين الأول 2024 08:04 م
 

حديث توكل كرمان في حوار نوبل 2024 - سيدني.. 

 

مدير الجلسة: السيدة توكل كرمان، باعتقادك ما الذي يجب أن يحدث لوقف العنف في الشرق الأوسط وتعزيز الحوار السلمي؟ أين ترين الأمل في التقدم؟

 

 مرحبًا بكم، والسلام عليكم جميعًا. أنا سعيدة جدًا لوجودي هنا في أستراليا، هذا البلد الجميل للغاية، وأنا حقًا مفتونة بهذا البلد وخاصة الأشجار القديمة. وسأبدأ في الإجابة على هذا السؤال باعتباري امرأة وأم لأربعة أطفال. إننا معشر النساء والأمهات نعرف مدى الألم عند الولادة. لذا فإن مستوى الألم الذي نعيشه في بلدان الربيع العربي يناظر ألم المخاض. وبالتالي فإن هذا الألم هو نتيجة طبيعية لحلمنا وشجاعتنا وجسارتنا في المطالبة بالحرية والعدالة والديمقراطية وسيادة القانون في ظل نظام دكتاتوري مطلق في منطقتنا.

إننا في بلدان الربيع العربي محاطون بأنظمة ملكية قادت الثورة المضادة مثل السعودية والإمارات وأنظمة استبدادية أخرى مثل إيران. هذه الدول الثلاث التي قادت الثورة المضادة لا تريد الديمقراطية في بلداننا ولا تريد الديمقراطية في المنطقة، ولا تقبل بالديمقراطية كقيمة لأنها ستقدم نموذجاً جيداً، وهي خائفة من الثورة نفسها. عندما نجرؤ على الحلم، وعندما نجرؤ على التضحية، وعندما نجرؤ على خلق تلك الثورة السلمية، فإننا نكون خطونا الخطوة الأولى للثورة – ولكل ثورة خطوات عدة – وتتمثل الخطوة الأولى بتنحي الدكتاتور، وهذا ما فعلناه. لقد أجبرنا سبعة دكتاتوريين على ترك السلطة في أقل من 12 عامًا. هل تتخيلون ذلك؟ 

إذن، لقد حققنا انتصاراً مهماً للغاية في هذه الخطوة. والآن هناك الخطوة الثانية، وهي قدر حتمي لكل ثورة في العالم على مر التاريخ. كل أمة وكل ثورة واجهت ثورة مضادة. لذا فإن الثورة المضادة هي التي تسببت في كل هذه الفوضى. ويمكنني القول، وهذا أمر يلمسه أي شخص درس الربيع العربي عن كثب.

 أننا خلال الفترة الانتقالية حققنا تقدماً كبيراً، فقد صغنا دستوراً تضمن القيم والمبادئ التي كنا نتحدث عنها، ويؤكد على كافة الحريات للجميع في بلادنا، ومثل ذلك في كافة بلدان الربيع العربي، وأيضاً ضمان الاستقرار الاقتصادي.

لقد حدثت أخطاء خلال فترة الانتقال التي استمرت من ثلاث إلى أربع إلى خمس سنوات.

 بالتأكيد، كانت هناك أخطاء. لكنها أخطاء صدرت عن أشخاص كانوا في السلطة أثناء الفترة الانتقالية.

 السؤال هو من ارتكب الجرائم؟ إن الفشل الذي تتحدث عنه الآن ليس نتيجة للثورة، بل نتيجة للثورة المضادة التي تحكم الآن، ومن يحكم بلداننا اليوم فهم إما نتيجة لانقلابات عسكرية، أو ميليشيات، أو بقايا المستبدين، وهم من يؤججون الصراعات، ويثيرون الحروب الأهلية، ويدعمون الإرهاب، وإلى ما ذلك. لذا فإن هذا الألم قدر لا مفر منه لأي تغيير واسع. هل سنستسلم؟ هل نظل نتباكى، ونتعامل مع الأمر كأنه نتيجة حتمية؟ قطعاً لا. نحن ما زلنا الآن في ثورة، وما زلنا نضحي من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة، وقطعاً سننتصر في هذه المعركة، ولن نرضخ.

