الجفري: ندعو لإجراء استفتاء شعبي في الجنوب ليقرر الناس مستقبلهم بقلم/ مأرب برس - متابعات
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 14 يوماً الجمعة 13 يناير-كانون الثاني 2012 02:45 ص
عدن الغد:
في حوار مطول مع صحيفة "عدن الغد" يتحدث المعارض الجنوبي البارز "عبد الرحمن الجفري" عن التصالح والتسامح داعياً إلى مصالحة وطنية شاملة, وينتقد تشرذم قيادات الحراك وتنقلها من أداة إلى أخرى, ويدعو الجنوبيين إلى دراسة الأهمية السياسية والاقتصادية والتجارية والجغرافية للبلد, والمدرسة الدينية السمحة ممثلة بمدرسة "حضرموت" معتبراً أن "بلادنا كان – ولا زال – بإمكانها أن تكون أهم موقع لتصدير النفط في العالم".
ويحذر الجفري وهو رئيس حزب رابطة أبناء اليمن "رأي" أقدم الأحزاب في جنوب اليمن وأحد أقدم الأحزاب في المنطقة في الحوار المنشور في العدد رقم "1" الصادر اليوم الأحد من صحيفة "عدن الغد" في أسبوعها الثاني بعد صدور العدد "صفر" الأسبوع المنصرم من استخدام سياسة "فزاعات" للإقليم والعالم, ويدعو لنبذ الانفرادية والرأي الأوحد, ويتمسك بحق الجنوبيين في استفتائهم حول مستقبلهم بعد مرحلة انتقالية بنظام فدرالي ثنائي, ويأمل ألا يكرس رعاة لقاء القاهرة الثاني ما يوسع الشقوق في الصف الجنوبي ويعمقها, واعتبر أن "استقرار الجنوب" سيساهم بتقليص الإرهاب والقرصنة البحرية.
حوار: أنيس البارق
* بداية نحن على أعتاب ذكرى التصالح والتسامح الجنوبي؛ هل تشعرون أن هذه الإحتفالات الشعبية تشمل أيضا الممارسات التي طالت القوى السياسية قبل العام 1967م ؟
- أولا أهنئكم وأهنىء هيئة تحرير صحيفة " عـــدن الغــد " على إصدار صحيفتكم الورقية بعد نجاح صحيفتكم الإلكترونية .. وأنا على ثقة من تحقيقكم نجاحا أكبر في صحيفتكم الأسبوعية بإذن الله وأنها ستتحول إلى يومية خلال فترة قياسية؛ كما أشكركم على إستضافتكم لي .. ثانياً نهنيء شعبنا على روحه المتسامية على الجراح .. وكان رأينا منذ ما قبل إعلان الوحدة هو إجراء مصالحة وطنية’ ووحدة وطنية شاملة؛ وأن نقيم أوضاعنا في الجنوب على أسس ديمقراطية ثم نتجه إلى وحدة مع الجمهورية العربية اليمنية على أسس مقبولة ويرتضيها الناس وأصدرنا بذلك بيانا في 1/ 12/ 1989م وبرقية أرسلناها للإخوة في النظام في عدن؛ ثم وصلنا عدن في 13 مارس 1990م وأصدرنا بيانا بنفس الطرح وحاولنا اللقاء غير أنهم كانوا منشغلين بلجان الوحدة وبالتسريع في إعلانها - وكنا في مايو 1985م قد أرسلنا رسالة للإخوة في عدن بنفس المعنى ونحذر من الصراع؛ ويبدو أن الإخوة لم تمكنهم الظروف عام 1985م – والمصالحة الوطنية الشاملة هي أعم ولازالت مطلوبة لمعالجة الجراح وليس لنكئها ولمنع أي إنتقامات فردية أو غير ذلك .. وهذا لا يقلل من الجهد الكبير الذي بذله من أعلنوا التصالح والتسامح ويمكن البناء عليه لمصالحة ووحدة جنوبية شاملة ترسخ التصالح والتسامح؛ وتطال عقولنا ونفسياتنا؛ وتزيل عنها موروث الماضي القائم على الإقصاء والتهميش والرأي الواحد ... إلخ من المفاهيم التي سادت المرحلة السابقة.
وبالنسبة لنا فما طالنا من جراح قبل 1967م هي من الإستعمار البريطاني .. من نفي .. وتشريد .. وتدمير لمنازلنا (لازالت ركاما حتى اليوم) ومن قصف بالطائرات ولازالت آثارها وشظايا في الجبال .. نحن وغيرنا .. منذ الخمسينات .. وتلك في الحقيقة أوسمة وليست جراحا. أما ماطالنا من زملائنا في العمل الوطني قبل 1967م من ظلم وجراح فقد تجاوزناه منذ تشريدنا عام 1967م للمرة الثانية .. وعملنا بالسنة النبوية الشريفة، والأمر النبوي العظيم في خطبة " الوداع " وسامحنا بل وأحسنا التعامل مع الجميع .. وطبقا لنفس النهج النبوي فإنني أعلن أننا كحزب نعتبر كل ما حدث لنا من جراح وإساءات موضوعة تحت الأقدام .. وهذا لا يلغي ما يخص الحقوق الخاصة للناس من ممتلكات وسواها ومطالبة الدولة بالتعويض العادل عن ما لا يمكن إعادته صونا لسكينة المجتمع وتراحمه وتواده.
