في مدارس الحوثيين.. التعليم يتحول إلى أداة لترسيخ الولاء بالقوة الأمم المتحدة تتحدث عن توقف وصول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة فيتو روسي صادم في الأمم المتحدة يشعل غضب الغرب الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين المحكمة الجزائية في عدن تصدر حكمها النهائي في المتهمين بتفجارات القائد جواس شهادات مروعة لمعتقلين أفرجت عنهم المليشيات أخيراً وزارة الرياضة التابعة للحوثيين تهدد الأندية.. واتهامات بالتنسيق لتجميد الكرة اليمنية أحمد عايض: ناطقا رسميا باسم مؤتمر مأرب الجامع تفاصيل لقاء وزير الداخلية بالقائم بأعمال السفارة الأمريكية في اليمن
بعدما أصبح الانفصال سيد الموقف في الساحة الفلسطينية, فإننا صرنا بحاجة إلي التذكير ببديهيات المشهد التي طمست معالمها أو غيبت في خضم السجال والتراشق الإعلامي والسياسي, الذي ملأ الأفق طيلة الأسابيع الخمسة الأخيرة.
(1)
كأننا نسير بخطي واثقة نحو تشكيل كاريكاتير عن أنفسنا..( إذ صرنا) بإزاء حكومة طوارئ وإصدار مراسيم, وحل بموجب الدستور, وإجراء دستوري وإجراء غير دستوري. ويبدو أن المتحدثين يصدقون أنفسهم. لم نعد حكومة تحت الاحتلال, بل تقدمنا إلي حكومة طوارئ تحت الاحتلال. ولما لا, فنحن لسنا في حالة صراع تحرري مع إسرائيل, بل في حالة تنافس علي الألقاب والتسميات, وعاشت الرمزية والرموز.
هذه الكلمات ليست من عندي, ولكن صاحبها هو الدكتور عزمي بشارة, السياسي والمثقف الفلسطيني البارز, وقد استهل بها مقالته في تحليل الموقف الفلسطيني, التي نشرتها له صحيفة الحياة اللندنية في6/21 الماضي. وهي تسلط الضوء علي المدي الذي وصل إليه تغييب إحدي بديهيات المشهد. حين صدق أركان السلطة الفلسط
ينية حالهم, وتصرفوا وكأنهم أركان دولة حقيقية تحررت واستقام أمرها ومارست أجنحتها طرف الصراع فيما بينها, ناسين أنهم علي رأس دولة وهمية وافتراضية. وأنهم يعيشون في كيان تحت الاحتلال ولا يتحركون في فضاء سياسي مفتوح, وإنما في سجن كبير تحيط به القضبان الحديدية الغليظة من البر والبحر والجو, وأن سجانهم هو الذي يتحكم في كل مقومات حياتهم: المياه والغاز والكهرباء وخطوط الهواتف والغذاء والدواء.. الخ. من ثم فعدوهم الأول والأخير في الوقت الراهن هو سجانهم, وإزاحة الاحتلال هي قضيتهم. وكل كلام خارج هذه الدائرة هو لغو خارج الموضوع, وكل إجراء يتجاوزها أو يتجاهلها هو عبث واحتيال علي القضية.
(2)
حين التقي أبو مازن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت أخيرا, فإن الاجتماع أسفر عن نتائج في الجزء المعلن منها أن إسرائيل قررت الإفراج عن250 أسيرا. كما قررت الكف عن ملاحقة178 مطاردا من المطلوبين من عناصر فتح. والسماح لعدد من القيادات الفلسطينية المقيمة بالخارج بالعودة لعدة أسابيع, للمشاركة في اجتماعات المجلس المركزي. كما وافقت علي الاستمرار في صرف الأموال الفلسطينية المحتجزة علي دفعات, وأذنت بتخفيف الإجراءات علي الحواجز وإدخال بعض المركبات والأسلحة.
هذه الإجراءات يمكن قراءتها من زاويتين إحداهما تتعلق بمضمونها والثانية تنصب علي قيمتها. من حيث المضمون واضح أنها كلها هدايا إسرائيلية مسمومة, تبدو في ظاهرها عطايا مقدمة إلي أبو مازن, في حين أنها تصب في مجري إلغاء الدور النضالي لفتح وتعميق الانقسام بينها وبين حماس. فهي خطوات اتخذت من جانب واحد, والأسري الذين تقرر إطلاقهم إسرائيل هي التي حددت أسماءهم. واختارتهم بحيث تكون أغلبيتهم من فتح, ونصفهم تقريبا من المحكومين الذين كان يتعين الإفراج عنهم هذا العام. أما المطاردون الذين سيتم' الصفح' عنهم فقد اشترطت إسرائيل عليهم إلقاء سلاحهم وتعهدهم بعدم مقاومة الاحتلال. مع وضعهم تحت الاختبار لمدة ثلاثة أشهر. وهذان القراران يسببان حرجا لأبومازن, الذي ظهر فيها وكأنه رئيس لفتح وحدها وليس للشعب الفلسطيني.