أنت كبريطاني، وأنتم كاستراليون، وكذلك الغرب عموما، هل تعتقدون حقاً أنكم قادرون على إنجاز ثورة أو إرساء الديمقراطية وإحداث التغيير في عام واحد فقط؟ هل تعتقدون ذلك حقاً؟ لماذا إذاً تسألوننا أين الديمقراطية في بلدان الربيع العربي؟ ألم يستغرق بناء ديمقراطيتكم عقوداً، بل مئات السنين. ثم تأتون وتحاضروننا أين الديمقراطية لقد فشلتم؟ لا، نحن لم نفشل. نحن هنا، وسوف ننتصر في هذه المعركة.

  

م دير الجلسة: في الواقع، تم منح جائزة نوبل في الاقتصاد هذا العام لثلاثة أكاديميين لدراستهم حول كيف تؤثر المؤسسات التي أنشأها الأوروبيون حول العالم خلال فترة الاستعمار على إمكانية النجاح والفشل اليوم. إن أثر هذه المؤسسات طويل الأمد ويمتد لقرون؛ فهي تواصل التأثير على النتائج السياسية والاقتصادية حتى اليوم.

 

توكل كرمان: أتفق معك تماما. إن الدكتاتوريين في أفريقيا وأميركا اللاتينية هم نتاج للنظام الاستعماري. وعندما رحل المستعمر عن أفريقيا نتيجة يأسه من جعل أفريقيا ملكاً له، ترك وراءه تراث استعماري ومؤسسات منهارة. وهذا أحد الأسباب التي تجعلك ترى أفريقيا كقارة تعاني من الفقر والاستبداد، وتعاني أميركا اللاتينية من الاستبداد. هنا في أستراليا، على سبيل المثال، هي واحدة من الدول القوية التي لديها تراث ومؤسسات مستقرة. لماذا؟ لأن المستعمر في أستراليا استقر فيها كما لو انها بلده. لذا حينما رحل كأنه ترك بلده؛ لم تكن مغادرته على نحو ما فعل مع الآخرين.

نحن هنا نعاني من ثلاثة أشياء: خيانة الغرب والاستعمار الغربي والأنظمة الاستبدادية. لقد سئم الناس في مختلف أنحاء العالم من كل هذا العبث. والآن ترى في أفريقيا ـ وهذا مازق حقيقي ـ انقلابات عسكرية كالذي حدث في الكونغو وغيرها من البلدان، ويزعم المسؤولون عن هذه الانقلابات بأنهم يقاتلون من أجل السيادة. لماذا؟ لأن الطغاة الحكام في أفريقيا حلفاء وعملاء للقوى الاستعمارية. لذا، لا ينبغي لنا أن نجعل الناس بين خيارين لا ثالث لهما: إما الانقلابات العسكرية أو الدكتاتورية. لا، لا ينبغي لنا أن نفعل ذلك. فالسيادة تعني الديمقراطية. والشيء الوحيد الذي يعطي مثل هذه الرسالة هو القوة الاستعمارية.

  

مدير الجلسة: لماذا نحتاج الآن إلى القيام بما من شأنه أن يحدث فرقاً؟ ما هو الدافع الذي تعتقدين أنه يدفعك الآن إلى مواصلة الضغط من أجل الدفع باتجاه إرساء الديمقراطية في الشرق الأوسط؟ كيف يمكن للنظام الدولي والولايات المتحدة وغيرهما أن يدعموا ذلك؟

  

توكل كرمان: أمامنا الكثير لنقوم به. أولاً، لا ينبغي لنا كشعوب في الشرق الأوسط وفي العالم أجمع أن نتخلى عن حلمنا، ولا عن أملنا، ولا عن إيماننا بالنصر. هذا أمر غاية في الأهمية. وليس لنا من خيار أمام توحد الأنظمة الاستبدادية إلا أن نكون يداً واحدة، فالأنظمة الاستبدادية اليوم متحدة مع بعضها. هناك معسكر موحد للأنظمة الاستبدادية، في حين أن الأنظمة الديمقراطية متشرذمة وأضعف من ذي قبل.

إننا كشعوب علينا ألا نستسلم. وثانياً، وهذا ما أركز عليه دائماً، هو دور الدول الديمقراطية التي تضع نفسها في موقع المدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. ورغم أنها هي المهاجم الحقيقي للديمقراطية وحقوق الإنسان، فإنها عندما تعقد صفقات مع الأنظمة الدكتاتورية في بلداننا، فإنها تدعم الفساد وفي الوقت نفسه تتخلى عن قيمها ومبادئها في مجال حقوق الإنسان والمساواة والعدالة. وهذا يعرض هذه الدول لخطر حقيقي.

