ثوار في مرمى الانتقام
بقلم/ نايف محمد
نشر منذ: 11 سنة و 4 أشهر و 25 يوماً
الإثنين 24 يونيو-حزيران 2013 01:09 ص
المجني عليه الجنيد

كواحدة من دول الربيع العربي، اندلعت هنا في اليمن ثورة شبابية شعبية سلمية، اسقطت منظومة حكم، تمسك بتلابيب السلطة ثلاثة عقود من الزمن، ثورة كان وقودها الناس لا الحجارة، أجهضت مشروع توريث عائلي أسس له منذ تسعينيات القرن الماضي، منذ ظهور الابن الأكبر للرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، ليأتي المتضررون من زخات تلك الثورة، وبعد أن بدأت تحقق نجاحات متقدمة للانتقام من ثوارها واحدا تلو الآخر، ليكون آخر المستهدفين ضمن مسلسل الانتقام، نجار الثورة عبد الجليل الجنيد.

فقد تعرض الثائر عبد الجليل الجنيد، والذي يعد من أوائل من نزلوا إلى ساحات الحرية والتغيير، لاعتداء غادر من قبل مجهولين، عندما كان عائدًا من صلاة الفجر، في حي الصافية الذي يقطن فيه بصحبة ما تبقى من معدات ورشته التي باعها ليقدم قيمتها النقدية في سبيل الثورة.

وقال الجنيد في حديث خاص لـ"مارب برس" : بينما كنت عائدا من أداء صلاة الفجر متجها إلى منزلي، وأثناء وصولي إلى الممر الضيق "زقاق" المؤدي إلى باب منزلي وإذا بي أسمع المعتدين يتهامسون " وصل وصل .." وفجأة وإذا بالحجارة "حجم كبير" تمطر على راسي، وضربات العصى الثقيلة تفتك بي، لأخرج حينها عن الوعي.

وأشار إلى أن المعتدين كانوا ملثمين ولم يستطع التعرف على أي منهم، مضيفا "بعد أن رأوني مستلقيا على الأرض دون أي حركة تذكر، أيقنوا بأني فارقت الحياة، فانصرفوا مستشعرين نشوة الانتصار الذي حققوه، وهذا ما سمعته منهم بعد أن توقفوا عن الضرب وهم يرددون "لقد مات، مات"، منوها إلى أن الحجارة في وقت متأخر من الليل كانت تقذف باستمرار على نوافذ منزله التي كسرت.

وحمل الجنيد من أسماهم "بلاطجة" النظام السابق مسؤولية الاعتداء عليه، لافتا انه قد تعرض لاعتداءات عدة، وأضاف: "أنا على يقين بأن هذا الاعتداء لن يكون الأخير، لأن من يحمل بداخله هم وطن لا يمكن أن يترك يعيش حياته كمواطن يمني آمنا برفقة أسرته وأبنائه.

ولفت الثائر الذي ظهر مرارا وتكرارا على شاشات القنوات الفضائية الدولية والمحلية ابان الثورة الشبابية، لإيصال صوت الثورة إلى أرجاء العالم، إلى أنه اضطر إلى فراق أهله ليودعهم في منزل منفصل عنه لا يعرفه "البلاطجة" خوفا ان يتعرض احدهم لأذى.

بساطة الحياة وعظمة الهدف

يعيش الثائر الوطني - الذي تنبع من قلبه أنات الوطنية، ليعود إليك الأمل أثناء تناولك أطراف الحديث معه بأنه لا يزال هناك من يقدس ثراء وطنه ومستعد لتقديم الغالي والنفيس في سبيله – في منزل متواضع، شحيحة أثاثاته، لكنه مؤثث بالوطنية، المعطرة بصدق الانتماء والتضحية.

ذكر عبد الجليل الجنيد أثناء زيارة ممثل مارب برس له في منزله الشعبي المتواضع انه كان يمتلك ورشة نجاره، يعول بها أسرته المكونة من ثمانية أفراد ذكورا واناثا، الا انه ومن سوء حظه ان محل الورشة لواحد من أكابر الداعمين للرئيس السابق علي صالح، فاضطر لإغلاقها بعد مضايقة المؤجر له، وتقديمه لعروض مغرية مقابل تركه للساحة للانتقال الى ميدان السبعين، لمؤازرة علي صالح، إلا انه رفض تلك العروض حسب قوله.

وأشار إلى انه كان احد المناضلين الوحدويين المدافعين عن الوحدة اليمنية المباركة في صفوف " الجبهة الوطنية" آنذاك.

الجنيد في ساحة التغيير

كان المسن عبد الجليل الجنيد من أبناء صبر الموادم بتعز من أوائل من نزلوا إلى ساحة التغيير أمام بوابة جامعة صنعاء، ليترك كل أعماله الخاصة ويكرس نفسه جنديا مخلصا لخدمة ثوار الساحة، ليعمل نجارا يشيد خيام الثوار لتقيهم حر الشمس وضراوة البرد القارس.

وأضاف الجنيد لـ"مارب برس" : أسست ائتلاف (رباط أحرار جزيرة التغيير)، ثم رفضت أي منصب قيادي في الائتلاف رغم إصرار أعضائه، لكنني وعدتهم بأن أقدم كل ما املك من أجل الائتلاف، وفعلاً بعت جزءًا من معدات ورشتي التي كانت قيمتها ستة ملايين ريال، وبعتها بنصف قيمتها وقدمتها كاملة للائتلاف.

وفي واحدة من مجازر النظام السابق بحق ثوار الساحات تعرض الجنيد لإصابات بليغة وحروق، ظل يعاني منها حتى أيام قريبة، وما ان تماثل للشفاء وإذا به يتعرض لذلك الاعتداء الذي الحق به أضرارا بليغة وكسورا في يده ورأسه وأضلاعه، وأنحاء متفرقة من جسمه.

شهادة الجنيد

رغم تجرده من أي انتماء حزبي أو سياسي، وانتمائه فقط لتراب اليمن السعيد إلا انه أبى إلا ان يقول كلمة حق في زمن أصبح ذلك من المستحيل، فأشاد الجنيد بتضحيات حزب التجمع اليمني للإصلاح في سبيل الثورة بالقول: " لقد قدم الإصلاح للثورة مالم يقدمه احد غيره، وقدم تضحيات عظيمة بعظمة قادته التي تمتلئ قلوبهم بحب اليمن وتشرق وجوههم بنور الوطنية.

وتحدى الثائر الأول كل من يرفضون رفع الساحات بحجة ثوريتهم ان ياتوا بمشروع وطني يقنعه كمواطن يمني ان ذلك المشروع من اجل اليمن والوطن، واصفًا إياهم بقواد الثورة المضادة.

وعن نجاحات الثورة في تحقيق أهدافها أبدى الجنيد رضاه عن ما وصلت إليه ، وانه أيقن بان تضحياته لم تذهب سدى، مشددا على أهمية الاستمرار في ثورة المؤسسات لتحقق الثورة أهدافها كاملة، وللإيفاء بقسمهم لدماء الشهداء.

يذكر أن حالة الاعتداء هذه ليست الأولى فقد تعرض قبل الجنيد العديد من الثوار للاعتداء بل للتصفية كان اخرها، اغتيال الناشط في الثورة السلمية الشاب منير حيدر، على أيدي عصابة في 24 ابريل المنصرم بجولة 45 في العاصمة صنعاء .