* ألا ترى أن إسقاط التصالح والتسامح لحق الجنوبيين في محاكمة النظام الجنوبي السابق يشبه دعوات إسقاط حق اليمنيين عموما في محاكمة النظام اليمني الحالي ؟
- يبدو لي أن الفرق واضح .. فالتصالح والتسامح قام وبشر به في الجنوب مجاميع من الناس ويحتفلون به ونحن معهم على نطاق واسع .. ومعظم المحتفلين هم من جيل جديد يتوق إلى أن لا يكرر ما مارسه الجيل السابق من صراعات وإنتهاكات؛ كما أن ذلك حدث بعد أن انتهى النظام السابق المولِّد لهذه الصراعات والمسكون بها فكرا .. وعقليةً .. وسلوكاً لنظام ولا سبيل لعودته؛ بينما ما حدث ويحدث حاليا مع نظام الحكم الحالي هو أن رئيس النظام والقوى المتفقة معه هم من أقروا الحصانة له ولمعظم الموقعين معه من الذين شاركوا معه في السلطة منذ توليه قبل 33 عاما؛ فالحصانة تشملهم، وهي في الحقيقة تلزم الموقعين على ذلك، وتصيغها الحكومة ويقرها مجلس نواب قد انتهى منذ حوالي ست سنوات .. والحكومة والمجلس في غالبيتها منهم .. أي يعطون الحصانة لأنفسهم .. فهل يجوز أن يسقط أحد حقوق الغير عليه من طرف واحد!!؟؟.
* لماذا لازالت معارضة 67 في الجنوب غير قادرة على إيجاد قاعدة شعبية والاستفادة من أخطاء الحقب اللاحقة قبل الوحدة وبعدها؟
- بالنسبة لنا – وقد ينطبق على غيرنا – فلم نكن معارضة قبل 1967م وإنما حزب وطني يكافح استعماراً ويهدف إلى جلائه .. ونيل الاستقلال وضمان وحدة الجنوب .. وانتقال السيادة إلى شعبه في حكم ديمقراطي من خلال انتخابات حرة.
ومن الأسباب الرئيسية :-
1. نفي قياداتنا، من رواد الحركة الوطنية، في عهد الإستعمار منذ العام 1956م واظطُهِد الرابطيون .. وأقفلت صحفهم لفترات ومن عاد قبل الاستقلال لم يمكث أكثر من سنتين. 2. تعرضنا لهجمة إعلامية ظالمة من الخارج والداخل لأننا أساسا حزب وطني محلي .. مستقل القرار .. معتدل .. وبعيد عن التطرف في فترة سادها التطرف ورفضنا أن نرتهن للموجة السائدة آنذاك. 3. جاء الإستقلال وجاء التشريد الثاني وإلغاء الأحزاب وتعرضنا لما تعرض له غيرنا. 4. عدنا قبيل الوحدة ولم نشأ أن نستغل ما حدث من ممارسات قبل الوحدة في الوقت الذي كنا ننادي فيه بمصالحة وطنية شاملة .. فنحن نتعامل بمصداقية ، حركة وقولاً، ونحرص عليها. 5. استمرت هيمنة كل من طرفي الوحدة على القسم الذي كان يحكمه قبل الوحدة حتى عام 1994م. وجاءت انتخابات 1993م ولم نفز فيها بمقعد لأننا شاركنا في معارضة جادة "التكتل الوطني للمعارضة" وكانت لدينا طعنا إنتخابيا موثقاً وفي انتهاك واضح للدستور أصدر الشركاء الجدد قراراً مكتوباً يوقف المحكمة العليا عن النظر في الطعون الإنتخابية؛ وكنا بعد ذلك من وضع أسس "وثيقة العهد والإتفاق" – ذكر ذلك الفقيد الكبير عمر الجاوي رحمه الله في صحيفة التجمع – ولعبنا دوراً رئسياً في الحوار الوطني وتم إجهاض الوثيقة وتوقعنا ذلك وأعلناه في حينه. 6. جاءت حرب 1994م ويعلم الجميع موقفنا ودورنا خلال الحرب وبعد الحرب في الخارج، سواء في التعامل السوي مع جميع من نزحوا بعد الحرب أو في الجبهة الوطنية للمعارضة "موج". 7. حرب 1994م أعادنا إلى التشريد الثالث .. ولم نتقاعس عن الحركة والعمل الدؤوب لصالح بلادنا.
كل ذلك جعل لنا أثراً وتأثيراً في كل الأحداث المفصلية وفي قلوب الناس والحمد لله وإن كان كل ذلك قد أعاق توسعنا التنظيمي؛ ولولا عون الله سبحانه وتعالى لكنا قد اندثرنا نتيجة لكل ما تعرضنا له.
ونأمل - بإذن الله – أن تشهد المرحلة القادمة تطوراً نوعياً خاصة ولدينا رؤية وخطة تجديد شاملة أسميناها (السفر إلى المستقبل)؛ فقد جددنا في قيادتنا أكثر من 60% في الهيئة المركزية وحوالي 70% في اللجنة التفيذية، وعدلنا في نظامنا الداخلي في مؤتمرنا العام التاسع بعدن عام 2009م بحيث ألزمنا بأن لا يقل نصيب المرأة عن 20% في أي إطار قيادي في الحزب .. ونفذناه بحيث أصبح لدينا 22% و 24% في الإطارين السابقين على التوالي؛ والخطوة الهامة الحاسمة أننا في رؤية وبرنامج "السفر إلى المستقبل" سنسلم القيادة كاملة إن شاء الله خلال سنتين أو ثلاث، من استقرار الأوضاع، كحد أقصى لقيادة لا تضم أحداً من قيادة ما قبل 2009م بعد عملية تدريب وتأهيل للجيل الجديد من القيادات، ونصبح مستشارين لا نتدخل في القرار ورأينا استشاري غير ملزم مطلقاً؛ ونأتمر وننقاد للقيادة الجديدة المؤهلة .. والله نسأل الله التوفيق { لكم أن تنشروا كامل رؤيتنا وبرنامجنا "السفر إلى المستقبل"}.
