مأرب..بين المطالب وعيل القردعي
بقلم/ مسعد بقلان
نشر منذ: 16 سنة و 8 أشهر و 10 أيام
السبت 08 مارس - آذار 2008 06:58 ص

الإهـــــداء : 

إلي حيث إقامتها... إلي أول مستكشف إنساني لمارب والجوف:الدكتورة "روبن مدريد" الرئيس الأسبق لل ndi .

في مربع يقع ما بين صافر إلي مناجم الرضراض ومن حقل النصر إلي مسجد أويس القرني أخلع نعليك ..فأنت تسير فوق حقل نفط أو حوض غاز ربما تسير فوق قبر ملك أو قصر ونقوش أو أنك تمشي علي معدن ثمين أوعلي تربة من الطمي جمعها أجدادك لآلاف السنين.. خفف الوطء لأنك في مارب ، فمن هنا كانت تدار مملكة تظم معظم جزيرة العرب والقرن الإفريقي ومن هنا تمر طريق اللبان وهنا عرش بلقيس وآثار قتبان ونقش النصر ومعبد "أوام" وقصر سلحين ووادي ذنة وسد مارب هنا كل ما حولك تاريخ ..... استدارت عجلة الزمان ليتحول هذا المربع إلي مربع تخلف وفقر وخوف .. في مارب يلد المرء ويشب ويتقوصم ظهره وينحني ومن ثم يهرم وهو لم يحقق ادني الحاجات الأساسية في هرم "بلـــوم" إذا كنت من مارب سيظل هدفك الأكبر هو الحفاظ علي البقاء.. أما إذا طاردت طموحك فالمعني أنك ستكون طعاما للضباع في جبال نهــوقــة ما بين جمهورية الفساد وسعودية أريبيا عندما تزل قدمك من شاهق وأنت ليـــلا تحاول العبور إلي ارض الأحلام أو أنها لا تقبرك إلا سوافي الرياح وبنات آوى علي الحدود العمانية .

يا صديقي : لقد بدأ من عندنا تصدير النفط ليبدأ الفقر واشتعلت لهب الغاز لنشعل الفوانيس لننتقل من الفقر إلي التفقير ومن الأمية إلي التجهيل ومن الطمأنينة إلي الخوف هكذا يكون النفط وبالا علي أهله.. هو من جعل الامة تحكم بالوصاية لكن مركز الرحى هي منابع النفط فقد أصاب أهل كركوك بالتهجير ألقسري وشرق السعودية بالقمع وألوان أخر ودار فور بالمليشيات ومارب حروب البسوس وداحس , كل شئ متدهور عندنا إلا السلاح يتطور فلدينا أحدث أنواع الأسلحة وآخر أجيال الذخيرة والسعر عندنا أرخص من المصنع , أنا لم ألم الشاعر الجاهلي الملك الظليل لأنه ينام مضاجعا لسيفه ورمحه لأني أنام مضاجعا الآلي ومتوسدا الجعبة .

يا رفيقي لو أن فوارق أسعار النفط ذهبت لمعالجة قضايا الثأر وأضرار البيئة والزراعة والسرطانات في مارب فإنها ليست كبيرة علي محافظة ظلت تدعم الدولة بأكثر من نصف الدخل القومي ولو عرضنا هذا الموضوع علي كل فرد يمني سيلاقي قبولا وترحيبا بدلا من أن يحول تحت مسميات إلي جيوب لا تشبع سماهم الشهيد الشاعر الثائر علي ناصر القردعي "بالعــيل" في قصيدته " يا عيل عيلوه " والجامع ما بين العـيــل ونهابي الوطن هو الفرار من المحاسبة وجامع الضعف فالنهاب كحمامة العيل عند ما يقدم للعدالة بعد ما كان يركب الهواء ويطاول الجبال .. .لقد كنا نرعى الإبل في هذه الصحراء التي كانت تسمي قديما "مومات صيهد" روينا من لبنها لا ندري بأنها ستصبح مهبطا لعيل القردعي . يا صديقي : إن هذه الأرض التي ذكرها الله في التوراة والقرآن وقال عنها بأنها الأرض الطيبة هي لازالت ففيها النفط والغاز وفيها الذهب والحديد وكل المعادن الثمينة جبالها من الرخام والقرانيت وأدناها أحجار البناء ونسمع من مصادر مطلعة عن بحيرة من الماء في رملة السبعتين وهو ما يعني بأننا سندخل في حروب مياه مع السلطة وعيل القردعي بعد ما نفرح بنضوب النفط لكن المفارقة العجيبة أنها أغني بقعة في الشرق الأوسط وأفقر بقعة فيه .

