أحمد منصور الحيادية والإستقلال
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 15 سنة و 7 أشهر و 6 أيام
السبت 11 إبريل-نيسان 2009 08:40 م

الخطاب الإعلامي الحكومي أو الرسمي لازال يعيش في مرحلة التخلف والتراجع، والإعلام الحزبي في مرحلة التشنج والتعصب.

أبرز مشكلات الإعلام العربي: أنظمة مستبدة + ضعف اقتصادي + نسب أمية عالية + تشنج في الخطاب + مهنية ضعيفة + ضعف التدريب والتأهيل.

- الوضع العربي على فوهة بركان، وقد تشهد العشر السنوات القادمة تطوراً كبيراً في الخرائط السياسية .

حاوره: خالد العلواني

عن رؤيته لواقع الإعلام العربي، والشروط الموضوعية والذاتية للأداء الصحافي الناجح، حاورت مجلة (النور) الإعلامي العربي المعروف أحمد منصور – المذيع بقناة الجزيرة، الذي قدم تشخيصاً للحالة اليمنية ، وتوقعات عن المشهد السياسي العربي.

إلى نص الحوار...

* كيف ترى واقع الإعلام العربي؟

- لاشك أن السنوات العشر الأخيرة شهدت نوعاً من التطور الهائل في أداء الإعلام العربي .. وبالنسبة للتلفزيون بعد ظهور قناة "الجزيرة" اتسعت مساحة الحرية، ظهرت قنوات شبيهة، حاولت أن ترفع سقف الحرية والمهنية إلى حد ما، وهذا انعكس على الصحافة، أصبحت هناك صحافة تستطيع أن تقول الكثير مما يمكن أن يقال في اليمن، مصر، لبنان، والمعزب، وفي بعض الدول الأخرى، لكن ربما هذه الدول تحديداً تمثل نوعاً من الطفرة في الصحافة المستقلة والحزبية التي فيها حتى جرأة على الحاكم والحكومة، وتستطيع أن تنشر الكثير عن ملفات السياسة والفساد والاقتصاد، وجوانب الحياة الأخرى لكن هذا المستوى الذي وصل إليه الإعلام العربي ليس هو المأمول.

* وما هو المستوى المأمول؟

- يؤمل أن يتطور الإعلام العربي وأن تزيد مساحة الحرية والمهنية فيه، وأن يتم هذا الانفجار الموجود الذي يصل أحياناً إلى حد السباب، والشتائم في بعض الصحف، لكي يصبح نقداً عالي المستوى يلتزم بأخلاق الإعلام وأخلاقيات المهنة.

* ولماذا برأيكم لا يزال مردود الإعلام العربي ضعيفاً رغم التطور الملموس ومساحة الحرية المتوافرة؟

- المردود ضعيف لعدة أسباب، أول سبب المتلقي، فالمتلقي لديه نسبه عالية من الأمية .. نسبة الأمية تصل إلى 70% في بعض الدول العربية، السبب الآخر الوضع الاقتصادي، الحالة الاقتصادية للناس تلعب دوراً كبيراً في استكانة الناس وعدم قدرتها أو جرأتها على أن تكون عناصر فاعلة في المجتمع.

ثالثاً: الأنظمة السياسية التي تكلست في كثير من الدول العربية، فالرئيس الليبي يحكم من 1969م والرئيس المصري يحكم من 1981م، الرئيس هنا يحكم من 1978م، الرئيس في تونس تجاوز 22 سنة .. فهذا التكلس الموجود في العالم العربي يؤدي إلى تكلس في الحياة، تكلس في الوضع السياسي، تكلس لدى الناس، ويصبح التأثير حتى بالنسبة للصحافة ضعيف، أيضاً الأنظمة تزيد قبضتها الأمنية بشكل كبير جداً حتى أن كثيراً من الأنظمة ترفع شعار: "قولوا ماتريدون ونحن سنفعل ما نريد"!!

