آخر الاخبار

مأرب: وزارة الشباب والرياضة تدشن البرنامج التدريبي لعام 2025م تستهدف تأهيل شباب13محافظة. أول توجيهات رئاسية للبنك المركزي.. استعدادات لعزل البنك المركزي بصنعاء وسحب السويفت ونقل مقار البنوك الى عدن أول رد إيراني على تصنيف ترامب للحوثيين كمنظمة إرهابية سفير اليمن بالدوحة يجري مباحثات لإطلاق مشروع طموح لتدريب معلمي اليمن ورفع كفاءاتهم بدعم قطري ويبشر بتدشينه قريبا عاجل : إشهار مؤتمر سقطرى الوطني بقيادة القحطاني .. رسائل للمجلس الرئاسي والسلطة المحلية ومأرب برس ينشر قائمة بقياداته العليا الرئيس العليمي يبدأ أول خطوة في الإجراءات التنفيذية لقرار تصنيف الحوثيين منظمة ارهابية الحكومة اليمنية تعلن موقفها من قرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية وزير الخارجية السوري: نستلهم سوريا الجديدة من رؤية السعودية 2030 ماذا يعني تصنيف ترامب للحوثيين منظمة إرهابية أجنبية؟ ماهي الدلالات السياسية التي تحملها زيارة وزير الخارجية السعودي إلى لبنان؟

الحوثيون والدور المفخخ
بقلم/ غسان شربل
نشر منذ: سنتين و 11 شهراً و 30 يوماً
الإثنين 24 يناير-كانون الثاني 2022 01:25 ص

كان من الطبيعي أن تدينَ جامعة الدول العربية الاعتداءات الحوثية الأخيرة على الإمارات والسعودية. تحويل الانتهاكات العلنية لأجواء الآخرين بالصواريخ والمسيرات إلى ممارسة شائعة هو ترسيخ لسلوك إرهابي بالغ الخطورة على المنطقة واستقرارها.

وإذا كانت الميليشيات نجحت في استباحة الخرائط مستفيدة من تصدع بعض الدول، فإنَّ الصواريخ والمسيرات تحاول أن تؤدي في أجواء المنطقة دوراً شبيهاً بأدوار الميليشيات على الأرض.

احترام الحدود الدولية شرط من شروط الاستقرار في كل مكان. لم تخرج أوروبا من دوامة العنف والدم إلا حين اتخذت قراراً صارماً باحترام الحدود الدولية، وإحالة أي خلاف إلى المحاكم والامتناع عن استخدام القوة لتسوية الخلافات. ومن شروط الاستقرار دخول البلدان عبر بواباتها الشرعية وبمعرفة سلطاتها، والامتناع عن ضخ الأسلحة والأموال في عروق مجموعات موتورة تبحث عن فرصة للانفجار بمجتمعاتها أو الانقلاب على توازنات راسخة. لا شيء يعطي أي دولة الحق في انتهاك الحدود الدولية، والتسرب إلى المعادلة الداخلية في دولة أخرى بذريعة عرقية أو مذهبية أو آيديولوجية.

لا خلاف في العلن حول المبادئ التي يفترض أن تحكم الاستقرار في العالم. تبدأ المشكلة من غياب المؤسسات التي تستطيع السهر على احترام المبادئ وردع من يسوّل لنفسه الخروج عليها. وتتحوّل المشكلة إلى مأساة حين تتعمد دولة إقليمية بارزة أو دولة كبرى إطلاق رياح زعزعة الاستقرار متذرعة بوجود مظالم أو مخاوف أو حقوق مشروعة. ولقد شهد العالم تجارب كشفت عجز المؤسسات الدولية والإقليمية عن التصدي للجوء عدد من الدول إلى ممارسات القوة في احتقار علني للقانون الدولي والمواثيق. هل كانت الأزمة الأوكرانية الحالية تصل إلى هذا الحجم لو تولت الأمم المتحدة قبل سنوات التحرك لضبط الشراهة الروسية أو «الاستفزازات» الأوكرانية التي تتحدّث عنها موسكو؟ وهل كانت اعتداءات الحوثيين لتبلغ هذا الحد لو كانت الجامعة العربية تحركت بفاعلية قبل سنوات ومنذ اتضاح محاولة توظيف الحوثيين في برنامج انقلابي في المنطقة تقوده إيران؟

