آخر الاخبار

رسائل دول الخليج من العاصمة دمشق لسوريا وللعرب وللمحور الإيراني المليشيا تجبر طلاب جامعة ذمار على إيقاف الدراسة للإلتحاق بدروات طائفية وعسكرية تشمل التدرب على الأسلحة المتوسطة والثقيلة تعرف على الأموال التي سيجنيها ريال مدريد في حال تتويجه بكأس العالم للأندية 2025؟ أول دولة أوروبية تعلن تقديمها الدعم المالي لسوريا توكل كرمان : الشرع يدير سوريا وفق الشرعية الثورية وتشكيل حكومة شاملة بُعَيْدَ سقوط نظام الأسد نكتة سخيفة خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية 1200 شخصية تتحضر للاجتماع في دمشق لصناعة مستقبل سوريا .. تفاصيل عاجل الإنذار الأخير ... واتساب سيتوقف عن العمل على هذه الهواتف نهائياً أجهزة الأمن بمحافظة عدن تلقي القبض على عصابة تورطت بإختطاف النساء ...تفاصيل صحيفة هآرتس: الاتفاق السعودي الحوثي معضلة أمام إسرائيل في حربها ضد الحوثيين ... قراءة تل ابيب لمشهد الحسم العسكري المتأرجح

40 عاما على الرحيل الفاجع
بقلم/ نشوان محمد العثماني
نشر منذ: 14 سنة و 3 أشهر
الأربعاء 29 سبتمبر-أيلول 2010 06:54 م
تمر الثلاثاء, 28 سبتمبر "أيلول" 2010, الذكرى الأربعون لوفاة أشهر شخصية سياسية شهدتها المنطقة العربية في القرن العشرين, في وقت لا يزال فيه الغموض متلبسا رحيلها حتى اليوم.
إذ رحل زعيم القومية العربية جمال عبد الناصر في الـ18 من سبتمبر 1970 بعد عمر ناهز 52 عاما, وبعد ستة عشر عاما من قيادته لـ"مصر".
النشأة
ولد جمال عبد الناصر حسين بـ"حي فلمنج, شرق الإسكندرية" قبيل أحداث ثورة 1919 بعام واحد, أي في الـ18 من يناير "كانون ثاني" عام 1918, ويعد أحد قادة ثورة 23 يوليو 1952, وهو الرئيس الثاني لمصر بعد محمد نجيب الذي تم عزله في 1954.
تُوفيت أمه السيدة "فهيمة محمد حماد" في 2 أبريل 1926 بعد ولادته بثمان سنوات, وقد توفيت وهي تضع مولودها الرابع "شوقي" بعد إخوته الليثي وعز العرب, وينتمي والده "عبد الناصر حسين" إلى قرية بني مر بمحافظة أسيوط, وانتقل إلى الاسكندرية ليعمل وكيلا لمكتب بريد "باكوس".. و"باكوس" هو اسم لأحد الأحياء الشعبية في الإسكندرية بمصر.
وفي الـ29 من يونيو عام 1944 تزوج جمال عبد الناصر من "تحية محمد كاظم", وأنجب منها ابنتيه هدى ومنى وثلاثة أبناء هم خالد, وعبد الحكيم, وعبد الحميد.
وبعد أكثر من سبع سنوات على وفاة السيدة "فهيمة" تزوج الوالد عبد الناصر من السيدة "عنايات مصطفى" في مدينة السويس سنة 1933، ثم ما لبث أن تم نقله إلى القاهرة.
وفي عام 1937 حصل جمال على شهادة الثانوية من مدرسة النهضة المصرية بالقاهرة التي كان أبوه قد انتقل إليها بعد زواجه من أخرى بعد وفاة والدته, وأصبح, أي والده, مأمورا للبريد في حي الخرنفش بين الأزبكية والعباسية.
