في مدارس الحوثيين.. التعليم يتحول إلى أداة لترسيخ الولاء بالقوة الأمم المتحدة تتحدث عن توقف وصول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة فيتو روسي صادم في الأمم المتحدة يشعل غضب الغرب الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين المحكمة الجزائية في عدن تصدر حكمها النهائي في المتهمين بتفجارات القائد جواس شهادات مروعة لمعتقلين أفرجت عنهم المليشيات أخيراً وزارة الرياضة التابعة للحوثيين تهدد الأندية.. واتهامات بالتنسيق لتجميد الكرة اليمنية أحمد عايض: ناطقا رسميا باسم مؤتمر مأرب الجامع تفاصيل لقاء وزير الداخلية بالقائم بأعمال السفارة الأمريكية في اليمن
Moafa12@hotmail.com
أن يدبّ داء التوريث إلى الميادين التجارية والاقتصادية والصناعية والحزبية فتلك مصيبةٌ، إلا أنّ المصيبة الأعظم والأدهى والأمرْ والفاجعة الكبرى أن يدبّ هذا الداء العضال إلى مؤسساتنا التعليمية، بل وجامعاتنا ومراكزنا العلمية والثقافية والبحثية.
وفي تقديري أنّ من أعظم وأهم أسباب انهيار البنية المجتمعية أن تنهار مؤسسات التعليم، وبالأخص منها الجامعات، وهذا جزء من نجاحات النظام البائد، نشهد له به، فقد نقل النظام الفرعوني في اليمن، فقه التوريث إلى كل مكان، وصار التوريث ثقافة عامة، محل تسليم، إلى عهد قريب، أي إلى ما قبل الثورة الشبابية الشعبية قبل نحو عام تقريبا، وبصراحة متناهية أقول أن هذا الموضوع يجول في خاطري منذ بضع سنين، ولم أستطع أن أطرقه، لأنني أعرف أنّ كثيرا من القراء لن يرحم المقال، ولن يعتذر له، وأقل ما يمكن أن يقوله المحب والمنصف الحصيف بأنني أغرد خارج السرب، فالتوريث في كل شيء، في اليمن، حتى في إمامة المسجد، وصلاة الجماعة، وليس في الجامعات فقط.
حتى جاء الربيع العربي ببركاته وانتصاراته ونفحاته ونسائمه ورياحه المباركة، وصحح كثيرا من المفاهيم المغلوطة، وقضى على بعضها الآخر، ومن تلك المفاهيم التي قضى عليها الربيع العربي "فقه التوريث" ولذا أجدني اليوم في حِلٍ من أمري وفي سعة وبحبوحة من القول، فالجماهير في كل مكان انتفضت وثارت ضد التوريث ليس فقط ضد التوريث في أنظمة الحكم الجمهورية بل ضد التوريث في كل الميادين والمجالات، وبالأخص منها الجامعات والمؤسسات التعليمية، ولذا آن لي أن أمدد قلمي وقرطاسي كما مدد أبو حنيفة قدميه ولا أبالي .
لا أجد أي صعوبة في طرح ومناقشة موضوع التوريث لدى الجامعات العلمية، ذات التخصصات الإنسانية، بل والجامعات الرسمية، سيما بعد الثورة الشبابية الشعبية، فموضوع التوريث عموما ليس بحاجة إلى تنظير، فالأمة كل الأمة، بمختلف هيئاتها ومؤسساتها لفظته وانتفضت عليه، وحتى كثير من جامعاتنا الرسمية التي دبّ إليها "فقه التوريث الصالحي" تتعامل معه على خجل واستحياء، وفي جنح الظلام، وربما في أدنى المستويات، وبأساليب من الحيل القذرة والمخادعة، سيما مع هامش الحريات الصحفية وفضاء الإعلام، وحتى قبل الثورة الشبابية الشعبية، رغم محاولات النظام بكل الوسائل تعميم هذه الثقافة واعتبارها أمراً واقعاً لا مفر منه.