* ماهو الدور الإيجابي الذي قمتم به لشرح قضية الجنوب في الخارج؟
- نحن في الداخل وبقيت أنا فقط هذه الفترة القصيرة في الخارج مؤقتاً .. ولم نترك مجالاً أو جهة نصل إليها إلا وطرحنا عليها "القضية الجنوبية" كما أن الخارج موجود في بلادنا وأيضاً طرحنا ونطرح عليه هذه القضية المحورية.. وسنستمر في هذا الأمر؛ فبدون حل عادل ومرضي للشعب في الجنوب فلن تستقر الأوضاع ولن نستقر أو يقر لنا قرار .. وبشفافية ومصداقية فإن هذا لا يعني أن نُهمل بقية القضايا في اليمن فكلها تؤثر وتتأثر ببعضها سلباً أو إيجاباً .. بل كل قضايا المنطقة والعالم مترابطة ومتشابكة في عالم واسع متداخل تجده كله على جهاز "كمبيوترك".
* قيادة الحراك السلمي في الجنوب أنهكت قواه الشعبية لأربع سنوات في البحث عن وحدة الأداة .. ألا تعتقد أن الثورات العربية أثبتت عدم أهمية وجود حامل سياسي موحد للثوار.؟ وألا ترى أيضا أنه أي الحراك صاحب الحق في إيجاد الحامل السياسي بدون الأحزاب والقوى الأخرى؟
- الحراك السلمي الجنوبي هم من وضع القضية الجنوبية ،منذ منتصف عام 2007م، في واجهة الأحداث والقضايا الجديرة بالإهتمام محلياً؛ وإقليمياً؛ ودولياً وليس صحيحاً أن قواه الشعبية قد أنهكتها قيادة الحراك السلمي في البحث عن وحدة الأداة بل أنهكتها بتشرذمها هي وتنقلها بين أدوات مختلفة أو متعددة ظهرت لتعين الحراك السلمي وفرح بها اعتماداً على أنها ستعينه لفتح أبواب الخارج فاتضح أنها تستعين به –أي الحراك السلمي – لتفتح لها أبواب الخارج وانطبق المثل "جبتك ياعبدالمعين تعينني وجدتك ياعبدالمعين تستعين بي" .. وشاهدت قبل فترة ندوة في قناة "عدن لايف" في برمنجهام شارك فيها عدد من ممثلي الحراك في بريطانيا .. ومنهم الأستاذ عبده النقيب الذي قال بصدق وشفافية {اننا – يشير إلى قيادات في الخارج - عجزنا أن نقنع دولة ولو صغيرة بقضيتنا لأن الدول تبحث عن مصالحها .. إلخ} وفي حرب 1994م لم تعترف إلا دولة أرض الصومال التي، هي نفسها، لم يعترف بها أحد وبالتالي لم يتم الحصول على شرعية ودولة .. وقراري 924 و931 يتحدثان عن وقف القتال والحوار لحل الخلافات السياسية في الجمهورية اليمنية التي لا يجوز حلها بالقوة ولم يذكر كلمة جنوب!!!!. وتعهد رئيس الوزراء بالوكالة في 7/ 7/ 1994م بالحوار.
أما الثورات العربية فقد أثبتت أهمية وجود حامل سياسي حقيقي للثورة لا محمولاً بها .. لكن يجب أن يؤمن بها .. ومثال تونس وإلى حد كبير مصر العربية شاهد للعيان .. ومالم يكن الحامل السياسي للثورة مؤمناً بالقضية حقيقة .. متفهماً لسمات العصر .. متناغماً معها .. ويعيش بعقلية العصر .. ويعرف كيفية التعامل مع أدواته وآلياته فإن الحامل السياسي يصبح "كالحمل الكاذب"! ويتحول هو إلى محمول بالقضية إلى ما يريد هو لا إلى ما يريد أصحاب القضية أو الثورة .. وخير شاهد ثورة الشباب في اليمن .. وقد يكون ذلك بحسن نية من الحامل السياسي المفترض، فلا حكم لنا على النوايا .. أما فيما يخص أن يكون الحراك صاحب الحق في إيجاد الحامل السياسي للقضية الجنوبية دون غيره .. فالقضية الجنوبية أكبر وأعز من أن تكون قضية لفئة .. أو لجماعة .. أو لحزب بل هي قضية شعب .. والحراك في حقيقة الأمر طليعة في القضية الجنوبية ومدعو بل واجبه وحقه أن يشارك في إيجاد الحامل السياسي بل وأن يكون جزءاً منه؛ خاصة الشباب المؤهل في الحراك.
* برأيك لماذا تجاهلت القوى الإقليمية والدولية مطالب الحركة الاجتجاجية الشعبية في الجنوب لأربع سنوات؟
- أرى أن علينا أن ندرك بدقة وموضوعية – بعيداً عن العواطف – سياسات الجهات ذات التأثير الفعلي إقليمياً.. ودولياً.. ولن نصل إلى هذا الإدراك إلا بدراسة علمية لعوامل التأثير في سياساتها وحركتها .. ولن نصل إلى عوامل التأثير دون معرفة عميقة أولاً لبلادنا والأهمية الاستراتيجية لموقعها .. ولن نصل إلى هذا إلا إذا درسنا الأهمية السياسية .. والاقتصادية .. والتجارية .. والأمنية لموقعها الجغرافي والأهمية الدينية لتاريخ وحاضر ومستقبل مدرستها الدينية السمحة المعتدلة {مدرسة حضرموت} التي نشرت الإسلام في آسيا وأفريقيا ودخل الإسلام من خلالها أكثر من ثلث العالم الإسلامي دون قطرة دم .. بل ودون أي صدام أو تنافر مع الثقافات السائدة فيها بل أضافت إليها ثقافتها الإسلامية برفق وسماحة واستقت من ثقافاتها ما يشكل إضافة إنسانية.
