آخر الاخبار

اول دولة توقف استيراد النفط الخام من إيران تقرير حقوقي يوثق تفجير مليشيا الحوثي لِ 884 منزلا لمدنيين في اليمن. منفذ الوديعة يعود لظاهرة التكدس .. وهيئة شؤون النقل البري تلزم شركات النقل الدولية بوقف رحلاتها إلى السعودية المبعوث الأممي يناقش في الرياض مع مسئولين سعوديين معالجة الأزمة الاقتصادية في اليمن وقضايا السلام أسباب وخفايا الصراع بين فرعي العائلة الملكية في قطر وقصة الجوهرة الماسية التي فجرت الخلافات توجه لإلغاء تقنية الفار من مباريات كرة القدم واستبدالها بـ(FVS).. ماهي؟ حمدي منصور لاعب نادي السد بمحافظة مأرب ينتزع ثلاث ميداليات ذهبية ويحقق أعلى النقاط في بطولة الأندية العربية للووشو بالأردن صورة.. هل ظلم الحكم الإماراتي المنتخب السعودي أمام استراليا؟ مع تواصل انهيار العملة.. الرئيس يبحث هاتفيا مع رئيس الحكومة خطة الانقاذ الإقتصادي وتدفق الوقود من مأرب وحضرموت ترامب يرشح أحد الداعمين بقوة لإسرائيل في منصب وزير الخارجية

العامري :وظيفة الحاكم اليوم تحولت عن مسارها الشرعي
بقلم/ مأرب برس - سلمان العماري
نشر منذ: 13 سنة و 3 أسابيع
الأحد 23 أكتوبر-تشرين الأول 2011 09:00 م
 
العامري
 

في تساؤلات مطروحة عن تطورات الأحداث في اليمن،وما آلت إليه ثورته الشعبية السلمية،ومحاولة سلطة الأسرة الغاشمة جرها إلى مربع العنف،واستهدافها الغادر،والجبان لكثير من قامات الوطن،وتفاصيل أخرى تمكنت من الوقوف معها،وحولها خلال لقائي العابر مع عضو هيئة علماء اليمن الشيخ الدكتور محمد بن موسى العامري " البيضاني" أحد المراجع القيادات العلمية السلفية المؤسسة والبارزة،ومشايخ الثورة السلمية الذين أسهموا في مباركتها منذ البدايات،ونزلوا في الساحات وشرفوها،وتشرفوا بها دون غيرهم،والذين كان لهم بصمة في تحرير الموقف السلفي في اليمن من الثورة الشعبية مع آخرين ضمن هيئة علماء اليمن ،ورابطة التغيير والبناء .

نال درجة الماجستير في مقاصد الشريعة الإسلامية، ومؤخراً حصل على شهادة الدكتوراه في أصول الفقه من جامعة أم درمان بالسودان، وهو يشغل حالياً عضو في مجلس أمناء جمعية الإحسان، ومدرساً بمركز الدعوة العلمي، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة الرشد الخيرية بصنعاء، ولديه العديد من الرسائل والأبحاث والكتابات؛ فإلى تفاصيل الحوار

 حاوره: سلمان العماري- الشموع

·   ماهي قراءتكم لمجريات وواقع الأحداث الدائرة في اليمن ؟

     لاشك أن مجريات الأحداث أخذت تتصاعد في اليمن في الآونة الأخيرة،خصوصاً بعد عودة علي صالح من رحلة العلاج في المملكة العربية السعودية ،إذ اعتبرت هذه العودة بمثابة التصعيد السياسي والشعبي لكلا الجهتين سواء كانوا في جهة السلطة،أو في جهة المعارضة والمطالبين بتغيير وإسقاط النظام،وقد زاد من حدة هذه الاضطرابات المواقف الإقليمية والدولية التي ظلت تتأرجح في مواقفها بين أطراف النزاع في اليمن غير آبهة بحجم المعاناة التي يتعرض لها الشعب اليمني من جراء مواقف النظام المتعنتة من تطبيق المبادرة الخليجية والخروج بحلول تجنب اليمن مسالك الانزلاق إلى الفتنة والمزيد من سفك الدماء والواقع اليوم يقول إن على السلطة ومن فيها من العقلاء أن يتجنبوا سلوك المراوغات السياسية ،وأن يكونوا صادقين مع الله أولا ثم مع شعبهم ثانيا , ويسارعوا إلى نزع فتيل هذه الفتنة , وهم الطرف الذي يستطيع إخمادها فالشعب اليوم لم يعد قادرا على تحمل الكثير من العنت,ونذكرهم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم «اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ» رواه مسلم .

