مليشيات الحوثي تختطف مواطناً من جنوب اليمن للضغط على شقيقه عاجل .. دعم سعودي لحكومة بن مبارك ووديعة بنكية جديدة كأس الخليج: تأهل عمان والكويت ومغادرة الإمارات وقطر دراسة حديثة تكشف لماذا تهاجم الإنفلونزا الرجال وتكون أقل حدة نحو النساء؟ تعرف على أبرز ثلاث مواجهات نارية في كرة القدم تختتم عام 2024 محمد صلاح يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي .. قائمة بأشهر هدافي الدوري الإنجليزي مقتل إعلامية لبنانية شهيرة قبيل طلاقها قرار بإقالة قائد المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت.. من هو القائد الجديد؟ دولة عربية يختفي الدولار من أسواقها السوداء تركيا تكشف عن العدد المهول للطلاب السوريين الذين تخرجوا من الجامعات التركية
أختلف مع الذين يؤملون الكثير وينتظرون التغيير في سياسة الولايات المتحدة تجاه بلادنا بعد اختيار الأمريكيين باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية في الرابع من نوفمبر الماضي ، ولعل أوباما أكد علي هذه الرؤية من خلال اختياره راما إيمانويل الإسرائيلي الأصل ليكون كبيرا لموظفي البيت الأبيض وهو أرفع وأهم منصب في إدارة الرئيس الأمريكي ، وقد جعل هذا التعيين لأول وأهم منصب في إدارة الرئيس الجديد الصحف الإسرائيلية تهلل وترحب بأول قرار يتخذه أوباما بعد انتخابه رئيسا حتى أن صحيفة معاريف الإسرائيلية قالت في عددها الصادر يوم الجمعة 7 نوفمبر عن إيمانويل إنه " رجلنا في البيت الأبيض " ولعل تعيين إسرائيلي مديرا للبيت الأبيض يجعل العرب الذين عولوا علي اختيار الأمريكيين لأوباما أن يعودوا أدراجهم وأن يدركوا أن الأمريكيين اختاروا أوباما ليس من أجل العرب ولا من أجل المسلمين ولكن من أجل الكارثة والميراث الثقيل الذي تركه جورج بوش للأمريكيين وللعالم ، كما أن رؤية أوباما لإسرائيل وأمنها هي رؤية كل من حكموا الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن ولن تتغير إلا بانكماش أمريكا وانكفائها علي نفسها وانتهاء رؤاها الإمبراطورية ونزعاتها التوسعية ، أما الميراث الذي تركه بوش لأوباما فعلي الصعيد الاقتصادي وهو الأهم الآن حيث يعيش الأمريكيون جميعا في كابوسه ..
فبعد يومين من اختيار أوباما رئيسا أكدت كبريات شركات صناعة السيارات في الولايات المتحدة أنها علي وشك الإفلاس إذا لم تتدخل الحكومة الأمريكية وتدعمها بما لا يقل عن خمسة وعشرين مليار دولار في أقرب فرصة ، وقد أكدت شركات " فورد " وكرايسلر " و " جنرال موتورز " أنهم يواجهون شبح الإفلاس إذا لم يتحرك الكونجرس والرئيس الأمريكي المنتخب لنجدتهم ، وقد أشارت صحيفة " واشنطن بوست " الأمريكية في عددها الصادر يوم الجمعة 7 نوفمبر نقلا عن شركة " فورد " أن صناعة السيارات في الولايات المتحدة " تنتظرها أوقاتا عصيبة " ،