ولو كان قد وجد لدينا نظام سياسي مدرك بعمق للأهمية الجغرافية على بحر مفتوح يشكل أحد المفاتيح الهامة للمحيط الهندي ولمعظم آسيا؛ لأدركنا أن بلادنا كان – ولا زال – بإمكانها أن تكون أهم موقع لتصدير النفط في العالم؛ ولألغت أي مخاوف بأسر إمدادات النفط الضخمة المخنوقة بمضيق "هرمز" .. ولعاد ميناء عدن كميناء حر لمكانته التجارية في المسافنة وبضائع الترانزيت .. تلك بعض صور أهمية موقعنا الجغرافي وأهمية بلادنا التاريخية .. هذا الاستطراد يبين أن العالم والإقليم لا يمكن إلا أن يهتم بهذه المنطقة ومطالب شعبها .. لكن تأخر ظهور هذا الاهتمام لا يعني تجاهلاً؛ بل هناك عوامل حجبت هذا الاهتمام منها:
الـعـامـل الأول: أن النظام الحاكم كان متشعباً في كل مفاصل الحياة والقوى المؤثرة.
الـعـامـل الثاني: كان النظام يستخدم "فزاعة القاعدة والإرهاب" وهي أولوية دولية وإقليمية ولم يكن ذلك الاستخدام خافياً على أحد في العالم.
العامل الثالث: لم يكن بالإمكان زعزعة النظام أو تغييره ديمقراطياً فالأحزاب المعارضة كان أكبر أملها الشراكة مع النظام لا تقديم البديل الحقيقي له.
العامل الرابع: أولويات دولية متعددة كان العالم مشغولاً بها.
العامل الخامس: كانت هناك بوادر كثيرة ومؤشرات في السنوات الأربع الأخيرة بأن التظام يتفسخ من داخله والمنظومة المرتبطة بالمصالح معه تتفكك.
هذا كله لم يُلْهِ العالم عن المتابعة لما يجري ولا إلى الحركة الشعبية المتنامية للحراك السلمي رغم الضربات التي تلقاها في عدن لكنه لم يمت، بل استمر في غير عدن من المحافظات وبصورة أقوى في ردفان .. والضالع .. ويافع .. وأبين .. وشبوة .. وحضرموت وإلى حد ما في المهرة؛ ولم يمت في عدن؛ وإنما بقي لمرحلة كامن.
جاءت ثورة الشباب؛ وتحرك الشباب في عدن وباقي المناطق الجنوبية بذكاء واحتراف ملحوظ مكَّن الحراك "الكامن" من العودة ثم البروز بفعالية أكثر وقوة شبابها وتصاعدت حركته؛ وأيضاً كل ذلك كان – ولازال – يُرصد من كل القوى الإقليمية والدوليه؛ وعلينا جميعاً أن نلاحظ أن من يشد هذا الاهتمام الدولي والإقليمي هي حركة الحراك السلمي وفي المقدمة الشباب وليس غير ذلك .. فالتعاطف قائم وإن لم يظهر بوضوح.
* ماهي التطمينات الكافية التي يجب أن يقدمها الجنوبيون للحصول على تأييد أو تعاطف إقليمي ودولي صريح؟
- يفترض أن هذه مهمة "الحامل السياسي" الذي يجب أن يُدرك ما سبق شرحه من أهمية بلادنا ومصالح الإقليم والعالم؛ وقبل ذلك كله مصالح بلادنا وشعبنا ويجب أن ندرك .. ونعلم .. ونفهم أن العالم أعلم بمصالحه .. لكن يجب أن نملك أيضاً الفهم لماهية مصالح بلادنا وشعبنا .. والحنكة .. والمقدرة السياسية على تحقيقها.
وعلينا قبل غيرنا أن ندرك بعمق أننا لا نعيش في العقد السابع أو الثامن من القرن الماضي؛ وبالتالي فإن إستخدام سياسة "فزاعات" للإقليم والعالم هي سياسة معيقة بل مدمرة للقضية الجنوبية ولن تدفع العالم أو الإقليم لأن يهرع ويفزع فذلك عصر مضى بكل أساليبه وسياساته وآلياته؛ ونحن في عصر تتشابك فيه المصالح ويختفي فيه اللون الواحد؛ وينفتح على تنُّوع ألوان الطيف ثقافياً وفكرياً وينبذ الإصرار على الأوحدية في الرأي؛ وهذا العالم القائم على التنوع والحرية ينساق لمن يقبل بالتنوع في الرؤى والحرية في الاختيار بل وتملك مكوناته الاستعداد والقدرة على التعاون والتعايش رغم التنوع والتباين في الرؤى .. العالم لا يقبل بالظلام والعتمة بل بالنور والشفافية .. والذي لا يقبل بحرية الرأي والرأي الآخر، اليوم، وهو في حاجة الآخرين من أهل بلاده وفي حاجة لإسناد العالم له فلا يمكن الوثوق بأن يقبل بذلك إذا وصل إلى غايته؛ كما أن حرية الرأي هي أكبر ضمانة لتحقيق الأهداف بأقل الخسائر .. والإنفرادية والرأي الأوحد هي في كل الأحوال أقصر الطرق إلى التناحر والفشل.
