مليشيا الحوثي تستغل موانئ الحديدة وسواحلها لأغراض عسكرية تهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي. مواطن يرتكب جريمة مؤلمة بحق شقيقته وزوجته جنوب اليمن مجموعة صينية تخترق أكبر شركات الاتصالات في أمريكا فيسبوك وانستجرام يحظران استخدام هذا الرمز لأنه يُمثل حماس الجيش الروسي يصل مدينة توريتسك إحدى ركائز تحصينات العاصمة كييف ..تفاصيل حزب الله يعلن استهداف وحدة استخبارات في تل أبيب و صفارات الإنذار تدوي في قلب إسرائيل اشتعال الموجهات البرية… و الجيش الإسرائيلي يعلن بدء عمليات برية ضد حزب الله في لبنان علاج ثوري لارتفاع ضغط الدم.. قرص واحد بثلاثة أدوية 7 كسوفات كلية للشمس ستشهدها الأرض على مدار العقد المقبل الديوان الملكي السعودي يعلن عن وفاة الأمير
عبد الباري عطوان
تعتبر الولايات المتحدة الامريكية القوة الأعظم في التاريخ، وتتفوق علي الامبراطورية الرومانية في هذا الاطار لما تملكه من اسلحة نووية وتكنولوجيا عسكرية متقدمة قادرة علي تدمير العالم عدة مرات.ويبدو ان الادارة الامريكية الحالية، او بالأحري مجموعة المحافظين الجدد الذين هيمنوا علي صناعة القرار فيها، درسوا تاريخ الامبراطورية الرومانية جيداً، وأخذوا اسوأ ما فيها، اي انتهاكات حقوق الانسان، والانتقام بطريقة وحشية من الاعداء.فالاباطرة الرومانيون سنّوا تشريعاً وحشياً ينص علي اعدام اربعمائة من ذكور الاعداء مقابل كل جندي روماني يقتل في المواجهات العسكرية او غير العسكرية. والادارة الامريكية الحالية باتت تقتل ألف مسلم مقابل كل مواطن امريكي سقط في هجمات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) عام 2001، من خلال حربها علي الارهاب التي تشنها حالياً في العراق وافغانستان، ومتوقع لها ان تمتد الي دول اخري مثل سورية وايران قريباً.فالضحايا من المسلمين في هذه الحرب فاق عددهم المئتي الف حتي الآن، بالمقارنة مع الثلاثة الاف امريكي الذين قتلوا في هجمات نيويورك وواشنطن، والرقم مرشح للارتفاع لانه لا يلوح في الأفق اي مؤشر علي اقترابها من نقطة النهاية.فالارهاب الذي تحاربه الادارة الامريكية يزداد قوة واتساعاً، والعراق بات قاعدة صلبة لنموه واشتداد ساعده، بل وتصديره الي دول الجوار، وشاهدنا التفجيرات تصل الي مدريد بعد لندن، ولا نستغرب اذا توقف قطارها في محطة روما في الاسابيع او الأشهر المقبلة.ومن المفارقة ان الادارة الامريكية وسياساتها المتغولة هي التي تشجع علي اتساع دائرة العنف والارهاب، وتعطي التطرف البيئة الملائمة للانتشار والتوسع.فالادارة الامريكية الحالية لم تكتف بدعم الانظمة الديكتاتورية القمعية في العالم الاسلامي، بل باتت تحاكيها وتعتمد اساليبها، والقصص المرعبة التي تتردد حالياً في الصحافة الغربية عن مراكز التعذيب السرية في اوروبا ورحلات طائرات المخابرات المركزية التي تنقل المتهمين من مكان الي آخر هي أحد الامثلة الناصعة في هذا الخصوص.خطورة هذه الاكتشافات لا تنحصر في كونها تؤكد اقدام زعيمة العالم الحر علي ممارسة التعذيب في الاقبية السرية، في انتهاك واضح لمعاهدات دولية كانت من الموقعين عليها، والمتعهدين بحمايتها وتطبيقها، وانما في كونها تشجع حكومات فاشية في العالم الثالث، والمنطقة العربية علي وجه التحديد للتفنن في التعذيب والقتل للمعارضين وهي مطمئنة لدعم القوة الاعظم في التاريخ.فكيف يمكن ان تتوقف حكومات في مصر والمغرب والاردن وسورية عن ممارسة التعذيب واعتقال المعارضين دون محاكمات لسنوات، والادارة الامريكية ترسل اليها المتهمين من العرب والمسلمين للاستفادة من خبراتها الوحشية في التحقيقات لاستنطاق هؤلاء، وحلب المعلومات منهم؟وكيف يمكن ان تنتقد الادارة الامريكية دولا مثل الصين وكوريا الشمالية وباكستان، بسبب سجلها المخجل تجاه حقوق الانسان، بعد انتشار انباء فضائح التعذيب والمعتقلات السرية هذه علي مستوي العالم بأسره.والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، هو عن مصداقية اللوائح التي تصدرها الادارة الامريكية ووزارة خارجيتها كل عام عن انتهاكات حقوق الانسان ومصادرة الحريات الدينية في العالم، وهل ستستمر الادارة الحالية في التقليد نفسه هذا العام والاعوام المقبلة؟ان الضرر الذي الحقته هذه الادارة ببلادها، وقيم الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان التي كانت اساس تقدم المجتمعات الغربية لا يمكن حصره وتقديره وستستمر آثاره لسنوات عديدة قادمة، وكان الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر محقا عندما قال انه يشعر بالخجل لوجود ادارة كهذه تشرع التعذيب وتمارسه بهذه الطريقة الفجة.ومن المؤسف ان كل هذا الضرر يأتي بسبب وضع حكام البيت الابيض مصالح اسرائيل فوق مصالح بلادهم، والتضحية بأرواح المواطنـــــين الامريكيين من أجــــل ان تســـتمر الدولة العبرية في جرائمها واحتلالها لاراض عربية واسلامية.المشرعون البريطانيون وجهوا يوم امس الاول صفعة قوية للادارة الامريكية والي حكومة توني بلير العمالية التابعة لها، عندما اصدروا فتوي قانونية اكدت بطلان اي معلومات تنتزع من المعتقلين تحت التعذيب. فمثل هذه الفتوي جاءت في التوقيت المناسب، واعادت الاعتبار الي القيم الليبرالية الغربية، وقدمت نموذجاً يحتذي للمؤسسات التشريعية المستقلة.اللافت ان جميع المعتقلين الذين يتعرضون للتعذيب، وينقلون من هذا المعتقل السري الي ذاك من المسلمين، ومعظمهم من البلدان العربية، ولم نسمع ان حكومة عربية واحدة احتجت، ولم نقرأ عن كاتب واحد من الليبراليين العرب الجدد كتب مستنكراً ومديناً.ان هذا الصمت المتواطئ هو الذي يجعل حجم التأييد لهذه الحكومات في اوساط شعوبها يقترب من درجة الصفر ان لم يكن دونها، ويجعل من جماعات التطرف الاسلامي الأكثر شعبية، والأكثر قدرة علي تجنيد الشباب المحبط اليائس.الادارة الامريكية الحالية، وباختصار شديد، حولت بلادها الي جمهورية موز ولكن عملاقة، ودمرت سمعتها ونسفت قيمها، وباتت تشكل تهديداً لاستقرار العالم وسلامه وأمنه وما تبقي من قيمه، ولهذا تتراجع الديمقراطيات وتفقد اسسها، وتتعزز الديكتاتوريات وتتعمم انتهاكاتها وجرائمها. انها عولمة القمع والارهاب والتعذيب للأسف الشديد.