* أين موقع الإعلام العربي اليوم في خارطة الإعلام العالمي؟

- لاشك أن الإعلام العربي خطا خطوة إلى الأمام في خارطة الإعلام العالمي ربما بدأتها قناة الجزيرة سنة 99م، حينما أضحى لها تغطيات خاصة، بث خاص، ومقابلات خاصة أشياء مثيرة للجدل لفتت الإعلام العالمي إلى أن هناك إعلاماً عربياً ينافس الآن، يصنع الخبر والمعلومة، أصبح له مكان على خارطة الإعلام العالمي، أصبح مصدراً بالنسبة للآخرين في صناعة الحدث، وفي تقديمه ومن هنا بدأ العرب يمتهنون حرفة صناعة الخبر، ولاشك أننا في البداية، فعشر سنوات تجربة ليست كبيرة أمام الإعلام الغربي الذي قضى عشرات السنين في هذا الأمر ولديه آليات وتكنيك وقدرات هائلة أكثر منا بكثير على أن يكون محترفاً في صناعة الخبر، لكن نقول الألف ميل يبدأ بخطوة، ونحن بدأنا الخطوة الأولى في هذا المجال.

* هل يملك الإعلام العربي أي ميزات تنافسية أمام الإعلام العالمي اليوم؟

- نعم، يملك الكثير، يملك الموقع نحن نقع في قلب العالم، يملك الحدث، فلو نظرت إلى أهم ما يحدث في العالم من أحداث لوجدتها في منطقتنا نحن، فلسطين، العراق، سوريا، لبنان، مصر، اليمن، المغرب .. كل هذه المناطق من شرق العالم العربي إلى غربه، نحن قلب العالم، وبؤرة الأحداث العالمية، فنستطيع لو وجد عندنا إعلام حر ومستقل ومهني له قدرة عالية يتميز بها، نستطيع أن نكون مصدراً رئيساً في صناعة الأخبار .. الآن بدأت هناك وكالات أنباء مستقلة في بعض الدول العربية، بدأت وكالات صور مستقلة تبيعها ولها مصادرها، بدأت قنوات تلفزيونية تنفرد انفرادات عالمية كل وسائل الإعلام في العالم تنقلها عنها، فكل هذه الأشياء تؤهلنا أن تكون لنا الصدارة، في صناعة الخبر وفي تسويقه على الأقل في منطقتنا.

* وهذه الميزات التنافسية هل هي مفعلة بالشكل المطلوب؟

- للأسف هي محاولات فردية حتى الآن، ليست مؤسسية، لم تأخذ البعد الرعائي بسبب تفاوت السياسات في العالم العربي، من دولة إلى أخرى في إعطاء هامش الحرية أو قمعه.

* وما تقييمكم للخطاب الإعلامي الرسمي والحزبي؟

- الخطاب الإعلامي الحكومي أو الرسمي لازال يعيش في مرحلة التخلف والتراجع والإعلام الحزبي يعيش في مرحلة التشنج والتعصب، وبالتالي يتوجب على الإعلامي الحزبي أن يخرج من هذه المرحلة إلى أن يصبح إعلاماً واقعياً يخاطب كل الناس، وليس فقط المنتمين إلى الأحزاب، كما أن الإعلام المستقل يجب أن يأخذ مساحته بشكل أفضل وأعمق من الوضع الذي هو عليه الآن، وكما قلت لك التجربة لازالت في بدايتها، ودائماً التجارب في بدايتها يكون فيها فورة، وانتشاء، إلى أن تهدأ الأمور بعد ذلك وتمشي في المسار الطبيعي، وهذا ما نأمل أن نشاهده.

* المشكلة أن كثيراً من الوسائل والمؤسسات الإعلامية المختلفة لا تستجيب لمؤشرات الحاجة للتغيير والتطوير؟

- الآن هناك حرية لدى من يقرأ، ولدى من يشاهد ولدى من يشاهده ولدى من يسمع أن يحدد ماذا يريد أن يشاهد ماذا يريد أن يسمع، وبالتالي فالإعلام الحكومي ما لم يغير من النمط الذي يؤديه في كل الدول العربية فإنه سيعزز حالة التخلف التي هو عليها الآن، وسيضطر المشاهد والقارئ والمستمع أن يلجأ إلى، وسائل إعلام يجد فيها ضالته، وكذلك الحال بالنسبة لوسائل الإعلام الأخرى.