بعد حصوله على شهادة الثانوية كان "جمال" يتوق إلى دراسة الحقوق، لكنه قرر دخول الكلية الحربية، بعد أن قضى بضعة أشهر في دراسة الحقوق. وحين دخل الكلية الحربية، لم يكن طلاب الكلية يتجاوزن 90 طالبا. وتخرج منها عام 1938 ليلتحق بالكتيبة الثالثة بنادق، وتم نقله إلى "منقباد" بأسيوط, حيث التقى بأنور السادات وزكريا محيي الدين.
ونقل "جمال" إلى الاسكندرية, مسقط رأسه, عام 1939, ليتعرف على عبد الحكيم عامر، الذي كان قد تخرج في الدفعة التالية له من الكلية الحربية، وفي عام 1942 تم نقله إلى معسكر العلمين، وما لبث أن نُقل إلى السودان ومعه عامر.
وعندما عاد من السودان تم تعيينه مدرسا بالكلية الحربية، والتحق بكلية أركان الحرب, فالتقى خلال دراسته بزملائه الذين أسس معهم "تنظيم الضباط الأحرار".
و"تنظيم الضباط الأحرار" هو تنظيم ثوري سري في الجيش أنشئت فكرته في صيف 1949، وتشكلت لجنته التأسيسية في بدايتها من خمسة أعضاء، هم: جمال عبد الناصر، وكمال الدين حسين، وحسن إبراهيم، وخالد محيي الدين، وعبد المنعم عبد الرءوف، ثم زيدت بعد ذلك إلى عشرة، بعد أن انضم إليها كل من: أنور السادات، وعبد الحكيم عامر، وعبد اللطيف البغدادي، وزكريا محيي الدين، وجمال سالم.
وفي 23 يوليو "تموز" 1953 قاد التنظيم انقلابا عسكريا بقيادة جمال عبد الناصر, ونجح في الاستيلاء على مبنى هيئة أركان الجيش والقبض على من فيه من قيادات, واختار الضباط حينها اللواء محمد نجيب رئيسا؛ نظرا لرتبته العالية في الجيش, ولعامل السن.
وكان جمال قبلها, قد حصل على دبلوم أركان الحرب عام 1951, وسافر في دورات خارج مصر منها دورة السلاح في بريطانيا.
وحين كان نجيب رئيسا لمصر إثر الانقلاب العسكري الذي قاده تنظيم الضباط الأحرار وأطاح بالملك فاروق, كان عبد الناصر هو الرئيس الفعلي للجنة التأسيسية للضباط الأحرار, وقد نشأ صراع شديد على السلطة بين الاثنين، أنهاه عبد الناصر لصالحه في 14 نوفمبر 1954، بعد أن اعتقل محمد نجيب، وحدد إقامته في منزله، ليصبح رئيسا لمصر.
بعد توليه الحكم.. والوحدة الفاشلة بين مصر وسوريا
وبعد أشهر من توليه الحكم في مصر, عقد عبد الناصر اتفاقية مع بريطانيا لجلاء قواتها عن مصر في 19 أكتوبر 1954، بعد أن اتفقت مصر وبريطانيا على أن يتم منح السودان الاستقلال.
وفي العام 1958 أقام عبد الناصر وحدة اندماجية مع سوريا، وسميت الدولتان حينها بـ"الجمهورية العربية المتحدة"، انتخب عبد الناصر لرئاستها, إلا أنه لم تمض ثلاث سنوات حتى أعلن الانقلاب الذي حدث في سوريا, سبتمبر 1961, الانفصال عن مصر. مع أن الأخيرة استمرت في تبني اسم "الجمهورية العربية المتحدة" حتى عام 1971 بعد رحيل عبد الناصر بسنة.
العدوان الثلاثي
وكان من أشهر الأحداث التي شهدتها مصر إبان حكم عبد الناصر ما عرف حينها بـ"العدوان الثلاثي" عام 1956م, والذي قادته بريطانيا وفرنسا, إضافة إلى الكيان الصهيوني ضد مصر على إثر قيام جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس.
