آخر الاخبار

السفير اليمني بالدوحة يبحث مع وزيرة الدولة للتعاون الدولي القطرية تعزيز التعاون المشترك رئيس الوزراء يبلغ المبعوث الأممي بعد عودته من إيران: السلام لن يمر الا عبر المرجعيات الثلاث المتوافق عليها محلياً وإقليمياً ودولياً وزير دفاع خليجي يصدر بحقه حكم قضائي بسجنه 14 عاما وتغريمه أكثر من 60 مليون دولار حكم قضائي بسجن وزير داخلية خليجي 14 عاما وتغريمه أكثر من 60 مليون دولار . تعرف على القائمة الكاملة للأسماء الخليجية التي توجت في حفل Joy Awards 2025 بيان عاجل من مصلحة شؤون القبائل بخصوص هجوم الحوثيين على قرية حنكة آل مسعود .. دعوة للمواجهة بايدن: حشدنا أكثر من 20 دولة لحماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر .. هل سيصدق في استهداف الحوثيين تحركات دولية وإقليمية لإعادة صياغة المشهد اليمني .. والحاجة لمعركة وطنية يقودها اليمنيون بعيدا عن التدخلات  ملتقى الفنانين والأدباء ينظم المؤتمر الفني والأدبي الثاني للأدب والفن المقاوم بمأرب بمشاركة أكثر من 100 دولة و280 جهة عارضة اليمن تشارك في مؤتمر ومعرض الحج 1446هـ بجدة

الثورة ؟... سعيكم مشكور!
بقلم/ عبدالله عبدالكريم فارس
نشر منذ: 16 سنة و 7 أشهر و 25 يوماً
الثلاثاء 20 مايو 2008 07:22 ص

مأرب برس – خاص  

    

لا أبحث هنا عن متكأ للنحيب، لكن بعيداً عن المخاتلة: مايووه، الثورة، الحوزة، الموزة، إبريل، نعجان، نيسان، زعفران، هذيان... كلمات حرب ثقيلة على الأذن تطن كصوت رصاص مكتوم يدج في لحم ضحاياه. 

    

الثورة التي لم تستقر في قرابة نصف قرن ولم تصبح ذكرى، ثورة فاشلة... والثورة التي لايولد من رحمها أدخنة مصانع ونقر معامل وعفر مزارع وإقتصاد منتج وغذاء وصحة وعلم وأمن وقضآء وعدل بدلاً من دخان البارود وغبار المتفجرات، ثورة فاشلة... الثورة التي لاتزال تحمل في طياتها أزمنة الغزو والسبي و"الفيد"، ثورة فاشلة... والثورة التي لم تسفر عن أي تقدم حقيقي حتى اليوم، هي ثورة فاشلة. 

    

- 
أخطأت الجموع إذ أعتقدت أن الثورة وحدها بدون إدارة رشيدة توفر بديل أفضل.. 

    

على مدار الساعة وحتى الساعة، عمليات الكر والفر لم تتوقف... لم تستقر اليمن عقداً من الزمان، -حتى في أيام الإحتفالات-، ولم تصبح وطن الأحلام والمساواة والخزعبلات كما وعدت مسودات الثورة والبورة والجمهورية. 

    

الأغبياء الذين ماتوا قبل يكتب لأحلامهم النصر، والذي يتم نعتهم اليوم بالثوّار والشهدآء، حصلوا فقط على العار ولعنة إحياء تراث رجال العصابات والمرتزقة حين سطروا بدمائهم أكثر السجلات الفوضوية سواداً. - لنصبح بعد مغامرتهم الرعناء أكثر البلدان قدرة على إستيعاب التخلف والجهل والفقر بشكل رسمي ممنهج... بل ورعايته بألمعية على إيقاع نعال الحرس الجمهوري. 

    

تتشابه الأفعال وتختلف الدوافع، تكفل الأبطال بتحطيم القلاع وتكفل الجبناء بتحطيم الأسطورة والحلم... ليتناسل بعدها مسلسل الكوارث وتكاثره إلى الحد الذي نراه الآن، لأن مغتصبوا سدة هذا الوطن لم يحاربوا معركة النهضة الصعبة، ولم يأخذوا حرب التقدم والإقتصاد بجد.. ظلوا يحاربوا معارك جانبية مبتذلة هروباً من المعركة الحقيقية، من أجل انتصارات سياسية رخيصة. 