 

·   ما هو توصيفكم الشرعي للتظاهرات التي قامت بها الشعوب في المنطقة العربية على الأنظمة ،وتردي علاقتها بالحكام ؟

 حينما ننظر إلى العلاقة بين الحاكم وشعبه من منظور شرعي تأصيلي ونقارن بين ذلك وبين ما يجري في كثير من الشعوب العربية وما بينها وبين حكامها من القطيعة والبغضاء بكل تأكيد سوف نستنتج الحقائق الآتية : أولا : أن وظيفة الحاكم اليوم قد خرجت عن مسارها الشرعي القائم على قوله سبحانه وتعالى "الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ"[الحج: 41] فلم تعد مهمة الحاكم كما يذكر الفقهاء في كتبهم ما يناط به من الأحكام يقول صاحب منتهى الإرادات "وَصِفَةُ الْعَقْدِ أَنْ يَقُولَ لَهُ كُلٌّ مِنْ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ: قَدْ بَايَعْنَاك عَلَى إقَامَةِ الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ وَالْقِيَامِ بِفُرُوضِ الْأُمَّةِ وَلَا يُحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى صَفْقَةِ الْيَدِ فَإِذَا ثَبَتَتْ إمَامَتُهُ لَزِمَهُ حِفْظُ الدِّينِ عَلَى أُصُولِهِ الَّتِي أَجْمَعَ عَلَيْهَا سَلْفُ الْأُمَّةِ فَإِنْ زَاغَ ذُو شُبْهَةٍ عَنْهُ بَيَّنَ لَهُ الْحُجَّةَ، وَأَخَذَهُ بِمَا يَلْزَمُهُ حِرَاسَةً لِلدِّينِ مِنْ الْخَلَلِ، وَتَنْفِيذُ الْأَحْكَامِ بَيْنَ الْمُتَشَاجِرِينَ وَقَطْعُ خُصُومَتِهِمْ وَحِمَايَةُ الْبَيْضَةِ وَالذَّبُّ عَنْ الْحَوْزَةِ ; لِيَتَصَرَّفَ النَّاسُ فِي مَعَايِشِهِمْ وَيَسِيرُوا فِي الْأَسْفَارِ آمِنِينَ، وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ لِتُصَانَ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقُ عِبَادِهِ، وَتَحْصِينُ الثُّغُورِ بِالْعُدَّةِ الْمَانِعَةِ وَجِهَادُ مَنْ عَانَدَ الْإِسْلَامَ بَعْدَ الدَّعْوَةِ، وَجِبَايَةُ الْفَيْءِ وَالصَّدَقَاتِ عَلَى مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ وَتَقْدِيرُ مَا يُسْتَحَقُّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِلَا سَرَفٍ وَلَا تَقْصِيرٍ وَدَفْعُهُ فِي وَقْتِهِ بِلَا تَقْدِيمٍ وَلَا تَأْخِيرٍ وَاسْتِكْفَاءُ الْأُمَنَاءِ وَتَقْلِيدُ النُّصَحَاءِ فِيمَا يُفَوِّضُهُ إلَيْهِمْ ضَبْطًا لِلْأَعْمَالِ وَحِفْظًا لِلْأَمْوَالِ، وَأَنْ يُبَاشِرَ بِنَفْسِهِ مُشَارَفَةَ الْأُمُورِ وَيَتَصَفَّحَ الْأَحْوَالَ لِيَنْهَضَ بِسِيَاسَةِ الْأُمَّةِ وَحِرَاسَةِ الْمِلَّةِ" (3/389).فما هو الشيء القائم اليوم على هذا العقد السياسي ؟ لا شيء سوى الاستبداد وضياع الحقوق والتفريط في مصالح الدين والدنيا وتبديد الثروات وبناء المؤسسات العسكرية والأمنية التي تطيل من أمد الحكام فترة أطول في قمع الشعوب ومصادرة حقوقها وحرياتها.