واجتمعت هاتان الدولتان, إضافة إلى الاحتلال الإسرائيلي, في عدوانها على مصر لأسباب متعددة اشتركت بها, ومن أهمها تهديد التواجد الفرنسي في أفريقيا جراء دعم عبد الناصر لثورة الجزائر بالسلاح والمال والمدربين, كما أن توقيع مصر اتفاقية مع الاتحاد السوفيتي لتزويدها بالأسلحة المتقدمة والمتطورة أقلق الاحتلال الإسرائيلي، مما أثاره للاشتراك في العدوان مع فرنسا وبريطانيا التي منعها تأميم قناة السويس في 26 يوليو عام 1956م من الاستفادة من القناة التي كانت تديرها قبل التأميم.
وقد فشل العدوان نتيجة المعارضة القوية التي أبداها الاتحاد السوفيتي, حينها, وتهديده بالتدخل العسكري وضرب لندن وباريس بالسلاح النووي.
هزيمة 1967
وبعد أحد عشر عاما من العدوان, شهدت مصر حدثا بارزا, لا يمكن للتاريخ أن يطويه في سلة النسيان, وهو ما كان من شأنه أن يؤثر سلبا في الشعبية الطاغية لـ"جمال عبد الناصر" وقتها, وهي شعبية امتدت من المحيط إلى الخليج, وقدم عبد الناصر على إثر ذلك استقالته من مهامه كرئيس للجمهورية, لولا المعارضة الشديدة التي واجهها بيان الاستقالة من قبل الجماهير الغفيرة التي خرجت وقتها وأبقته في منصبه.
حيث شن سلاح الجو الإسرائيلي هجوما مباغتًا على جميع المرافق الجوية المصرية في 5 يونيو/حزيران 1967, ودمرها خلال ساعات, مطلقا بذلك شرارة الحرب التي استمرت ستة أيام وانتصر فيها الكيان الصهيوني.
وحدثت نكسة 1967, كما يسميها العرب, أو حرب حزيران أو حرب الأيام الستة بين الاحتلال الإسرائيلي وكل من مصر وسوريا والأردن وبمساعدة لوجستية من لبنان والعراق والجزائر والسعودية والكويت, وانتصر فيها الاحتلال الإسرائيلي باستيلائه على قطاع غزة والضفة الغربية وسيناء وهضبة الجولان, كما انتهت هذه الحرب أو النكسة أو الهزيمة أيضا باستيلاء الاحتلال الإسرائيلي على كامل دولة فلسطين التي كانت السلطة القائمة عليها ما بين عام 1923 وحتى عام 1948 تدعى حكومة فلسطين تحت الانتداب البريطاني.
وقد اندلعت الحرب في 5 يونيو/حزيران 1967 بهجوم إسرائيلي على قواعد سلاح الجو المصري في سيناء, وكان هذا الهجوم النقطة الفاصلة بين فترة ثلاثة أسابيع من التوتر المتزايد والحرب الشاملة بين إسرائيل وكل من مصر، وسوريا والأردن.
وتقول المعلومات إن الضربة الجوية الإسرائيلية صباح الاثنين 5 يونيو/ حزيران, دمرت 25 مطاراً حربياً وما لا يقل عن 85% من طائرات مصر وهي جاثمة على الأرض في 492 غارة, مشيرة إلى أن الضربة استمرت ثلاث ساعات بغارات جوية على مصر في سيناء والدلتا والقاهرة ووادي النيل في ثلاث موجات الأولى 174 طائرة, والثانية 161, والثالثة 157.
وطبقا للبيانات الإسرائيلية فقد تم تدمير 209 طائرات من أصل 340 طائرة مصرية.