إن الخطر الحقيقي يكمن في تراجع الديمقراطية، وهذا الأمر لا يقتصر على بلداننا. ومع أننا نناضل من أجل الديمقراطية، فإن الديمقراطية في تراجع حقيقي في معاقلها في الغرب، مما يحتم على هذه البلدان أن تحمي ديمقراطيتها، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال إصلاح سياساتها، والعودة، كما أسلفت، إلى القيم من خلال التوقف عن دعم الدكتاتوريين. كما تعلمون، فإن الدكتاتوريين يتسببون في زعزعة استقرار السلام العالمي ويضرون بالمصالح الوطنية للدول الديمقراطية، فهم السبب في تدفق اللاجئين وزيادة الهجرة.

إن هؤلاء المتطرفين اليمينيين يستغلون ما يسمى بأزمة اللاجئين، في حين أن الأزمة الحقيقية هي الفساد والاستبداد. لكنهم يستخدمون الكراهية ضد اللاجئين كأداة للوصول إلى السلطة وتقويض المؤسسات الديمقراطية. على الدول الديمقراطية أن تتوقف عن سياساتها السيئة تجاه البلدان الأخرى وأن تتحدث عن التعايش والقبول والإدماج وأن تتوقف عن الخوف من الآخرين، وعليها أن تتوقف عن استخدام اللاجئين والمهاجرين كشعار انتخابي. يجب محاسبة أي من هؤلاء السياسيين الذين يستخدمون سياسة الهجرة أو خطاب الكراهية. لذا فإن المحاسبة مهمة في بلداننا جميعاً.

على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، حيث تشهد الديمقراطية تراجعاً ملحوظاً، نرى غياب المساءلة لشخص مثل ترامب، المتهم بالفساد والتحرش الجنسي وغير ذلك، وهو الذي هاجم مبنى الكابيتول ولم يواجه أي نوع من المساءلة. مثال آخر هو جورج بوش، الذي غزا العراق ونشر أكبر معلومات مضللة في العالم بأن العراق يمتلك أسلحة كيميائية، لا يزال بدون مساءلة، على الرغم من أنه اعترف بنفسه بأنهم كانوا يكذبون. هذه أشياء مهمة.

إننا في حاجة إلى أن تعمل هذه البلدان على إصلاح سياساتها، ومن الأهمية بمكان أن نطالب بإصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وهذا أمر ملح للغاية ليس فقط لحماية الديمقراطية، بل وأيضاً لحماية الأمن العالمي، وحماية المناخ، وتوزيع الثروات بشكل عادل. إننا بحاجة إلى توزيع عادل للثروات بين البلدان الغنية والبلدان الفقيرة.

أما نحتاجه في الأمم المتحدة في الحد الأدنى هو إلغاء حق النقض الذي يتمتع به الأعضاء الدائمون، فهم يستخدمونه لمصالحهم الخاصة. والآن، في حالة الإبادة الجماعية في غزة، لو كان هناك نظام دولي عادل حقيقي، لكانت هذه الإبادة الجماعية قد توقفت، ومن قبلها الإبادة الجماعية في الروهينجا، إلخ. هذا هو ما نحتاجه إذا أردنا حماية الديمقراطية.

اود أن أضيف شيئًا هنا بعد اذنكم. إنه لأمر صادم بالنسبة لي أن السكان الأصليين هنا في أستراليا ما زالوا يكافحون من أجل حق الاعتراف بهم في الدستور. إنه لأمر معيب حقاً أنكم لم تنالوا بعد مثل هذا الحق، وما زلتم تكافحون من أجله. عليكم أن لا تستسلموا. وهذا يذكرني بمدى معاناة السكان الأصليين حقًا على أيدي الحكومات بشكل عام، وكذلك من قبل الشركات المتعددة الجنسيات.

قمت بزيارة للسكان الأصليين في هندوراس وغواتيمالا، ورأيت حجم معاناتهم من هذه الشركات المتعددة الجنسيات التي تسرق أراضيهم ابتداء، ثم تتسبب في تلوثها بشكل كبير، وفي تلوث المياه والهواء وكل شيء. لذا، فنحن في أمس الحاجة للمساءلة.