ذكرتني الهجمات الحوثية الأخيرة بما سمعته في نهايات العقد الأول من القرن الحالي في صنعاء نفسها ومن الرئيس الراحل علي عبد الله صالح. كان صالح لاعباً بارعاً أكسبه طول الإقامة في السلطة خبرة في عدم المسارعة إلى تفجير المشكلات علانية. كان ذلك في مارس (آذار) 2010 وكان يستعد للتوجه إلى ليبيا للمشاركة في القمة العربية الدورية المقررة هناك. لم يقرر مقاطعة القمة على رغم اتهامه معمر القذافي بدعم الحوثيين، وتأكيده أن أجهزة الأمن اليمنية وضعت يدها على جزء من المساعدات المالية التي أرسلها الزعيم الليبي لدعم الحوثيين. وكان واثقاً أن موقف القذافي هو جزء من ممارساته الثأرية منذ أصيب بـ«عقدة السعودية».

كان علي عبد الله صالح يطرح الموضوع من دون أن يذهب فيه إلى النهاية لتفادي توسيع دائرة العداوات. يقول مثلاً للنشر إنَّ السلطات اليمنية لاحظت أن «تكتيكات الحوثيين قريبة من تكتيكات حزب الله» وإن «حوثيين تلقوا تدريبات على يد عناصر من الحزب، ولكن ربما من دون علم قيادة الحزب». كان صالح يتفادى تصعيد الموقف مع إيران رغم معرفته بما يفعله الجنرال قاسم سليماني في الشق اليمني من مهمته.

في ذلك اللقاء سألت علي صالح من أين يحصل الحوثيون على السلاح والتدريب، فأجاب: «أولاً ينبغي أن نعرف أن السوق اليمنية كانت مليئة بالأسلحة نتيجة مخلفات الحروب السابقة، سواء في السبعينات مع العناصر الإمامية وكانت مخزنة لدى بعض تجار السلاح، أو مخلفات حرب صيف 1994، وكان هناك مخزون من السلاح أخذته القبائل أثناء حرب الانفصال. كانت هناك أموال لدى الحوثيين جمعت من تبرعات من عناصر وجهات محلية أو إقليمية، ومن شخصيات متعاطفة معهم، اشتروا بها أسلحة. وتستطيع القول إن دعمهم جاء من أصحاب المشروع الجديد، ما يسمى الترويج لمذهب جديد هو الاثني عشرية في اليمن، بدلاً من المذهب الزيدي أو الشافعي. تلقوا تبرعات من أحزاب أو جمعيات في دول في المنطقة، واشتروا بها هذه الأسلحة، كما تسربت للحوثيين أسلحة بحراً من تجار سلاح وقوى إقليمية أيضاً كانت تساعد الحوثيين للترويج لأجندتها الخاصة».

سألت الرئيس اليمني عما إذا كانت مشكلة الحوثيين جزءاً من نزاع سني - شيعي، فأجاب: «لا، ليس نزاعاً شيعياً - سنياً، بل يمكن القول إنَّه ترويج لمذهب جديد في المنطقة لإشغالها أو إشغال اليمن أو إشغال المملكة العربية السعودية تحديداً، وإيصال رسائل موجهة من دول إقليمية صغيرة أو كبيرة كان لها دور في هذا الجانب».

وخارج التسجيل، كان علي صالح يتساءل عما سيجنيه لبنان من التورط في مواضيع من هذا النوع. كان لدى الرئيس اليمني تقرير يقول إنَّ حوثيين يدخلون لبنان من سوريا ومن دون دمغ جوازاتهم لتلقي تدريبات في البقاع اللبناني. وكان يتساءل أيضاً عن مصلحة سوريا في السماح بهذه الأدوار والممارسات عبر أراضيها.

ترسانة الحوثيين اليوم تختلف عما كانت عليه في نهاية العقد الأول من القرن الحالي. وعلى رغم مرور السنوات يساعد كلام علي صالح في فهم بدايات المشكلة. طبعاً من دون أن ننسى أن علي صالح نفسه لم يكن يكره أسلوب الإسراف في المناورة في السياسة وهو أسلوب مكلف أيضاً. الأكيد هو أن الترسانة الحوثية اغتنت على مدى السنوات، لكنها ضاعفت آلام اليمن وأخذته إلى خسائر مروعة والاصطدام بمحيطه الطبيعي. والترسانة الحوثية كما الدور الحوثي أكبر من قدرة اليمن على الاحتمال. يحتاج اليمن إلى تنمية وفرص عمل ومدارس ولقاحات ولا يحتاج إلى إطلاق ميليشياته الجوية ضد خرائط الآخرين. ولد الدور الحوثي مفخخاً وسرعان ما انفجر باليمن محاولاً تصدير النار إلى خرائط الآخرين.