* هل ساءكم عدم الإشارة إلى قضية الجنوب في المبادرة الخليجية واقتصار ذكرها على الآلية التنفيذية؟
- أصلاً لم يكن متوقعاً الإشارة إليها في المبادرة؛ فلم تكن مذكورة في المبادرة منذ طرحها في إبريل الماضي .. فالأمر يتعلق بالأولويات وليس بالأهمية .. والأولوية لا تعني دائماً الأهمية؛ وإنما قد تفرضها ظروف من حيث زمن التعاطي معها؛ ووضع القضية الجنوبية رسمياً في الآلية هو "إعلان" الاهتمام بها رغم أنها آلية لتنفيذ مبادرة ليست لها علاقة بها أساساً؛ فلولا ثورة الشباب وبروز مخاطر انهيار الأوضاع لما جاءت المبادرة .. وفي نفس الوقت لم تكن لتهمل القضية الجنوبية.
* لماذا يجب على فروع حزب التجمع اليمني للإصلاح في الجنوب تقديم الولاء المناطقي على الولاء الحزبي والإيديولوجي؟
- الأحزاب عبارة عن آلية ووسيلة لخدمة مصالح وطموحات الناس وليست لخدمة ذاتها .. وإذا كانت هناك قضية "لإب" مثلاً فسيكون على فرع حزبنا في إب أن يهتم بها ويوالي منطقته أو محافظته؛ ولن يكون ذلك إخلالاً بولائه لحزبه بل أداء لواجبه الحزبي في منطقته. وحزب الإصلاح أظهر مؤخراً عدم الولاء الأيديولوجي التقليدي في أكثر من تصريح بل وممارسة ويعمل لأن يكون حزباً برامجياً وهذا تطور جيد .. ولم يطلب أحد من فروع الإصلاح التخلي عن ولائها لحزبها أو حتى أيديولوجيته؛ وقياداته وأعضائه هم مواطنون ونفترض أنهم حريصون على مصالح مناطقهم.
* إلى أي مدى خدمت أحزاب اللقاء المشترك الثورة اليمنية بتقاسمها السلطة مع حزب المؤتمر الشعبي العام؟
- أعضاء كثيرون من تلك الأحزاب شاركوا في الثورة ومنهم قيادات في ساحات صنعاء .. تعز ...إلخ وكانت تلك الأحزاب في حوارات مع السلطة قبل الثورة ووقعت معها إتفاق فبراير الشهير الذي تم التمديد بموجبه لمجلس النواب لمدة سنتين لحل الأزمة بين الطرفين .. وجاءت الثورة واستمرت الحوارات وانتهت فترة السنتين .. واستمرت الأزمة والحوارات {وانطلقوا من منطلق أنهم قالوا أنهم "الحامل السياسي" للثورة}؛ وأنهوا الأزمة بينهم وبين السلطة بالاتفاق الأخير وتقاسما السلطة. ولازال الشباب في الساحات وكثير منهم معترض على ما حدث .. والأمور لم تنتهِ بعد .. ولازالت الأيام حبالى .. و النائب الفريق عبدربه منصور يقوم بدور الإطفائي للحرائق أعانه الله .. والأستاذ محمد باسندوة يقوم بدور الحَكَمْ بين فريقي مجلس الوزراء وسيناله من الفريقين ما ينال الحَكَمْ فلن يرضى عنه أي منهما وإن عَدَلْ نسأل الله له التوفيق .. والشباب لن يتوقفوا حتى يحققوا أهداف الثورة والله معهم. فكما ترى أن كُلاً له مهمة مغايرة للآخر تعتمد على الزاوية التي ينظر بها للأمر؛ والمهمة الثابتة وفي الاتجاه الصحيح هي مهمة الشباب وثورتهم التي نحن معها من مولدها حتى تحقيق مبتغاها.
* لماذا لا يمكن مقارنة ما قامت به أحزاب اللقاء المشترك العام 2011م مع تأييدكم للرئيس علي عبدالله صالح في انتخابات 2006م؟
- وهل هناك أي مقارنة!!؟ موقفنا موقف سياسي تكتيكي استهدف:
1. العودة إلى الوطن لظرف سياسي كما خرجنا لقضية سباسية تعامل معها النظام كقضية جنائية .. فحققت عودتنا السياسية إسقاط مقولة النظام ومسرحية محاكماته الجنائية. 2. كنا حريصون على أن نعود إلى الوطن ونعمل من داخله .. ولن نمنع نجاحه في الانتخابات إن لم نعُد .. ولم ندلِ بأصواتنا أصلاً. 3. استهدفنا الدفع بمشروعنا للإصلاحات الشاملة الذي أعلناه في 2005م والذي نص بوضوح على نظام الدولة المركبة والتي لا تعني إلا الفيدرالية. 4. أثبتنا بكل مواقفنا - منذ اليوم الأول لعودتنا وحتى الآن- أننا لسنا أتباعاً لأحد بل حتى إخواننا في المشترك من اليوم الأول طلبوا أن ننضم لهم واستمرت المحاولات واشترطنا – كتابياً - أن نتعهد معاً أن لا تتم حوارات منفردة مع النظام من أي طرف فلم نستلم رداً حتى الآن .. وحاول النظام أن نكون من ضمن حلفائه من الأحزاب ولم نقبل. 5. في نفس الوقت كان غيرنا من الخارج يبحث عن عودة بمنصب في النظام كحليف وجزء منه وهو ما لم نقم به. 6. وقف الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس التجمع اليمني للإصلاح نفس الموقف في انتخابات 2006م وفي انتخابات عام 1999م أعلن أمين عام التجمع اليمني للإصلاح أن مرشح التجمع هو علي عبدالله صالح وأن على المؤتمر الشعبي أن يقدموا مرشحهم؟!! فلم نسمع تلك الضجة التي نتجت عن موقفنا!!! 7. لم تكن هناك ثورة شبابية شعبية تهز النظام وتزلزل أركانه؛ ولا مئات الشهداء وآلاف الجرحى ونقوم بمهمة "الحامل السياسي" لها .. ولا دول تقدم مبادرة بإزاحة الرئيس ونتقاسم السلطة مع نظامه .. فهل يمكن المقارنة بأي وجه من الوجوه؟!!
