غارات امريكية في الحديدة احزاب تعز تقترح حلا لمواجهة الوضع الاقتصادي المتأزم وتطالب الرئاسة والحكومة بسرعة انقاذ العملة العليمي يبحث مع سفير واشنطن الدعم الإقتصادي المطلوب وموقف اليمن من انتهاكات إسرائيل في فلسطين مسئول كبير في الشرعية يكاشف الجميع حول قضايا وملفات مهمة: سبب التراجع عن قرارات البنك المركزي ومصير التوقيع على خارطة الطريق وخيار الحسم العسكري كوريا الشمالية تختبر صاروخاً باليستياً يمكنه الوصول الى أمريكا الإعلام الأمني ينشر أسماء ضحايا حادث التصادم الأليم في طريق شحن بمحافظة المهرة موسكو هربت قيادي ايراني من ميناء الحديدة.. تورط متزايد لروسيا مع الحوثيين في اليمن وامريكا تدرس كيفية الرد اول دولة عربية تعلن عن تطوير 8 منظومات متكاملة لصناعة الطيران حادث مروري مروع في المهرة يخلف 11 ضحية إعادة فتح طريق مطار عدن بعد سنوات من الإغلاق
عند ما أطيح بابن علي في تونس، وكان الرئيس مبارك على وشك السقوط ، كتبت مقالا ، بعنوان؛ اليمن وتونس ومصر تشابه واختلاف.. وقلت فيه بإن حاجة اليمن للتغيير تفوق مصر وتونس، لكن ظروف اليمن لا تؤهلها لقيام ثورة مماثلة لما يحدث في مصر وتونس.. ورغم عيوب إدارة صالح وشيوع الفساد في آخر عهده، بل في الثلثين الأخيرين من عهده، فإن نظامه كان يتميز بأمرين؛ وجود معارضه في البرلمان وفي الشارع ممثلة بالمشترك، وكانت قوية نسبيا وملموسة، وكانت حرية التعبير متوفرة بشكل معقول نسبيا، غير أن أفق التغيير والإصلاح كان مسدودا؛ وكان المؤتمر ينوي خوض الإنتخابات النيابية منفردا، بعد فشل الحوارات مع المشترك وكان المؤتمر مسترشدا في ذلك بتجربة مصر عندما خاض الحزب الوطني آخر انتخابات في عهد مبارك منفردا.. ورجوت في ذلك المقال أن يتراجع المؤتمر عن ذلك الخيار.. وقلت في هذا الشأن إذا سلمت مصر فلن تنجو اليمن من خيار منفرد كهذا.. وكان التوجه يمضي على قدم وساق في سبيل التأبيد والتوريث.. وعندما تم تبني تعديل الدستور بحيث يعطي صالح حق الترشح بعد 2013 تحفظت عليه، داخل قاعة مجلس النواب، مع اثنين من كتلة المؤتمر الكبيرة ..وكنت قد قلت في مقابلة مع صحيفة الأهالي، في 2007 ، بأن ترشح صالح في 2006 كان خطأ تاريخيا، وأنه لا يصح للرئيس صالح ولا إبنه الترشح في 2013 ..وأكدت على ذلك مرارا في مناسبات لاحقة..
ولعل الأمر هنا لا يتعلق باستعراض مواقف بقدر ما يؤكد إدراك أهمية الحاجة إلى التغيير في اليمن في وقت أبكر من الربيع العربي..وكانت أهمية الحاجة إلى التغيير لا تخلو أيضا من إدراك تعقيدات الوضع في اليمن، خاصة بعد ظهور الحوثي والحراك..وكنا نتوخى أن يرعى الرئيس صالح بنفسه التغيير والإصلاح، ولو فعل لنجا ونجت اليمن .. لكنه لم يفعل..
كان كثيرا من الناس في دائرتي الإنتخابية يقولون ؛ نحن باقون في المؤتمر على شانك..! ولولاك لذهبنا لأحزاب أخرى أو بقينا مستقلين ..! كانوا يعللون ذلك بسبب الإحباط من الفساد المستشري في الإدارات التي يتعاملون معها وهي محسوبة على المؤتمرالحاكم، بالحق وَغيرالحق.. ربما لم يكن أكثرهم يعرف عن الجشع المستشري والفساد الهائل الكبير عند كثير من علية القوم..
لكن هناك من سألني بعد ذلك عندما أيدت ثورة الشباب ، وقالوا : أي ثورة هذه التي تدافعون عنها..؟! وقالوا : هذه ليست ثورة الشعب وإنما ثورة حميد..!
والحقيقة فإن أي مشروع تغييري كبير، في ظروف استثنائية، قد يضم تحالفات لا تتفق على كل شيء ، غير أن انضمام بعض الأشخاص إلى ثورة فبراير جعل موقف المحاربين للفساد بحق، في وضع صعب وهم يواجهون المتشككين ..وقد استغل ذلك أتباع صالح بكثافة وتركيز كبير ..