باعتقادي أن المساءلة هي أهم حل نحن بحاجة له في هذا العالم، فالمساءلة ضرورية بحق من يلوثون المناخ، وهي كذلك بحق من يعتدي على كوكبنا، وعلى نظامنا البيئي، وعلى التنوع البيولوجي. كما ان المساءلة واجبة بحق مجرمي الحرب. وعليه، فإنه بالإضافة إلى الاعتراف، هناك حاجة أيضا، وإن كنت لا اريد قول ذلك، لتقديم الاعتذار للسكان الأصليين في تلك البلدان.

  

مدير الجلسة: سأتوجه إلى الجمهور لطرح الأسئلة والإجابة عليها بعد قليل، ولكنني سأطرح سؤالاً واحدًا عليكما معاً. لقد أثار برايان بالفعل قضية التضليل الإعلامي والمعلومات المضللة والثورة الرقمية - وهو موضوع مرغوب. إنها قضية كبيرة، وتحدث الكثير من الفوضى وتشوه الكثير مما هو جيد في المجتمعات الديمقراطية. إلى أين نتجه؟

  

توكل كرمان: انظر، هذه واحدة من التحديات التي تواجه الإنسانية اليوم، فالتكنولوجيا، التي من المفترض أن تستخدم بما يفيد، يساء استخدامها. إنها مهمة للغاية، فهي من النعم المتاحة لمختلف الأجيال في هذا العصر، ويستفيدون منها كما تعلمون. لكنها في المقابل تستخدم للتضليل الإعلامي ونشر المعلومات الكاذبة وخطاب الكراهية، والسبب في ذلك يرجع أيضًا إلى شركات التكنولوجيا الكبرى التي تسعى إلى الربح أكثر منه الى الدفاع عن حرية التعبير أو الحقوق وتعزيز السلام ونشر المحبة بين الناس. ولو أنها سخرتها لتوعية الناس وكيف يتعايشون مع بعضهم البعض، لابتكروا طرقاً ناجعة لمحاربة التضليل الإعلامي والمعلومات الخاطئة وخطاب الكراهية. لكنها لم تفعل ذلك. وكل ما يقومون به باستخدام اللوغاريتمات الخاصة بهم هو لزيادة أرباحهم وبضائعهم فقط. هذا الأمر الأول.

الأمر الآخر، وهو مهم للغاية ويتعلق بالتكنولوجيا، أن الأخيرة غدت اليوم أداة بيد الظالمين تُستخدم لقمع الآراء ولإقامة علاقات مع شركات التكنولوجيا الكبرى، وإنشاء برامج تجسس تستهدف تلك الأصوات. وهذا أحد عيوب تلك المنصات. ولكن في الوقت نفسه، يتعين علينا أن نوعي شعوبنا وشبابنا وأنفسنا حول كيف نتعامل بشك مع هذه المعلومات، وكيف نحصل على مصادر موثوقة، وكيف نستقي الحقيقة وأن لا نُسلم بكل ما يصل إلينا. علينا ان نتعامل بحس متشكك. وعلينا أن نعمل بجد لتحقيق ذلك، وأن نستخدم التكنولوجيا حتى تكون أداة بأيدينا لنشر السلام، ومحاربة الفساد، ومناصرة حقوق الإنسان والتوعية بالتغير المناخي، ولخدمة قضايانا ــ وليس أداة بيد الأنظمة الاستبدادية أو القمعية فحسب.

اسمحوا لي أن أشارككم الحديث عن اللوائح لما لأمر من أهمية، وسأحاول ان اختصر. لدي بالتأكيد الكثير لأقوله، ولي أيضاً موقفي الخاص، حيال التضليل الإعلامي وما يحدث الآن على منصات التواصل الاجتماعي. لكن ما يهمني حقيقة هنا هو اللوائح، فحينما نتحدث عن اللوائح في سياق التضليل الإعلامي والمعلومات الخاطئة فلا بد وأن نكون حذرين للغاية لأنه يجري استخدام هذه اللوائح الآن لتقييد حرية التعبير.