* ما هي مقومات الخطاب الإعلامي الفاعل في اعتقادكم؟

- المصداقية، المهنية، الحرية .. ثلاث مقومات أساسية إذا توفرت في أي وسيلة إعلامية تستطيع أن تكون مقنعة للناس وأن تكون فاعلة.

* وما مدى استجابة الخطاب الراهن لمتطلبات المرحلة؟

- كما قلت لك هناك أنظمة مستبدة، وضعف اقتصادي، ونسب فقر وأمية عالية، هناك تشنج في خطاب الأحزاب، والخطاب السياسي، هناك مهنية ضعيفة، هناك تكنيك وآليات وقدرات مهنية غير متوفرة، لايوجد تدريب وتأهيل، وكل هذه الأشياء تؤدي إلى أن الناس وكأنما تجلس في غرفة وكل واحد منهم يصرخ على حدة، هي مرحلة، والإصلاح السياسي يتواكب معه إصلاح إنساني في المجتمع بشكل عام، إصلاح صحافة، إصلاح تعليم وتربية، طب ...الخ، كل هذه الجوانب يتم إصلاحها مع الإصلاح السياسي، وما دامت مرحلة التكلس سياسياً في معظم الدول العربية قائمة، سيظل الوضع على ما هو عليه إلى أن يأتي الله بمن يصلح الدنيا على يديه.

* ماالذي يتوجب على الإعلاميين عمله في سبيل تسريع عملية الإصلاح؟

- أن يزيد مساحة الاحتراف في عمله، أن يتقن التعامل مع الأدوات التي ينبغي أن يستخدمها في عمله أن يسعى إلى أن يكون مصداقياً، إذا كان حزبياً عليه أن يخرج من ثوب الحزبية إلى ثوب الوطن الفضفاض، ثوب الناس جميعاً، لأننا خلقنا ونعمل كإعلاميين من أجل الناس جميعاً وليس من أجل أحزابنا، أو من أجل من نعرفهم أو من أجل المجتمع المحدود، فما دام وأن عملنا يتعلق بالحقيقة والبحث عنها فإنه يتوجب علينا أن نقدمها للجميع، فالحقيقة ينبغي أن تكون لكل الناس وليس إلى فئة معينة.

* نفهم من حديثكم دعوة للتخلي عن القناعات الحزبية؟

- لا، فأنا لا أدعو إلى التخلي عن القناعات الحزبية، لأن الانتماء السياسي ليس عيباً على الإطلاق، وإنما هو شيء يتميز به الناس، ولكن يجب أن تفرق بين انتمائك وقناعاتك الحزبية، وبين الدور والخدمة التي يجب أن تنهض بهما من أجل الناس، أنت الآن كصحيفة إذا تريد أن تخاطب حزبك فحسب فـأنت حر، إذا تريد أن تكون صحفياً حزبياً أنت حر، ولكن أنت لديك قصور كبير ولا تقوم بالدور الذي ينبغي أن تقوم به، وهو أن يكون خطابك وأداؤك للناس جميعاً.

* ما الأولويات التي يتوجب أن يتمحور عليها أداؤنا الإعلامي؟

- هذه مسألة تتفاوت من بيئة إلى أخرى، ومن مجتمع إلى آخر، متطلبات المجتمع اليمني غير العراقي، غير السوري، غير المصري، كل مجتمع له متطلباته، وأنا أعتقد في الصحافة المحلية والإعلام المحلي ينبغي أن يهتم الإنسان أولاً ببيئته المحلية، بمجتمعه، بالوضع الموجود، وإذا كان يعمل في مكان مفتوح مثلما نعمل نحن في قناة الجزيرة، فله أن ينظر برؤية أوسع، ليس فقط إلى العالم العربي، ولكن لكل العالم، نتناول قضايا من اليابان، إلى الولايات المتحدة، نتناول قضايا من أفريقيا، وغيرها، ولكن هدفنا هو تبصير المشاهد العربي بالدرجة الأولى بكل هذه الأحداث؛ لأننا نعمل على زيادة مساحة الوعي لدى الناس.