كتبت حينها، أثناء ثورة الربيع، مقالا وقلت فيه لأحد أبرز المنخرطين في ثورة فبراير، بالإسم ، إن المقبول منه هو أن يكون شيخا ثائرا ، لا شيخ ثورة .. ولا بد أن يبدأ بأسرته المتنفذة ، وبنفسه وماله الوفير، الذي كسب الكثير منه بسبب النفوذ السياسي..
و استطيع القول إن شكل وروح الثورة في ميادين التغيير كانت مفاجأة في أدائها وجاذبيتها وسلامها وصمودها، وكثيرون ظنوا أن ليس بإمكان ظروف اليمن، أن تأتي بمثل ذلك، لكنه كان ينقص تلك الثورة الرائعة النضج الفكري وعمق التجارب والقيادة..
وفيما انبرى صالح يواجه ويخطب ويتحدث في الميادين والتجمعات، منتهزا التفاف المؤتمر حوله، توارى عن الإنظار كثير من قادة الأحزاب المجربين، ولم يظهروا للناس، بل هناك منهم من تبنى لاحقا مواقف دون وطنية للأسف..
قلت إن لعهد صالح مزايا، لكن المحصلة هي أن عهد الرئيس صالح فشل في تحقيق التنمية والأمن والكرامة للشعب اليمني، ويكفي أن اليمن كان البلد الأكثر فقرا في الشرق الأوسط عشية الربيع العربي، وصدق من قال حينها بأن اليمن هي الأكثر حاجة للتغيير في العالم.. ووصف عبد الرحمن الراشد، حينذاك، الرئيس صالح بأنه بلا خيال ( يساعد في تدبير شأن شعبه)..وتحدث العالم والمؤسسات الدولية عن مؤشرات الدولة الفاشلة في اليمن قبل بزوغ الربيع بسنوات، ولم يتحدث عن مثل ذلك في سوريا ومصر وتونس وليبيا..
عندما نزل الشباب إلى ميادين التغيير، بدا لكثير من أعضاء المؤتمر وكأن الأمر استمرار للصراع الحزبي الإنتخابي، والتف غالبيتهم حول الرئيس صالح، ولعله لم يتوقع مثل ذلك الالتفاف، حيث لم يكن يعول كثيرا على المؤتمر كحزب وتنظيم متماسك ، وهو لم يحبذ بناءه على أسس حزبية سليمة ، ولو فعل لربما رأى العجب ، وربما لما حدث ربيع ولا حوثي ولا حراك إنفصالي ولا سواه.. واقصد بأن التنظيم السياسي الحاكم على أسس صحيحة وشراكة حقيقية وصوت مسموع للعقل والحكمة كان بإمكانه استيعاب قضايا اليمنيين جميعهم وتحاشي إمكانية ترسيخ الفساد والمظالم والإختلالات واستفحالها، واستمرارها، وحينها لن يجد ضال مثل الحوثي أو الإنفصالي من يسمعه أويصغي إليه أويطيعه..!
كان صالح
يتعامل مع المؤتمر كإداة انتخابية، وليست مؤسسة حزبية وطنية، وكان قوله الفصل، بل إن القول قوله وحده؛ وكان يعمل على تكوين اتباع يسمعون ويطيعون، وقد يكسب بعضهم ثروة ومالا؛ ولكن ليس شركاء محترمون يشاركون في الرأي والقرار، ويعترضون عند الضرورة، ويشعرون باحترام لأنفسهم وعقولهم وضمائرهم .. لقد كان صالح يرحمه الله سياسيا يرغب في التعامل مع أتباع ولم يكن قائدا ينشئ ويطور ويتبنىِ قادة.. ولأن الربيع في اليمن بدا لأول وهلة وكأنه أقرب إلى استمرار الصراع الحزبي ، وبدا خطاب الساحات في البداية يركز على استهداف المؤتمر مع رئيسه بالطبع، فقد استفز ذلك أعضاء المؤتمر وكان لالتفاهم حول صالح أثرا كبيرا في حسابات صالح وصموده وفي مماطلته شهورا حتى تنازل، وربما في استمراره بعد التنازل في تكوين معارضة مدمرة ، وانتهى به الأمر إلى التحالف مع الحوثي ..
كان أفضل لصالح ولليمن أن يترك الحكم في وقت مبكر .. وكانت انتخابات 2006 فرصة مؤاتية لكنها ضاعت مثل كثير من الفرص في عهد صالح.. وفي 2011 كان التغير ضروريا وملحا ، وقد تأخر كثيرا ، وكان التحدي هو ما هي أنسب طريقة للتغيير وبأقل التكاليف.. فهل تمكنا من ذلك ..؟!
ولهذا حديث آخر