الآن هناك تراجع في هذا المجال، اذ يوجد حكومات، وأوروبا داخلة في ذلك، تتبنى من اللوائح والقوانين التي من شأنها أن تشكل اعتداء على حق التعبير تحت مظلة مكافحة التضليل الإعلامي. وهذا ما نراه في الهند، ولدي الكثير من الأمثلة على ذلك. لذا يتعين علينا أن نكون حذرين عندما نتحدث عن اللوائح إن كنا حقاً لا نريد لهذه اللوائح أن تتحول الى أداة بيد الحكومات لفرض الرقابة، بل والرقابة المشددة للغاية على حقوق التعبير. إن مكافحة التضليل الإعلامي وخطاب الكراهية شيء والتضييق على حرية التعبير عبر الإجراءات والقوانين شيء آخر. 

 

سؤال من مهاجرة أفغانية: مرحبًا بك توكل كرمان وشكرًا لك على كل ما تقومين به وما تبذلينه من جهود المناصرة. كل ما أتمنى هو أن أتمكن يومًا ما من أن أكون شجاعة وجريئة مثلك. أنا لاجئة أفغانية وطالبة لجوء. وصلت عبر قارب إلى أستراليا قادمة من إندونيسيا موطن هجرة عائلتي. أنا هنا منذ أكثر من 12 عامًا تقريبًا. ومع ذلك، أجد نفسي بلا صوت في نظامنا السياسي والديمقراطي. على الرغم من الدراسة والعيش والعمل جنبًا إلى جنب مع الأستراليين، إلا أنني لا أملك الحق في التصويت لأنني مصنفة، بين قوسين، باعتباري وافدة غير شرعية. أنا أمثل الأصوات غير المسموعة في الغالب. سؤالي لك هو، كيف يمكننا إرساء أو تحسين نظامنا الديمقراطي ليشمل المزيد من الأصوات وإعادة بناء الثقة في الديمقراطية؟

  

توكل كرمان: كيف تصفين نفسك بأنك لا تملكين صوتًا وأنت تقفين هنا بكل ثقة، وبصوت عال؟! على كل، تحية كبيرة لك، وشكرًا جزيلاً لك على هذا السؤال. إجابتي هي استمري على أنت عليه الآن، استمري في رفع صوتك، كوني شجاعةً. والحقيقة أن الدول الديمقراطية بحاجة فعلاً إلى إصلاحات كبيرة. وحديثي هنا ليس موجهاً للأنظمة الاستبدادية لأنني في معركة مباشرة معها، ابتداءً من بوتين وانتهاءً بأصغر دكتاتور في العالم. هذه هي غايتي، وهذا هو عهدي الذي قطعته على نفسي ولشعبي، بأن أقف بوجه أي دكتاتور في العالم حتى تكون نهايته على يدي أو على يد شعبه. هذه هي معركتي الأولى. أما معركتي الأخرى، فهي مع الدول الديمقراطية، وهنا تقع على عاتقكم كشعوب مسؤولية كبيرة جداً. عليكم أن تحافظوا على هذه الديمقراطية لأنه اذا ما فشلت هذه الديمقراطية، فسوف يفشل كل شيء في العالم.

الديمقراطية تعني حرية التعبير، وتعني المساءلة، وتعني حرية التجمع، وتعني توزيع السلطات، وتعني استقلال القضاء، وتعني الكثير من الأشياء. الديمقراطية تعني العدالة والإنصاف والمساواة. وما تشهده الأنظمة الديمقراطية من تدهور اليوم سببه تخليها عن قيمها ومطالبها. لذا لا تعتقدون بأن صمتكم سنعكس عليكم او على أسركم بالفائدة. لن يحدث ذلك، بل أنتم بذلك تساهمون في تدمير هذا الشيء المهم للغاية الذي سينقذ العالم. لذا فمن المهم جدًا لنا جميعًا، وكل شخص هنا، أن يتحمل هذه المسؤولية. لا تجعلوا الناس يكفرون بالديمقراطية أو يعتقدون أنها مكمن الخلل، وهي ليسن كذلك، بل غياب الديمقراطية هو مكمن الخلل. يجب أن نعمل معًا لحماية الديمقراطية، وحينما يكون صوتنا واحد، سنكون قادرين على مواجهة مختلف مظاهر التدهور، وعلى مجابهة الأنظمة الدكتاتورية بشكل خاص.