  وبناءً على ذلك فإنه من الطبيعي أن تحصل هذه الفجوة بين الشعوب والحكام نظرا لغياب وضياع الحكم الرشيد في الأمة بل من المؤكد الذي لا يقبل الشك عند من يقرأ السنن في سقوط الدول ،واضمحلالها أن ما توصلت إليه الشعوب مع حكامها قد تأخر كثيرا اليوم بسبب الغيبوبة التي أصابت الأمة الإسلامية ،وبعدها عن فهم رسالتها ،وشريعتها القائمة على العدل وأداء الحقوق ،وما اشتملت عليه من هداية الناس ،وإرشادهم إلى مقومات السعادة في الدنيا والآخرة.

   غير أن ما يستدعي الانتباه في هذه المسيرة الشعبية ،وما هو جدير بالوقوف عنده ما نراه من بعض النتوءات التي لا تريد أن تستفيد من أخطاء الماضي ،وإنما تصر على تكرار تجربة البعد عن شريعة الإسلام ،والاستعاضة عن ذلك بمقومات الدولة المدنية الليبرالية التي تريد أن تجعل من القيم ،والمفاهيم الغربية العلمانية التي لا تهتدي بنور سماوي أنموذجا لها في قيادة الناس ،والتسلط على رقابهم ،وبهذا نكون قد خرجنا من ظلمة إلى ظلمة ،ومن جهالة إلى أختها،والله سبحانه وتعالى يقول "أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ"فالقسمة ثنائية لا ثالث لها إما شريعة الله وحكمه، وإما شريعة الطاغوت وحكمه .

  ولذا فإن العلماء والعقلاء والمصلحين وأهل الحل والعقد وكافة شرائح المجتمع والقوى الخيرة معنية اليوم بالسعي إلى الأفضل وإقامة العدل وإيجاد المجتمع الصالح وذلك كله مرهون بالحفاظ على هويتنا وأصالتنا وشريعتنا الإسلامية ورفض أي مساس بهذه القيمة أو التلاعب بها مهما زخرف دعاة الباطل ما يهدفون إليه.

·  أين تقفون من البيان الأخير الصادر عن جمعية علماء اليمن ،وردكم على مضامين الفتوى التي نددت بالمتظاهرين السلميين ،وحجّرت عليهم فيه ؟

 في الحقيقة أنا لم أكن مستبعداً أن يصدر من جمعية علماء اليمن مثل ذلك البيان الذي سمعناه ،وقرأناه لعدة أسباب منهـا أن هذه الجمعية تعد إحدى المؤسسات التي تتبع السلطة وهي إحدى أدوات النظام مع تقديري لبعض الفضلاء المنتسبين إليها،وأن الذين شاركوا في مؤتمر الجمعية ليسوا من علماء اليمن ولا علماء الجمعية باستثناء قلة قليلة منهم ،وأما الغالبية فهم إما طلبة علم أو موظفون أو متدينون فحسب , والأصل أن يتقلد الفتوى أهلها وأن لا تكون ألعوبة كما أن من واجب العالم أن ينأى بفتواه عن المؤثرات أو الضغوطات التي من شأنها أن تنحرف بمسار الفتوى وآلياتها, فلا ينبغي للعالم أن يكون آلة وأداة لا للسلطة ولا لحزب أو منظمة أو أي جهة بل الواجب عليه أن يكون مستقلا في فتواه متحريا للحق ناصحا للخلق بعيدا عن تصفية الحسابات الحزبية أو المذهبية ،فضلاً عن أن هناك أعضاء في جمعية علماء اليمن لم يدعو إلى هذا المؤتمر أو يؤخذ رأيهم في هذا البيان بينما دعي إليه جملة كبيرة لم يكونوا من أعضاء الجمعية ،ولذلك خلا البيان من توقيعات الحاضرين في المؤتمر.