* هل تعتقدون أن الاحتجاجات في اليمن أعادت إنتاج القوى التقليدية؟
- بالعكس أنهكتها وهدَّت قُواها؛ ووضْعها في درجة واحدة قد يكون فيه ظلم.
* لماذا لا تعتبرون صمت المحتجين في ساحات الحرية والتغيير عن تقاسم السلطة أنه موافقة ضمنية؟
- الشباب الثوار لم يصمتوا .. ولا أعتقد أنهم سيفعلوا.
* إلي أي مدى أصاب إعلام حزب المؤتمر في توصيف المناوئين للنظام بأنهم جماهير 2006م في إشارة إلى جماهير المعارضة أثناء الإنتخابات الرئاسية؟
- لا أرى صواب هذا التوصيف .. هم جزء من ساحات الثورة وهناك كثر لم يكونوا مع المشترك في 2006م .. فوجود غير المشترك نعلمه لأن لنا أعضاء أيضاً في معظم الساحات؛ بل من أبنائنا ويشاهدون أعداداً كبيرة جداً من غير المشترك في كل الساحات؛ بل هناك ساحات لا يوجد فيها أحد من المشترك حيث أقام ساحات منفصلاً عن الآخرين في محافظات مثل عدن، وشبوة، وحضرموت .. وأجزاء كبيرة من ساحة الحرية في تعز وفي إب وصنعاء يستطيع من يتجول فيها أن يدرك أن هناك أعداداً من غير المشترك فيها؛ وأحياناً منصات خطابة منفصلة.
* إلى أي مدى تتفق أو تختلف مع القول بأن الحوثيين هم وحدهم من ثبت خلال الأشهر الماضية نجاحهم على الصعيدين القيادي والجماهيري.؟
- لاشك أن لهم بعض النجاحات خاصة في صعدة وبدؤوا يظهرون في ساحة صنعاء أكثر من ذي مضى؛ وهم شباب ولكل جديد "رنة"؛ وقد يغلب عليهم الحماس ويتحولوا إلى ظاهرة.
* هل مؤتمرات الجنوبيين في الخارج هي محاولات لسحب البساط من تحت أقدام الحراك السلمي في تمثيل قضية الجنوب؟
- لا يوجد بساط تحت أقدام الحراك السلمي حتى يستطيع أحد سحبه!! ولا أظن أن أحداً يفكر بذلك والحراك السلمي الواعي وشبابه المدرك يقف على أرض صلبة يستحيل سحبها؛ ولا يستطيع طرف أي كان أن يمثل الجنوب منفرداً في أي حوار ولا أعتقد أن عاقلاً يحاول ذلك، ولن يقبل أحد هذا في عصر التنوع والتعدد. وكنا ولازلنا نأمل في توافق على تمثيل موحد يضم كل الأطراف وعلى رأسها الحراك السلمي وشبابه؛ وكان المؤمل أن يتم عقد مؤتمر جامع لا يستثني أحداً وأن يكون من مكوناته الرئيسية ممثلون عن الحراك والشباب والمرأة وكل الطيف السياسي والإجتماعي .. وسعينا – ولازلنا – لتحقيق ذلك، بل كان ولازال شرطنا لحضور أي اجتماع؛ وللأسف لازالت بعض العوائق، وإن استمر هذا الأمر فسنكون مع عقد المؤتمر الجامع في الداخل – وهو الأساس - بإذن الله.
* لماذا لم ينجح لقاء القاهرة الثاني في خلق تكوين سياسي منبثق عن طيف سياسي شامل يمثل الجنوب؟
- هذا كان متوقعاً .. فالإخوة قد تكون هناك ظروف لا نعلمها دفعتهم إلى تحويل لجنة التواصل بالأطراف الأخرى إلى لجنة تحضيرية وتم مؤتمرهم ومخرجاته .. وقد تم توضيح موقفنا في حينه ومواقف أطراف أخرى كثيرة .. وأيضاً مواقف بعض من حضروا ولا موجب لنكرر ما سبق؛ ونأمل أن لا يكرسوا ما حدث مما يوسع الشقوق في الصف الجنوبي ويعمقها .. ولا نظن بهم أن يقصدوا التسبب في بناء متاريس الصراع في بلد، هُم من أهله، وهُم كانوا من الساعين للتصالح والتسامح.
* ماهي الحلقة المفقودة في إيجاد أداة سياسية جامعة بقواسم مشتركة بين أطياف العمل السياسي قي الجنوب؟
- تقصد الحامل السياسي الجامع!؟ سؤالك يؤكد الحاجة لحامل سياسي صادق .. وأعتقد أن هناك حلقات مفقودة كل منها يؤسس للأُخرى. وهي كالتالي في نظري: إنكار الذات بالتخلي – ولو في هذه المرحلة الحرجة والصعبة – عن الحسابات السياسية الضيقة الخاصة والحزبية يؤدي إلى تصفية النفوس عن أهوائها؛ وبدورها تؤدي إلى التحلي بالمصداقية والشفافية؛ وهذا يؤدي إلى القبول بالتنوع في الرؤى والقبول بالآخر؛ فنصل إلى تعاون الجميع لمصلحة جمعية للناس والبلاد من خلالها تتحقق المصالح الحزبية بل والمناطقية والفردية.