وحول خسائر مصر العسكرية، نقل أمين هويدي عن كتاب الفريق أول محمد فوزي أنها بلغت 85% في القوات البرية، في حين كانت خسائر القوات الجوية من القاذفات الثقيلة أو الخفيفة 100%، وكان عدد القتلى والمفقودين والأسرى 13600 عاد منهم 3799 أسيرا من بينهم 481 ضابطا و38 مدنيا والباقى جنود وصف ضابط, واتضح بعد المعركة أن عدد الدبابات مائتا دبابة تقريبا دمر منها 12 دبابة وقتل فيها 60 فردا وتركت 188 دبابة للعدو الإسرائيلي.
وبشكل عام فقد تكبدت كل من مصر وسوريا والأردن أكثر من 21000 قتيل, وأكثر من 45000 جريح, إضافة إلى أكثر من 6000 أسير, ناهيك عن تدمير 40 طائرة سورية, فيما بلغت ضحايا الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 800 قتيل, وما يزيد عن 2500 جريح, ولم يؤسر من جنوده سوى 15 جنديا, وإلى جانب ذلك كانت مساحة الاحتلال الإسرائيلي قبل الحرب 13 ألف كيلو متر مربع, وبعد الحرب 42 ألف كيلو متر مربع.
سد أسوان العالي
ويحسب لـ"جمال عبد الناصر" بناؤه لـ"السد العالي" الذي يُعد أهم وأعظم إنجازاته على الإطلاق, والذي ساعد كثيرا في التحكم بتدفق المياه والتخفيف من آثار فيضان النيل، وأدى إلى زيادة الرقعة الزراعية بنحو مليون فدان، بالإضافة إلى ما تميز به باعتباره المصدر الأول لتوليد الكهرباء في مصر، وهو ما يوفر الطاقة اللازمة للمصانع والمشروعات الصناعية الكبرى.
و"السد العالي" أو "سد أسوان العالي" هو سد مائي على نهر النيل في جنوب مصر، أنشئ في عهد جمال عبد الناصر وساعد السوفيت في بنائه, ويبلغ طوله 3600 مترا، عرض القاعدة 980 متر، وعرض القمة 40 مترا، والارتفاع 111 متر.
وقد بدأ بناء السد في عام 1960, وقدرت التكلفة الإجمالية بمليار دولار, حينها, شُطب ثلثها من قبل الاتحاد السوفييتي, وعمل في بناء السد 400 خبيرا سوفييتيا وأكمل بناؤه في 1968, وافتتح رسميا في عهد الرئيس أنور السادات عام 1971م.
الرحيل الفاجع
بعد ثلاث سنوات وثلاثة أشهر و23 يوما من 5 حزيران 1967 تم الإعلان عن وفاة جمال عبد الناصر في مصر, في الـ28 من سبتمبر "أيلول" 1970م, في رحيل مفاجئ مثل فاجعة لا يزال زلزال تأثيرها باق حتى اليوم.
هل مات عبد الناصر مسموما؟
وقد أثار الصحفي المصري الكبير محمد حسنين هيكل جدلا واسعا مؤخرا بتلميحه أن عبد الناصر اغتيل عن طريق التسميم, في حين كانت المخابرات الصينية قد كشفت بعد ستة عشر عاما على وفاته أن عبد الناصر مات مسموما, طبقا لمصادر لم أتأكد منها.
وكان هيكل في برنامجه الأسبوعي "تجربة حياة" الذي يبث كل خميس من قناة "الجزيرة", قد فجر مفاجأة جديدة بعد 40 عاماً على رحيل الرئيس عبد الناصر، وقال: "حتى هذه اللحظة لا أستطيع أن أقطع برأيي بأن وفاة عبد الناصر لم تكن طبيعية إن لم تكن هناك أدلة، حتى وإن كانت هناك شكوك".
وطرح هيكل حادثة تتهم الرئيس السادات بتسميم عبد الناصر, وقال إن البعض رددها, غير أن صحيفة الدستور المصرية قالت إن الغريب إنها لم ترد أبدا إلا على لسان هيكل في برنامجه "مع هيكل" الخميس 16/9/2010.