بيد أني أجد صعوبة بالغة في طرح هذا الموضوع لدى جامعاتنا الأهلية والخاصة، فقد باتت هذه الجامعات "جامعات أسرية بامتياز" وكأنّ بعضها مزرعة دواجن، يتوارثها الأبناء عن الآباء، فتجد مثلا رؤساء الأقسام - في هذه الجامعة أو تلك - من العائلة –أعني عائلة مدير الجامعة أو رئيسها- بصرف النظر عن أي مؤهل علمي له، في الوقت الذي تجد الجامعات المحترمة لا يصل الدكتور إلى رئاسة القسم فضلا عن العمادة إلا أن يكون قد شاب شعره وانحنى ظهره أو كاد، في مطالعة الدراسات والبحوث، ومناقشة الرسائل العلمية، والتدريس.. ثم يرقّى إلى رئاسة القسم، ثم بعد عمر طويل مديد من الإدارة والتدريس، قد يرقّى إلى مرتبة وكيل للعميد .
هذا الحديث نعرفه من خلال معايشتنا للعمل الأكاديمي في الجامعات، غير اليمنية، وهو من باب الخيال العلمي في جامعاتنا الرسمية، وضرب من ضروب الجنون والخبل أن تجده في الجامعات الأهلية اليمنية، لأن الترقيات الجامعية – رسمية وأهلية- في العهد البائد لم تكن تعتمد على شيء غير الوساطات والرشاوى والمحسوبيات وهلم جرا .
يا سادة، في إحدى الجامعات الأهلية لم يشعر الطلاب إلا وقد عَيّن رئيس الجامعة ابنه ذو النظارة السوداء، والحرس الخاص، عميدا لكلية العلوم الإنسانية، ولأن الولد لم يكن نجيبا ربما ولا حصيفاً في التعامل مع زملائه في الجامعة، ولا مع الطلاب، نتيجة نظرته إلى نفسه كونه من دم أزرق قان، أقيل سعادته، بعد بضعة أشهر، ليس اختيارا، بل بفعل العواصف الطلابية والإدارية التي ألقت به إلى خارج أسوار الجامعة .
مثال آخر تلميذ صغير بالعافية نجح من البكالوريوس وربما لا يزال يحبوا في الماجستير، لكننا رأيناه يتربع على رئاسة قسم في إحدى الجامعات الأهلية، وفي الجامعة العديد من حملة درجة أستاذ وأستاذ مشارك، وأستاذ مساعد، ولا مؤهل علمي للغلام إلا أنه ابن سماحة رئيس الجامعة .
مثل هذه الصور المأساوية لتعليمنا الجامعى والأهلي نتج عنه صورة أشد قتامة ومأساوية حين يسأل أحد الأساتذة في جامعة أهلية طالباته النجيبات اللاتي على وشك التخرج، بدرجة "ماجستير" يسألهن فيقول: "كان" اسم أو فعل؟؟، فتجيبه إحداهن بلغة العالم المتبحر والفقيه المجتهد، والباحث المتمرس، اسم يا أستاذ !!! .
والصورة الأكثر قتامة من كل هذا الهراء أن يزعم رئيس الجامعة حفظه الله ورعاه، أن جامعته هي الأولى والأقوى ليس على مستوى اليمن، أو الجزيرة والخليج، بل الأولى على مستوى العالم، ولعلّه يقول على مستوى التاريخ البشري كله !!!!.
وهو وإن كان حقا جهد عظيم أن يُنشِأ أحد جامعة – سيما في اليمن- تحتضن الآلاف المؤلفة من الطلاب والطالبات، إلا أنّ المهم – يا رعاكم الله - هو النوع وليس الكم ، ومن الخطأ والجور الذي لا أقصده هنا أن أعمم هذه الصورة الفردية النادرة ربما، على السواد الأعظم من طلاب هذه الجامعة، أو تلك، لكنها مؤشر مفزع ومخيف ومرعب، يجعلنا نرفع راية التواضع إزاء مخرجاتنا العلمية ومؤسساتنا التعليمية.