ومن الطبيعي أن تقوم هذه الشركات بتسريح الآلاف من موظفيها لخفض النفقات بعدما شهدت مبيعاتها انخفاضا لم تشهده منذ خمسة وعشرين عاما ، هذا والأزمة كما يقال في بدايتها ، ومعني الأوقات العصيبة التي تنتظر صناعة السيارات في الولايات المتحدة أن هناك أوقاتا عصيبة أيضا تنتظر كافة الشركات المرتبطة بصناعة السيارات مثل شركات قطع الغيار وصناعة إطارات السيارات وشركات الإقراض لراغبي شراء السيارات التي تقدر ميزانيتها بما يقرب من مائة مليار دولار ، وشركات خدمات السيارات وصناعة مشتقات البترول ومحطات البنزين ومطاعم الوجبات والمأكولات والبقالان التي توجد في كل محطة بنزين تقريبا ، وهذا يعني فقدان مئات الآلاف من الوظائف للذين يعملون في كافة مجالات صناعة وتسويق وخدمة السيارات مما يعني كارثة في هذا المجال لن تقل عن كارثة بطاقات الائتمان التي تقدر قيمة الخسائر فيها حتى الآن بما يقرب مائة مليار دولار ، حيث تبلغ الديون المستحقة لشركات بطاقات الائتمان في مجملها أكثر من سبعمائة مليار ، بعدما عودت هذه الشركات التي كانت تقوم بتوزيع بطاقاتها مجانا علي من يملك ومن لا يملك في الولايات المتحدة علي إغراق الأمريكيين في الديون الباهظة وتعويدهم علي نمط استهلاكي مدمر حيث ينفق الإنسان أضعاف دخله ويعجز عن السداد وتكتفي الشركات بإضافة المزيد من الفوائد والجزاءات علي ديونه في شكل من أشكال الجشع ألربوي الذي بليت به هذه المجتمعات وعممته علي معظم أنحاء العالم ، وقد جعل هذا السلوك الطبقة الأمريكية الوسطي تعيش حالة من الضياع في الولايات المتحدة ، ولعل هذا ما دفع الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما علي ِأن يكون من أوائل تعهداته التي أعلنها في أول مؤتمر صحفي يعقده بعد انتخابه بيومين أي في 7 نوفمبر أنه سوف يعتمد خطة للتحفيز الاقتصادي من أجل إنقاذ الطبقة الوسطي في المجتمع الأمريكي ، وقال أوباما " إن الاقتصاد الأمريكي في حالة سيئة ، والشعب بحاجة إلي مساعدتنا " وقد سجلت معدلات البطالة في الولايات المتحدة نسبة غير مسبوقة منذ سنوات طويلة فقد بلغت في شهر سبتمبر الماضي 2008 ستة ونصف في المائة وسرح خلال شهرين ما يزيد علي ربع مليون أمريكي من وظائفهم ،
هذا والأزمة لازالت في بدايتها كما يقول الخبراء ، أما أزمة الرهن العقاري فهي تبلغ سبعمائة مليار دولار من الخسائر للشركات والبنوك التي تتعامل في هذا المجال وهي التي كانت تمثل رأس جبل الجليد حينما ظهرت الأزمة الاقتصادية في منتصف سبتمبر 2008 ، لكنها كانت تخفي وراءها أزمات وكوارث اقتصادية في كل مجال مثل أزمة شركات إقراض الطلاب التي تزيد علي ثمانين مليارا ومن لا يعلم فإن الطالب الأمريكي يدفع تكاليف باهظة للجامعات حينما يدرس بها ، ولأن كثيرا من الطلبة لا يملكون المال ولا يجدون منحا دراسية فإن هذه الشركات تقرضهم المال اللازم لاستكمال دراستهم الجامعية مع فوائد باهظة علي أن يسددوا ديونهم لتلك الشركات بعد تخرجهم وحصولهم علي الوظائف ويستمرون في أداء هذه الديون لسنوات طويلة ، ولأن كثيرين خسروا وظائفهم فقد أصبحوا عاجزين عن السداد مما جعل هذه الشركات تسجل خسائر فادحة جعلت بعضها يشرف علي الإفلاس ، ولأن كل شيء في الولايات المتحدة بالديون فإن حجم المبالغ غير المعلنة ربما يعادل أو يزيد عن مبلغ الرهن العقاري الذي طغي كرقم كبير علي كثير من الأرقام الصغيرة ، أما اقتصاد الحرب الذي بلغ ثلاثة تريليون دولار منذ العام 2001 وحتى نهاية عهد بوش ، مع خسائر فادحة