هيكل: السادات عمل فنجان القهوة بنفسه وجابه قدامي وشربه عبد الناصر
وحكى هيكل في برنامجه على قناة الجزيرة أنه قبل ثلاثة أيام من وفاة عبد الناصر كان هناك حوار بين عبد الناصر والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في جناح الزعيم المصري بفندق النيل هيلتون، واحتد الحوار بينهما وتسبب في ضيق لعبد الناصر وبدا منفعلاً وإن كان حاول كتمان ذلك, وقال لـ "أبو عمار" إما ننزل غرفة الاجتماعات وننهى المؤتمر ونفض الموضوع أو نتكلم كلام جد ونتفق.
وتابع هيكل, طبقا لـ"الدستور" المصرية: "السادات لاحظ انفعال عبد الناصر، فقال له يا ريس أنت محتاج فنجان قهوة و أنا ح أعملهولك بإيدى، وبالفعل دخل السادات المطبخ المرفق بالجناح وعمل فنجان القهوة لكنه أخرج محمد داود وهو رجل "نوبى" وكان مسئولاً عن مطبخ الرئيس عبد الناصر، أخرجه السادات من المطبخ", ويكمل هيكل "عمل السادات هو فنجان القهوة وجابه بنفسه قدامى وشربه عبدالناصر".
إلا أن هيكل قال بعد سرده للقصة: "لا أحد يمكن أن يقول إن السادات وضع السم لعبد الناصر في هذه الفترة، لأسباب إنسانية وعاطفية، لا يمكن تصديق هذا، لأن هذا الموضوع لا يمكن القطع فيه إلا بوجود دليل مادي، فلم يستدل على وجود السم فى الهيلتون، حتى وإن كانت هناك حالة تربص بعبد الناصر وصلت إليه شخصياً وكتب عنها بنفسه".
لماذا سكت هيكل طوال 40 عاما؟
إلا أن سياسيين وبرلمانيين مصريين قللوا من أهمية ما أثاره الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل بشأن ما إذا كان للرئيس المصري الراحل أنور السادات مسؤولية في موت سلفه الراحل جمال عبد الناصر، وتباينت ردود الفعل حول ما أورده هيكل في برنامجه الأسبوعي "تجربة حياة" الذي تبثه قناة الجزيرة.
وقال عبد الغفار شكر- نائب رئيس مركز البحوث العربية والأفريقية, طبقا لـ"الجزيرة نت" إن ما أورده هيكل لا يتعدى شهادته على الواقعة وإنه بعد أن سرد "واقعة" إعداد السادات فنجانا من القهوة لعبد الناصر قبل ثلاثة أيام من وفاة الأخير، استبعد اتهام السادات بالضلوع فيها، وإنه استشهد بأن لعبد الناصر تاريخا مرضيا سابقا.
وأضاف عبد الغفار شكر، وهو أيضا عضو المكتب السياسي لحزب التجمع، أن "هيكل –بذكائه المعروف- أراد من وراء سرد هذه الواقعة أن يفتح الباب أمام التشكيك في الوفاة الطبيعية للرئيس عبد الناصر، دون أن يضع نفسه تحت طائلة الإدانة القضائية أو المحاسبة", لكنه تساءل "لماذا سكت هيكل طوال الأربعين عاما عن ذكر هذه الواقعة؟"، مشيرا إلى أن هيكل لعب دورا تاريخيا في ترجيح كفة السادات كمرشح لرئاسة الجمهورية.
أسرة عبد الناصر تعرف بحكاية الفنجان.. لكن لا أدلة
ونقلت صحف محلية عن عبد الحكيم- نجل جمال عبد الناصر, معرفته بواقعة فنجان القهوة الذي تردد أن السادات قدمه لعبد الناصر، لكنه أكد أنه لا يستطيع أن يجزم بشيء وأن أسرة عبد الناصر لا تمتلك دليلا قاطعا لإدانة أحد.
