قيادي حوثي استولى على مدرسة اهلية في إب يهدد ثلاث معلمات بإرسال ''زينبيات'' لاختطافهن الهيئة العليا لـ مؤتمر مأرب الجامع تعلن عن قيادة المؤتمر الجديدة.. مارب برس ينشر قائمة بالأسماء والمناصب الذهب يرتفع بعد خسائر حادة سجلها الأسبوع الماضي رئيس الحكومة يعلن من عدن اطلاق عملية اصلاح شاملة تتضمن 5 محاور ويبدأ بهيكلة رئاسة الوزراء.. تفاصيل الكشف عن كهوف سرية للحوثيين طالها قصف الطيران الأميركي في محافظة عمران انفجاران بالقرب من سفن تجارية قبالة سواحل اليمن محكمة في عدن تستدعي وزير موالي للإنتقالي استخدم نفوذه ومنصبه في ظلم مواطن العليمي يضع الإمارات أمام ما تعانيه اليمن من أزمة اقتصادية موجة برد قاسية متوقع أن تستمر في 8 محافظات البحرية البريطانية: تلقينا تقريرا عن حادث بحري على بعد 25 ميلا غرب المخا
* عبد الباري عطوان
منطق الاشياء يقول، انه بعد اقتحام سجن اريحا بالصورة التي تم عليها، كان يتوجب علي الرئيس محمود عباس ليس فقط قطع جولته الاوروبية والعودة فوراً الي رام الله ليكون علي رأس سلطته لادارة الأزمة، وانما عقد مؤتمر صحافي دولي واعلان استقالته وحل السلطة، ومعلنا ان الاتفاقات الدولية ليس لها اي احترام عند الطرف الاسرائيلي او الاطراف الدولية الاخري التي تدعي احترامها والحفاظ عليها.
فاقتحام السجن بتواطؤ دولتين من ابرز الدول الاعضاء في اللجنة الرباعية المشرفة علي العملية السلمية وتطبيق خارطة الطريق هو اهانة شخصية له، ولسلطته، ونهجه التفاوضي الذي تبناه منذ اشرافه علي مفاوضات اوسلو وكل ما افرزته بعد ذلك من تنازلات فلسطينية مهينة.
فاذا كان السيد عباس علي علم مسبق بنوايا حلفائه في لندن وواشنطن لسحب المراقبين من سجن اريحا فان هذه مصيبة، واذا لم يكن يعلم فهذه مصيبة اكبر.
نشرح هذه المعادلة بالقول بانه كان علي السيد عباس ان يعزز الحراسة علي السجن ويزود قواته بأسلحة ثقيلة الي جانب الاسلحة الشخصية للدفاع عن انفسهم وعن المعتقلين، اذا كان فعلاً يعلم بالنوايا الامريكية والبريطانية، اللهم اذا كان علي اتفاق معهم بعدم فعل اي شيء علي الاطلاق، وترك الامور تسير وفق ما هو مخطط لها، وهذا ما نشك فيه.
اما اذا كان السيد عباس لا يعلم فعلاً بهذه النوايا، وفوجيء بها مثل جميع الفلسطينيين، وهذا هو الارجح، لانه لو كان يعلم لما انطلق في جولته الاوروبية الحالية سعياً للمساعدات المالية لانقاذ السلطة من الافلاس وبالتالي الانهيار. وفي هذه الحالة، كان عليه ان يأخذ مواقف متشددة احتجاجية، ويستقيل من موقعه، وهو المعروف بـ حرده لأتفه الاسباب. فاذا كانت اهانة كبري كهذه لا تحرك اي ردود فعل لديه للدفاع عن هيبته كرئيس منتخب لشعب مجاهد قدم آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحي، فلا نعرف ماذا يمكن ان يحركه ومتي وكيف.
الحكومتان البريطانية والامريكية تواطأتا حتماً مع الجريمة الاسرائيلية، وابلغتا ايهود اولمرت بخططهما مسبقاً بسحب المراقبين، والا كيف تمت عملية محاصرة السجن بآليات عسكرية جبارة، واعداد كبيرة من الجنود بعد دقائق من مغادرة هؤلاء؟
اسرائيل هي التي تحكم العالم فعلاً، وكلمتها باتت هي القانون، فقد نجحت في السيطرة علي البيت الابيض والمؤسسات التشريعية والتنفيذية الاخري، ووظفتها جميعاً في خدمة مصالحها واهدافها. فالحرب علي العراق التي خسرت فيها الولايات المتحدة ثلاثة آلاف من خيرة ابنائها وثلاثمئة مليار دولار من اموال مواطنيها جاءت من اجلها، والحرب المقبلة ضد ايران ستشتعل ايضاً من اجل جعلها القوة الاقليمية النووية الوحيدة في المنطقة دون منازع.
السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ارتكب خطأ كبيراً وهو الرجل الذكي المجرب، عندما ناشد الحكومات العربية التي وقعت اتفاقات سلام مع الدولة العبرية التدخل فوراً، واستخدام علاقاتها الدبلوماسية لوقف عملية اقتحام سجن اريحا لان هذا هو الوقت الانسب لإثبات جدوي هذه العلاقات حسب قوله. سبب الخطأ بسيط وهو ان الثقة في هذه الحكومات في غير محلها، كما ان التعويل عليها مضيعة وقت. فهذه الانظمة وقعت معاهدات مع الدولة العبرية ليس من اجل توظيفها في خدمة القضية العربية المركزية، وانما للتنصل منها والالتزامات الاخلاقية والوطنية تجاهها.
الحكومات العربية تستأسد علي دولة صغيرة مسالمة مثل الدنمارك، وتطلق العنان لمواطنيها لإحراق بعثاتها الدبلوماسية، ومقاطعة منتوجاتها، وتسحب سفراءها من عاصمتها، لان رساما سفيهاً عنصرياً حاقداً اقدم علي اهانة رسولنا الكريم (صلي الله عليه وسلم)، وهي جريمة كبري تستحق العقاب دون شك، ولكن هذه الحكومات لا تجرؤ علي مجرد الاحتجاج لدي امريكا او بريطانيا لتواطئهما مع اسرائيل في نقض العهود، واقتحام سجن، وخطف مناضلين فلسطينيين معتقلين. بل انها تدير وجهها الي الجهة الاخري عندما يتعلق الامر بالجرائم الاسرائيلية، والمفاعلات النووية الاسرائيلية، والولوغ الاسرائيلي في سفك الدم الفلسطيني، وتهويد المقدسات الاسلامية.
لم نصدق في الماضي، ولن نصدق في المستقبل كل الاحاديث والشعارات الامريكية والبريطانية حول احترام المواثيق والمعاهدات الدولية، وحقوق الانسان، ليس فقط لان الدولتين تناقضان كل هذه الطروحات بممارساتهما في العراق، وانما ايضاً لانهما اثبتتا ازدواجية ونفاقاً غير مسبوقين في اريحا. فالحكومتان قالتا انهما سحبتا المراقبين (اثنان بريطانيان واثنان امريكيان) حفاظاً علي سلامتهم، ولم نسمع من قبل ان سلامة هؤلاء مهددة، وان صح انها كذلك فعلاً، فلماذا لم تهتم الحكومتان بالدرجة نفسها بسلامة مئتي انسان فلسطيني في سجن اريحا، كانت مهددة من خلال عملية الاقتحام هذه، فهل ارواح المراقبين البريطانيين والامريكان مقدسة بينما ارواح الفلسطينيين نجسة يجب ان تزهق تحت جنازير الدبابات الاسرائيلية المغيرة؟ هل هناك ارواح درجة اولي واخري درجة عاشرة؟
هذا الاقتحام المهين والمذل سيعيد الاوضاع في الارض المحتلة الي المربع الاول، ولن يكون مفاجئاً بالنسبة الينا اذا ما كان الشرارة التي ستشعل فتيل الانتفاضة الثالثة، تماماً مثلما اشعلت زيارة شارون للاقصي، وقبل الانتخابات الاسرائيلية باسابيع، الانتفاضة الفلسطينية الثانية. فالشعب الفلسطيني شعب عزيز كريم لا يمكن ان يسكت علي الضيم.
ايهود اولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي المؤقت، قد يكون حقق نجاحاً في تصليب صورته، والظهور بمظهر الرجل القوي، قبل اسبوعين من الانتخابات، من خلال اقتحام سجن متهالك يضم معتقلين عزلا، ولكنه ربما يدفع ثمناً باهظاً من جراء هذه المغامرة العسكرية والسياسية الساذجة بكل المقاييس.
ولعل الحماقة الاكبر هي تلك التي ارتكبتها كل من حكومتي بوش و بلير، وفي مثل هذا الوقت بالذات، الذي تواجه فيه مشاريعهما العسكرية والسياسية في افغانستان والعراق الهزيمة تلو الاخري. ففي الاولي تتصاعد الخسائر من جراء تنامي قوة تنظيم القاعدة وحليفه حركة طالبان، وفي العراق تنزلق البلاد الي الحرب الطائفية والانهيار الكامل، وتتحول القوات الامريكية والبريطانية الي رهائن للميليشيات الطائفية المدعومة ايرانياً.
التطرف يخرج منتصراً في العراق وافغانستان، والارهاب يزداد قوة، والعالم يزداد خطورة يوماً بعد يوم بفضل السياسات الامريكية الحمقاء التي لا تري العالم الا من المنظار الاسرائيلي.
فلسطين المحتلة تتجه بسرعة الصاروخ نحو التطرف، وبسبب السياسات نفسها التي تقدم الهدايا الاثمن والاغلي لتنظيم القاعدة، وكل التنظيمات الاخري التي يمكن ان يفرضها في المنطقة، ولكن علي من تقرأ مزاميرك يا داوود