عفواً سيادة الرئيس ، المؤسسات أولاً
بقلم/ عبد العليم الحميدي
نشر منذ: 17 سنة و 7 أشهر و 14 يوماً
الأربعاء 04 إبريل-نيسان 2007 02:11 م

مأرب برس – خاص

 فخامة الرئيس إن رسالتكم الموجة لدولة رئيس الوزراء المُقال عبد القادر باجمال تستدعي الوقوف الجاد والشفاف لكل ما ورد فيها جملة وتفصيلا وقراءة ليس ما بين السطور فحسب وإنما ابعد من ذلك.

فخامة الرئيس إن الإفراط في شكركم وتقديركم لدولة رئيس الوزراء الأسبق لترؤسه ثلاث حكومات متعاقبة لم تشبها شائبة ولما بذله من جهود طيبة!! ( استدعت إقالته ) لما يدعو للاستغراب.

فخامة الرئيس إن مدلولات خطابكم لرئيس الوزراء السابق تؤكد بما لا يدع مجال للشك إن اليمن لا يتم إدارتها عبر مؤسسات دستورية وإنما تدار عبر الريموت كنترول من قبل المتنفذين داخل أجهزة الدولة ومفاصلها وأنت تعرفهم جيدا يا فخامة الرئيس وتعرف من أين يستمدون ذلك النفوذ الذي يمنحهم كامل الحماية والصلاحية في آن واحد لعمل كل ما هو غير دستوري وقانوني.

فخامة الرئيس إن غياب الشفافية وغياب مؤسسات الدولة الدستورية وسيطرة قانون الغاب على أمور البلاد والعباد وهذا يتضح جليا من خلال الافراط في المديح والثناء لدولة باجمال وغياب التأنيب وعدم الإشارة إلى أي إخفاقات تذكر وهي لا تحصى ولا تعد. وابرز تلك الإخفاقات قبوله بمنصب فخري ليس إلا ، وإلا لماذا تم إقالته إذا كان يستحق ذلك الفيض من المديح والثناء. إنني هنا لا أتوجه باللؤم إلى باجمال بالرغم من أنه أهل له لعدة اسباب أبرزها ما أشرت إليه علاه قبوله تولي رئاسة الحكومة طيلة السنوات الماضية وهو يدرك جيدا إن توجيهات فخامتكم فوق القانون والدستور عوضا عن توجيهات المتنفذين وطلباتهم المتكررة وهم لا يدركون خطورتهم على مستقبل البلاد رغم إدراكه لذلك وبما أنه لا يوجد أمامه من خيار سوى السمع والطاعة فقد فعل ( ليته ما فعل )وقد أجاد دوره بدقة وقبل لنفسه أن يكون أداة وغطاء في نفس الوقت.

سيادة الرئيس إنني أتذكر وبالحرف الواحد ما قلته حول " حشد وتوظيف كل الجهود والإمكانيات والقدرات لمواجهة التحديات والتغلب على الصعوبات والعقبات التي تعيق مسيرة النهوض التنموي الشامل " يوم أن كلفتم دولة رئيس الوزراء السابق الدكتور فرج بن غانم لتشكيل الحكومة وجاء الرجل يحمل في كفيه هموم الناس وتطلعاتهم وحمل على عاتقه مهام جسيمة ووعد بأن يقوم بالمهام التي أوكلت إليه من طرفكم وشمر ساعديه واتجه لبناء المؤسسات الدستورية وبناء دولة قوية متينة يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات ولكن المعوقات الكبيرة التي اعترضت طريق الرجل كانت اكبر من الحكومة نفسها وهذه المعوقات لم يصنعها الدكتور فرج بن غانم من عالم الخيال وإنما كانت بفعل المتنفذين والمقربين الذين لم ولن يروق لهم مجرد فكرة وجود مؤسسات دستورية يخضعون لقوانينها وتجمح مخالبهم التي أكلت الأخضر واليابس في ربوع وطني الحبيب.