وتلك الحلقات كلنا محتاجون لأن نعلقها في آذاننا لنراها في مرآة نفوسنا في كل وقت فلا ننساها "وما أبرىء نفسي إن النفس لأمّارة بالسوء".
لا أقول هذا تنظيراً أو عن مثالية خيالية ولكن بحساب بسيط وسياسي سيدرك كل عاقل أنها ليست بالصعوبة التي نتصور؛ وأنها ستوفر كثيراً من الجهود؛ وتسرِّع من تحقيق آمال وطموحات شعبنا في الجنوب، وتسهل كل المسيرة بأمان، وتخفض الكلفة، وتمنع أو تحد من الصراع وتنظم حتى التنافس المستقبلي وتجعله أكثر حضارية ويرى فينا العالم والمحيط الإقليمي والمحلي جدارة وتناغماً مع العصر.. ومن استصعب، منا، هذه الحلقات المفقودة فعلى الأقل أن يقبل بالتنوع وبالآخر وبالتعاون والتنسيق في إطار التنوع.
* هل يمكن إطلاع القراء على آخر تحركاتكم على صعيد لقاءات مصر .. تركيا .. لبنان؟
- تجري اتصالات في نفس الإتجاه الذي بدأناه من أشهر .. وهو السعي إلى عقد مؤتمر جنوبي جامع لا يستثني أحداً .. واقتراحنا السابق لازال قائماً .. وهو أن يتم اجتماع تمهيدي يضم قيادات من كل الطيف الجنوبي تنبثق عنه لجنة تحضيرية تمثل الجميع وتبحث كل الرؤى لمحاولة الوصول إلى رؤية مشتركة وفي هذه الحالة تتشكل في المؤتمر الجامع قيادة موحدة .. وفي حالة تعذر الوصول إلى رؤية مشتركة يجب الاتفاق على ميثاق شرف يضمن احترام الجميع لرؤى بعضهم .. ويتم تشكيل هيئة تنسيقية قيادية عليا تنسق حركة الجميع وتعاونهم وتمثل الجميع في أي حوارات أو لقاءات .. وتنسق كيفية الطرح ومحاور الطرح بما يحقق آمال وتطلعات وطموحات الشعب في الجنوب وبما يقود في النهاية إلى استفتائه تحت إشراف دولي محايد ليختار مستقبله الذي يرتضيه هذا ما طرحناه في تركيا ومصر .. فإن ظهرت إمكانية للتوافق لتحقيق عقد المؤتمر الجنوبي الجامع في مصر وإلاّ فالداخل هو الخيار الأساس حيث تجري تواصلات لعقده حيث يتوافق أهلنا في الداخل سواء في عدن أو حضرموت أو غيرهما.
أما اجتماع الإخوة في بيروت فاعتذرت عن حضوره؛ وأوضح تصريح سابق لمدير مكتب رئيس الحزب عضو اللجنة التنفيذيه ورئيس دائرة المتابعة والتقييم موقفنا بشفافية كاملة؛ ولا مزيد.
* لماذا لا يزال هناك متسع من الوقت لمشروع الوحدة الفيدرالية بين الجنوب والشمال؟
- الاتحاد الفيدرالي هو أرقى أنظمة الدول التي تضمن الحقوق.. السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعنوية ... إلخ لكل أطرافه. هذا من ناحية؛ ومن ناحية أخرى هو مانع للتسلط والهيمنة وجالب للتنمية .. وفي مشروعنا أننا جربنا نظام دولتين شموليتين ونفر الناس منهما واتجهوا إلى وحدة من دولة مركزية على استعجال أدى إلى هضم حقوق الجنوب وأهله .. وإلى مظالم عامة وفساد في كل مفاصل الدولة؛ فنفر معظم أهل الجنوب من الوحدة .. ونفر معظم أهل الشمال من النظام؛ والعقل يقول أن النفور جاء نتيجة تجربة ذاق الناس فيها المر .. والفيدرالية بين إقليمي الشمال والجنوب وما أسميناه "فيدراليات فرعية" في كل إقليم، والتساوي في مؤسسات السلطة، وملكية كل إقليم لثرواته ويدفع منها ضريبة للدولة الاتحادية، ثم يجري إستفتاء في الجنوب تحت إشراف دولي فيقرر الجنوب مستقبله؛ وبذلك يصبح الحكم على الفيدرالية يتفق مع المنطق السليم فيحكم الشعب عن تجربة فيكون حكمه أكثر صواباً؛ وهذا لا يلغي حق من يطالب بدولة مستقلة في أن يُحترم رأيه؛ وفي أن يستمر في مطالبته وفي النهاية فالاستفتاء الحر هو القول الفصل. وفي ذلك عدل وتنوع وقبول بالآخر وتعامل مع العصر في حرية الناس بأن يختاروا مستقبلهم بحرية ونزاهة دون فرض أو إجبار أو اختيار نيابة عن الشعب من أي جهة؛ وفي ذلك أيضاً وقاية من الصراعات أياً كانت .. وفي النهاية سنكون مع ما يختاره الناس بحرية تامة .. ونقول اقتداءً بالإمام الشافعي "رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب" ونامل من الآخرين جميعاً، أيا كانت رؤاهم، أن يقولوا نفس المقولة .. والرسول الأعظم أمره الله في كتابه أن يقول للمشركين محاورا بتواضع "وإنا أو إيّاكم لعلى هدىً أو في ضلال مبين" هذا وهو رسول الله وعلى هدىً مطلق من الله وهم مشركون. فلا نكرر نفس الأساليب ونتحدث نيابة عن الشعب؛ فلنعطي شعبنا حقه هذه المرة أن يعبر عن نفسه في استفتاء حر ونزيه.
