آخر الاخبار

وزير الدفاع لا سلام إلا بهزيمة ميليشيا الحوثيوإخضاعها بالقوة لكي تجنح للسلم مجلس الأمن يعتمد قرارا بشأن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر ندوة سياسية طالب بدعم الجيش والمقاومة لاستعادة صنعاء وتؤكد على عدمية الحل السياسي مع الحوثيين استقبال رفيع في بكين لقيادة حزب الإصلاح اليمني بقاعة الشعب الكبري .. ابرز القضايا والملفات شيطان البحر: الكشف عن السلاح السري لأمريكا عبر البحار .. وغوغل تلتقط أول صورة اللجنة الأمنية العليا تضع عيدروس الزبيدي امام تأثيرات الوضع الاقتصاد على الأوضاع العسكرية والأمنية وتطلعه على أنشطة القاعدة وداعش والمليشيات الحوثية بلا قيود : لا يزال التعذيب أداة في منطقة الشرق الأوسط لقمع المعلومات وإعاقة التحقيقات الصحفية وأداة ممنهجة لقمع حرية الصحافة من تايلاند وخلال مؤتمر دولي :توكل كرمان تجدد وقوفها إلى جانب غزة والتحدث بجرأة عن حرب الإبادة التي يرتكبها أسوأ احتلال في تاريخ البشرية البنك المركزي بمحافظة عدن يصدر قرارات صارمة بحق شركات الصرافة ويطيح بتصاريح عدد منها جدول مباريات دور الـ16 في يورو 2024

"فبراير" التي فصلت الكرسي عن الجسد
بقلم/ عارف أبو حاتم
نشر منذ: 7 سنوات و 4 أشهر
السبت 25 فبراير-شباط 2017 03:05 م
قبل 5 سنوات من الآن كانت جموع الشعب اليمني تطوي صفحة صالح الثقيلة السوداء الجاثمة على أنفاس اليمنيين 34سنة، حتى ظن الناس أنها جزء من حياتهم لابد أن يتقبلوه ويتعايشوا معه.
كانت صفحة صالح سوداء سميكة ارتطمت فوق كل اليمن، روائح الفساد تنبعث منها، وضوء الشمس لا يرانا إلا من ثقوبها الصغيرة، حتى جاءت ثورة 11 فبراير الشبابية الشعبية، وبدأت تشعل النيران في قلب تلك الصفحة النتنة، حتى تآكلت، ومع أول تساقط للرماد من صفحة صالح يوم 18مارس 2011 (جمعة الكرامة) أدرك الشعب أن له يد طويلة تستطيع أن تصل إلى تلك الصفحة السمكية المدججة بالسلاح، وعرف أن له حنجرة تستطيع أن تصرخ: إرحل. فصرخ وأشعل النيران.
كان شباب فبراير هم العدو المستجد الذين لم يحسب صالح حسابهم طوال 34سنة، ظل فيها يغتال الخصوم الأقوياء، ويشتري بعضهم بالمال والمناصب، ويصطاد البعض في شباك القضايا اللاأخلاقية، ويعد الجيش والأمن والمخابرات والتقنيات الحديثة لترصد من استعصى عليه تحويلهم إلى جوقة عازفين في فرقة النظام.
وفي اللحظة التي كان صالح يستعد لتفصيل الدستور على مقاس عائلته الحاكمة، ويهيئ نفسه لتمديد يعقبه توريث، أطل عليه العدو الجديد بزي مدرسي وبنطال جينز وعباية فتاة عشرينية، لا يحملون سلاح ولا يجيدون المناورات السياسية، وليس لديهم وقت ليقيسوا مسافة الموت بين فوهة البندقية وصدر الضحية، كانوا يملكون شيئاً واحداً فقط: حناجر تستطيع أن تصرخ أرحل، ويرددون شعاراً واحداً فقط: نحن المستقبل.. والمستقبل لنا.
وخلال فترة قصيرة طويت صفحة صالح وقبلها أُحْرِقَ جسده في مشهد سريالي يؤكد أن نزع الكرسي من صالح يتطلب أولاً حرق جسده الملتصق بالكرسي منذ ثلث قرن، هكذا قالت الحقيقة، أما صالح فقد قال لنا أن فقدانه الكرسي، يعني فقداننا للوطن، ومن منظار دبابة رسم المعادلة: أنا على الكرسي تساوي أنتم على الوطن، وحين كفرنا بمعادلته الزائفة ذهب يفجر الوطن في كل اتجاه، وحين لم يجد قطعة من صفحته السوداء ليحجب بها عنا ضوء الشمس، ذهب يستنجد بصفحات الإمامة الداكنة العفنة، فتحالف مع الحوثي، في قتال وقتل الشعب اليمني وتدمير مكتسباته.
كان صالح يرى أن الوطن هو الكرسي والخزينة، والشعب هو العائلة الحاكمة والحاشية الفاسدة، وما زاد عن ذلك فهو مما لا حاجة له به.
في 21 فبراير 2012 طوى الشعب اليمني ما بقي من صفحة صالح السوداء وألقاها وراء ظهره في مزبلة التاريخ، وذهب يبني مستقبله، ويطلق أشرعته تحت ضوء الشمس في ذلك اليوم المجيد.. ومثلما رأى اليمنيون ضوء الحرية في 26سبتمبر 1962 بعد ظلام دام ألف عام من العهد الإمامي، فإنهم قد اكتشفوا وطنهم وذواتهم في 11فبراير 2011 بعد أن حجبت عنهم صفحة صالح السوداء الضوء والأمل..
كانت كمية الضغائن المزروعة في عهد صالح أكثر من كمية التشجير في عهده.. كان يصور أبناء تعز في أعالي الشمال أنهم مجاميع مبنطلين يريدون أن يشوهوا قيم القبيلة، ويصور أبناء القبائل في تعز أنهم وحوش مسلحة ستلتهم المدنية في ثوانٍ.. حذر من عنفوان بدو الصحراء في مأرب والجوف، واستهان بقدرات أهالي المدن الساحلية، وحين جاءت ثورة فبراير، اكتشف اليمنيون ذواتهم وسماحتهم وحلمهم الكبير في دولة مدنية تتسع للجميع، لا أبناء تعز المدنيون يكرهون القبيلة ولا القبائل يريدون كل شيء بقوة السلاح، وبدو الصحراء كانوا أكثر مدنية وحضرية من أبناء المدن ولا يزالون إلى اليوم يقدمون الصورة المشرقة لليمن الاتحادي المنشود.
تباركت ثورة فبراير.. وتقدست الأيادي التي نحتتها في صخر التاريخ.