هذه صورة من صور مآسي التعليم الجامعي الأهلي في اليمن، تجعلنا نناقش محنة التعليم الأهلي في اليمن، لنجد أنّ من أهم مشكلاته مشكلة "التوريث"، فجامعاتنا للأسف باتت أيضاً ميراثا من المواريث، وسهما لذوي السهام، من ذوي الفروض والعصبات والأرحام، فكل رئيس أو مدير جامعة يمنية أولُ خطوة يفكر فيها قبل الأبنية والمكتبات والمختبرات "التوريث" فتجد الأبناء والبنات يتربعون على كراسي إدارات الجامعة ل 15 سنة، دون اعتراض، بل إنّ بعض رؤساء الجامعات الأهلية يعتبر منصب رئيس الجامعة خطاً أحمر ومنصباً لا يمكن أن يتنازل عنه ولو على جثته، لأنه يعتبر هذا المنصب ملكاً خاصاً، على اعتبار أنّ الجامعة جامعته، وله أن يفتح أو يغلق الجامعة بجرة قلم .
فما لآلاف الطلاب وأساتذة ومنسوبي الجامعة، إلا الصمت، في التعيينات والمقررات والمناهج...الخ حيث لا قوانين إلا اللهم قانون الدينار والدرهم، فهما سيدا القرار .
وإزاء هذه المحنة العظمى التي يعيشها التعليم الجامعي في اليمن على مدى 33 عاماً أقترح ما يلي :
1) الإعداد لمؤتمر وطني عام للتعليم الجامعي على وجه أخص، عقب انتخاب رئيس للبلاد في 21 من فبراير، فكل مخرجات التعليم في شتى الميادين تأتي من الجامعات، وأحسب أن هذه خطوة تصحيحية ضرورية وعاجلة .
2) أن ينتفض الطلاب والطالبات على هذه الجامعات الأسرية "بصورة سلمية"، أمراً بالمعروف ونهيا عن المنكر، بل إنّه جهاد في سبيل الله، بل من أعظم الجهاد، وأن ترتفع الأصوات بتغيير القيادات العتيقة التي أكل الزمان عليها وشرب، شريطة أن تمنحهم شهادات خبرة وتقدير، وينصرفون لشؤونهم وتجاراتهم وأعمالهم الخاصة، سيما أنّ العمر الافتراضي لأي مدير كائناً من كان لا يمكن أن يتجاوز عشر سنوات .
3) الإسراع في إعداد قانون للجامعات بديل عن القانون السابق، أو القيام بتعديل قانون الجامعات الحالي بما يتوافق والمرحلة الجديدة من تاريخ اليمن، على أن يناقش ويعرض هذا القانون البديل أو المعدل على مجلس النواب المنتخب بعد المرحلة الانتقالية، أعني بعد سنتين، لسبب بسيط هو، أن جلّ أعضاء مجلس النواب الحاليين أميون أو لديهم شهادات ثانوية، وقليل منهم لديه الشهادة الجامعية ، وأقل منهم من يحمل الدكتوراه، وأقل وأندر من الجميع من وصل إلى المجلس بلا تزوير، فكيف يعقل أن يناقش هؤلاء الأعضاء قانونا للتعليم الجامعي، وفاقد الشيء لا يعطيه، ولذا أرى أن يكون أول ما يجب أن يعمله رئيس الجمهورية بعد انتخابه في 21 من فبراير الجاري هو تشكيل مجلس أعلى أكاديمي للتعليم العالي، لا يكون مسيساً، وأن يلغى المجلس القديم، لحماية التعليم الجامعي في اليمن .
4) الإفادة من النظم الجامعية العالمية، وإعادة بناء البنية التحية للجامعات، والإفادة من النظم الإدارية لدول الجوار على الأقل، التي تشترط مثلاً في تولي أي منصب إداري ألا يزيد على سنتين ، تجدد لسنتين أخريين فقط ، ولا يجدد له بعد ذلك، مهما تكن الأسباب.
هذا والله تعالى من وراء القصد والحمد لله رب العالمين،