 ويوجد في هيكلية الجمعية ،ونظامها الإداري إشكالية مزمنة كنا قد طالبنا مرارا وتكرارا بتصحيح وضع هذه الجمعية حتى تكون قائمة بواجباتها ومسؤولياتها تجاه العديد من القضايا التي يحتاج الناس فيها إلى البيان،وأن لا يكون دورها فقط مقتصرا على ما يطلب منها من البيانات ،والفتاوى التي غالبا ما تكون مسيسة ومنحازة لصالح السلطة كما حصل في هذا البيان.

 وبالنسبة لما ذهبت إليه الفتوى أو البيان الصادر عن الجمعية فلم يكن موفقا في بعض ما جاء به خصوصا ما تعلق منه بتحريم المظاهرات ،والاعتصامات السلمية ،وما توصلوا إليه من اعتبار ذلك خروجا على ولي الأمر،وهو أمر بعيد عن الصواب إذ الخروج المنصوص عليه عند الفقهاء إنما يعني الخروج المسلح من جماعة ذات شوكة ،وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سواء تم بصورة فردية أو جماعية فلا يعد خروجا إذا ما خلا عن السلاح واستمر على طريقته السلمية.

 والحق أن هذه المظاهرات ينظر إليها باعتبار غاياتها ،ومقاصدها وقد تعتريها الأحكام الشرعية الخمسة باعتبار متعلقها،ومراميها ,فهي إذا في حد ذاتها وسيلة محضة قد تشهد لها عمومات الشريعة إذا نبلت غايتها كالأدلة التي تدعونا إلى دفع الظلم والسعي إلى رفعه عن الناس،وأدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سواء كانت المنكرات من جهة السلاطين والحكام أو من جهة الشعوب وكذلك هناك جملة من القواعد الفقهية التي تدل عليها مثل قاعدة "الوسائل لها أحكام المقاصد" وقاعدة "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" وقاعدة "الأمر بالشيء أمر به وبما لا يتم إلا به " وقاعدة " الضرر يزال" ونحو ذلك على أن هذه المظاهرات والاعتصامات قد ثبت نفعها في رفع الأذى عن كثير من الشعوب كما حدث في أندنوسيا مع سوهارتو ونظامه الفاسد ،وكذلك ما حدث في تونس من إسقاط النظام المستبد الذي أهلك الحرث والنسل وفي مصر ،وغير ذلك من البلدان التي نالت حرياتها وطردت الاستعمار من بلدانها بهذه الوسائل السلمية.، وعموماً فقد أصدرت هيئة علماء اليمن بيانا ناقشت فيه بعض ما جاء في البيان الجمعية يمكن الرجوع إليه .

 على أن هناك جوانب إيجابية تضمنها بيان الجمعية مثل دعوة الناس إلى التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ،وتحذيرهم من سفك الدماء والمطالبة بتخفيف المعاناة عن الناس عموما،والنازحين في بعض المناطق المتضررة خصوصاً،و قد أشار إليها بيان هيئة علماء اليمن.