في المقابل كانت ابنة الرئيس الراحل أنور السادات قد قدمت بلاغا للنائب العام في مصر تتهم فيه هيكل بتشويه سمعة والدها، وأكدت في تصريحات صحفية عقب تقديمها البلاغ, السبت 18/9/2010, أنها لن تترك حق والدها بشأن ما قاله هيكل.
وفي تصريح لـ"الجزيرة نت" اتهم محمد عصمت السادات ابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات، هيكل بالتحيز الدائم ضد الرئيس السادات والتحامل عليه منذ قرار الأخير بإنهاء "أسطورة الصحفي الأوحد".
وأكد عصمت, وهو نائب برلماني سابق, أنه لم يندهش مما قاله هيكل "لأنه دائم الإساءة للرئيس السادات"، متسائلا أين كان هيكل منذ أربعين سنة؟ ولماذا لم يذكر هذه الواقعة في عصور سابقة؟ وقلل من قيمة ما جاء به هيكل؛ لأنها لا تعدو أن تكون واقعة كل أطرافها قد ماتوا.
وطالب محمد عصمت السادات هيكل بفتح ملف اغتيال الرئيس السادات إذا كان حقا جادا في سرد وقائع التاريخ، مضيفا "نريد من هيكل أن يرينا كراماته في واقعة تمت على مرأى ومسمع من العالم بأسره وليس واقعة تمت بين أربعة جدران وكانت موضع تشكيك بشهادة أطباء الرئيس عبد الناصر نفسه".
طبيب عبد الناصر يبرئ فنجان السادات
إلى ذلك أكد الدكتور الصاوي حبيب- طبيب عبد الناصر أنه بصدد تأليف كتاب سيصدر خلال ستة أشهر للرد علي الاتهامات المثارة الآن، مشيرًا إلي أن الكتاب الجديد سيختلف عن كتاب «مذكرات طبيب عبد الناصر» الذي تنشره الهيئة العامة للكتاب، وسيركز على أن الجينات الوراثية كان لها الأثر الأكبر في وفاة عبدالناصر، وسيتناول بالتحليل طريقة وفاة أقارب عبدالناصر.
وشدد الصاوي, طبقا لما نقلته "روز اليوسف" المصرية, على أن عبد الناصر لم يُقتل بالسم؛ لأنه لم يظهر عليه أعراض التسمم إطلاقا حتى فور الوفاة، لافتًا إلى أنه كانت له تحركات عمل عقب واقعة الفنجان التي أشار إليها هيكل، كما أنه لم يمت نتيجة إهمال أطبائه وإنما مات بسبب الصدمة القلبية التي توقف فيها 40% من عمل عضلة قلبه وتصلبت معظم شرايينه.
وقال الصاوي: "إن التدابير الأمنية التي كان الراحل جمال عبدالناصر يتخذها مشددة فكان الوصول إلى كوكب آخر أسهل من الوصول إلى عبدالناصر رغم كوني طبيبًا خاصًا له إلا أنني لم أكن أدخل إليه إلا بعد المرور على هذه الإجراءات ولا يُسمح لي بالدخول بحقيبتي أو أي جهاز، ثم أقوم بفحصه بالأدوات التي توفر لي ولا أراها إلا في حجرته", مضيفا أن عبد الناصر كان يفاجئ بنفسه القائمين على طعامه وشرابه ويعطي أوامره بشراء مستلزماته من أسواق متعددة مع اختلاف الأشخاص القائمين بذلك في كل مرة.
هيكل ليس أول من يشكك
وحسب "الدستور" الأردنية, فقد كانت الدكتور هدى جمال عبد الناصر أول من حمّل الرئيس الراحل أنور السادات مسؤولية اغتيال والدها الزعيم الراحل.
وقالت هدى في ثنايا حديث للإعلامي عمرو الليثى نشره في كتابه "اللحظات الأخيرة في حياة جمال عبد الناصر" قبل سنوات: "إذا كان أبي قتل بالفعل فالسادات هو القاتل الأساسي، وليس شريكا في القتل".