    

ما زالت أحداث صعدة عصية على الفهم، - لاتسألوا بعد ما الذي يدفعني إلى كل هذا الحزن؟ ولماذا حسّ الرثاء الطاغي هذا في هذه الأيام؟ ولماذا يقطر قلبي مرارة؟ ولماذا أذهب إلى استذكار الكوابيس بدلاً من الأحلام الوردية؟ 

    

حان الوقت كي نتقن فن الإستخدام السليم لطاقاتنا... ولكي ننهي رقص سماسرة الحرب على بساطٍ من نثارِ البطون واللحم والدم، يجب أولاً إشهار السيف في وجوههم ونزع الأمر قسراً منهم من أجل وقف حرب عبثية مستمرة منذ اليوم الأول، - فكل الأنظمة الجامدة والراكدة آيلة حتماً الى التقادم فالسقوط والتلاشي، وهذا قانون وجودي أزلي يشمل جميع الكائنات والشعوب والأحوال، ذلك يبدو واضحاً ببساطته العميقة، وعميقاً بوضوحه البسيط. 

    

لا يجوز للأحرار من الناس الهروب أو التدثر بعباءات الصمت عندما يلامس النصل مواطن عفتهم... فنحن لم ندلج بعد في ليلٍ أبدي لا أوبةَ منه... لازلنا قادرين على اجتراح غدٍ أفضل من فم الموت، ويجب أن ننتصر على دبيب الموت في بنيان الحياة، وذلك بإعادة تدوير مكونات الثورة الأولى... الثورة الأم.. التي لاتزال أسبابها كامنة في محلها... الجوع.. الفقر.. والمرض... وعلينا إستدعاء طاقة النهوض فوق سقف الكوابيس والإستعداد للإنتصار أو الموت مرّة ثانية. 

    

ومع أن كل الأحزان تعود بشكل أو بآخر إلى المصيبة الأصل، وبإعتبار أن كل مناسبة أصبحت تمثل في وعينا الجماعي كابوس بكل المقاييس.. إنهيارات متعاقبة على تاريخ بلد لا يزال يتعثر في مهده... ينبغي أن نعيد النظر في طقوس ومراسيم الذكريات وعدم ترديد مفردات منتهية الصلاحية ظلينا نرددها كببغاوات على مدى السنين الماضية من دون تمحيص. 

    

ينبغي لبس السواد وإعلان الحداد عند كل مناسبة وطنية، ونعت "كارثة" وصفاً لليوم الذي خلع فيه "أئمة" جاءوا بمزاعم القداسة ليثبت مكانهم - لنفس الغرض ذاته - "أئمة" جدد وبفارق بسيط.. يدعي كبير "عكفتهم" اليوم نوع عجيب من القداسة الثورية. 

    

... لم اقرأ في حياتي عن شعب يحتفل بأيام كُرست لنهبه وقتله وتجهيله وتجويعه.. وعيب علينا التطبيل لنظام يعمل متفانياً من أجل إعاقة نهضة الأمة من الداخل، بل ويعتبر واحد من اخطر نقائضها.. ولايجوز السكوت عن نظام منهمك يومياً بتصوير شعبه أمام العالم وتصديره على أنه مجتمع متخلف وفوضوي، شعب من أكلة اللحوم البشرية، والتبشير به - من أجل حفنة مساعدات - بأنه أمة من المتوحشين البدائيين، الجهلة والقتلة من الذين لايخنعوا لقانون أو دين أو عرف أو تقاليد. - وتلك هي الصورة الطاغية التي تنقل عنا كل يوم - الله المستعان. 

    

- في الواقع يجب علينا في مثل هذه المآتم الوطنية ذرف دموع الناجين من مأساة، وذلك بتوديع ضيوف الحضور، كلٌ على حده قائلين لهم: - شكر الله سعيكم! 

    

abdulla@faris.com