·  مصطلح ولي الأمر ثمة خلاف كبير حوله في العصر الحديث،وكيفية تنزيله على الواقع فما هو الموقف الشرعي من ذلك ؟

   مصطلح ولي الأمر من المصطلحات الشرعية المنصوص عليها في القرآن الكريم والسنة المطهرة ،وهو يعني خليفة المسلمين أو أمير المؤمنين أو الإمام الشرعي ،وعليه واجبات وله حقوق ،وأول واجباته أن يحكم في الناس بشريعة الإسلام ،وأن يقيم العدل ويزيل المظالم ،ويقيم الفروض الكفائية، ويحفظ الدين على أصوله التي أجمع عليها سلف الأمة , وأن يحمي الأمة ،ويذب عنها،وأن يقيم حدود الله في الأرض، وأن يقوم بالدعوة إلى الإسلام ،ويجاهد من عانده ،وأن يولي أهل الأمانة والكفاءة ،وأن يشاور أهل الحل والعقد، وأن يحفظ الضروريات ومنها الدماء والأموال والأعراض إلى غير ذلك مما يناط به من إقامة أحكام الشريعة بين الناس فإذا فعل ذلك على ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فعلى الناس أن يسمعوا ويطيعوا له وأن يعينوه ،و يناصحوه ،وأن لا يخرجوا على حكمه ،وأما إذا قصّر، وفرط في واجباته فمن واجب الناس أن يأمروه بالمعروف وينهوه عن المنكر،وأن يقيموه،وأن يرفضوا سياسته إذا تعطلت ضرورياتهم.

 واختلف العلماء في عزله وخلعه إذا فرط وظلم ولم يصل إلى الكفر البواح على قولين أحدهما : يخلع ويعزل، وهو مذهب قديم للسلف ذهب إليه الحسين بن علي وابن الزبير وابن الأشعث والقراء معه والنفس الزكية وغيرهم,والثاني:المنع،وهو ما استقر عليه الأمر نظراّ لغلبة المفاسد على المصالح التي حصلت في التاريخ لكن هذا في الخروج بالسيف،وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن ذلك المظاهرات السلمية فلا تعد من الخروج بالمفهوم الشرعي،ومن قال بذلك فقد تكلف ،وتشبث بغير دليل، وخالف ما عليه غالب العلماء قديما وحديثا.

 

·   كيف كان تأثير الثورات في المنطقة على واقع الإسلاميين،ومدى تأثر السلفيين، وتباينهم حول المشروعية لها من عدمها،والمشاركة فيها خصوصا في بلادنا ؟

من دون شك أن هذه الثورات قد أثرت في عموم الناس بما في ذلك الجماعات الإسلامية ومنهم السلفيون ذلك أن هذه الجماعات الإسلامية قد افترضت فرضيات للتغيير واقتصرت في تربيتها لأفرادها وفي أدبياتها على هذه الأدوات فالإخوان المسلمون أخذوا في سبيل التغيير بالمسلك السياسي البرلماني والمشاركة في السلطة والتحالفات والانتخابات والنقابات وغيرها فوصلوا إلى طريق مسدود أو متعثر طيلة سبعين عاما والسلفيون رأو أن التغيير إنما يتم عن طريق تربية الأمة على مفاهيم الإسلام وتصحيح العقيدة والعبادات بحيث يتحقق التغيير بعدها عن طريق إصلاح المجتمع ثم إصلاح قمته السياسية.

 غير أن هذه الثورات الشعبية قد جاءت بما لم يكن في الحسبان بسبب الضغط الذي جعلها تتجه إلى طريق آخر للتغيير،والخلاص من هذه المؤسسات القمعية بطريقة أسرع،ولا شك أن الجماعات الإسلامية قد أثرت وتأثرت بهذه الثورات باعتبارهم جزءا من مجتمعاتهم وقد رأينا تأثيرهم جليا سواء في تونس أو في مصر أو اليمن.