وحتى ابنة الراحل تقول: "لكنى أؤكد أن الأمر ليس مؤكدا، وليس لدي دليل على ذلك", وزادت: "ليس بالضرورة أن يكون القتل بالسم ولكن هناك حبوبا تزيد من حدة الأزمات القلبية، وأنا لا أستبعد أن يكون شخص ما وضع له هذه الحبوب في قهوته"، وتعود "لكني لا أستطيع أن أجزم بشيء".
وكانت الدكتورة هدى قد اتهمت منذ نحو عامين السادات صراحة بقتل جمال عبد الناصر، فسارعت رقية ابنة السادات برفع دعوى قضائية ضدها انتهت بحكم قضائي بالتعويض لصالح رقية بلغت قيمته مائة ألف جنيه, وبالرغم من ذلك فإن هدى ما زالت مصرة على توجيه الاتهام للسادات, وهو ما أكدته في الفترة الأخيرة بقولها في برنامج بالتليفزيون المصري الرسمي إن "عبد الناصر قُتل وأن الذي قتله هو الرئيس السادات"، مشيرة إلى أنها عثرت على بعض الوثائق التي كتبها والدها عبد الناصر بخط يده منذ أن كان عمرها 17 عاما موضحة أنها خسرت دعوى قضائية لصالح رقية ابنة الرئيس السادات وقامت بدفع تعويض لها التزاما بحكم القضاء، لكنها لم تتراجع عن هذا الاتهام, وأضافت: "لقد ساورتني هذه الشكوك حول السادات؛ لأنه كان الإنسان الوحيد الذي رافق أبي في الأيام الخمسة الأخيرة على الوفاة".
عبد الناصر في اليمن
وكان الرئيس جمال عبد الناصر قد قام, في أبريل 1964, بزيارة لـ"الجمهورية العربية اليمنية" شمال اليمن آنذاك, بمعية المشير عبد الحكيم عامر- النائب الأول لرئيس الجمهورية ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة, وأنور السادات- رئيس مجلس الأمة, وزكريا محي الدين- نائب رئيس الجمهورية, واستقبله في مدينة صنعاء المشير عبد الله السلال رئيس الجمهورية, وشهدت صنعاء حينها أعظم استقبال في تاريخها.
وخاطب القوات المسلحة المصرية التي كانت في شمال اليمن, بقوله: "لقد كان عيدي الكبير أن أكون اليوم بينكم وتحت أعلامكم".
وفي ميدان التحرير بصنعاء, أقيم مؤتمر شعبي حضره عشرات الألوف, وقال فيه السلال: "إننا نُسمع الدنيا بأجمعها من هذا الميدان صوتنا ونحتفل برائد القومية العربية الرئيس جمال عبد الناصر".
وقال الرئيس عبد الناصر في المؤتمر: "أنا اليوم حينما أنظر إليكم أرى الشعب اليمني الثائر والجيش المصري المقاتل الذي ساند إخوته في اليمن جنبا إلى جنب, أراكم فأشعر أن الوحدة العربية فيكم قد تحققت".
وفي صباح اليوم الثاني, أقيم مؤتمر شعبي ثان في ميدان التحرير أيضا, وفيه قال عبد الناصر: "إن شعب الجمهورية العربية المتحدة يؤكد دعمكم بكل قوته, وشعب اليمن وشعب مصر والأمة العربية كلها تؤيد الشعب في عدن, والشعب في الجنوب المحتل, ولن يستطيع الاستعمار أن يبقى أبدا في أي جزء من أجزاء الأمة العربية؛ لأن الأمة العربية قد استيقظت".