تكبدتها الولايات المتحدة في الأرواح والمعدات في كل من أفغانستان والعراق فإن الحرب وخسائرها تعتبر من أثقل ما تركه بوش لوريثه أوباما وهي قصة أخري معقدة لأنها ليست مجرد ديون وإنما جيوش تنتشر علي رقعة واسعة تصل إلي خمس وعشرين دولة من آسيا الوسطي إلي إفريقيا وتضم جيوشا علي الأرض وقواعد عسكرية وأساطيل تجوب البحار وقوات تقوم بتدريب جيوش الدول الحليفة للولايات المتحدة ، وقوات تشن حروبا كل هذا تحت مسمي " القيادة الأمريكية الوسطي " التي يقع مقرها الرئيسي في ولاية تامبا الأمريكية ، ويقودها الآن الجنرال ديفيد بتريوس القائد السابق للقوات الأمريكية في العراق ، ومن ثم فإن هناك حروبا قائمة لها نفقات يومية باهظة ، وجثث تعود في الأكياس السوداء كل يوم إلي قاعدة دوفر شرق الولايات المتحدة ، حيث أكبر مستودع للجثث في العالم ، ومقابر وشواهد قبور تنتشر في عشرات المقابر الوطنية للجنود الأمريكيين وعلاوة علي الجثث هناك عشرات الآلاف من الجنود المعوقين جسديا وذهنيا الذين يعودون لبلادهم كضحايا وجرحي لهذه الحروب ، ولا يجدون الرعاية رغم ما قدموه للوطن من تضحيات في المنظور الأمريكي مما يدفع بالكثيرين منهم للانتحار وقد نشرت في كتابي " معركة الفلوجة " إحصائيات دقيقة من مسئولي المراكز الطبية للمحاربين القدماء في الولايات المتحدة تفيد بانتحار ألف جندي سنويا علي الأقل من العائدين من العراق وأفغانستان بسبب الأمراض النفسية التي تنهشهم بعد عودتهم من ساحات القتال ، ومن يدخل علي أي موقع لقدامى المحاربين الأمريكيين يجد من القصص والشكاوي ما يصعب تصوره ، هذا الميراث الإمبراطوري العسكري الضخم بحاجة إلي من يتعامل معه بحصافة ويبحث عن مخرج له ، لاسيما وأن كافة خبراء الإستراتيجية و المؤرخين يعتبرون أن التمدد العسكري للإمبراطوريات علي مدار التاريخ مع العجز أو القصور الاقتصادي عادة ما يمثل البداية للتراجع الإمبراطوري ومن ثم الانكماش ثم الانهيار هذا ما حدث مع كافة الإمبراطوريات التي ظهرت واندثرت علي مدار التاريخ ولننظر من قريب خلال القرن الماضي فقط إلي الإمبراطورية العثمانية التي أغرقتها الديون بدءا من منتصف القرن التاسع عشر وقد لعب يهود الدونمة الدور الرئيسي في إقراض السلاطين الذين انشغلوا ببناء القصور والبذخ مما أدي إلي الانهيار الذي أعلن عنه رسميا عام 1924 لكنه كان قد بدأ قبل ذلك بخمسين عاما علي الأقل ، ثم ننظر إلي الإمبراطورية النمساوية التي انهارت بعد الحرب العالمية الأولي والإمبراطورية البريطانية التي انهارت بعد الحرب العالمية الثانية ، ثم مساعي هتلر لتكوين إمبراطورية ألمانية دمرها التمدد العسكري الواسع الذي قام به ،
ثم انهيار الإمبراطورية السوفييتية عام 1991 ، بعد ورطتها في أفغانستان ، والآن بعد ورطة العراق وأفغانستان فإن الإمبراطورية الأمريكية التي تواجه تحديا اقتصاديا هو الأقسى والأصعب في تاريخها قد يمثل هذا نهايتها التي صنعها جورج بوش والتي لن يجد أوباما مفرا من التعامل معها لكن جهده الأكبر كيف تكون هذه النهاية في شكل مشرف كما يصطلح الخبراء في المسميات ولا تكون انهيارا مشابها لما تم لكافة الإمبراطوريات السابقة ،