 سيدي الرئيس إن استقالة الدكتور بن غانم من رئاسة الحكومة كما تعرف انت ويعرف 22 مليون مواطن يمني لم تكن بسبب مصالح شخصية ضيقة بقدر ماكانت رغبة جامحة لدى الرجل في إحداث تغيير جذري يؤدي إلى إقصاء جميع المتنفذين والمفسدين ولكن إرادة المفسدين والمتنفذين ومن يقف ورائهم كانت أقوى من إرادة الرجل.

سيادة الرئيس ، نعم إن طبيعة ودقة المرحلة التي تمر بها البلاد تتطلب فورا إقصاء جميع المتنفذين والمفسدين وايقاف دعم فخامتكم المادي والمعنوي عنهم وإيجاد نية صادقة وإصرار كبير من قبلكم على إحلال المؤسسات الدستورية والقانونية محل قانون الغاب السائد في البلاد.

سيادة الرئيس ، إن الأشخاص لايمكنهم أن يحلوا محل المؤسسات الدستورية وباجمال أو مجور لا يملكون عصا سحرية لمواجهة التحديدات والتغلب على الصعاب والعقبات التي تعيق مسيرة النهوض التنموي الشامل ما لم تمنح لهم كامل الصلاحيات التي حرم منها من سبقهم إلى رئاسة الحكومة.

فخامة الرئيس ، إن حكومة المؤتمر الشعبي العام ممثلة بشخصكم منحت فرص ذهبية لا حصر لها لغرض إصلاح الأوضاع العامة في البلاد وإحداث تنمية شاملة والقضاء على البطالة والفقر وبناء اقتصاد قوي والمحافظة على أسعار المواد الأساسية والضرورية التي يعتمد عليها ما نسبته 90 % من ابناء الشعب اليمني لكي يحافظوا على رمق الحياة بعد ان انهكتهم الجرعات السعرية المتكررة ، إلا أن المؤتمر الشعبي العام وللأسف الشديد لم يغتنم تلك الفرص البتة ولا حتى جزء منها وأستمر في سياسته الهوجاء التي أكلت الخضر واليابس و أوصلت اكثر من نصف الشعب اليمني إلى ما دون خط الفقر ومنح صكوك الغفران للمتنفذين وساد نظام الفندم والشيخ ولا صوت يعلو فوق اصواتهم وما فعله الفاشق ومنصور ليس ببعيد عنا.

فخامة الرئيس إن الأوضاع المتردية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية لم تنزل من السماء (وانت تعرف كيف كانت أوضاعنا الاقتصادية يوم أن اعتليت كرسي الرئاسة وأن الدنيا كانت بألف خير ) ولم يكن لا للملائكة ولا الشياطين فيها حظ ولا نصيب وإنما تردي الأوضاع بسبب السياسات الهوجاء التي ينتهجها المؤتمر الشعبي العام.

فخامة الرئيس إن الشعب اليمني مثله مثل شعوب العالم يصبر وينتظر الفرج ولكن لصبره حدود وسوف يأتي اليوم التي ينفض عن نفسه الغبار لا محالة وسيتحول أنين الألم والجوع إلى صرخة مدوية تؤرق مضاجعكم .

فخامة الرئيس إن المرحلة اليوم تتطلب بناء وإيجاد دولة المؤسسات قبل الشروع في تغيير الأشخاص وبما أن الأشخاص قد تغيرت فإنني وكل أبناء الشعب اليمني يأملون دعمكم اللامحدود لدولة رئيس الوزراء المكلف للقيام بدوره وبناء مؤسسات الدولة الحديثة وحمايته من شبح الفاسدين والمتنفذين .

وأخير ... فخامة الرئيس ... أقول إننا بحاجة ماسة إلى إحلال دولة المؤسسات الدستورية لا إحلال الأشخاص وأن تتقبل منا كل انتقاداتنا وأنت أهل لذلك لأننا نتجرع الألأم ونحمل الآمال ونتطلع بعيون المستقبل إلى يمن قوي قادر على حماية أبناه في الداخل والخارج.

فخامة الرئيس أذكرك مرة ثانية وثالثة ( المؤسسات أولاً يليها الأشخاص ).