وأما السلفيون ،وتباينهم حول هذه الثورات فأظن أن الأمر بالنسبة لهم قد يكون معقولاً عند من يفهم طبيعة التفكير ،والنشأة التي نشأ عليها السلفيون لأسباب لا تخفى أشير إلى بعض منها :

 أولا :- أن بعضاً أو كثيراً منهم لا يحبذ العمل السياسي بسبب ألاعيب السياسة،وتقلباتها ،وخروجها عن السياسة الشرعية بانتهاج البراغماتية القائم على النفعية في الوصول إلى السلطة , فيرى كثير منهم عزلة هذه الأعمال والاتجاه إلى التعليم الشرعي، ونفع الناس في مجالات الدعوة ومن ثم نظرا للبعد عن الممارسة السياسية قد تكون هناك قراءات خاطئة ومواقف مضطربة من مجريات الأحداث.

 ثانيا : طبيعة التربية السلفية تقوم على البحث عن الصفاء، والبعد عن المكدرات،والغثائيات ،ومنابذة الأفكار الدخيلة ،ومثل هذه الثورات - نظراّ لكونها ثورات شعبية- تضم أطيافا من المجتمع بمختلف توجهاته ومشاربه لا تسلم من مثل هذه المكدرات والمنغصات التي لم يتعود عليها كثير من أفراد التوجه السلفي فيقودهم ذلك إلى رفضها ومنابذتها.

 ثالثا :- أعتقد أن موضوع السياسة الشرعية ،ودراسة مقاصد الشريعة ،ومراعاة فقه الواقع وترتيب الأولويات واستيعاب معطيات العصر وممارسة العمل السياسي بضوابطه الشرعية من الأمور التي يتحتم على التوجهات السلفية في اليمن أن يولوها عناية في أدبياتهم ومقرراتهم ولا شك أنه بفضل الله تعالى يوجد من أنصار التيار السلفي رموز ومؤسسات وتوجهات كان لها دور إيجابي في فقه المرحلة التي نعيشها واستطاعت أن تعطي رؤية موضوعية شرعية لما يجري ،ومثل هذا التيار يتنامى يوما بعد يوم ويحقق التوازن في الخطاب العام مع مراعاة الوسطية في ديننا الإسلامي ،وبالمقابل هناك ضمور وانحسار لبعض الأصوات والأفكار التي أساءت إلى المدرسة السلفية وشوهت صورتها بسبب تشنجها في الخطاب العام أو التعصب للأشخاص والمدارس أو التسرع في إطلاق الأحكام أو القيام بعقيدة الموالاة والمعاداة على غير المعاني الشرعية.

·  للشريعة الإسلامية من قضية الدماء موقف صارم منها فكيف برأيكم شاع أمر الاستهانة بها ،ومعاقرتها ،وسفكها ,وسرى قتل الأبرياء في بلادنا ؟

  أعتقد أن من أكبر السلبيات للنظام الحالي أنه لم يعط مسألة القتل والقتال في اليمن والثارات حقها سواء من حيث إقامة القصاص وتنفيذ أحكام الدماء أو من حيث التوجيه والإرشاد عبر وسائل الإعلام المختلفة ،وبيان مخاطر سفك الدماء ،والتعدي عليها كما أن مسألة الثأر في اليمن لا تزال مستمرة ومتصاعدة بسبب غياب القضاء العادل ولجوء الناس إلى أخذ حقوقهم بأيديهم ،ويضاف إلى ذلك تقصير العلماء والدعاة والمصلحين في قيامهم ببيان هذا الأمر وخطره والخروج إلى الناس في القرى والأمصار والتأثير عليهم في ذلك ،ولا شك أن الأمية والجهل المتفشيين في أوساط المجتمع لهما أثر خطير في ذلك.