في تقييم هذه الإجراءات, نجدها غارقة في تفاصيل التفاصيل. وجميعها بلا استثناء خطوات تتم خارج الموضوع, ولا تمس من قريب أو بعيد أي عنوان من عناوين القضية الأساسية أو ملفات الوضع النهائي, وهو أمر لا يفاجئنا لسبب جوهري هو أن نتائج أية مفاوضات تحسمها موازين القوة المتوافرة لكل طرف. وتلك بديهية أخري مغيبة ومنسية.
ولأن أبو مازن في أضعف حالاته الآن, وهو في حاجة إلي الإسرائيليين بأكثر مما هم في حاجة إليه, فإن غاية ما يمكن أن يحصل عليه هو ذلك الفتات الذي مررنا به. علما بأن المحللين الإسرائيليين أنفسهم لا يختلفون علي أن أولمرت غير راغب في تقديم أي عطاء حقيقي, ثم إنه لا يقدر علي ذلك حتي إذا رغب. ليس فقط لأنه في الشأن الفلسطيني في موقف أقوي بمراحل من أبو مازن رغم حرج وهشاشة وضعه في الداخل إلا أنه ليس مضطرا إلي العطاء, طالما أنه لا يواجه ضغطا عليه من أي جهة, يدفعه إلي فتح الملف السياسي والتطرق إلي قضايا الوضع النهائي.
(3)
البديهية الثالثة المغيبة هي أن قوة أي طرف في الصراع لها مصدران, أولهما القوة الذاتية. وثانيهما قوة التحالفات التي يعقدها. أما أن يستقوي أي طرف بخصومه فذلك من غرائب الأمور التي لا تخطر علي قلب بشر. وتتضاعف الغرابة حين يكون ذلك الاستقواء في مواجهة أهله وبني جلدته, وفي حدود علمي فتلك من الحالات النادرة في التاريخ, التي لها سابقة وقعت في زمن ملوك الطوائف في الأندلس, قبل أكثر من ثمانية قرون, حين لجأ بعض أمراء المسلمين وآخرهم أبو عبد الله الذي حكم غرناطة, إلي التحالف مع أعدائهم الفرنجة للقضاء علي منافسيهم من حكام الإمارات الأخري. وكان ذلك في زمن انحطاط الدولة الإسلامية في الأندلس, الذي انتهي بانتصار الفرنجة وسقوط غرناطة واندثار دولة الإسلام هناك.
لحاصل الآن في الساحة الفلسطينية يكرر هذه المأساة للأسف. حيث تدل مختلف الشواهد علي أن أبو مازن وجماعته قرروا الاصطفاف إلي جانب الإسرائيليين والأمريكيين_ القاتل وكفيله!- وأن يستقووا بهم في مواجهة حركة حماس. وهو الموقف العبثي الذي لمسنا تجلياته في مختلف الممارسات الإسرائيلية والأمريكية خلال الأسابيع الماضية.
لقد أدار أبو مازن ظهره للإجماع الفلسطيني كما أدار ظهره للعالم العربي رافضا دعوة وزراء الخارجية العرب لتقصي حقائق ما جري في غزة. ومتجاهلا دعوة مصر إلي الجلوس علي طاولة الحوار مع حماس وبقية الفصائل الفلسطينية لإيجاد مخرج من الأزمة. ليس ذلك فحسب, وإنما ذهب إلي أبعد حين قرر أن ينسف أهم مرجعيات الإجماع الفلسطيني, من تفاهمات القاهرة إلي وثيقة الوفاق الوطني وصولا إلي إتفاق مكة. وفي حين هدم الرجل تلك الجسور, فإنه ازداد اصطفافا في الاتجاه المعاكس, معولا علي الدعم الإسرائيلي والأمريكي. ومخاطبا الفرنسيين والطليان. وحين تحرك عربيا فإنه لم يزر إلا دولة خليجية تتولي تمويل نفقات تسليح حرسه الرئاسي بالتفاهم مع الأمريكيين.
في ظل خلفية من هذا القبيل, هل يمكن أن يجرؤ أبو مازن علي أن يتفوه بكلمة أمام أولمرت أو السيدة رايس تتعلق بالجدار أو المستوطنات أو الانسحاب من الضفة, ناهيك عن مصير القدس وحق العودة ؟ سأترك لك
الإجابة عن السؤال.
(4)
إذا أراد أبو مازن أن ينجو من مصير أبو عبد الله, وإذا أراد الفلسطينيون أن يتجنبوا مصير إمارة غرناطة المندثرة, فليس أمامهم سوي ان يستعيدوا وحدة صفهم وأن يستعلوا فوق خصوماتهم ومراراتهم. بحيث تقدم القضية علي الثأر والوطن علي الفصيل.