* وكيف تنظرون لدور الإعلام فيما يتعلق بملف الحقوق والحريات وتحريك عملية التحول الديمقراطي في الوطن العربي؟

- الإعلام يلعب دوراً أساسياً ورئيسياً في التنمية في كل مكان الآن الإعلام يلعب دوراً رئيسياً في عملية التغيير، في صناعة وتوجيه الرأي العام، في تصويب الأخطاء، في فضح الفساد، في تقويم أداء السياسيين، للإعلام دور خطير جداً داخل المجتمع لو اضطلع وقام به على الوجه الأمثل.

* وما الذي قد يحول دون قيام الإعلاميين بهذا الدور؟

- لا تستطيع في مناخ غير مكتمل أن تعمل وحدك، فمثلاً لو كان هناك وزير تعليم ممتاز جداً، لكن وزير الإعلام ووزير الشئون الاجتماعية وبقية أعضاء الوزارات يسيرون في وادٍ آخر، لا يستطيع أن يعمل وحده.

الإعلام يخلق مناخاً بدون شك، لكن في ظل وجود قمع لا تستطيع أن تخلق مناخاً، فلكي ينجح الإعلام لابد من توفر المناخ الذي يساعد على أن ينجح ويؤثر.

* دور الإعلام في صناعة هذا المناخ؟

- بالتراكم والإلحاح، وبالصبر والتحمل والنضال، مشكلة كثير من الناس أنهم يربطون عملية التغيير في الأمم بأعمارهم، والتغيير في الأمم يستغرق عقود، إذا كان الدكتور فاروق الباز –عالم الفضاء الشهير- لديه كتابات شهيرة تحت عنوان: (جيل الفشل)، يتكلم عن جيله يقول: (نحن جيل الفشل، فنحن نقول ليكن جيلنا جيل الأمل، وأبناؤنا هم جيل التغيير، فنحن نعمل من أجل أبنائنا وليس من أجل أن نرى بالضرورة نحن هذه الثمرة .. التغييرات التي حدثت في العالم العربي استغرقت خمسين عاماً إلى أن وصلنا إلى هذا الوضع المزري، وبالتالي التغيير إلى الأحسن لن يأتي في يوم وليلة، التغيير يأتي بالتراكم، بنضال طويل، بتكاتف مؤسسات المجتمع المدني مع الصحافة مع الناس الأحرار، مع المواطنين، مع الأحزاب، الكل يعمل في منظومة واحدة، ومن خلال تراكم كبير يأتي التغيير.

* رؤيتكم لقضية الحياد في الأداء الإعلامي؟

- دائماً أقول، الحياد أكذوبة، ولكن هناك موضوعية.

* وما الفرق بين الحياد والموضوعية؟

- الحياد ألا تكون شيئاً، أن تساوي بين الجاني والضحية، بين الظالم والمظلوم، إذا كان هذا هو مفهوم الحياد فلا يوجد حياد في الإعلام، الإعلام يجب أن يكون موضوعياً، وأن يكون منحازاً إلى الحق، إلى الضعيف والمظلوم، ويسعى لبيانه للناس وإلا أصبح أداة في يد الآخرين، أما الموضوعية فهي تعني أن تنقل الشيء كما حدث.

* هذه الرؤية ربما يرى فيها البعض تبريراً منك لانحيازك لقضية أو مدرسة معينة؟

- هذا ليس كلامي، في كتابي (معركة الفلوجة) نقلت عن كبار الصحفيين العالمين، أقوال أقوى حتى مما أقوله الآن، أفضل مدرب أو مدرس بريطاني تعلمت على يديه الإعلام قال لي هذا الكلام، أشهر كاتب أمريكي سيمورهرش، كتب هذا الكلام، وكثير آخرون كتبوا أن الحياد الإعلامي أكذوبة.