وقد زار عبد الناصر مدينة تعز بعد وصوله صنعاء, ومن هناك قال في حشد هائل من المواطنين: "إننا معكم هنا بإذن الله لتنتصر ثورتكم ولتقوموا بدوركم بين أبناء الأمة العربية ولترفعوا رسالة الإسلام ورسالة الحرية التي رفعتموها دائما.. لن تمكنوا الرجعية أن تفرق بينكم تحت أي اسم من الأسماء الحزبية أو الطائفية.. كلنا عرب ولن يستطيع أي فرد أن يفرق بيننا".
طفرة لم تتكرر
ومهما كانت الأسباب التي أدت إلى وفاته, مع أني أدعم مسألة تسميمه وأن وفاته لم تكن طبيعية, إلا أن مصر والأمة العربية كانت قد فقدت زعيما عجزت عن تعويضه طيلة القرن العشرين, وربما فعلت ذلك في هذا القرن أيضا.
فـ"جمال عبد الناصر" كان إحدى الطفرات التي يعتز الزمن أنه بخيل بالإجادة بها, ولم يكن عبد الناصر زعيما ولا رئيسا ولا بطلا قل أن يشابهه أحد فحسب, بل كان كاريزما المشروع القومي العربي الذي سعى الجميع إلى إفشاله حتى تمكنوا منه, ليصبح هذا الوطن جثمانا مسجى بانتظار طفرة أخرى تعيد له الحياة.
وإن كان من المعيب في وطننا العربي تمجيد الأشخاص, إلا أن عبد الناصر لم يكن شخصا بحاجة إلى تمجيد, ولم يكن صنما متشبثا بالسلطة دون انجازات, ودون جديد, وفوق هذا فنحن نبكيه؛ لأنه كان يحمل مشروعا حداثيا قوميا عربيا, وإن لم ينجح فقد حاول, ولم يتبوأ كالأصنام التي زاد عددها اليوم, وأصبح كثيرا على اللسان العربية أن تذكرها ولو بسوء.
إن المشروع الذي انتهى بوفاة عبد الناصر كان بإمكانه, إن تحقق, وضع هذه الأمة في مراتب الأمم المتقدمة اليوم, وبل وفي طليعتها؛ لأن المنطقة العربية لا يعوزها أو ينقصها شيء في الجغرافيا والثروات, لكنها بحاجة ماسة إلى إدارة مثلى, وإلى رجالات كـ"جمال عبد الناصر".
وإنني إذ أتحدث عن أربعين عاما خلت, فلنظر إلى وضع مصر اليوم, وإلى وضعية باقي الدول العربية.. لن نجد إلا كل ما يدمينا ويخجلنا, ذلك أن أوطاننا تملكتها أنظمة عقيمة بلا مشاريع, وكل من هم في مركز اتخاذ القرار اليوم يعتبرون كرسي الحكم غنيمة يجب الحفاظ عليها, ولا يخفى علينا ما يجري في مصر اليوم, وهي الدولة التي كانت قائدة للوطن العربي والمشروع القومي الحداثي, وصاحبة النظام الجمهوري, ها هي تتقوقع إلى درجة الإصرار على مسألة توريث الحكم الذي إن حدث فسيكون كارثة ماحقة ومخجلة بحق التاريخ, وبحق الأنظمة الجمهورية التي تتنطع بالديمقراطية, كما أنه إن حدث ذلك, فماذا تبقى لدينا حتى لا نعلن الملكية في كل الوطن العربي؟؟؟.
إن ذكرى وفاة هذا العظيم الذي لم يتكرر, لا نريد أن تعطينا البكاء على الأطلال, ولكننا نريد أن نلتمس من خلالها الأمل في فرصة تاريخية قادمة؛ لبناء مشروع أفضل يؤسس للعمل المؤسسي الذي يغني عن انتظار طفرات الزمن البخيل.. ولنا أن نأمل أن يتحقق ذلك ولو بعد حين.
فـ"أي مشعل للفكر هذا قد انطفأ؟.. وأي قلب قد توقف عن الخفقان؟".
*تنويه: بعض المعلومات مأخوذة من الموسوعة الحرة "ويكيبيديا".