من أسف أن أبو مازن وجماعته اختاروا مسارا آخر علي النقيض من ذلك تماما. حيث كثفوا جهدهم في ثلاثة اتجاهات, الأول إخراج حماس تماما من المسرح السياسي الفلسطيني والثاني تعطيل القانون الأساسي والانقلاب عليه مع إلغاء كل التفاهمات الفلسطينية السابقة. والثالث محاولة إحياء هياكل منظمة التحرير المعطلة أو المجمدة للاستعانة بها في إضفاء الشرعية علي الإجراءات التي اتخذت والمراسيم التي صدرت.
هذه الجهود تضعف أبو مازن نفسه وتدمر كل ما تم بناؤه في الساحة الفلسطينية خصوصا علي صعيد الشرعية ناهيك عن أنها لا تخدم المشروع الوطني الفلسطيني. حتي أزعم أنها تشكل هدية لإسرائيل لم تكن تحلم بها.
اصطياد أخطاء أرتكبتها عناصر حماس في غزة والزعم بان ما جري هناك كان انقلابا علي الشرعية يجب التراجع عنه, والذهاب في التصعيد إلي حد فصل الحركة من الصف الوطني الفلسطيني, ينم عن حالة من الغضب والانفعال أهدرت موازين العقل والرشد.
ذلك أن أي منصف يدرك أن ما قامت به حماس لم يكن أكثر من اجراء أمني لم تكن له أجندة سياسية. وما فعلته هو ما ينبغي أن تفعله أية حكومة شرعية إزاء أجهزة أمنية تمردت عليها وأصرت علي تخريب جهودها من خلال إشاعة الفلتان الأمني في المجتمع علما بأن حكومة غزة مازالت تعترف بشرعية السلطة ورئيسها أبو مازن, والذين يتجاهلون هذه الحقيقة ويصرون علي التركيز علي الأخطاء التي وقع فيها البعض, يفتقدون إلي الإنصاف والنزاهة السياسية.
ولا أفهم كيف يمكن أن تحذف حماس هكذا ببساطة من المشهد السياسي. وهي الخطوة التي لم يلجأ إليها الأمريكيون أنفسهم, الذين لم يستطيعوا أن يتجاهلوا الحركة. حتي ان كوندوليزا رايس قالت في تصريح منشور أن واشنطن لا تطالب حماس بالاعتراف بإسرائيل, لكنها تريد منها أن تكف عن الدعوة إلي تدميرها( وهي الشائعة التي روج لها الإسرائيليون وليس لها سند من أدبيات أو وثائق حماس).
أما تعطيل مواد الدستور والتلاعب بها فذلك تجاوز معيب يبطل شرعية قرارات أبو مازن ومراسيمه. كما أن محاولة استغلال هياكل منظمة التحرير التي تجاهلها أبو مازن طول الوقت, ودعوة المجلس المركزي المنتهية ولايته لإصدار قرارات تحقق لأبومازن وجماعته مرادهم, فتعد التفافا فيه من دواعي الثأر والتصفية بأكثر مما فيه من تحقيق المصلحة الوطنية الفلسطينية, وهي الإجراءات التي لم يسترح لها عقلاء الفلسطينيين وبعض أركان فتح ومنظمة التحرير ذاتها:( فاروق قدومي_ هاني الحسن_ نزار عمار_ صالح الشقباوي_ محمد غنيم( أبو ماهر) وآخرون). ولعلي لا أذيع سرا إذا قلت إن القاهرة بدورها لم تسترح إلي تلك الإجراءات حتي أوفدت مسئولا رفيع المستوي إلي واشنطن لشرح مخاطر ما يجري للأصلاء دون الوسطاء أو الوكلاء
إن حماس مطالبة حقا بان تعتذر عن الأخطاء التي وقعت أثناء الانفجار الذي شهدته غزة, كما أن قيادات فتح يتعين عليهم الاعتذار أيضا عن الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني طيلة السنوات العشر الماضية, والتي كشفت عنها وثائق الأجهزة الأمنية التي ضبطت أخيرا, وهذا الاعتذار المتبادل إذا تم, فإنه يفتح الطريق أمام وفاق وطني آخر, ربما كانت أنسب صيغة له أن ينسحب الطرفان من الحكومة, لتشكل حكومة تكنوقراط جديدة بالتوازي مع إعادة بناء الأجهزة الأمنية علي أساس وطني وليس فصائليا.
إن طريق الوفاق الذي يخدم القضية ليس فيه سر, ولكن بعض الغاضبين يصرون فيما يبدو علي الاندفاع علي طريق الندامة.