* وما المعادلات التي ينبغي ألا تحكم علاقة السياسي بالإعلامي؟

- سأتكلم عن الإعلام، على الإعلامي أن يظل يعمل ويعتقد على أنه موظف عند الشعب وليس عند الحاكم، وليس عند المؤسسة، وليس عند الحزب، ولكن أنا موظف عند الناس أتقاضى راتبي ربما من الحاكم إذا كنت أعمل في الحكومة، أو من الحزب، أو من الصحيفة، لكن في النهاية هناك فرق بين المكان الذي تتقاضى منه راتبك لأنك تعمل كموظف فيه، وبين الناس الذين تعمل من أجلهم، من خلال نقل الحقيقة لهم، إذا ظل هذا المعتقد لديك فإنك تقوم بواجبك على خير ما يرام.

* كيف يمكن تجسيد هذا المبدأ، والسياسي في الوطن العربي هو الماسك المتحكم في جوانب الحياة المختلفة؟

- أنا لا أرشدك إلى الطريق، ولكن أقول لك هذه هي صفة الشخص، وكل واحد لديه الآليات التي يعمل من خلالها، وإلا فإن كل شخص سيبرر عمله كمنافق للحاكم كموظف عند الحاكم، كمبرر للحاكم بما يفعل، بهذه الطريقة التي أنت تسأل عنها.

* كيف وجدت الصحافة في اليمن؟

- الصحافة اليمنية تشبه الصحافة المصرية والمغربية كشواهد مقاربة في الدول الثلاث، أكتب في صحفها، وأزورها من آن لآخر، وأرى أن المهنية يجب أن ترتفع إلى حد ما، عموم الخطاب إلى الناس يجب أن يكون أفضل مما هو الآن، لا أن يكون صراعاً بين فئة عليا فيما الشعب كله يتفرج، الصحافة اليمنية في مرحلة الذروة –كما يقال- وفي مرحلة الأداء فيها شيء من الصراخ، هي بحاجة إلى زيادة التدريب، واستخدام سقف الحرية بشكل أفضل، وأيضاً السعي من أجل الحصول على مزيد من الحريات، لأن الحريات نسبية في موضوع الصحافة.

* لديك برنامجان من أنجح البرامج، في واحدة من أشهر القنوات الفضائية، ومع ذلك لا تزال تحترف الكتابة .. كيف نفهم ذلك؟

_ لأني دخلت التلفزيوني من باب الصحافة المكتوبة، وأعتبر الصحافة المكتوبة بيتي الأول والأخير، ولذلك لم أتخلّ عنها، مثل الجراح الذي أصبح وزير صحة أو مدير مستشفى، إذا ترك الجراحة فترة لن يستطيع العودة لها مرة أخرى، وأنا محترف كتابة أكثر مني محترف تلفزيون.

* هل تجد في الكتابة متنفساً للتعبير عن آرائك وقناعاتك لا تجده في الجزيرة؟

- بالضبط أنا لا أقول رأيي في التلفزيون، أنا أمثل الرأي الآخر دائماً، سواء توافق معي أم لم يتوافق، لكن في الكتابة أقول رأيي، وأقول ما أعتقد.

* عادة ما يكون ضيوفك عبر "الجزيرة" شخصيات سياسية .. برأيكم هل هناك متطلبات يتوجب توافرها في الصحفي حتى ينجح في إدارة هذا النوع من الحوار؟

- طبعاً هناك متطلبات كثيرة من أهمها: الثقافة الموسوعية والمعرفية والتحضير الجيد للبرنامج، وأن يكون لديه حضور، ولديه شخصية وإقناع، لأن السياسي إذا لم يعرفك ويجدك شخصاً مقنعاً لا يقبل أن يحاورك، وبعض هذه الصفات تبقى هبات ربانية للإنسان أكثر منها صفات شخصية.