·  مؤخراً راوحت الثورة مكانها في بلادنا بفعل المبادرات والبحث عن ضمانات للحاكم والنظام تخوفا من محاكمته كيف تقرأ هذا الأمر ووجهة مسار وتحولات الأوضاع في بلادنا ؟

  لا شك أن من ينظر إلى الأحداث نظرة مجردة ويبترها عما قبلها وما بعدها قد يصاب باليأس والإحباط بسبب طولها وتمددها ومعاناة الناس في معايشهم وضرورياتهم التي تتفاقم يوما بعد يوم وأما من ينظر إلى الأحداث وفق السنن الجارية ومقدماتها ونتائجها فإنه لن يساوره شك في خروج المنح من رحم المحن وأن مع العسر يسرا وأن الليل مهما طال فلا بد له من ضياء يعقبه ونحن نعول في الواقع –بعد الله- على حكمة أهل اليمن مصداقاّ لقول النبي صلى الله عليه وسلم " الإيمان يمان والحكمة يمانية " ويبدو للناظر والمتابع أننا إن شاء الله قاب قوسين أو أدني من الخروج من هذا النفق المظلم لا أقول هذا فحسب من باب التفاؤل -على أهميته - بل من الواقع وما فيه من المؤشرات والمبشرات .

·    ما هو دور الإسلاميين والعلماء في المشهد اليمني،ولماذا تغّيب عن المشاركة في وضع الحلول ،والمعالجة ،وموقعهم في المرحلة القادمة ؟

   موقف الإسلاميين أو العلماء على وجه الخصوص،ولا سيما هيئة علماء اليمن لم يكن غائبا عن الأحداث أو المشاركة في وضع الحلول بل إن موقفهم للمتابع كان جليا وواضحا من قبل الأزمة وبداياتها وأثنائها،ومن يتابع البيانات التي صدرت عنهم قبل الأزمة،وما جاء فيها من النصائح والتوجيهات للراعي والرعية يدرك أن العلماء قد حذروا ،وأنذروا من هذه المخاطر التي نعيشها اليوم،ولم يقتصر دورهم فقط على البيانات بل تجاوز الأمر ذلك إلى القيام بمبادرات ،ومحاولات لحل الأزمة والخروج بمخرج يتناسب مع تطلعات الشعب ،ولا يسيء إلى أحد أو يبخسه حقه ،وكان من ذلك جلوسهم المتكرر في بداية الأزمة مع رئيس الجمهورية ،ومع قادة أحزاب المعارضة بالتعاون مع مشايخ القبائل ،وما تمخض عن هذه اللقاءات من نقاط سبع ثم خمس كانت محل اتفاق بين الأطراف ثم رفضت من قبل السلطة ،وما تلا ذلك من نصائح وإرشادات تتعلق بحقن الدماء ،ورعاية الحرمات ،كل ذلك كان له الأثر الكبير في الحفاظ على سلمية المظاهرات ،وحمايتها من التعدي عليها أو الإخلال بالأمن والسكينة العامة ،وقد تم هذا كله مع تجاهل الأطراف للأسف لدور العلماء،وتغافل وسائل الإعلام سوءاً إعلام السلطة،أو المعارضة لما قام به العلماء إلا من النزر اليسير الذي لا يتناسب مع دورهم المعروف في هذه الأحداث.

 وأما موقعهم في المرحلة القادمة فلا شك أننا في مجتمع مسلم مرجعيته كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم , والعلماء هم ورثة الأنبياء ،وهم أهل الاستنباط المنصوص عليه في قوله {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا} [النساء: 83], ومن الطبيعي أن يكون للعلماء مكانتهم في المجتمعات الإسلامية, وأن يكونوا مشاركين بفاعلية في ملامح المستقبل اليمني شريطة أن يقوم العلماء بوظيفتهم الربانية من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاحتساب في إصلاح الأوضاع بالتعاون مع كافة شرائح المجتمع الخيرة.

·  كلمة أخيرة ؟

 إذا كان من شيء يقال في خاتمة المقال فهو تذكير الجميع بدءاً بنفسي بتقوى الله وصية الله للأولين ،والآخرين، وأن نعلم أننا اليوم بأمس الحاجة إلى التوبة الصادقة ،والرجوع إلى الله والدعاء ليكشف الله عنا هذه الغمة فما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة يقول سبحانه وتعالى فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {الأنعام :43} ،ويقول سبحانه وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (المؤمنون :76 ، والحمد لله أولاً، وآخراً .