هذا الاستطراد هو الأساس .. أما الوقت فيضيق علينا نحن في توحيد جهودنا وليس في قضية الفيدرالية إلا إذا انهارت الدولة – لا سمح الله – وهو احتمال قائم وفي هذه الحالة فقد لا يكون هناك متسعاً من الوقت لا لفيدرالية بين شمال وجنوب ولا لشمال أو جنوب نسأل الله اللطف.
* هل تعتقد أن الدعوات للسيطرة على باب المندب لتحسين الموقف التفاوضي للجنوب يمكن أن يؤثر سلباً على عبور 3 ملايين برميل من النفط يومياً عبر هذا الممر المائي؟
- إن وجدت دعوات مثل هذه فقد تكون رسالة توشي بتهور الداعين لها؛ وبأنهم قد لا يكونوا مؤتمنين على موقع هام كموقع الجنوب .. وممر باب المندب ممر دولي لا يستطيع أحد أن يمنع أو يؤثر على مرور أي سفن فيه ولو كانت تحمل "بصل" فكيف بمادة استراتيجية كالنفط؛ إلا في حالة حدوث حرب بين دول فاعلة .. أما أن تحاول جماعة مثل هذا الفعل فمن السهل ضرب من يحاول ذلك بزورق يحري أو طائرة من نفس اليمن أو من حاملة طائرات .. إلا إذا كان مرضياً عن هذه الجماعة من دولة كبرى وهذا غير وارد؛ وأي تفكير في محاولة كهذه هو إساءة للقضية الجنوبية وتشويه لها لا تحسين لموقفها.
* ماحجم التأثير الإيجابي لإيجاد حل عادل في الجنوب على الجهود الدولية ضد الإرهاب والقرصنة؟
- أي حل عادل للقضية الجنوبية سيحقق استقراراً في الجنوب وتأميناً لشواطئه ولخليج عـدن وهذا لا شك سيساهم مساهمة إيجابية في تقليص الإرهاب والتهريب في المنطقة كلها.. كما سيساهم في التخلص من ظاهرة القرصنة البحرية.
* ماهو الدور الإقليمي المأمول من جانبكم في حل قضية الجنوب والأزمة اليمنية بشكل عام؟
- لا شك أننا نشكل عمقاً استراتيجياً لدول مجلس التعاون الخليج العربية.. وقد ذاقوا الأذى في جنوبهم من عدم الاستقرار، من جهة جنوبهم، من تهريب لمخدرات وأسلحة واستضافة في بلادنا للهاربين من بلدانهم وتدريبهم وإعادتهم ليمارسوا التفجير .. كل هذا يجعل من الاستقرار في بلادنا أساساً للأمن في المنطقة.. وبالتالي لا يخالجني أدنى شك في أنهم سيبذلون مافي وسعهم لحل عادل للقضية الجنوبية وتأزم الأوضاع اليمنية بشكل عام.. وكون الأمر يعنينا بدرجة أولى فإن علينا أن نعين أنفسنا أولاً فيعيننا إخوتنا في الجوار العربي؛ ونحذر من الشائعات التي يروج لها البعض لدق إسفين في علاقاتنا بهم فنضر بقضايانا ومصالح بلادنا ومغتربينا دون مبرر.. ولندرك أن بلادنا تربطها بهم ،علاوة على علاقات الأخوة والجوار والرحم، بعلاقات مصالح متشابكة ومستمرة طوال التاريخ وستستمر إلى أن يحدث المستحيل فننفصل بأرضنا من الجزيرة العربية أو ينفصلوا بأراضيهم منها .. ولا نفكر من طرف واحد ونعتقد أن حساباتنا في التوقيت تطابق حساباتهم أو حسابات غيرهم من دول التأثير في العالم وعلينا القيام بواجبنا نحو قضايانا ونعد أنفسنا لنكون نحن أولاً أهلاً لخدمتها بتوحيد جهودنا قبل أن نلوم الآخرين.. ونحن أصلاً غارقين في صغائرنا.. فلنقبل بعضنا البعض ولنتعايش ونتعاون في إطار التنوع في الرؤى ثم نطلب الآخرين أن يقبلوا بنا ويدعموا قضايانا.
* كلمة أخيرة توجهونها إلى جهة تختارونها؟
- إلى رمز الحراك الطيب حسن باعوم والإخوة في قيادات الحراك الجنوبي السلمي، والمكونات الشبابية الصاعدة ولجماهير للحراك السلمي.. وحدتكم مطلوبة أكثر من أي وقت مضى.. وقبولكم لبعضكم البعض أساس.. واعترافكم بالتنوع بين مكوناتكم ومع الآخرين من القوى السياسية حاجة ماسة وضرورة.. وتعاون الجميع والابتعاد عن الشكوك والتشكيك عمود فقري لقضيتكم.. إن الفردية وادعاء تمثيل الشعب.. ورفض الرأي الآخر.. ورفض حرية الرأي اليوم؛ وتأجيل العمل بها.. وإصرار كل طرف أنه وحده على صواب والآخرين على خطأ.. كل تلك أمراض وأوبئة قاتلة لأي قضية مهما كانت عدالتها.. وتأسيس لمتارس لصراعات سبق وعانت منها بلادنا بسبب تلك الأمراض. أنشروا الثقة فيما بينكم وبعضكم.. وفيما بينكم وبين كل القوى السياسية والاجتماعية الأخرى دون ارتهان أو خصام لأحد وأنتم أهل لكل خير.
واسمح لي أن أكرر الرسالة الأهم وهي لنفسي : {وما أبرىء نفسي إن النفسَ لأمّارةً بالسوء}.
وشكراً على هذه الإطلالة من صحيفتكم التي شبت في الأسبوع الثاني لمولدها.