* يلاحظ أنك لا تعتمد نمطاً واحداً في حواراتك، بل ربما في الحوار الواحد .. ما السر في ذلك؟

- أنا مثل لاعب الكرة المحترف، أنزل إلى الملعب وأحدد طريقة اللعب بناء على من أمامي كيف سيلعب، إذا لعب بخشونة ألعب بخشونة، إذا لعب بنعومة ألعب بنعومة .. لم أحاور أي شخص على الإطلاق وحددت قبل الحوار أني سأحاوره بهذه الطريقة، فقط أبدأ الحوار وأرى كيف سيكون مساره معي، وقليل من الناس الذين فهموا ما فهمته أنت، بعض الناس يقولون لماذا كنت مع فلان "حنيّن" ومع فلان "قاسي" لا يعلمون أنها طريقة أداء تتوقف على طريقة أداء الضيف، أنا أقيس معيار حواري بكيف سيلعب الضيف معي.

* تحاور ضيوفك بعقلية المحقق، ونَفَس السياسي، وإصرار العاشق .. هل هذه في اعتقادكم وصفة ناجعة للنجاح في الحوار؟

- يمكن أن تكون كذلك، لكنه من المهم أيضاً أن تحدد كيف تؤدي هذا، كثير من الزملاء يكون لديهم معلومات لكن لا يعرفون كيف يوظفونها، ولذلك أقول لك هناك هبات ربانية في بعض الأشياء لابد أن نؤمن بها وتدرك أنها جزء حقيقي يلعب دوراً في نجاح بعض الناس.

* ألا يجعلك هذا الأسلوب تخسر ضيوفك؟

- لم أخسر أحداً على الإطلاق، حتى الذين ترى أننا أحياناً مشتبكين مع بعض، بعضهم يتحول الحال معهم إلى صداقة حميمة بعد ذلك.

* أنت ممن يرون أن المحاور يجب أن يتمتع بنوع من السلطة أمام الضيف .. ما توصيفكم لهذه السلطة، وكيف يمكن اكتسابها؟

- ليس نوع من السلطة وإنما كل السلطة، والسلطة تعني هنا أنني أنا الذي أدير الحوار فينبغي أن تكون سلطتي كاملة في توجيه مساره وفي تحديد إطاره، ولا أترك لضيفي فرصة لأخذ سلطة إدارة الحوار، دائماً المقدم الضعيف تجد أن الحوار ضاع منه، وفقد السيطرة، والضيف هو الذي بدأ يصول ويجول هنا وهناك، فالشخصية، والثقافة، إضافة إلى عوامل أخرى كثيرة تدخل في كيفية أن تكون محاوراً ناجحاً يحترمك ضيفك، وفي نفس الوقت أنت تحترمه في كل ما تقوم به.

* يؤخذ على الجزيرة أن حضور اليمن ورجالاتها يكاد يكون ضعيفاً في خارطتها البرامجية؟

- ليس ضعيفاً على الإطلاق، وتقريباً كل الطيف السياسي اليمني طلع في برنامج ما عبر الجزيرة، ولكن حينما لا تكون هناك أحداث في البلد صعب أنك تجيب طيف الآن في انتخابات قادمة، بدأنا هذه المرة بضيف، والأمور سوف تسخن في الفترة القادمة، فالأحداث هي التي تصنع البرامج.

* قراءتكم للمشهد العربي؟

- الوضع العربي على فوهة بركان، وأعتقد أن الخمس السنوات أو على الأقصى العشر السنوات القادمة ستشهد تطوراً كبيراً في الخرائط السياسية في الوطن العربي.

* لصالح من؟

- أتمنى أن تكون لصالح الشعوب.

* لماذا لا تزال مفاتيح القرار العربي خارج الحدود؟

- حينما تضعف الإرادة وتتغلب المصالح الشخصية للحكام على مصالح الشعوب، يبحثون عن قوى خارجية تحميهم بدلاً من اللجوء إلى شعوبهم.