الفيدرالية و الشروط العلمية لتطبيقها
بقلم/ حارث الشوكاني
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 17 يوماً
الجمعة 01 يونيو-حزيران 2012 08:49 م

الفيدرالية في علم النظم السياسية: هي نظام سياسي دستوري إذا طبق بين عدة دول أصبح عامل توحيد لها، وإذا طبق في إطار دولة واحدة ومجتمع واحد لا يعاني من تعدد عرقي ولغوي وديني كان عامل تجزئة وتفكيك، فإذا طبقت الفيدرالية بين عدة دول تصير دولة واحدة لإنشاء دولة مركزية قوية وفي إطار هذا النظام الفيدرالي تقوم مجموع الدول المكونة للإتحاد الفيدرالي بإلغاء شخصيتها المستقلة كدول لتذوب في الدولة الواحدة الفيدرالية.

وتمثل هذه الدولة حكومة مركزية قوية تسمى الحكومة الفيدرالية وتختص بالسياسة الخارجية والدفاع فقط أما بقية الدول المنضوية في الإتحاد فتتحول إلى ولايات لها إستقلالية في شئونها المختلفة ما عدا السياسة الخارجية والدفاع ويكون لكل ولاية حكومة محلية مستقلة لتدير الإختصاصات المنوطة بها وبرلمانها المستقل وقوانينها الخاصة وكذلك قضاءها المستقل.

* ومن الدول التي طبقت مثل هذا النظام الفيدرالي الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت قبل الإتحاد ثلاثة عشر دولة فاتحدت في دولة واحدة، والإتحاد السوفيتي سابقاً.

الشروط العلمية لتطبيق الفيدرالية؟

يمكننا القول من خلال هذا التعريف بأن الشروط العلمية لتطبيق الفيدرالية تتركز في:-

1. أن تكون هناك عدة دول تريد أن تتحد في دولة واحدة، وبالتالي لا يطبق هذا النظام في دولة واحدة بسيطة متجانسة شعباً وهوية عند علماء النظم السياسية ولذلك يفرقون بين الدولة البسيطة والدولة المركبة.

فالدولة الفيدرالية هي دولة مركبة أي مؤسسة من عدة دول لا دولة واحدة، وبهذا الشرط تصبح الفيدرالية خطوة نحو الوحدة، فلو أردنا توحيد الدول العربية عبر مشروع فيدرالي إلى ولايات متحدة عربية لكانت هذه خطوة نحو الوحدة، لكن إذا طبقت الفيدرالية في دولة واحدة (بسيطة غير مركبة) فإنها تكون عامل تمزيق لا توحيد، كالعراق حالياً الذي يراد تقسيمه عبر دستور فيدرالي إلى ثلاثة أقاليم (إقليم للسنة وإقليم للشيعة وإقليم للأكراد) والقوى السياسية الوطنية ترفض هذا المشروع الفيدرالي.

2. أن يكون الهدف من الفيدرالية هو إنشاء دولة مركزية قوية مكونة من إمكانيات وشعوب عدة دول.

فالولايات المتحدة أصبحت دولة مركزية قوية بعد إتحادها من مجموع الدول الثلاثة عشر المكونة لها وكذلك الإتحاد السوفيتي.

وعلى هذا الأساس إذا لم تؤدي الفيدرالية إلى قيام دولة مركزية أقوى من السابق فلا تصلح للتطبيق، بمعنى إذا تحول الهدف منها إلى تفتيت الدولة المركزية عندئذ لا تصلح الفيدرالية للتطبيق، وهذا ما يحصل إذا طبقنا الفيدرالية في إطار دولة واحدة لا من مجموع عدد من الدول، ولذلك إعتبر علماء النظم السياسية (الدولة البسيطة أي نظام الدولة الواحدة غير صالح للنظام الفيدرالي).

3. ولأن النظام الفيدرالي لا يصلح لنظام الدولة الواحدة فرّق علماء النظم السياسية بين ثلاثة أنظمة موجودة في العالم حالياً:

1. نظام الدولة الواحدة أو ما يُعرف بنظام الدولة البسيطة، أي دولة واحدة لشعب متجانس لا تتجزأ سلطته التشريعية والتنفيذية والقضائية واليمن دولة بسيطة متجانسة وليست مركبة.

2. النظام الفيدرالي وهو ما يطلق عليه نظام الدولة المركبة لا البسيطة أي أن الدولة الفيدرالية الواحدة يجب أن تكون مركبة من عدة دول سابقاً كالولايات المتحدة الأمريكية.

ج- النظام الكونفدرالي وهو النظام الذي تحافظ فيه كل دولة على شخصيتها وتجمعها مع مجموعة من الدول علاقة تنسيق سياسي واقتصادي كمجلس التعاون الخليجي.

- وبعد هذا الإيضاح لمعنى الفيدرالية والشروط الموضوعية العلمية لتطبيقها يتضح أن اليمن وفق معايير علم النظم السياسية لا تصلح فيها الفيدرالية لأنها دولة بسيطة غير مركبة وتطبيق الفيدرالية فيها سيعمل على تجزئة البلاد وتفكيك السلطة السياسية ودولة الوحدة إلى سلطنات ودويلات بعدد مدنها ونواحيها.