يا صديقي : إنك لتشاهد الخيمات والجمال في لهيب الصحراء وصقيع البرد ولو سكنها أيام القيض سلطان البركاني والإرياني أو أحمد علي عبد الله صالح وراعي النواب لقضوا خلال ست ساعات .

ماذا احدث عن مارب؟ الأمن فيها لا يشمل المواطن بل يقتصر علي الأجانب وطريق القاطرات إلي صافر.. الجند في مارب أكثر من المواطنين لماذا لا يفرض هذا الجحفل سيادة النظام والقانون ويحمي القضاء وينفذ الأحكام الشرعية ... يمنون علينا بطريق كأنياب الكلاب بعد ما وضعوا لنا منعطفات في أماكن تثير الغرابة ثم يعرجون بها علي القرى من أجل تستوفي ثمنها ... الخدمات الصحية غير موجودة في هذه المحافظة لا بد من زيارة العاصمة لتأخذ ما جمعته أذرعك في خوالي السنين لكن ملايين الريالات خدمات التشغيل لمستشفي الرئيس شهريا من نصيب عيل القردعي وهو شبه معطل حين يستثنى جرحانا في حروب الدولة العبثية من سفر الخارج و يسافر أولادهم من نزلات البرد إلي المانبا لا لسبب سوي أنهم من مارب لا ينتمون إلي هضبة الحكم اللعين التي حام حولها ياسر العواضي في صحيفة الشارع ولأنك لا تستطيع أن تتحول إلي خفـاش لتدخل علي وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء ... هكذا تزرع السلطة قنابل المناطقية والانفصال والطبقية ومن ينادي بحقوقه يسمي انفصاليا ويخلعون عنه قميص الوطنية التي يفصلونها لمن أرادوا .

 يا صديقي : لو أنك زرت المديريات البعيدة لرأيـــت الحمار والعردش الدلو والزانة الغرب والمعزوب ولرأيت ماض لا يمكن أن تتصوره .... فإذا لم توفر لنا السلطة خدمات بسيطة كالمياه والطبيب والكتاب المدرسي كيف توفر خدمات عالية الكلفة كالكهرباء النووية .. فشلت في إدارة مستشفى فكيف تشرف علي انشطار الذرة في ظروف تقسم فيها الثانية من الزمن إلى ملايين الأجزاء وهو ما يجعلنا نشك بان هذا المشروع كان يهدف لإبادة ثلثينا بسلاح غير تقليدي حين وقفت عاداتنا وتقاليدنا وتكافلنا وعطف بعضنا علي بعض وأخلاقنا التي تجعلنا ارقي دولة في العالم عائقا أمام منهجية منظمة هي ضد الحياة والإنسان وضد كل ما هو إيجابي ...وين المسافر في السفر .

القردعي وقتي الحاضر قدأعياني واعيا آهل الفكار ذي تمحن وممحونه

وتباعد البعد والبون الحمش حاني ما حد رثي له ولا اتضجر يعلوونه

 يا عيل عيلوه تم العيل مجراني  من صفة الويل ذي بالحسد معجونه

كلا يبا يجزع العوجا علي الثاني ونتوسوا تحت هج أعوج تجرونه

 *رئيس لجنة الرقابة لجمعية المستقبل للتنمية والسلم الاجتماعي .

almokiki@yhoo.com